الموضوع: الحي
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 24 شعبان 1438هـ/20-05-2017م, 02:14 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الحي
الحي في كلام العرب: خلاف الميت، والحيوان خلاف الموات، فالله عز وجل الحي الباقي الذي لا يجوز عليه الموت ولا الفناء عز وجل وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا. ولا تعرف العرب عن الحي والحياة غير هذا.
وقد يقال: «فلان حي القلب» إذا كان شهم الفؤاد ذكيًا، «وفلان ميت القلب» إذا كان بليدًا. والحي بكسر الحاء جماعة الحياة. قال العجاج:
وقد نرى إذ الحياة حي = وإذ زمان الناس دغفلي
قال بعضهم: حي جمع الجمع، يقال: حياة وحيوات وحي جمع الجمع. وقال الفراء: أصله فعل مثل بدنة وبدن فكان حي جمعًا للحياة ثم كسر حين أدغمت الياء.
وقال المازني: يقال: «حييت يا زيد تحيا حياة طيبة»، وهذا فعل قد اعتلت عينه ولامه وهما جميعًا ياءان، فعين هذا الفعل تصح وتعتل لامه لأن العين أقوى من اللام لتوسطها واللام أضعف من العين لوقوعها طرفًا فهو يجري مجرى رميت وكذلك أحييت يجري مجرى أعطيت، فإذا جاءت لام أعطيت في موضع تلزمها الحركة لزم لام أحييت الحركة، وإن لزم لام أعطيت ورميت السكون لزم لام حييت وأحييت السكون والقلب تقول من ذلك: «رمي زيد» و«أعطي زيد» فتقول قد حيي في هذا المكان وأحيي زيد، إلا أنك في هذا مخير إن شئت أدغمت لاجتماع حرفين من جنس واحد متحركين فقلت «حي في هذا المكان» و«قد أحي زيد» تلقي حركة الياء المدغمة على الحاء وتجريها مجرى غير المعتل لتشديدها وإن شئت أظهرت فقلت: «حي» و«أحيي»، وقد قرأ بعض القراء: {ويحيا من حيي عن بينة}. وقرأ الأكثرون «ويحيا من حي عن بينة» بالإدغام. وإنما جاز الإظهار في هذا لأن الحرف الثاني قد يعتل فيسكن في موضع الرفع ويصير ألفًا ولا يكون إدغام لأن الألف لا تدغم في شيء ولا يدغم فيها شيء وذلك قولك: «زيد يحيا حياة طيبة»، و«أحيا الله عباده». فمن أجاز «قد حيي زيد» بالإظهار لم يجز «قد صدد زيد»، و«قد مرر زيد» للعلة التي أخبرتك بها.
وإذا قلت: «قد حيي في هذا المكان» بالإظهار ثم أردت الإدغام فإن شئت قلت: «قد حيي في هذا المكان» بضم أوله على الأصل وإن شئت قلت: «قد حي في هذا المكان» فكسرت أوله. قال أبو عثمان: «والكسر أكثر لأنه أخف».
قال: «ومن كلام العرب قرن ألوى وقرون لي ولي والكسر أكثر وأخف». قال: وإن نسبت إلى الحياة قلت: «حيوي» بقلب الألف واوًا لمجيء ياء النسب كما تقول في رحى وفتى «فتوي» و«رحوي» وذلك حكم كل مقصور على ثلاثة أحرف من أي قبيل كان.
فإن نسبت إلى حية وقد سميت بها قلت أيضًا: «حيوي»، كذلك يلزم في القياس وهو كلام العرب، وتقدير ذلك أنك حذفت الهاء للنسب كما تحذفها من طلحة وفاطمة في قولك «طلحي» و«فاطمي» فبقيت ياء مشددة وهي ياءان وياء النسب كذلك ياءان فلا يمكن الجمع بين أربع ياءات فذهبت بفعل إلى فعل فانقلبت الياء الآخرة ألفًا ثم قلبتها واوًا لمجيء ياء النسب فقلت: «حيوي» كما ترى وإن نسبت إلى حياة قلت: «حيوي» فلم تحذف شيئًا ولم تغير لأن الواو إذا سكن ما قبلها جرت مجرى الحروف الصحاح وكذلك الياء.
وقال الخليل: «حيوان»: أصله «حييان» لأنه من حييت قلبوا فيه الياء واوًا لئلا تجتمع ياءان استثقالاً للحرفين من جنس واحد وهو شاذ. وحيوان جاء على ما لا يستعمل له فعل في الكلام لأن موضع عينه ياء، وقد قلبت لامه واوًا، فلو استعملوا منه فعلاً لثقل تصريفه ولذلك جاء «حياة» مصححًا وكان سبيله أن يدغم فيقال: «حية» لأنه إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الأول في الثاني.
قال المازني: وليس القول عندي في «حيوان» كما قال الخليل ولكن هذا كقولهم فاظ البت يفيظ فيظًا وفوظًا ولا يشتقون من فوظ فعلاً وكذلك ويل، وويح، وويس مصادر ليس لهن فعل كراهية أن يكثر في كلامهم ما يستثقلون ولاستغنائهم بالشيء عن الشيء حتى يكون المستغني عنه مسقطًا كأن المازني ذهب إلى أن الحيوان الواو فيه أصل ليست منقلبة من ياء، وأن الياء فيه أيضًا أصل من باب اللغتين. ثم يجوز أن يكون استعمل الفعل من اللغة التي تكون فيها العين واللام ياءين ولم يستعمل من اللغة التي تكون لامه واوًا لثقل ذلك عليهم، ويجوز أن يكون استعمل من اللغة التي تكون اللام فيه واوًا فقلبت ياء للكسرة التي قبلها حين قالوا: «حييت» فجاءوا به على فعل يفعل مثل علم يعلم). [اشتقاق أسماء الله: 102-105]


رد مع اقتباس