عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 10:23 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

حمل المصحف حال الحدث

لا يخلو حمل المصحف حال الحدث من أن يكون حملا معه مس مباشر للمصحف، أو أن يكون حملا بواسطة كعلاقته وخريطته، أو حمله على وسادة مثلا، فإن كان الحمل للمصحف مصحوبا بمسه مباشرة جرى فيه الخلاف السالف في مسألة الطهارة لمس المصحف، وإذا كان الحمل مجردا عن المس بأن كان حملا بواسطة فجمهور أهل العلم على القول بإباحته في حق المحدث مطلقا، وسواء كان حدثه أصغر أو أكبر، أو كان جنبا أو حائضا، لأنه لا يعد ماسا للمصحف ما دام حمله له بواسطة.
وذهب فريق من أهل العلم إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف حال الحدث ولو كان الحمل بواسطة، إلا أن يكون مضطرا إلى حمله، كالخوف عليه من غرق أو حرق، أو وقوع في نجاسة أو يد كافر أو طفل مجنون، فيلزمه حين إذ حمله ولو كان محدثا.
والقول بجواز حمل المحدث للمصحف بواسطة محكي عن طائفة من السلف كالحسن البصري، وعطاء، وسعيد بن جبير،
[583]
وأبي وائل، وأبي رزين ، وسفيان الثوري، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد بن حنبل.
وهو قول مرجوح عند الشافعية ضعفه النووي، وهو المعتمد عند متأخري
[584]
المالكية في حق المتعلم والمعلم خاصة على ما مر بيانه في غير موضع من هذا البحث.
وقد ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف بعلاقته أو خريطته أو نحوهما من الوسائط جمهور أهل الحنفية؛ وخاصة المتأخرون منهم، وهو المشهور عند المالكية في غير مقام التعلم والتعليم، كما ذهب إلى القول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة جمهور الشافعية؛ بل ضعف بعضهم الوجه المحكي بالجواز.
والقول بمنع المحدث من حمل المصحف ولو بواسطة رواية ثانية عن الإمام أحمد، حكاها ابن هبيرة وابن مفلح، على أن القاضي في الروايتين والوجهين قد قال بأنه لا يختلف المذهب أنه يجوز حمل المصحف بالعلاقة والغلاف.
[585]
أثر القصد في حكم حمل المصحف:
قال الهيتمي في التحفة بعد أن تكلم عن منع المحدث من حمل المصحف: (ومثله حمل حامل المصحف بقصده، لأن المصحف تابع حينئذ، أي بالنسبة للقصد فلا فرق بين كبر جرم المتاع وصغره، كما شمله إطلاقهم أو مطلقا على ما اقتضاه كلام الرافعي، وجرى عليه شيخنا وغيره، لكن قضية ما في المجموع عن الماوردي الحرمة، وهي قياس ما يأتي في استواء التفسير والقرآن، وفي بطلان الصلاة إذا أطلق فلم يقصد تفهيما ولا قراءة، ويؤيده تعليلهم الحل في الأولى بأنه لم يخل بالتعظيم إذ حمله هنا يخل لعدم قصد يصرفه عنه، فإن قصد المصحف حرم ، وإن قصدها فقضية عبارة سليم؛ بل صريحها الحرمة خلافا للأذرعي، وجرى عليها غير واحد من المتأخرين، وهو القياس، وجرى آخرون أخذا من العزيز على الحل).
وقال الرملي في النهاية: (ولو حمل حامل المصحف لم يحرم، لأنه غير حامل له عرفا).
قال الشبراملسي في حاشيته على النهاية: (" قوله ولو حمل حامل المصحف" أي ولو كان بقصد حمل المصحف، ثم ظاهر عبارته أنه لا فرق في الحامل للمصحف بين الكبير والصغير الذي لا ينسب إليه حمل، وأنه لا فرق بين الآدمي وغيره، ويؤيده ما علل به من العرف، ووجه التأييد أنه في العرف يقال هو حامل للطفل، لكن بهامش عن بعضهم تقييده بما إذا كان الحامل ينسب إليه الحمل: أي بحيث يستقل بحمله لو انفرد أ.ه وينبغي عدم التقييد بذلك.
"قوله لم يحرم" وإن قصد المصحف خلافا لحج حيث قال بالحرمة، إذا قصد المصحف). وقال العبادي في حاشيته على التحفة: ("قوله ومثله حمل حامله" قضيته أن يجري فيه تفصيل المتاع في القصد وعدمه، وهو كما قال في شرح العباب أنه لا يبعد. وقد يقال: المتجه الحل مطلقا، لأن حمل حامله لا يعد حملا له، فلا اعتبار بقصده).
[586]
وذكر الشرواني في حاشيته على التحفة أيضا نحوا مما مر، إلا أن قال: (وعبارة شيخنا ولا يحرم حمل حامله مطلقا عند العلامة الرملي. وقال العلامة ابن حجر: فيه تفصيل الأمتعة. وقال الطبلاوي: إن نسب الحمل إليه بأن كان الحامل للمصحف صغيرا وإلا فلا).
ولم يظهر لي وجه القول بمنع المحدث من حمل المصحف بواسطة، لا سيما مع الأخذ بعين الاعتبار كون المنع من مس المصحف تعبديا، وما هذا سبيله يقتصر فيه على مورد النص، وهو المس المباشر..فأما الحمل بواسطة فليس بمس، فلا يكون داخلا في مورد النص المانع من المس، ثم وجدت محقق الخلافيات للبيهقي قد ذكر قول ابن الملقن في خلاصة البدر المنير عن حديث حكيم بن حزام: "لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر".
قال الرافعي: (ويروي أنه قال: "لا يحمل المصحف ولا يمسه إلا طاهر". قال: قلت غريبة).
وقال ابن حجر في تلخيص الحبير: (هذا اللفظ لا يعرف في شيء من كتب الحديث، ولا يوجد ذكر حمل المصحف في شيء من الروايات، وأما المس ففيه الأحاديث الماضية).
[587]

رد مع اقتباس