الموضوع: ثُمَّ
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 ذو الحجة 1438هـ/11-09-2017م, 01:39 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب ما أوله "الثاء"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (باب ما أوله "الثاء"
فمن ذلك: "ثم"، ويقال فيها: "فم"، وقد تزاد فيها "التاء" قال الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ..... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
وقال الأعشى:
ثمت لا تجزونني عند ذاكم ..... ولكن سيجزيني الإله فيعقبا
وهي حرف نسق تأتي لمعان خمسة:
أحدها: التشريك في الحكم مع الترتيب والمهلة نحو: جاء زيد "ثم" عمرو، وهي موضوعة لهذه الثلاثة المعاني وفي كل منها خلاف سيأتي ذكره.
الثاني: التشريك والترتيب مع تخلف المهلة فتكون "كالفاء" الناسقة، ذكره الفراء قال الشاعر:
كهز الرديني تحت العجاج ..... جرى في الأنابيب ثم اضطرب
لأن الهز متى جرى في الأنابيب يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه.
الثالث: التشريك مع تخلف الترتيب الذي هو أصل وضعها فيكون معناها كمعنى "الواو"، زعمه قوم كالفراء والأخفش، واحتجوا بقول الله سبحانه: {خلقكم من نفسٍ واحدةٍ ثم جعل منها زوجها}، وقوله تعالى: {وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه}، وقوله تعالى: {ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ثم آتينا موسى الكتاب تمامًا على الذي أحسن}، وقوله تعالى: {فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد}، وقوله تعالى: {ثم إن علينا بيانه}، وقوله تعالى: {خلقكم من طين ثم قضى أجلًا}، وقال الشاعر:
سألت ربيعة: من خيرها ..... أيا ثم أما؟ فقالت: لمه
ولا حجة لهم في ذلك فعنه جوابات لأهل العلم يطول ذكرها ولنذكر منها جوابًا واحدًا يعم الآيات والأبيات وذلك: أن "ثم" هنا لترتيب الأخبار لا لترتيب الحكم، والمعنى: أخبركم أني خلقتكم من نفسٍ واحدة، "ثم" أخبركم أني جعلت منها زوجها، وأخبركم أني خلقت الإنسان من طين "ثم" أخبركم أني جعلت نسله من سلالة من ماء مهين، وأخبركم أني خلقته من طين "ثم" أخبركم أني قضيت الأجل، كما تقول: كلمتك اليوم "ثم" كلمتك أمس، في هذا الأمر ووافقوا على القول باقتضائها الترتيب في الأسماء المفردة وفي الأفعال وفي ذلك دليل على وضعيتها للترتيب كما قاله الجمهور.
الرابع: تكون زائدة فيتخلف التشريك قاله الأخفش والكوفيون وحملوا عليه قوله تعالى: {حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا}.
وقول زهير:
أراني إذا أصبحت أصبحتُ ذا هوى ..... فثم إذا أمسيت أمسيت عاديا
وخالفهم الباقون وأجابوا عن الآية بأن ذلك على تقدير الجواب، وعن البيت بزيادة "الفاء".
الخامس: تكون بمعنى التعجب فتتخلف عن التشريك أيضًا، ذكره بعضهم كقوله تعالى: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} وبقوله تعالى: {ثم يطمع أن أزيد كلا}.
ومنه "ثم" بفتح "الثاء" اسم بمعنى هناك يشار به إلى المكان البعيد كقوله تعالى: {وأزلفنا ثم الآخرين} ). [مصابيح المغاني: 222 - 225]


رد مع اقتباس