عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 14 محرم 1439هـ/4-10-2017م, 11:07 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الباب الثالث: التعريف ببعض كتاب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم

عناية بعض العلماء بتتبّع أسماء كٌتاب النبي صلى الله عليه سلم

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (عناية بعض العلماء بتتبّع أسماء كٌتاب النبي صلى الله عليه سلم
كتبَ للنبي صلى الله عليه وسلم جماعةٌ من أصحابِه رضي الله عنهم وأرضاهم، وقد اختلفت الأقوال في عَدَدِهم وتَعْدَادهم؛ وأقدم ما وصلنا من أخبار تعدادهم أثر عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وذلك فيما رواه
محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر [بن الزبير] عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم استكتب عبد الله بن الأرقم؛ فكان يكتب إلى الملوك فبلغ من أمانته عنده أنه كان يكتب إلى بعض الملوك، فيكتب ثم يأمره أن يطبقه ثم يختم لا يقرأه لأمانته عنده، واستكتب أيضا زيد بن ثابت، فكان يكتب الوحي، ويكتب إلى الملوك أيضا، وكان إذا غاب عبد الله بن الأرقم وزيد بن ثابت، فاحتاج أن يكتب إلى بعض أمراء الأجناد والملوك، ويكتب لإنسان كتابا يقطعه أمر من حضر أن يكتب، وقد كتب له عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية بن أبي سفيان، وخالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنهم وغيرهم ممن قد سمي من العرب» أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والطبراني في الكبير، والبيهقي في السنن الكبرى، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وقد تصحّف اسم "محمد بن جعفر" في المطبوع من معجم الطبراني إلى "محمد بن جعفر بن عبد الله بن الزبير"، ومحمد بن جعفر ثقة من رجال الصحيحين إلا أن روايته عن عمّه عبد الله بن الزبير مرسلة.


وعُني جماعة من العلماء بتتبّع أسماء كُتَّاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأفرد في ذلك عمر بن شبّة النميري (ت:262هـ) مصنّفاً مفرداً سمّاه (الكُتَّاب) وذكر منهم ثلاثة وعشرين كاتباً مما جمعه من الروايات التي فيها ذِكْرٌ لكتابة أحد من الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.

وكتاب عمر بن شبَّة مفقود، لكنَّه كان متداولاً عند العلماء السابقين، وقد لخَّص أبو القاسم السهيلي (ت:581هـ) في كتابه "الروض الأنف" أسماء أؤلئك الكُتَّاب الذين ذكرهم عمر بن شبّة؛ فقال بعد خبر كتابة صلح الحديبية: (وقد كتب له [صلى الله عليه وسلم] عدة من أصحابه منهم: عبد الله بن الأرقم، وخالد بن سعيد، وأخوه أبان، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول، وأبي بن كعب القارئ، وقد كتب له أيضا في بعض الأوقات أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وكتب له كثيراً معاوية بن أبي سفيان بعد عام الفتح، وكتب له أيضا الزبير بن العوام، ومعيقيب بن أبي فاطمة، والمغيرة بن شعبة، وشرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وجُهيم بن الصلت، وعبد الله بن رواحة، ومحمد بن مسلمة، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة الأسيدي وهو حنظلة بن الربيع وفيه يقول الشاعر بعد موته:
إنَّ سواد العين أودى به ... حزن على حنظلة الكاتب
والعلاء بن الحضرمي، ذكرهم عمر بن شبة في كتاب "الكُتَّابِ" له)ا.هـ.
وهؤلاء الكتاب منهم من كان مكثراً معروفاً بالكتابة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يُعثر في خبرٍ أو خبرين على أنه كتب للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً، ولذلك اقتصر علي بن الحسين المسعودي (ت:346هـ) في تعدادهم على ستة عشر كاتباً في كتابه "التنبيه والإشراف" ثم قال: (وإنما ذكرنا من أسماء كُتَّابِه صلّى الله عليه وسلّم من ثبت على كتابته واتصلت أيامه فيها وطالت مدته وصحت الرواية على ذلك من أمره دون من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة إذ كان لا يستحق بذلك أن يسمى كاتباً ويضاف إلى جملة كتابه)ا.هـ.
وقال الحافظ عبد الغني المقدسي (ت:600هـ) في مختصره في السيرة: (كتب له صلّى اللّه عليه وسلّم: أبو بكرٍ الصّدّيق، وعمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وعليّ بن أبي طالبٍ، وعامر بن فهيرة، وعبد اللّه بن الأرقم الزّهريّ، وأبيّ بن كعبٍ، وثابت بن قيس بن شمّاسٍ، وخالد بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن الربيع الأسديّ، وزيد بن ثابتٍ، ومعاوية بن أبي سفيان، وشرحبيل ابن حسنة.
وكان معاوية بن أبي سفيان وزيد بن ثابتٍ ألزمهم لذلك، وأخصّهم به)ا.هـ.

فهؤلاء ثلاثة عشر كاتباً ذكرهم في مختصره في السيرة، وفي مقدّمة كتابه (الكمال في أسماء الرجال) ، ولم يزد عليه الحافظ المزّي في تهذيبه للكمال غيرَهم.

ثمّ أتى الحافظ ابن كثير (ت:774هـ) فعقد فصلاً طويلاً في البداية والنهاية للتعريف بكُتَّاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر منهم ستة وعشرين كاتباً وذكر بعض أخبارهم وشيئاً من تراجمهم.


ثمَّ تتبَّعهم الحافظ زين الدين العراقي (ت:806هـ) وذكر كلَّ من وقف على خبر له أنه كتب للنبي صلى الله عليه وسلم حتى أوصلهم إلى اثنين وأربعين كاتباً، ونظم أسماءهم في ألفيته في السيرة النبوية، وقد شرحها الحافظ المُناوي (ت:1031هـ) في كتاب له سمَّاه (العجالة السنيّة على ألفيّة السيرة النبوية).
قال العراقيّ في ألفيّته بعد أن نظم أسماء الذين ذكرهم الحافظان عبد الغني المقدسي وأبو الحجاج المِزي:
واقتصر المزيّ مع عبد الغنيّ ... منهم على ذا العدد المبيَّنِ
وزِدتُ من مفترقاتِ السِّيَرِ ... جمعاً كثيراً فاضبطنْهُ واحصُرِ

وقبله كتب أبو عبد الله محمد بن علي ابن حُديدة الأنصاري (ت:783هـ) كتاباً مفرداً في هذا الباب سمَّاه (المصباح المضيء في كُتَّاب النبيّ الأميّ ورسله إلى ملوك الأرض من عربيّ وعجميّ) وأوصلهم إلى أربعة وأربعين كاتباً، وكتابه مطبوع.
ثم في هذا العصر ألَّف الدكتور محمد مصطفى الأعظمي كتاباً سمّاه (كُتَّاب النبيّ صلى الله عليه وسلم) وأوصلهم إلى ثمانية وأربعين كاتباً.
وفي بعض الأسماء المضافة في هذه الكتب نظر، وتتبُّعُ أسمائهم يُحتاج فيه إلى مزيد دراسة وتحقيق للمرويات.

وهذا في عموم الكُتَّاب الذين رُوي أنّهم كتبوا للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أمر بكتابته وإن كان من غير القرآن، وأكثر الآثار المروية في هذا الباب هي في كتابة غير القرآن من العهود والرسائل، وكُتُب الأمان، والصلح، والحقوق، والديات، والأعطيات، والصدقات، وخَرْصِ الثمارِ، والمكتَتبين في الغزوات، وغير ذلك من أغراض الكتابة، وفي المروي من ذلك الصحيح والضعيف.
والذي يعنينا في هذا الباب هو أسماء الذين كتبوا القرآن للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت أنّهم جماعة، وأنَّ الكتابة كانت على سنوات متعاقبة). [جمع القرآن:29 - 33]


رد مع اقتباس