الموضوع: الولي -المولى
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 09:20 AM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)



قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الولي
الولي في كلام العرب على ضروب عشرة مخرجها كلها من قولهم: «هذا الشيء يلي هذا الشيء»، وأوليت الشيء الشيء: إذا جعلته يليه لا حاجز بينهما.
تقول العرب: «فلان ولي فلان أي هو متولي أمره والقيم بشؤونه كأنه يلي إصلاح أمره بنفسه لا يكله إلى غيره».
وفلان ولي فلان أي ناصره كأنه يوليه نصره فلا يحول بينه وبينه. وفلان ولي فلان أي يوليه وده وموالاته، ويثني عليه بالجميل، ولا يتبرأ منه في حال.
فالله عز وجل ولي المؤمنين أي ناصرهم ومصلح شؤونهم والمثنى عليهم، كما قال الله عز وجل: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات} وقال: {إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين} إلى غير ذلك من الآيات المذكورة في التنزيل على ما ذكرنا من معاني الولي وما يقارب ذلك.
ويقال: «فلان ولي فلان» أي ولي نعمته أي قد أولاه نعمته وأنعم عليه، وأسداها إليه فلم يحل بينه وبينها. فالله عز وجل ولي المؤمنين بإنعامه عليهم وإحسانه إليهم.
فإن قال قائل: فقد أنعم الله عز وجل على الكافرين كما أنعم على المؤمنين أفيجوز أن تقول: الله ولي الكافرين؟
قيل له لم نقل إنه لا معنى للولي إلا هذا بل قلنا: إن هذا أحد وجوه الولي، ومع ذلك فإن الله عز وجل اسمه لما أنعم على المؤمنين فقابلوا إنعامه بالشكر والإقرار والطاعة والتوحيد جاز أن يقال الله ولي الذين آمنوا بإنعامه عليهم وقبولهم وشكرهم. وإن كان قد أنعم على الكفار فلا يقال هو وليهم لجحودهم ذلك وتركهم الإقرار كما قال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إنما أنت منذر من يخشاها}، وقد أنذر من لم يخش أيضًا، ولكن لما لم ينتفع بإنذاره غير من خشي قيل: {أنت منذر من يخشاها} ولم يقل أنت منذر من لم يخش إذ لم ينتفع بذلك الإنذار. ومع ذلك فلما كان الولي قد يكون بمعنى الناصر والموالي والمثنى وغير ذلك لم يجز أن يقال: الله ولي الكافرين فيسبق إلى ظن السامع إنه يراد به أصل تلك الأوجه إذ كانت أشهر وأعرف وأكثر استعمالاً، ومنع من إطلاق ذلك للكفار التنزيل لأنه قال عز وجل {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}.
وتقول: «فلان ولي فلان» أي صاحب نعمته التي قد أسداها إليه وأنعم بها عليه كقول القائل لمن هو فوقه في الحال والمنزلة وكثرة المال، وقد أحسن إليه: «أنا وليك» أي أنا ولي نعمتك التي اصطنعتها إلي. وربما قال له ذلك طمعًا في نيل حظ منه مجازًا وإن لم يكن أحسن إليه قط أي اجعلني في جملة أوليائك الذين أحسنت إليهم لأستحق هذه الصفة.
وتقول: «فلان ولي فلان» أي مواليه ومتابعه على أموره، فأمرهما وشأنهما واحد كما قال عز وجل: {والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض}. وقال: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض} أي بعضهم موال بعضًا. فأمرهم وشأنهم واحد ويقال: فلان ولي فلان أي قريبه ونسيبه كأنه لا حاجز بين نسبيهما.
ويوشك أن يكون من هذا قولهم فلان ولي فلانة أي ذو محرم لها ونسب، ويجوز أن يكون وليها أي يلي أمرها، ويقوم به فلا يتقدمه في ذلك أحد، ولا يحول بينه وبينها فيما يمضيه ويراه مما لها فيه صلاح.
وقد يستعمل الولي بمعنى الوالي كما يستعمل الغريم بمعنى الغارم، والضريب بمعنى الضارب، والسميع بمعنى السامع، وليس ذلك بمنكر ولا مدفوع. ويقال: «فلان ولي فلان» إذا أعتقد عبدًا فله ولاؤه وهو وليه أي صاحب ولائه.
يقال: «ولي بين الولاء» بفتح الواو، ووال بين الولاية بكسر الواو، ومولى بين المولوية، حكاه أبو عمرو الشيباني. وغيره «وفي فلان مولويه». والولي في غير هذا. مطر الربيع الثاني، يقال للأول «السومي» لأنه يسم الأرض بالنبات، والثاني «الولي» لأنه يلي الأول، كأنه من الموالاة والمتابعة، فهذه عشرة أوجه في الولي كلها ترجع إلى ما ذكرته لك أولاً فتدبرها لأن كلام العرب كما قال أبو العباس المبرد إذا اتفقت ألفاظه فبعضه آخذ برقاب بعض.
وتقول «ولي فلان مدينة كذا» من الولاية يليها ولاية، «وولاه فلان إياها تولية»، «ووليت الأمر والبلاد» كذلك إليه ولاية. وإذا أمرت قلت «له» يا هذا فزدت في آخره هاء للوقوف وليست من أصل الكلمة لكثرة ما لحقه من الإجحاف والحذف، وذلك أنه قد ذهبت فاؤه ولامه. وأصله من ولي، ففاؤه واو ولامه ياء فوجب سقوط الواو في المستقبل كما تسقط من «وعد يعد» و«وزن يزن». والأمر لا يكون إلا مستقبلاً، ووجب سقوط لامه للأمر كما تسقط من قولك في الأمر: «اقض» و«ارم» و«امض» فبقيت عين الفعل وهي اللام من ولي فقلت: «ل» «يا هذا»، فلما بقي على حرف واحد كثر بها الوقف، فإن اتصلت بها فاء أو الواو ونابت عن الهاء في التكثير فقلت: «فل عملك» أو «ول عملك». وكذلك تقول: «شه ثوبك» من الوشي، وإن دخلت الفاء والواو جري مجرى «فل عملك».
وتقول في التثنية: «ليا عملكما» فترد لام الفعل وهي الياء لذهاب العلة التي كانت تسقط من أجلها، وذلك أنك كنت تحذفها في الواحد علامة للبناء والجزم كما تقول: «لم يمض» و«لم يمش» ثم تقول: «لم يمضيا» و«لم يمشيا»، وفي الأمر «امضيا» و«امشيا» فترد الياء لأن علامة الجزم والبناء سقوط النون كذلك في قولك: «ليا عملكما»، ولا ترد الواو التي هي فاء الفعل لأن العلة التي أذهبتها لم تسقط بعد.
وتقول في الجمع: «يا رجال لوا عملكم» فتسقط الياء لأن الأصل «ليوا عملكم»، والياء إذا انكسر ما قبلها لا تلحقها ضمة ولا كسرة فتسكن الياء وتحذفها لسكونها وسكون واو الجمع بعدها، وتنقل ضمه الياء إلى اللام لتصح واو الجمع بعدها، ولا تنقلب ياء.
وتقول لواحدة المؤنث: «يا هند لي عملك» بياء ثابتة وليست بلام الفعل تلك ساقطة للأمر ولكن هذه ياء التأنيث التي تكون في مثل قولك: «يا هند اضربي وانطلقي واركبي». وعلامة الجزم في هذا سقوط النون، ولفظ البناء هاهنا والجزم سواء كما إنه في الصحيح كذلك.
وتقول للاثنتين كما تقول للمذكرين [لياعملكما].
وتقول للجماعة: «يا هندات لين عملكن» بياء ثابتة وليست بياء التأنيث هذه لام الفعل ولا تثبت ياء التأنيث مع النون التي هي إضمار جميع المؤنث، فقسه على قولك: «يا هذه اضربي» و«يا هاتان اضربا» و«يا هؤلاء اضربن».
فإن أدخلت النون الثقيلة في واحد المذكر قلت في الأمر: «يا رجل لين عملك» و«يا رجلان ليان عملكما» و«يا رجال لن عملكم»، وفي المؤنث «يا مرأة لن عملك» و«يا مرأتان ليان عملكما» كما تقول للرجلين، و«يا نساء لينان عملكن»، وإن ثنيت العمل أو جمعته جاز، وإنما زدت الألف لتفرق بين النونات.
وتقول في النون الخفيفة لواحد المذكر: «يا رجل لين عملك» بإثبات الياء وتخفيف النون كما تقول: «يا زيد اقضين بالحق»، ولا يقع في التثنية. وتقول في الجمع: «يا رجال لن عملكم» بضم اللام وتخفيف النون وإسقاط الياء. وتقول للواحدة المؤنثة من النون الخفيفة: «يا مرأة لن عملك» بكسر اللام وحذف الياء وتخفيف النون، كما تقول: «يا هذه اقض بالحق»، ولا تقع النون الخفيفة في التثنية ولا في جمع المؤنث). [اشتقاق أسماء الله: 113-117]


رد مع اقتباس