عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 22 ربيع الثاني 1435هـ/22-02-2014م, 12:36 AM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي


الحكمة من تقييد الاستعاذة من شرّ الغاسق بإذا الظرفية

وأشد ما يخشى شر الغاسق عند وقوبه؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بكفِّ الصبيان عند بدء الإظلام كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كفّوا صِبيانكم حتى تذهب فَحْمَةُ -أو فورة- العشاء ساعةَ تهبُّ الشياطين)). رواه البخاري في الأدب المفرد من طريق حماد بن سلمة قال: حدثنا حبيبُ المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر، وصححه الألباني.
ورواه الحميدي في مسنده قال: ثنا سفيان، قال: ثنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفوا صبيانكم عند فحمة العشاء، وإياكم والسَّمَرَ بعد هَدْأة الرِّجْل؛ فإنكم لا تدرون ما يبثُّ الله من خلقه؛ فأغلقوا الأبواب، وأطفئوا المصباح، وأَكْفِؤا الإناء، وأوكوا السقاء)).
قال أبو سليمان الخطابي: (هَدْأَةُ الرِّجل يريد به: انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلاً، وأصل الهدوء: السكون).
وفي صحيح مسلم وسنن أبي داوود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ترسلوا فَواشيَكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فَحْمَةُ العشاء، فإنَّ الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء)).
قال أبو داوود: (الفواشي ما يفشو من كل شيء).
وقال النووي: (قال أهل اللغة: الفواشي: كل منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وغيرها، وهى جمع فاشية لأنها تفشو أى: تنتشرُ فى الأرض).
وفحمة العشاء هي: أوَّل سواده ، وذلك بين الصلاتين.
فهذا في وقوب أوَّل الليل، والليل له وقوب عند أوَّله ، وله وقوب عند اشتداد ظلمته، لأن الإظلام يزداد شيئاً فشيئاً ؛ فهو يغسق مرة بعد مرة.
وفي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم الناس ما في الوَحدة ما سار راكب وحده بليلٍ أبداً)).
وهذا يدلّك على أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم في الليل والخلوة من الشرور ما لو يعلمه الناس لم يسر راكب وحدَه بليل أبداً.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن لهذا الحديث سبباً ؛ وهو ما أخرجه الإمام أحمد والحاكم وصححه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (خرج رجل من خيبر فتبعه رجلان، ورجل يتلوهما يقول: ارجعا حتى أدركهما؛ فردَّهما.
ثم قال: إن هذين شيطانان؛ فاقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلامَ وأعلمه أنا في جمع صدقاتنا، لو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه).
قال: (فلمَّا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم حدَّثه ، فنهى عند ذلك عن الخلوة).
والمقصود أن غسق الليل يكون في الأفق بعامة ؛ لأن الأفق يظلم بسببه ويحصل فيه من الشرور والآفات والفتن ما الله به عليم.

رد مع اقتباس