عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 3 صفر 1440هـ/13-10-2018م, 04:17 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {قل من يرزقكم من السّماوات والأرض قل اللّه وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ (24) قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون (25) قل يجمع بيننا ربّنا ثمّ يفتح بيننا بالحقّ وهو الفتّاح العليم (26) قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء كلّا بل هو اللّه العزيز الحكيم (27) }
يقول تعالى مقرّرًا تفرّده بالخلق والرّزق، وانفراده بالإلهيّة أيضًا، فكما كانوا يعترفون بأنّه لا يرزقهم من السّماء والأرض -أي: بما ينزل من المطر وينبت من الزّرع-إلّا اللّه، فكذلك فليعلموا أنّه لا إله غيره.
وقوله: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ}: هذا من باب اللّفّ والنّشر، أي: واحدٌ من الفريقين مبطلٌ، والآخر محقٌّ، لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضّلال، بل واحدٌ منّا مصيبٌ، ونحن قد أقمنا البرهان على التّوحيد، فدلّ على بطلان ما أنتم عليه من الشّرك باللّه؛ ولهذا قال: {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدًى أو في ضلالٍ مبينٍ}.
قال قتادة: قد قال ذلك أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم للمشركين: واللّه ما نحن وإيّاكم على أمرٍ واحدٍ، إنّ أحد الفريقين لمهتدٍ.
وقال عكرمة وزياد بن أبي مريم: معناه: إنّا نحن لعلى هدًى، وإنّكم لفي ضلالٍ مبينٍ). [تفسير ابن كثير: 6/ 517]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {قل لا تسألون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون}: معناه التّبرّي منهم، أي: لستم منّا ولا نحن منكم، بل ندعوكم إلى اللّه وإلى توحيده وإفراد العبادة له، فإن أجبتم فأنتم منّا ونحن منكم، وإن كذّبتم فنحن برآء منكم وأنتم برآء منّا، كما قال تعالى: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون} [يونس: 41]، وقال: {قل يا أيّها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابدٌ ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين} [سورة الكافرون]). [تفسير ابن كثير: 6/ 517]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {قل يجمع بيننا ربّنا} أي: يوم القيامة، يجمع [بين] الخلائق في صعيدٍ واحدٍ، ثمّ يفتح بيننا بالحقّ، أي: يحكم بيننا بالعدل، فيجزي كلّ عاملٍ بعمله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ. وستعلمون يومئذٍ لمن العزّة والنّصرة والسّعادة الأبديّة، كما قال تعالى: {ويوم تقوم السّاعة يومئذٍ يتفرّقون. فأمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فهم في روضةٍ يحبرون. وأمّا الّذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون} [الرّوم: 14-16]؛ ولهذا قال تعالى: {وهو الفتّاح العليم} أي: الحاكم العادل العالم بحقائق الأمور). [تفسير ابن كثير: 6/ 517]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {قل أروني الّذين ألحقتم به شركاء} أي: أروني هذه الآلهة الّتي جعلتموها للّه أندادًا وصيّرتموها له عدلا. {كلا} أي: ليس له نظيرٌ ولا نديد، ولا شريكٌ ولا عديلٌ، ولهذا قال: {بل هو اللّه}:أي: الواحد الأحد الّذي لا شريك له {العزيز الحكيم} أي: ذو العزّة الّتي قد قهر بها كلّ شيءٍ، وغلبت كلّ شيءٍ، الحكيم في أفعاله وأقواله، وشرعه وقدره، تعالى وتقدّس). [تفسير ابن كثير: 6/ 517-518]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس بشيرًا ونذيرًا ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون (28) ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (29) قل لكم ميعاد يومٍ لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون (30)}.
يقول تعالى لعبده ورسوله محمّدٍ، صلوات اللّه وسلامه عليه: {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس}: أي: إلّا إلى جميع الخلق من المكلّفين، كقوله تعالى: {قل يا أيّها النّاس إنّي رسول اللّه إليكم جميعًا} [الأعراف: 158]، {تبارك الّذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا} [الفرقان: 1]. {بشيرًا ونذيرًا} أي تبشّر من أطاعك بالجنّة، وتنذر من عصاك بالنّار.
{ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}، كقوله تعالى: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين} [يوسف: 103]، {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل اللّه} [الأنعام: 116].
قال محمّد بن كعبٍ في قوله: {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس} يعني: إلى النّاس عامّةً.
وقال قتادة في هذه الآية: أرسل اللّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم إلى العرب والعجم، فأكرمهم على اللّه أطوعهم للّه عزّ وجلّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبد اللّه الظّهرانيّ، حدّثنا حفص بن عمر العدني، حدّثنا الحكم -يعني: ابن أبانٍ -عن عكرمة قال: سمعت ابن عبّاسٍ يقول: إن اللّه فضّل محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم على أهل السّماء وعلى الأنبياء. قالوا: يا بن عبّاسٍ، فيم فضّله اللّه على الأنبياء؟ قال: إنّ اللّه قال: {وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبيّن لهم}، وقال للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: {وما أرسلناك إلا كافّةً للنّاس}، فأرسله اللّه إلى الجنّ والإنس.
وهذا الّذي قاله ابن عبّاسٍ قد ثبت في الصّحيحين رفعه عن جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نصرت بالرّعب مسيرة شهرٍ. وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيّما رجلٌ من أمّتي أدركته الصّلاة فليصلّ. وأحلّت لي الغنائم، ولم تحلّ لأحدٍ قبلي. وأعطيت الشّفاعة. وكان النّبيّ يبعث إلى قومه، وبعثت إلى النّاس عامّةً".
وفي الصّحيح أيضًا أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "بعثت إلى الأسود والأحمر": قال مجاهدٌ. يعني: الجنّ والإنس. وقال غيره: يعني: العرب والعجم. والكلّ صحيحٌ). [تفسير ابن كثير: 6/ 518]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى مخبرًا عن الكفّار في استبعادهم قيام السّاعة: {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين}، كما قال تعالى: {يستعجل بها الّذين لا يؤمنون بها والّذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنّها الحقّ} الآية [الشّورى: 18]). [تفسير ابن كثير: 6/ 518-519]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال: {قل لكم ميعاد يومٍ لا تستأخرون عنه ساعةً ولا تستقدمون} أي: لكم ميعادٌ مؤجّلٌ معدودٌ محرّرٌ، لا يزداد ولا ينتقص، فإذا جاء فلا يؤخّر ساعةً ولا يقدّم، كما قال تعالى: {إنّ أجل اللّه إذا جاء لا يؤخّر} [نوحٍ: 4]، وقال {وما نؤخّره إلا لأجلٍ معدودٍ. يوم يأت لا تكلّم نفسٌ إلا بإذنه فمنهم شقيٌّ وسعيدٌ} [هودٍ: 104، 105]). [تفسير ابن كثير: 6/ 519]

رد مع اقتباس