الموضوع: الحي
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 24 شعبان 1438هـ/20-05-2017م, 01:57 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

شرح ابن القيم (ت:751هـ)[الشرح المطول]

قال ابن القيم محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي (ت:751هـ) كما في المرتبع الأسنى: ( (الحَيُّ ):
([اللهُ] سُبْحَانَهُ حَيٌّ حَقِيقَةً، وَحَيَاتُهُ أَكْمَلُ الحياةِ وَأَتَمُّهَا، وهيَ حَيَاةٌ تَسْتَلْزِمُ جَمِيعَ صفاتِ الكمالِ، وَنَفْيَ أَضْدَادِهَا مِنْ جميعِ الوجوهِ)([1]).

(فإنَّ الحياةَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِجَمِيعِ صفاتِ الكمالِ، ولا يَتَخَلَّفُ عنها صفةٌ منها إلاَّ لِضَعْفِ الحياةِ، فإذا كانتْ حَيَاتُهُ تَعَالَى أَكْمَلَ حَيَاةٍ وَأَتَمَّهَا اسْتَلْزَمَ إِثْبَاتُهَا إثباتَ كلِّ كمالٍ يُضَادُّ نَفْيَ كمالِ الحياةِ.

وبهذا الطريقِ العَقْلِيِّ أَثْبَتَ مُتَكَلِّمُو أهلِ الإثباتِ لهُ تَعَالَى صِفَةَ السمعِ والبصرِ والعلمِ والإرادةِ والقدرةِ والكلامِ وسائرَ صفاتِ الكمالِ) ([2]). ([3])

(والحياةُ التامَّةُ تُضَادُّ جَمِيعَ الأسقامِ والآلامِ، ولهذا لَمَّا كَمُلَتْ حَيَاةُ أهلِ الجنَّةِ لمْ يَلْحَقْهُم هَمٌّ ولا غمٌّ ولا حُزْنٌ ولا شيءٌ من الآفاتِ، ونُقْصَانُ الحياةِ تَضُرُّ بالأفعالِ، وَتُنَافِي القَيُّومِيَّةَ، فكمالُ القَيُّومِيَّةِ لِكَمَالِ الحياةِ، فالحَيُّ المُطْلَقُ التامُّ الحياةِ لا تَفُوتُهُ صِفَةُ الكمالِ الْبَتَّةَ)([4])
). [المرتبع الأسنى: ؟؟]


([1]) شِفَاءُ العَلِيلِ (2/82) .
([2]) بَدَائِعُ الفوائدِ (2/184) .
([3]) وقالَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى - في شفاءِ العليلِ (2/82) : (ومِن لَوازمِ الحياةِ الفعلُ الاختياريُّ، فإنَّ كُلَّ حيٍّ فعَّالٌ . وصدورُ الفعلِ عن الحيِّ بحَسَبِ كَمالِ حَياتِهِ ونَقْصِها . وكلُّ مَن كَانَتْ حَياتُهُ أَكْمَلَ مِن غَيْرِه كانَ فِعلُهُ أَقْوَى وأَكْمَلَ، وكذلكَ قُدْرَتُه، ولذلك كانَ الربُّ سُبحانَهُ على كلِّ شيءٍ قديرًا، وهو فعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وقد ذَكَرَ البُخَارِيُّ في كتابِ خلقِ الأفعالِ عن نَعِيمِ بنِ حمادٍ أنه قالَ : "الحيُّ هو الفعَّالُ. وكلُّ حيٍّ فَعالٌ" . فلا فَرقَ بينَ الحيِّ والميِّتِ إلا بالفعلِ والشُّعورِ .
وإذا كانَتِ الحياةُ مُستلزِمَةً للفعلِ، وهو الأصلُ الثالِثُ، فالفعلُ الذي لا يَعْقِلُ الناسُ سواهُ هو الفعلُ الاختياريُّ الإراديُّ، الحاصلُ بقدرةِ الفاعلِ وإرادتِهِ ومشيئَتِه .
وما يَصْدُر عن الذاتِ من غيرِ سَفِيرِ قُدرةٍ منها ولا إرادةٍ لا يُسمِّيهِ أحدٌ مِنَ العُقلاءِ فِعلاً، وإن كانَ أَثرًا مِن آثارِها ومُتولِّدًا عنها، كتأثيرِ النارِ في الإحراقِ، والماءِ في الإغراقِ، والشمسِ في الحرارةِ، فهذه آثارٌ صادرةٌ عن الأجسامِ وليست أفعالاً لها، وإن كانَتْ بقُوَى وطَبائِعَ جعَلَها اللهُ فيها .
فالفعلُ والعملُ من الحيِّ العالِمِ لا يَقَعُ إلا بمشيئَتِه وقُدرتِه . وكونُ الربِّ سبحانَهُ حيًّا فاعلاً مُختارًا مُريدًا ممَّا اتفقَتْ عليه الرُّسُلُ والكُتُبُ، ودلَّ عليه العقلُ والفِطرةُ، وشَهِدَتْ به الموجوداتُ؛ نَاطِقُها وصامِتُها، جمادُها وحَيَوانُها، عُلْوِيُّها وسُفْلِيُّها . فمَنْ أَنْكَرَ فِعْلَ الربِّ الواقعَ بمشيئَتِه واختيارِه وفِعلِه فقد جَحَدَ رَبَّهُ وفَاطِرَهُ، وأَنْكَرَ أن يكونَ للعالمِ رَبٌّ).
([4]) زَادُ المَعادِ (4/204) .
وقال رَحِمَهُ اللهُ تَعالَى: في زادِ المَعادِ (4/204): (فإنَّ صفةَ الحياةِ مُتضمِّنةٌ لجميعِ صفاتِ الكمالِ، مُستلزمةٌ لها).


رد مع اقتباس