عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 16 جمادى الأولى 1434هـ/27-03-2013م, 10:42 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): ({والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروءٍ}، وقال: {فعدتهن ثلاثة أشهرٍ}؛ فنسخ واستثنى منها، فقال: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدةٍ تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا}؛
وقال: {لا يكلّف اللّه نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}). [الجامع في علوم القرآن: 3/67-68] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا قال التي نكحت ولم يبين بها ولم يفرض لها فليس لها صداق و ليس عليها عدة). [تفسير عبد الرزاق: 2/119]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلاً}.
يقول تعالى ذكره: يا أيّها الّذين صدّقوا اللّه ورسوله {إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ} يعني من قبل أن تجامعوهنّ {فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها} يعني: من إحصاء أقراءٍ، ولا أشهرٍ تحصونها عليهنّ، {فمتّعوهنّ} يقول: أعطوهنّ ما يستمتعن به من عرضٍ أو عين مالٍ.
وقوله: {وسرّحوهنّ سراحًا جميلاً} يقول: وأخلوا سبيلهنّ تخليةً بالمعروف، وهو التّسريح الجميل.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا عليٌّ، قال: حدّثنا عبد اللّه، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها} فهذا في الرّجل يتزوّج المرأة، ثمّ يطلّقها من قبل أن يمسّها، فإذا طلّقها واحدةً بانت منه، ولا عدّة عليها تتزوّج من شاءت، ثمّ قرأ: {فمتّعوهنّ وسرّحوهنّ سراحًا جميلاً} يقول: إن كان سمّى لها صداقًا، فليس لها إلاّ النّصف، فإن لم يكن سمّى لها صداقًا، متّعها على قدر عسره ويسره، وهو السّراح الجميل.
وقال بعضهم: المتعة في هذا الموضع منسوخةٌ بقوله: {فنصف ما فرضتم}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات} إلى قوله: {سراحًا جميلاً} قال: قال سعيد بن المسيّب: ثمّ نسخ هذا الحرف المتعة {وإن طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ وقد فرضتم لهنّ فريضةً فنصف ما فرضتم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ وابن المثنّى، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدّث عن سعيد بن المسيّب، قال: نسخت هذه الآية {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّةٍ تعتدّونها فمتّعوهنّ} قال: نسخت هذه الآية الّتي في البقرة). [جامع البيان: 19/127-129]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ، ثنا حامد بن أبي حامدٍ المقرئ، ثنا إسحاق بن سليمان الرّازيّ، قال: سمعت فطر بن خليفة، يحدّث عن الحسن بن مسلم بن ينّاقٍ، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه تلا قول اللّه تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات، ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ} [الأحزاب: 49] قال: «فلا يكون طلاقٌ حتّى يكون نكاحٌ» هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". قال الحاكم: «أنا متعجّبٌ من الشّيخين الإمامين كيف أهملا هذا الحديث ولم يخرجاه في الصّحيحين فقد صحّ على شرطهما حديث ابن عمر وعائشة وعبد اللّه بن عبّاسٍ ومعاذ بن جبلٍ وجابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهم، فأمّا حديث عبد اللّه بن عمر»
- فحدّثناه أبو عليٍّ، وأبو الحسين بن المظفّر الحافظان، وأبو حامد بن شريكٍ الفقيه، وأبو أحمد الشّعبيّ، وأبو إسحاق الرّازيّ في آخرين قالوا: ثنا يحيى بن محمّد بن صاعدٍ، ثنا محمّد بن يحيى القطيعيّ، ثنا عاصمٌ، ثنا أيّوب، عن نافعٍ، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لا طلاق إلّا بعد نكاحٍ» وأمّا حديث عائشة "
- فحدّثناه أبو عمران موسى بن سعيدٍ الحنظليّ الحافظ بهمذان، ثنا أبو مسلمٍ إبراهيم بن عبد اللّه، عن حجّاج بن منهالٍ، ثنا هشامٌ الدّستوائيّ، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا طلاق إلّا بعد نكاحٍ ولا عتق إلّا بعد ملكٍ» وأمّا حديث ابن عبّاسٍ "
- فأخبرناه أبو جعفرٍ محمّد بن محمّد بن عبد اللّه البغداديّ، ثنا يحيى بن أيّوب العلّاف، بمصر، ثنا عمرو بن خالدٍ الحرّانيّ، ثنا أيّوب بن سليمان الجريريّ، عن ربيعة بن أبي عبدٍ الرّحمن، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا طلاق لمن لا يملك» وأمّا حديث معاذ بن جبلٍ "
- فحدّثناه أبو بكرٍ محمّد بن عبد اللّه الشّافعيّ، ثنا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، ثنا ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن طاوسٍ، عن معاذ بن جبلٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لا طلاق إلّا بعد نكاحٍ، ولا عتق إلّا بعد ملكٍ» وأمّا حديث جابرٍ "
- فحدّثناه يحيى بن منصورٍ القاضي، ويحيى بن محمّدٍ العنبريّ، وأبو النّضر الفقيه، والحسن بن يعقوب العدل، ومحمّد بن جعفرٍ المزكّي، قالوا: ثنا عبد اللّه بن محمّد بن إبراهيم العبديّ، ثنا أبو بكرٍ عبد اللّه بن يزيد الدّمشقيّ، ثنا صدقة بن عبد اللّه الدّمشقيّ، قال: جئت محمّد بن المنكدر وأنا مغضبٌ، فقلت: آللّه أنت أحللت للوليد بن يزيد أمّ سلمة؟ قال: أنا ولكن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، حدّثني جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ أنّه سمع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا طلاق لمن لا يملك ولا عتق لمن لا يملك»
- حدّثناه أبو عليٍّ الحافظ، ثنا عبد اللّه بن محمودٍ، ثنا أحمد بن عبد اللّه الحاكم، ثنا وكيعٌ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن عطاءٍ، ومحمّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «لا طلاق قبل نكاحٍ» قال الحاكم: «مدار سند هذا الحديث على إسنادين واهيين جريرٌ، عن الضّحّاك، عن النّزّال بن سبرة، عن عليٍّ، وعمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه فلذلك لم يقع الاستقصاء من الشّيخين في طلب هذه الأسانيد الصّحيحة واللّه أعلم»). [المستدرك: 2/454-455]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا.
أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {إذا نكحتم المؤمنات} الآية، قال: هذا في الرجل، يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها فاذا طلقها واحدة بانت منه لا عدة عليها تتزوج من شاءت ثم قال {فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} يقول: ان كان سمي لها صداقا فليس لها إلا النصف وان لم يكن سمي لها صداقا متعها على قدر عسره ويسره وهو السراح الجميل). [الدر المنثور: 12/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال: التي نكحت ولم يبن بها ولم يفرض لها فليس لها صداق وليس عليها عدة). [الدر المنثور: 12/79]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} قال: هي منسوخة نسختها الآية التي في البقرة {فنصف ما فرضتم} البقرة الآية 237). [الدر المنثور: 12/79-80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات} إلى قوله {فمتعوهن} قال: هي منسوخة، نسختها الآية التي في البقرة {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} البقرة ن الآية 237 فصار لها نصف الصداق ولا متاع لها). [الدر المنثور: 12/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه عن أبي العالية رضي الله عنه قالا: ليست بمنسوخة لها نصف الصداق ولها المتاع). [الدر المنثور: 12/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: لكل مطلقة متاع، دخل أو لم يدخل بها فرض لها أو لم يفرض لها). [الدر المنثور: 12/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن حسين بن ثابت رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى علي بن حسين فسأله عن رجل قال: ان تزوجت فلانة فهي طالق قال: ليس بشيء، بدأ الله بالنكاح قبل الطلاق فقال {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} ). [الدر المنثور: 12/80]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقول: ان تزوجت فلانة فهي طالق، قال: ليس بشيء، إنما الطلاق لمن يملك، قال ابن مسعود رضي الله عنه: كان يقول: اذا وقت وقتا فهو كما قال، قال: رحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال: لقال الله ? {يا أيها الذين آمنوا اذا طلقتم النساء ثم نكحتموهن}? ولكن إنما قال {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} ). [الدر المنثور: 12/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج رضي الله عنه قال: بلغ ابن عباس رضي الله عنهما: أن ابن مسعود يقول: إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال ابن عباس رضي الله عنهما: أخطأ في هذا، ان الله تعالى يقول {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} ولم يقل ? {اذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن}?). [الدر المنثور: 12/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تلا {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} قال: فلا يكون طلاق حتى يكون نكاح). [الدر المنثور: 12/81]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: اذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو أن تزوجت فلانة فهي طالق فليس لشيء إنما الطلاق لمن يملك من أجل أن الله يقول {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} ). [الدر المنثور: 12/81-82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في السنن من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما قالها ابن مسعود وان يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول: ان تزوجت فلانة فهي طالق، قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات} ولم يقل ? {اذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن}? ). [الدر المنثور: 12/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الحاكم، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك?). [الدر المنثور: 12/82]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والنسائي، وابن مردويه عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طلاق فيما لا تملك ولا بيع فيما لا تملك ولا وفاء نذر فيما لا تملكن ولا نذر إلا فيما ابتغى وجه الله تعالى ومن حلف على معصية فلا يمين له ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له). [الدر المنثور: 12/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق فيما لا تملك ولا عتق فيما لا تملك). [الدر المنثور: 12/83]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن ماجه، وابن مردوية عن المسور بن محرمة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك). [الدر المنثور: 12/83]

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (50) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني سعيد بن عبد الرّحمن الجمحيّ، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنّ خولة بنت حكيم بن الأوقص من بني سليمٍ كانت من اللّاتي وهبن أنفسهنّ لرسول اللّه عليه السّلام.
وأخبرني سعيد بن عبد الرّحمن وابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قد كنّا نتحدّث أنّ أمّ شريكٍ كانت وهبت نفسها للنّبيّ عليه السّلام، وكانت امرأةً صالحةً). [الجامع في علوم القرآن: 1/93-94]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري في قوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي قال إن ميمونة وهبت نفسها للنبي فقبلها ووهبت سودة يومها لعائشة قال الزهري إن الهبة كانت للنبي خاصة ولا يحل لأحد أن تهب له امرأة نفسها بغير صداق). [تفسير عبد الرزاق: 2/119]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى قد علمنا ما فرضنا عليهم قال ما فرض الله عليهم ألا ينكح إلا بوجود شهداء وصداق ولا ينكح الرجل أكثر من أربع). [تفسير عبد الرزاق: 2/119-120]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ، عن أمّ هانئٍ بنت أبي طالبٍ، قالت: خطبني رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم فاعتذرت إليه فعذرني، ثمّ أنزل اللّه تعالى: {إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} الآية قالت: فلم أكن أحلّ له لأنّي لم أهاجر، كنت من الطّلقاء.
هذا حديثٌ حسنٌ، لا أعرفه إلاّ من هذا الوجه من حديث السّدّيّ). [سنن الترمذي: 5/208]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبدٌ، قال: حدّثنا روحٌ، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشبٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: نهي رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عن أصناف النّساء إلاّ ما كان من المؤمنات المهاجرات قال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك}, فأحلّ اللّه فتياتكم المؤمنات {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ}، وحرّم كلّ ذات دينٍ غير الإسلام، ثمّ قال: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين} وقال: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك} إلى قوله: {خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرّم ما سوى ذلك من أصناف النّساء.
هذا حديثٌ حسنٌ، إنّما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام سمعت أحمد بن الحسن يذكر عن أحمد بن حنبلٍ، قال: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشبٍ). [سنن الترمذي: 5/208-209]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا ابن أبي عمر، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، قال: قالت عائشة، ما مات رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له النّساء.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ). [سنن الترمذي: 5/209]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله بن يزيد، حدّثنا سفيان، حدّثنا أبو حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ، قال: أنا في القوم، إذ قالت امرأةٌ: إنّي قد وهبت لك نفسي يا رسول الله، فرّ فيّ رأيك يا رسول الله، فقام رجلٌ فقال: زوّجنيها، قال: «اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديدٍ»، فذهب ولم يجئ بشيءٍ ولا بخاتمٍ من حديدٍ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «معك من سور القرآن شيءٌ؟»، قال: نعم، قال: فزوّجه بما معه من سور القرآن
- أخبرنا عمرو بن عليٍّ، حدّثنا مرحومٌ العطّار، حدّثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، أنّ امرأةً أتت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تعرض نفسها، فقال: «ليس لي في النّساء حاجةٌ»، فقالت ابنةٌ لأنسٍ: ما كان أصلب وجهها، قال أنسٌ: كانت خيرًا منك، رغبت في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فعرضت نفسها عليه). [السنن الكبرى للنسائي: 10/222]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ إن أراد النّبيّ أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكي لا يكون عليك حرجٌ وكان اللّه غفورًا رحيمًا}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} يعني: اللاّتي تزوّجتهنّ بصداقٍ مسمًّى.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} قال: صدقاتهنّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} قال: كان كلّ امرأةٍ آتاها مهرًا، فقد أحلّها اللّه له.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} إلى قوله: {خالصةً لك من دون المؤمنين} فما كان من هذه التّسمية ما شاء كثيرًا أو قليلاً.
وقوله: {وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك} يقول: وأحللنا لك إماءك اللّواتي سبيتهنّ، فملكتهنّ بالسّباء، وصرن لك بفتح اللّه عليك من الفيء {وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاّتي هاجرن معك} فأحلّ اللّه له صلّى اللّه عليه وسلّم من بنات عمّه وعمّاته وخاله وخالاته، المهاجرات معه منهنّ دون من لم يهاجر منهنّ معه.
- كما حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ، عن أمّ هانئٍ، قالت: خطبني النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فاعتذرت إليه بعذري، ثمّ أنزل اللّه عليه: {إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} إلى قوله: {اللاّتي هاجرن معك} قالت: فلم أحلّ له، لم أهاجر معه، كنت من الطّلقاء.
وقد ذكر أنّ ذلك في قراءة ابن مسعودٍ: (وبنات خالاتك واللاّتي هاجرن معك) بواوٍ؛ وذلك وإن كان كذلك في قراءته محتملٌ أن يكون بمعنى قراءتنا بغير الواو، وذلك أنّ العرب تدخل الواو في نعت من قدم تقدّم ذكره أحيانًا، كما قال الشّاعر:
فإنّ رشيدًا وابن مروان لم يكن = ليفعل حتّى يصدر الأمر مصدرا
ورشيدٌ هو ابن مروان.
وكان الضّحّاك بن مزاحمٍ يتأوّل قراءة عبد اللّه هذه أنّهنّ نوعٌ غير بنات خالاته، وأنّهنّ كلّ مهاجرةٍ هاجرت مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر الخبر عنه بذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في حرف ابن مسعودٍ: (واللاّتي هاجرن معك) يعني بذلك: كلّ شيءٍ هاجر معه ليس من بنات العمّ والعمّة، ولا من بنات الخال والخالة.
وقوله: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} يقول: وأحللنا له امرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ بغير صداقٍ.
- كما حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} بغير صداقٍ، فلم يكن يفعل ذلك، وأحلّ له خاصّةً من دون المؤمنين.
وذكر أنّ ذلك في قراءة عبد اللّه: (وامرأةً مؤمنةً وهبت نفسها للنّبيّ) بغير إن، ومعنى ذلك ومعنى قراءتنا وفيها إن واحدٌ، وذلك كقول القائل في الكلام: لا بأس أن يطأ جاريةً مملوكةً إن ملكها، وجاريةً مملوكةً ملكها.
وقوله: {إن أراد النّبيّ أن يستنكحها} يقول: إن أراد أن ينكحها، فحلالٌ له أن ينكحها وإذا وهبت نفسها له بغير مهرٍ {خالصةً لك} يقول: لا يحلّ لأحدٍ من أمّتك أن يقرب امرأةً وهبت نفسها له، وإنّما ذلك لك يا محمّد خالصةً أخلصت لك من دون سائر أمّتك.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {خالصةً لك من دون المؤمنين} يقول: ليس لامرأةٍ أن تهب نفسها لرجلٍ بغير أمر وليٍّ ولا مهرٍ، إلاّ للنّبيّ، كانت له خالصةً من دون النّاس. ويزعمون أنّها نزلت في ميمونة بنت الحارث أنّها الّتي وهبت نفسها للنّبيّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله: {خالصةً لك من دون المؤمنين} قال: كان كلّ امرأةٍ آتاها مهرًا فقد أحلّها اللّه له إلى أن وهب هؤلاء أنفسهنّ له، فأحللن له دون المؤمنين بغير مهرٍ خالصةً لك من دون المؤمنين إلاّ امرأةً لها زوجٌ.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن صالح بن مسلمٍ، قال: سألت الشّعبيّ عن امرأةٍ، وهبت، نفسها لرجلٍ، قال: لا يكون، لا تحلّ له، إنّما كانت للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {إن وهبت نفسها} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار: {إن وهبت} بكسر الألف على وجه الجزاء، بمعنى: إن تهب.
وذكر عن الحسن البصريّ أنّه قرأ: (أن وهبت) بفتح الألف، بمعنى: وأحللنا له امرأةً مؤمنةً أن ينكحها، لهبتها له نفسها.
والقراءة الّتي لا أستجيز خلافها في كسر الألف لإجماع الحجّة من القرّاء عليه.
وأمّا قوله: {خالصةً لك من دون المؤمنين} ليس ذلك للمؤمنين. وذكر أنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل أن تنزل عليه هذه الآية أن يتزوّج أيّ النّساء شاء، فقصره اللّه على هؤلاء، فلم يتعدّهنّ، وقصر سائر أمّته على مثنى وثلاث ورباع.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت داود بن أبي هندٍ، عن محمّد بن أبي موسى، عن زيادٍ، رجلٍ من الأنصار، عن أبيّ بن كعبٍ، أنّ الّتي أحلّ اللّه للنّبيّ من النّساء هؤلاء اللاّتي ذكر اللّه {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} إلى قوله: {في أزواجهم} وإنّما أحلّ اللّه للمؤمنين مثنى وثلاث ورباع.
- وحدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} إلى آخر الآية، قال: حرّم اللّه عليه ما سوى ذلك من النّساء؛ وكان قبل ذلك ينكح في أيّ النّساء شاء، لم يحرّم ذلك عليه، فكان نساؤه يجدن من ذلك وجدًا شديدًا أن ينكح في أيّ النّاس أحبّ؛ فلمّا أنزل اللّه: إنّي قد حرّمت عليك من النّاس سوى ما قصصت عليك، أعجب ذلك نساءه.
واختلف أهل العلم في الّتي وهبت نفسها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من المؤمنات، وهل كانت عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم امرأةٌ كذلك؟ فقال بعضهم: لم يكن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم امرأةٌ إلاّ بعقد نكاحٍ أو ملك يمينٍ، فأمّا بالهبة فلم يكن عنده منهنّ أحدٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن عنبسة بن الأزهر، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لم يكن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم امرأةٌ وهبت نفسها.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، أنّه قال في هذه الآية: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} قال: أن تهب.
وأمّا الّذين قالوا: قد كان عنده منهنّ، فإنّ بعضهم قال: كانت ميمونة بنت الحارث. وقال بعضهم: هي أمّ شريكٍ. وقال بعضهم: زينب بنت خزيمة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن ابن عبّاسٍ، قال: {وامرأةً مؤمنةً إنّ وهبت نفسها للنّبيّ} قال: هي ميمونة بنت الحارث.
وقال بعضهم: زينب بنت خزيمة أمّ المساكين امرأةٌ من الأنصار.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثني الحكم، قال: كتب عبد الملك إلى أهل المدينة يسألهم، قال: فكتب إليه عليٌّ قال شعبة: وهو ظنّي عليّ بن حسينٍ قال: وقد أخبرني به أبان بن تغلب، عن الحكم، أنّه عليّ بن الحسين، الّذي كتب إليه، قال: هي امرأةٌ من الأزد يقال لها أمّ شريكٍ، وهبت نفسها للنّبيّ.
- قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثني عبد اللّه بن أبي السّفر، عن الشّعبيّ: أنّها امرأةٌ من الأنصار، وهبت نفسها للنّبيّ، وهي ممّن أرجأ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني سعيدٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن خولة بنت حكيم بن الأوقص، من بني سليمٍ: كانت من اللاّتي وهبن أنفسهنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- قال: حدّثني سعيد، وبن أبي الزّناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كنّا نتحدّث أنّ أمّ شريكٍ، كانت وهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وكانت امرأةً صالحةً.
وقوله: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} يقول تعالى ذكره: قد علمنا ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم إذا أرادوا نكاحهنّ ممّا لم نفرضه عليك، وما خصصناهم به من الحكم في ذلك دونك، وهو أنّا فرضنا عليهم أنّه لا يحلّ لهم عقد نكاحٍ على حرّةٍ مؤمنةٍ إلاّ بوليٍّ عصبةٍ وشهودٍ عدولٍ، ولا يحلّ لهم منهنّ أكثر من أربع.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عبد اللّه بن أحمد بن شبّويه، قال: حدّثنا مطهّرٌ، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي، عن مطرٍ، عن قتادة، في قول اللّه: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: إنّ ممّا فرض اللّه عليهم أنّ لا نكاح إلاّ بوليٍّ وشاهدين.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن مجاهدٍ: {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: في الأربع.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: كان ممّا فرض اللّه عليهم أن لا تزوّج امرأةٌ إلاّ بوليٍّ وصداقٍ عند شاهدي عدلٍ، ولا يحلّ لهم من النّساء إلاّ أربع، وما ملكت أيمانهم.
وقوله: {وما ملكت أيمانهم} يقول تعالى ذكره: قد علمنا ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم، لأنّه لا يحلّ لهم منهنّ أكثر من أربعٍ، وما ملكت أيمانهم، فإنّ جميعهنّ إذا كنّ مؤمناتٍ أو كتابيّاتٍ، لهم حلالٌ بالسّباء والتّسرّي وغير ذلك من أسباب الملك.
وقوله: {لكي لا يكون عليك حرجٌ وكان اللّه غفورًا رحيمًا} يقول تعالى ذكره: إنّا أحللنا لك يا محمّد أزواجك اللّواتي ذكرنا في هذه الآية، {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ}، إن أراد النّبيّ أن يستنكحها، لكي لا يكون عليك إثمٌ وضيقٌ في نكاح من نكحت من هؤلاء الأصناف الّتي أبحت لك نكاحهنّ من المسمّيات في هذه الآية، وكان اللّه غفورًا لك ولأهل الإيمان بك، رحيمًا بك وبهم أن يعاقبهم على سالف ذنبٍ منهم سلف بعد توبتهم منه). [جامع البيان: 19/129-138]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن يعني صدقاتهن). [تفسير مجاهد: 518]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وامرأة مؤمنة يعني بغير صداق لم يكن ضرب ذا حل له ذلك خاصة دون المؤمنين). [تفسير مجاهد: 518]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ بمرو، ثنا سعيد بن مسعودٍ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن السّدّيّ، عن أبي صالحٍ، عن أمّ هانئٍ رضي اللّه عنها، قالت: " خطبني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاعتذرت إليه فعذرني، وأنزل اللّه عزّ وجلّ {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} [الأحزاب: 50] إلى قوله تعالى: {اللّاتي هاجرن معك} [الأحزاب: 50] قالت: فلم أكن أحلّ له، لم أهاجر معه كنت من الطّلقاء «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/456]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) أم هانئ - رضي الله عنها -: قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعتذرت إليه، فعذرني، ثم أنزل الله: {إنا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك وبنات عمّك وبنات عمّاتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللّاتي هاجرن معك... } الآية [الأحزاب: 50] فلم أكن لأحلّ له؛ لأني لما هاجرت كنت من الطّلقاء. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(الطلقاء) جمع طليق: وهم أهل مكة الذين عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فقال لهم: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» والطليق: الأسير إذا خلي سبيله). [جامع الأصول: 2/319-320]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النّساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله: {لا يحل لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلا ما ملكت يمينك} فأحلّ الله فتياتكم المؤمنات {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبيّ} وحرّم كلّ ذات دينٍ غير الإسلام، قال: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين} [المائدة: 5] وقال: {يا أيّها النبيّ إنا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك - إلى قوله - خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرّم ما سوى ذلك من أصناف النّساء. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(حبط عمله) أي: بطل). [جامع الأصول: 2/320] (م)
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت س - عائشة - رضي الله عنها -: قالت: ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحلّ له النساء. أخرجه الترمذي والنسائي.
وللنسائي أيضاً: حتّى أحلّ له أن يتزوّج من النساء ما شاء). [جامع الأصول: 2/321]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {وامرأةً مؤمنةً} [الأحزاب: 50]
- «عن عليّ بن الحسين في قوله: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} [الأحزاب: 50] أنّ أمّ شريكٍ الأزديّة الّتي وهبت نفسها للنّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم -».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك الاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النّبيّ أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما.
أخرج ابن سعد، وابن راهويه، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي عن أم هانى ء بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت اليه فعذرني فأنزل الله {يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله {هاجرن معك} قالت: فلم أكن أحل له لأني لم أهاجر معه كنت من الطلقاء). [الدر المنثور: 12/83-84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه من وجه آخر عن أم هانى ء رضي الله عنها قالت نزلت في هذه الآية {وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك} فاراد النّبيّ صلى الله عليه وسلم ان يتزوجني فنهى عني اذ لم أهاجر). [الدر المنثور: 12/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن أبي صالح مولى أم هانى ء قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانئ بنت أبي طالب فقالت: يا رسول الله اني مؤتمة وبني صغار فلما أدرك بنوها عرضت عليه نفسها فقال: الآن فلا، ان الله تعالى أنزل علي {يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك} إلى {هاجرن معك} ولم تكن من المهاجرات). [الدر المنثور: 12/84]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} قال: فحرم الله عليه سوى ذلك من النساء وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء لم يحرم ذلك عليه وكان نساؤه يجدن من ذلك وجدا شديدا ان ينكح في أي النساء أحب فلما أنزل الله عليه، اني قد حرمت عليك من النساء سوى ما قصصت عليك أعجب ذلك نساءه). [الدر المنثور: 12/84-85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إنا أحللنا لك أزواجك} قال: هن أزواجه الاول اللاتي كن قبل ان تنزل هذه الآية في قوله {اللاتي آتيت أجورهن} قال: صدقاتهن {وما ملكت يمينك} قال: هي الاماء التي أفاء الله عليه). [الدر المنثور: 12/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال: رخص له في بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه ان يتزوج منهن ولا يتزوج من غيرهن ورخص له في امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/85]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {إن وهبت نفسها للنبي} قال: بغير صداق أحل له ذلك ولم يكن ذلك احل له إلا {خالصة لك من دون المؤمنين} قال: خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/85-86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردوية والبيهقي في السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، خولة بنت حكيم). [الدر المنثور: 12/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد والبخاري، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي، وابن أبي حاتم، وابن مردوية عن عروة رضي الله عنه: ان خولة بنت حكيم بن الأقوص كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {وامرأة مؤمنة} قال: نزلت في أم شريك الدوسية). [الدر المنثور: 12/86]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن منير بن عبد الله الدوسي، أن أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية عرضت نفسها على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكانت جميلة فقبلها فقالت عائشة رضي الله عنها: ما في امرأة حين وهبت نفسها لرجل خير قالت أم شريك رضي الله عنها: فانا تلك فسماها الله تعالى {مؤمنة} فقال {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة رضي الله عنها: ان الله يسارع لك في هواك). [الدر المنثور: 12/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب وعمر بن الحكم وعبد الله بن عبيدة قالوا: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة امرأة، ست من قريش خديجة، وعائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة وثلاث من بني عامر بن صعصعة وامرأتين من بني هلال، ميمونة بنت الحرث وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وزينب أم المساكين وهي التي اختارت الدنيا، وامرأة من بني الحارث وهي التي اتسعاذت منه، وزينب بنت جحش الأسدية، والسبيتين صفية بنت حيي، وجويرية بنت الحارث الخزاعية). [الدر المنثور: 12/87]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن علي بن الحسين رضي الله عنه في قوله {وامرأة مؤمنة} هي أم شريك الازدية التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وخ ابن سعد عن ابن أبي عون: ان ليلى بنت الحطيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ووهبن نساء أنفسهن فلم نسمع ان النّبيّ صلى الله عليه وسلم قبل منهن أحدا). [الدر المنثور: 12/87-88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير عن الشعبي: انها امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي مما أرجا). [الدر المنثور: 12/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له). [الدر المنثور: 12/88]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبه وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/88-89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الزهري وابراهيم النخعي رضي الله عنهما في قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} قالا: لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، عن طاووس رضي الله عنه قال: لا يحل لأحد ان يهب ابنته بغير مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن مكحول والزهري قالا: لم تحل الموهوبة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه قال: لا يحل لرجل ان يهب ابنته بغير صداق قد جعل الله ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون المؤمنين). [الدر المنثور: 12/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في امرأة وهبت نفسها لرجل قال: لا يصلح إلا بالصداق لم يكن ذلك إلا للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/89]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري، وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله هل لك في حاجة فقالت ابنة أنس: ما كان أقل حياءها فقال هي خير منك رغبت في النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعرضت نفسها عليه). [الدر المنثور: 12/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال: كنا نتحدث ان أم شريك رضي الله عنهما كانت ممن وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة صالحة). [الدر المنثور: 12/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} قال: هي ميمونة بنت الحرث). [الدر المنثور: 12/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال: وهبت ميمونة بنت الحرث نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/90]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج مالك وعبد الرزاق وأحمد والخباري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن مردوية عن سهل بن سعد الساعدي: ان امرأة جاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له فصمت فقال رجل: يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها حاجة قال ما عندك تعطيها قال: ما عندي إلا ازاري قال: ان أعطيتها ازارك جلست لا ازار لك فالتمس شيئا قال: ما أجد شيئا فقال: قد زوجناكها بما معك من القرآن). [الدر المنثور: 12/90-91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {إن وهبت نفسها للنبي} قال: فعلت ولم يفعل). [الدر المنثور: 12/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} قال: لا تحل الموهوبة لغيرك ولو ان امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى يعطيها شيئا). [الدر المنثور: 12/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} يقول: ليس لأمرأة أن تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كانت خاصة له صلى الله عليه وسلم من دون الناس يزعمون أنها نزلت في ميمونة بنت الحارث، هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 12/91]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله {قد علمنا ما فرضنا عليهم} قال: فرض الله أن لا تنكح امرأة إلا بولي وصداق وشهداء ولا ينكح الرجل إلا أربعا). [الدر المنثور: 12/91-92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: لا يجاوز الرجل أربع نسوة). [الدر المنثور: 12/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: فرض عليهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين). [الدر المنثور: 12/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم} قال: فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر). [الدر المنثور: 12/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله {لكيلا يكون عليك حرج} قال: جعله الله تعالى في حل من ذلك وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يقسم). [الدر المنثور: 12/92]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن الشعبي أنه قيل له: ان أبا موسى نهى حين فتح تستر أن لا توطأ الحبالى ولا يشارك المشركون في أولادهم فان الماء يزيد في الولد أشيء قاله برأيه أو شيء رواه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تستبرأ). [الدر المنثور: 12/92-93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من وطئ حبلى). [الدر المنثور: 12/93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه والدار قطني وأبو داود، وابن منيع والبغوي والباوردي، وابن قانع والبيهقي والضياء عن أبي مورق مولى نجيب قال: غزونا مع رويفع بن ثابت الانصاري نحو المغرب ففتحنا قرية يقال لها: جربة، فقام فينا خطيبا فقال: اني لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا يوم خيبر قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه زرع غيره). [الدر المنثور: 12/93]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن الحسن رضي الله عنه قال: لما فتح تستر أصاب أبو موسى سبايا فكتب اليه عمر رضي الله عنه: أن لا يقع أحد على امرأة حبلى حتى تضع ولا تشاركوا المشركين في أولادهم فان الماء تمام الولد). [الدر المنثور: 12/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن علي رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع والحائل حتى تستبرأ بحيضة). [الدر المنثور: 12/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، عن طاووس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديا في غزوة غزاها: لا يطأ الرجل حاملا حتى تضع ولا حائلا حتى تحيض). [الدر المنثور: 12/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي أمامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى يوم خيبر ان لا توطأ الحبالى حتى يضعن). [الدر المنثور: 12/94]

تفسير قوله تعالى: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (حدثني جرير بن حازم قال: سمعت قتادة ابن دعامة يقول في قول الله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك}، كان هذا شيءٌ جعله الله لنبيه وليس لأحد غيره، كان يدع المرأة من نسائه ما بدا له من غير طلاقٍ، فإذا شاء راجعها ويتركها كذلك [ ....... ]). [الجامع في علوم القرآن: 2/42-43]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الزهري في قوله ترجي من تشاء منهن قال كان ذلك حين أنزل الله أن يخيرهن قال الزهري وما علمنا رسول الله أرجى منهن أحد ولقد آواهن كلهن حتى مات قال معمر وقال قتادة جعله في حل أن يدع من شاء منهن ويؤوي إليه من يشاء بغير قسم وكان رسول الله يقسم). [تفسير عبد الرزاق: 2/118]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر وأخبرني من سمع الحسن يقول كان النبي إذا خطب امرأة فليس لأحد أن يخطبها حتى يتزوجها رسول الله أو يدعها ففي ذلك أنزلت ترجي من تشاء منهن الآية). [تفسير عبد الرزاق: 2/118]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن منصور عن أبي رزين في قوله ترجي من تشاء منهن قال المرجيات ميمونة وسودة وصفية وجويرية وأم حبيبة وكانت عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب سواء في قسم النبي وكان النبي يساوي بينهن في القسم). [تفسير عبد الرزاق: 2/120]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال كان النبي يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا فيما أطيق وأملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك). [تفسير عبد الرزاق: 2/120]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أيوب أن عائشة قالت للنبي فلا تخبر أزواجك أني اخترتك فقال النبي يا عائشة إنما بعثت مبلغا ولم أبعث متعنتا). [تفسير عبد الرزاق: 2/120]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى ذلك أدنى أن تقر أعينهن قال كان النبي موسعا عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف يشاء فذلك قوله تعالى ذلك أدنى أن تقر أعينهن إذا علمن أن ذلك من الله). [تفسير عبد الرزاق: 2/120]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب قوله: (ترجئ من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك)
قال ابن عبّاسٍ: (ترجئ) : «تؤخّر» أرجئه: «أخّره»
- حدّثنا زكريّاء بن يحيى، حدّثنا أبو أسامة، قال هشامٌ: حدّثنا عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «كنت أغار على اللّاتي وهبن أنفسهنّ لرسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وأقول أتهب المرأة نفسها؟» فلمّا أنزل اللّه تعالى: (ترجئ من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك) قلت: ما أرى ربّك إلّا يسارع في هواك
- حدّثنا حبّان بن موسى، أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا عاصمٌ الأحول، عن معاذة، عن عائشة رضي اللّه عنها: " أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم كان يستأذن في يوم المرأة منّا، بعد أن أنزلت هذه الآية: (ترجئ من تشاء منهنّ، وتؤوي إليك من تشاء، ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك) " فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن كان ذاك إليّ فإنّي لا أريد يا رسول اللّه، أن أوثر عليك أحدًا تابعه عبّاد بن عبّادٍ، سمع عاصمًا). [صحيح البخاري: 6/117-118]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله ترجئ من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك)
كذا للجميع وسقط لفظ بابٍ لغير أبي ذرٍّ وحكى الواحديّ عن المفسّرين أنّ هذه الآية نزلت عقب نزول آية التّخيير وذلك أنّ التّخيير لمّا وقع أشفق بعض الأزواج أن يطلّقهنّ ففوّضن أمر القسم إليه فأنزلت ترجى من تشاء الآية قوله قال بن عبّاس ترجئ تؤخر وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ به قوله أرجه أخّره هذا من تفسير الأعراف والشّعراء ذكره هنا استطرادًا وقد وصله بن أبي حاتمٍ أيضًا من طريق عطاءٍ عن بن عبّاس قال في قوله أرجه وأخاه قال أخّره وأخاه
- قوله حدّثنا زكريّا بن يحيى هو الطّائيّ وقيل البلخيّ وقد تقدّم بيان ذلك في العيدين قوله حدّثنا أبو أسامة قال هشامٌ حدّثنا هو من تقديم المخبر على الصّيغة وهو جائزٌ قوله كنت أغار كذا وقع بالغين المعجمة من الغيرة ووقع عند الإسماعيليّ من طريق محمّد بن بشرٍ عن هشام بن عروة بلفظ كانت تعيّر اللّاتي وهبن أنفسهنّ بعينٍ مهملةٍ وتشديدٍ قوله وهبن أنفسهنّ هذا ظاهرٌ في أنّ الواهبة أكثر من واحدةٍ ويأتي في النّكاح حديث سهل بن سعدٍ أنّ امرأةً قالت يا رسول اللّه إنّي وهبت نفسي لك الحديث وفيه قصّة الرّجل الّذي طلبها قال التمس ولو خاتمًا من حديدٍ ومن حديث أنسٍ أنّ امرأةً أتت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت له إنّ لي ابنةً فذكرت من جمالها فآثرتك بها فقال قد قبلتها فلم تزل تذكر حتّى قالت لم تصدع قطّ فقال لا حاجة لي في ابنتك وأخرجه أحمد أيضًا وهذه امرأةٌ أخرى بلا شكّ وعند بن أبي حاتمٍ من حديث عائشة الّتي وهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هي خولة بنت حكيمٍ وسيأتي الكلام عليه في كتاب النّكاح فإنّ البخاريّ أشار إليه معلّقًا ومن طريق الشّعبيّ قال من الواهبات أمّ شريكٍ وأخرجه النّسائيّ من طريق عروة وعند أبي عبيدة معمر بن المثنّى أنّ من الواهبات فاطمة بنت شريحٍ وقيل إنّ ليلى بنت الحطيم ممّن وهبت نفسها له ومنهنّ زينب بنت خزيمة جاء عن الشّعبيّ وليس بثابتٍ وخولة بنت حكيمٍ وهو في هذا الصّحيح ومن طريق قتادة عن بن عبّاسٍ قال الّتي وهبت نفسها للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم هي ميمونة بنت الحارث وهذا منقطعٌ وأورده من وجهٍ آخر مرسلٍ وإسناده ضعيفٌ ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن بن عبّاسٍ لم يكن عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم امرأةٌ وهبت نفسها له أخرجه الطّبريّ وإسناده حسنٌ والمراد أنّه لم يدخل بواحدةٍ ممّن وهبت نفسها له وإن كان مباحًا له لأنّه راجعٌ إلى إرادته لقوله تعالى إن أراد النّبيّ أن يستنكحها وقد بيّنت عائشة في هذا الحديث سبب نزول قوله تعالى ترجي من تشاء منهنّ وأشارت إلى قوله تعالى وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبي وقوله تعالى قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وروى بن مردويه من حديث بن عمر ومن حديث بن عبّاسٍ أيضًا قال فرض عليهم أن لا نكاح إلّا بوليٍّ وشاهدين قوله ما أرى ربّك إلّا يسارع في هواك أي ما أرى اللّه إلّا موجدًا لما تريد بلا تأخيرٍ منزلًا لما تحبّ وتختار وقوله ترجي من تشاء منهنّ أي تؤخّرهنّ بغير قسمٍ وهذا قول الجمهور وأخرجه الطّبريّ عن بن عبّاسٍ ومجاهدٍ والحسن وقتادة وأبي رزينٍ وغيرهم وأخرج الطّبريّ أيضًا عن الشّعبيّ في قوله ترجى من تشاء منهنّ قال كنّ نساءً وهبن أنفسهنّ للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فدخل ببعضهنّ وأرجأ بعضهنّ لم ينكحهنّ وهذا شاذٌّ والمحفوظ أنّه لم يدخل بأحدٍ من الواهبات كما تقدّم وقيل المراد بقوله ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء أنّه كان همّ بطلاق بعضهنّ فقلن له لا تطلّقنا واقسم لنا ما شئت فكان يقسم لبعضهنّ قسمًا مستويًا وهنّ اللّاتي آواهنّ ويقسم للباقي ما شاء وهنّ اللّاتي أرجأهنّ فحاصل ما نقل في تأويل ترجي أقوالٌ أحدها تطلّق وتمسك ثانيها تعتزل من شئت منهنّ بغير طلاقٍ وتقسم لغيرها ثالثها تقبل من شئت من الواهبات وتردّ من شئت وحديث الباب يؤيّد هذا والّذي قبله واللّفظ محتملٌ للأقوال الثّلاثة وظاهر ما حكته عائشة من استئذانه أنّه لم يرج أحدًا منهنّ بمعنى أنّه لم يعتزل وهو قول الزّهريّ ما أعلم أنّه أرجأ أحدًا من نسائه أخرجه بن أبي حاتمٍ وعن قتادة أطلق له أن يقسم كيف شاء فلم يقسم إلّا بالسّويّة
- قوله يستأذن المرأة في اليوم أي الّذي يكون فيه نوبتها إذا أراد أن يتوجّه إلى الأخرى قوله تابعه عبّاد بن عبّادٍ سمع عاصمًا وصله بن مردويه في تفسيره من طريق يحيى بن معينٍ عن عبّاد بن عبّادٍ ورويناه في الجزء الثّالث من حديث يحيى بن معينٍ رواية أبي بكرٍ المروزيّ عنه من طريق المصريّين إلى المروزيّ تكميلٌ اختلف في المنفيّ في قوله تعالى في الآية الّتي تلي هذه الآية وهي قوله لا تحلّ لك النّساء من بعد هل المراد بعد الأوصاف المذكورة فكان يحلّ له صنفٌ دون صنفٍ أو بعد النّساء الموجودات عند التّخيير على قولين وإلى الأوّل ذهب أبيّ بن كعبٍ ومن وافقه أخرجه عبد اللّه بن أحمد في زيادات المسند وإلى الثّاني ذهب بن عبّاسٍ ومن وافقه وأنّ ذلك وقع مجازاةً لهنّ على اختيارهنّ إيّاه نعم الواقع أنّه صلّى اللّه عليه وسلّم لم يتجدّد له تزوّج امرأةٍ بعد القصّة المذكورة لكنّ ذلك لا يرفع الخلاف وقد روى التّرمذيّ والنّسائيّ عن عائشة ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له النّساء وأخرج بن أبي حاتمٍ عن أمّ سلمة رضي اللّه عنها مثله). [فتح الباري: 8/525-526]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس ترجي تؤخر أرجه أخّره
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح ثنا معاوية بن صالح عن علّي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس به
قوله فيه
- ثنا حبان بن موسى أنا عبد الله أنا عاصم الأحول عن معاذة عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد أن أنزلت هذا الآية 51 الأحزاب {ترجي من تشاء منهنّ} الحديث
تابعه عباد بن عباد سمع عاصمًا
قال أبو بكر بن مردويه في تفسيره ثنا دعلج بن أحمد ثنا يحيى بن أحمد ابن زياد ثنا يحيى بن معين ثنا عباد بن عباد عن عاصم بن معاذة عن عائشة قالت كان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يستأذنا إذا كان يوم المرأة منا بعد ما أنزلت {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} 51 الأحزاب قالت معاذة فقلت لها فكيف كنت تقولين لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم قالت أقول إن كان ذلك إليّ لم أوثر أحدا على نفسي
أنبئت عن غير واحد عن أبي القاسم بن رواحة أن أبا طاهر بن عوف أخبرهم أنا الرّازيّ أنا علّي بن محمّد أنا عبد الله بن أحمد أنا أحمد بن علّي ثنا يحيى بن معين بهذا). [تغليق التعليق: 4/285-286]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {ترجئ من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} (الأحزاب: 51)
أي: هذا باب في قوله عز وجل: {ترجئ من تشاء} إلى آخره، كذا جميع الرواة، لغير أبي ذر لفظ: باب، وحكى الواحدي عن المفسّرين: أن هذه الآية نزلت عقيب نزول آية التّخيير، وذلك أن التّخيير لما وقع أشفق بعض الأزواج أن يطلّقهنّ ففوضن أمر القسم إليه فنزلت {ترجئ من تشاء} الآية. قوله: (ترجئ) ، أي: تؤخر، قرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم: تجئ بغير همزة والباقون بالهمزة، وهما لغتان (وتؤوي) من الإيواء أي: تضم قوله: (ومن ابتغيت) ، أي: طلبت وأردت إصابتها ممّن عزلت فأصبتها وجامعتها بعد العزل فلا جناح عليك، فأباح الله تعالى لك ترك القسم لهنّ حتّى إنّه ليؤخر من شاء منهنّ في وقت نوبتها فلا يطؤها ويطأ من يشاء منهنّ في غير نوبتها، وله أن يردها إلى فراشه من غير عزلها، فلا جناح عليه فيما فعل تفضيلًا له على سائر الرّجال وتخفيفا عنه.
قال ابن عبّاسٍ: ترجىء: تؤخّر أرجئه أخّره
أي: قال ابن عبّاس: معنى ترجئ، ووصله ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه، وهذا خص به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (أرجئه: أخّره) ، هذا في سورة الأعراف والشعراء، ذكره هنا استطرادًا.
- حدّثني زكريّاء بن يحيى حدّثنا أبو أسامة قال هشامٌ حدّثنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغار على اللاّتي وهبن أنفسهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول أتهب المرأة نفسها فلمّا أنزل الله تعالى: {ترجئ من تشاء منهنّ وتؤوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} قلت ما أرى ربّك إلاّ يسارع في هواك.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وزكريا بن يحيى أبو السكين الطّائي الكوفي، وأبو أسامة حمّاد بن أسامة، وهشام بن عروة بن الزبير.
قوله: (قال هشام: حدثنا عن أبيه) ، تقديره: قال: حدثنا هشام عن أبيه، وهذا جائز عندهم.
والحديث أخرجه مسلم في النّكاح عن أبي كريب. وأخرجه النّسائيّ فيه وفي عشرة النّساء وفي التّفسير عن محمّد بن عبد الله بن المبارك المخزومي، ثلاثتهم عن أبي أسامة.
قوله: (أغار) بالغين المعجمة معناه هنا أعيب، والدّليل عليه ما رواه الإسماعيليّ بلفظ كانت تعير اللّاتي، بالعين المهملة
قوله: (اللّاتي وهبن) ظاهره أن الواهبة أكثر من واحدة؟ منهنّ: خولة بنت حكيم، رواه ابن أبي حاتم، ومنهن: أم شريك رواه الشّعبيّ، ومنهن: فاطمة بنت شريح، رواه أبو عبيدة، ومنهن: ليلى بنت الحطيم، رواه بعضهم، ومنهن: ميمونة بنت الحارث، رواه قتادة عن ابن عبّاس وهو منقطع. قوله: (ما أرى) ربك إلى آخره أي: ما أرى الله إلّا موجدا لمرادك بلا تأخير منزلا لما تحب وترضاه.
- حدّثنا حبّان بن موسى أخبرنا عبد الله أخبرنا عاصمٌ الأحول عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منّا بعد أن أنزلت هاذه الآية: {ترجىء من تشاء منهنّ وتؤوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} (الأحزاب: 51) فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له إن كان ذاك إليّ فإنّي لا أريد يا رسول الله أن أوتر عليك أحدا.
مطابقته للتّرجمة ظاهرة، وحبان: بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة: ابن موسى أبو محمّد السّلميّ المروزي، وعبد الله هو ابن المبارك المروزي، وعاصم بن سليمان الأحول المصريّ، ومعاذ، بضم الميم وبالعين المهملة والذال المعجمة بنت عبد الله العدوية البصرية.
والحديث أخرجه مسلم في الطّلاق عن شريح بن يونس، وعن الحسن بن عيسى. وأخرجه أبو داود في النّكاح عن يحيى بن معين ومحمّد بن الطباع، وأخرجه النّسائيّ في عشرة النّساء عن محمّد بن عامر المصّيصي.
قوله: (كان يستأذن في يوم المرأة) بإضافة يوم إلى المرأة ويروى في اليوم المرأة بنصب المرأة ويروى: يستأذن المرأة في اليوم أي: اليوم الّذي تكون فيه نوبتها إذا أراد أن يتوجّه إلى الأخرى. قوله: (ما كنت) ؟ استفهام. قوله: (له) أي: للنّبي، صلى الله عليه وسلم، قوله: (إن كان ذاك) أي: الاستئذان.
تابعه عبّاد بن عبّادٍ سمع عاصما

أي: تابع عبد الله عباد بن عباد، بتشديد الياء الموحدة فيهما، أبو معاوية المهلبي، ووصله ابن مردويه في تفسيره من طريق يحيى بن معين عن عباد بن عباد). [عمدة القاري: 19/119-120]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} قال ابن عبّاسٍ: ترجي: تؤخّر. أرجه: أخّره
(باب قوله) عز وجل: ({ترجي}) تؤخر ({من تشاء منهن}) من الواهبات ({وتؤوي}) وتضم ({إليك من تشاء})، منهن ({ومن ابتغيت}) ومن طلبت ({ممن عزلت}) رددت أنت
منهن فيه بالخيار إن شئت عدت فيه فآويته ({فلا جناح عليك}) [الأحزاب: 51] في شيء من ذلك. قال عامر الشعبي: كن نساء وهبن أنفسهن له -صلّى اللّه عليه وسلّم- فدخل ببعض وأوجأ بعضًا منهن أم شريك وهذا شاذ والمحفوظ أنه لم يدخل بأحد من الواهبات ما سيأتي قريبًا في هذا الباب إن شاء الله تعالى، أو المراد بالإرجاء والإيواء القسم وعدمه لأزواجه أي إن شئت تقسم لهن أو لبعضهن وتقدم من شئت وتؤخر من شئت وتجامع من شئت وتترك من شئت، كذا روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم، وذلك لأنه -صلّى اللّه عليه وسلّم- بالنسبة إلى أمته نسبة السيد المطاع إلى عبده، ومن ثم قال جماعة من الفقهاء من الشافعية وغيرهم لم يكن القسم واجبًا عليه صلوات الله وسلامه عليه، وقد قال أبو رزين وابن زيد نزلت الآية عقب آية التخيير ففوّض الله تعالى أمرهن إليه يفعل فيهن ما يشاء من قسم وتفضيل بعض في النفقة وغيرها فرضين بذلك واخترنه على هذا الشرط -رضي الله عنه- ومع ذلك قسم اختيارًا منه لا على سبيل الوجوب وسوى بينهن وعدل فيهن كذلك.
وحديث الباب الأوّل يقتضي إن الآية نزلت في الواهبات، والثاني في أزواجه، واختار ابن جرير أن الآية عامة في الواهبات واللاتي عنده وهو اختيار حسن جامع للأحاديث.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه (ترجي) أي (تؤخر) وقوله: (أرجه) في الأعراف والشعراء أي (أخره) وذكره استطرادًا وهو من تفسير ابن عباس فيما رواه ابن أبي حاتم.
- حدّثنا زكريّا بن يحيى، حدّثنا أبو أسامة قال هشامٌ: حدّثنا عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أغار على اللاّتي وهبن أنفسهنّ لرسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلمّا أنزل اللّه تعالى {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} قلت: ما أرى ربّك إلاّ يسارع في هواك. [الحديث 4788 - طرفه: 5113].
وبه قال: (حدّثنا زكريا بن يحيى) أبو السكين الطائي الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة: (قال هشام) هو ابن عروة (حدّثنا) قال في الفتح فيه تقديم المخبر على الصيغة وهو جائز وتقديره قال: حدّثنا هشام (عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوّام (عن عائشة - رضي الله عنها-) أنها (قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) كذا روي بالغين المعجمة من الغيرة وهي الحمية والأنفة. وعند الإسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن بعين مهملة وتشديد التحتية (وأقول: أتهب المرأة نفسها) وظاهر قوله وهبن أن الواهبة أكثر من واحدة منهن خولة بنت حكيم وأم شريك وفاطمة بنت شريح وزينب بنت خزيمة كما سيأتي في النكاح إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك. وفي حديث سماك عن عكرمة
عن ابن عباس عند الطبري بإسناد حسن لم يكن عند رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- امرأة وهبت نفسها له، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبن أنفسهن له وإن كان مباحًا له لأنه راجع إلى إرادته (فلما أنزل الله تعالى {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} قلت ما أرى): بضم الهمزة أي ما أظن (ربك إلا يسارع في هواك) أي إلا موجدًا لك مرادك بلا تأخير.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في النكاح والنسائي فيه وفي عشرة النساء والتفسير.
- حدّثنا حبّان بن موسى، أخبرنا عبد اللّه أخبرنا عاصمٌ الأحول عن معاذة عن عائشة -رضي الله عنها-: أنّ رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يستأذن في يوم المرأة منّا بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت كنت أقول له: إن كان ذاك إليّ فإنّي لا أريد يا رسول اللّه أن أوثر عليك أحدًا. تابعه عبّاد بن عبّادٍ سمع عاصمًا.
وبه قال: (حدّثنا حبان بن موسى) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة السلمي المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك قال: (أخبرنا عاصم) هو ابن سليمان (الأحول) البصري (عن معاذة) بنت عبد الله العدوية (عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- كان يستأذن في يوم المرأة منا) بإضافة يوم إلى المرأة أي يوم نوبتها إذا أراد أن يتوجه إلى الأخرى (بعد أن أنزلت هذه الآية {ترجي من نشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك}) قالت معاذة: (فقلت لها) أي لعائشة مستفهمة: (ما كنت تقولين؟) له عليه الصلاة والسلام (قالت: كنت أقول له إن كان ذاك) الاستئذان (إليّ فإني لا أريد يا رسول الله أن أؤثر عليك أحدًا) وظاهره أنه عليه الصلاة والسلام لم يرجئ أحدًا منهن وهو قول الزهري فيما أخرجه ابن أبي حاتم ما أعلم أنه أرجى أحدًا من نسائه. (وتابعه) أي تابع عبد الله بن المبارك (عباد بن عباد) بفتح العين والموحدة المشددة فيهما أبو معاوية المهلبي فيما وصله ابن مردويه في تفسيره فقال: إنه (سمع عاصمًا) الأحول.
والحديث أخرجه مسلم في الطلاق وأبو داود في النكاح والنسائي في عشرة النساء). [إرشاد الساري: 7/297-298]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {ترجئ من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك}
قوله: (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ) قال الطيبي، أي: أعيب عليهن لأن من غار عاب، ويدل عليه قولها: أتهب المرأة الخ. وهو ههنا تقبيح، وتنفير لئلا تهب النساء أنفسهن له صلى الله تعالى عليه وسلم، فتكثر النساء عنده. قال القرطبي: وسبب ذلك القول الغيرة، وإلا فقد علمت أن الله سبحانه أباح له هذا خاصة، وأن النساء معذورات، ومشكورات في ذلك لعظيم بركته صلى الله تعالى عليه وسلم، وأي منزلة أشرف من القرب منه لا سيما مخالطة اللحوم، ومشابكة الأعضاء، انتهى، وقولها: قلت: ما أرى ربك الخ، كناية عن ترك التنفير والتقبيح لما رأت من مسارعة الله تعالى في مرضاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، أي: كنت أنفر النساء عن ذلك، فلما رأيت الله جل ذكره يسارع في مرضاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تركت ذلك لما فيه من الإخلال بمرضاته صلى الله تعالى عليه وسلم، والله تعالى أعلم.
وقيل: قولها المذكور أبرزته الغيرة والدلال وإلا فإضافة الهوى إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم غير مناسب، فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم منزه عن الهوى لقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى}، وهو ممن ينهى النفس عن الهوى، ولو قالت في مرضاتك كان أولى اهـ، والله تعالى أعلم اهـ سندي). [حاشية السندي على البخاري: 3/65]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله بن المبارك، حدّثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: " كنت أغار على اللّاتي وهبن أنفسهنّ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فأقول: أوتهب المرأة نفسها؟، فأنزل الله تعالى {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51]، قلت: والله ما أرى ربّك إلّا يسارع لك في هواك "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/223]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ واللّه يعلم ما في قلوبكم وكان اللّه عليمًا حليمًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} فقال بعضهم: عنى بقوله: ترجي: تؤخّر، وبقوله: تؤوي: تضمّ
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ترجي من تشاء منهنّ} يقول: تؤخّر.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ترجي من تشاء منهنّ} قال: تعزل بغير طلاقٍ من أزواجك من تشاء {وتؤوي إليك من تشاء} قال: تردّها إليك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} قال: فجعله اللّه في حلٍّ من ذلك أن يدع من يشاء منهنّ، ويأتي من يشاء منهنّ بغير قسمٍ، وكان نبيّ اللّه يقسم.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، قال: حدّثنا عمرٌو، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} قال: لمّا أشفقن أن يطلّقهنّ، قلن: يا نبيّ اللّه، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت؛ فكان ممّن أرجأ منهنّ سودة بنت زمعة، وجويرية، وصفيّة، وأمّ حبيبة، وميمونة؛ وكان ممّن آوى إليه: عائشة، وأمّ سلمة، وحفصة، وزينب.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول، في قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} فما شاء صنع في القسمة بين النّساء، أحلّ اللّه له ذلك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جرير عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، في قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} وكان ممّن آوى عليه الصّلاة والسّلام: عائشة، وحفصة، وزينب، وأمّ سلمة، فكان قسمه من نفسه لهنّ سوى قسمةً؛ وكان ممّن أرجى: سودة، وجويرية، وصفيّة، وأمّ حبيبة، وميمونة، فكان يقسم لهنّ ما شاء، وكان أراد أن يفارقهنّ، فقلن: اقسم لنا من نفسك ما شئت، ودعنا نكون على حالنا.
وقال آخرون: معنى ذلك: تطلّق وتخلي سبيل من شئت من نسائك، وتمسك من شئت منهنّ فلا تطلّق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ترجي من تشاء منهنّ} أمّهات المؤمنين {وتؤوي إليك من تشاء} يعني: نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ويعني بالإرجاء: يقول: من شئت خلّيت سبيله منهنّ، ويعني بالإيواء: يقول: من أحببت: أمسكت منهنّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: تترك نكاح من شئت، وتنكح من شئت من نساء أمّتك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: قال الحسن في قوله: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} قال: كان نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا خطب امرأةً لم يكن لرجلٍ أن يخطبها حتّى يتزوّجها أو يتركها.
وقيل: إنّ ذلك إنّما جعل اللّه لنبيّه حين غار بعضهنّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وطلب بعضهنّ من النّفقة زيادةً على الّذي كان يعطيها، فأمره اللّه أن يخيّرهنّ بين الدّار الدّنيا والآخرة، وأن يخلّي سبيل من اختار الحياة الدّنيا وزينتها، ويمسك من اختار اللّه ورسوله؛ فلمّا اخترن اللّه ورسوله قيل لهنّ: أقررن الآن على الرّضا باللّه وبرسوله، قسم لكنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أولم يقسم، أو قسم لبعضكنّ، ولم يقسم لبعضكنّ، وفضّل بعضكنّ على بعضٍ في النّفقة، أولم يفضّل، سوّى بينكنّ، أولم يسوّ، فإنّ الأمر في ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ليس لكم من ذلك شيءٌ. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما ذكر مع ما جعل اللّه له من ذلك، يسوّي بينهنّ في القسم، إلاّ امرأةً منهنّ أراد طلاقها، فرضيت بترك القسم لها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، قال: لما أراد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أن يطلّق أزواجه، قلن له: أفرض لنا من نفسك ومالك ما شئت، فأمره اللّه فآوى أربعًا، وأرجى خمسًا.
- حدّثنا سفيان بن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنّها قالت: أما تستحيي المرأة أن تهب نفسها للرّجل حتّى أنزل اللّه. {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} فقلت: إنّ ربّك ليسارع في هواك.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بشرٍ يعني العبديّ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنّها كانت تعيّر النّساء اللاّتي وهبن أنفسهنّ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالت: أما تستحيي امرأة أن تعرض نفسها بغير صداقٍ، فنزلت، أو فأنزل اللّه: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي} إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فقلت: إنّي لأرى ربّك يسارع لك في هواك.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قول اللّه: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} الآية قال: كان أزواجه قد تغايرن على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فهجرهنّ شهرًا، ثمّ نزل التّخيير من اللّه له فيهنّ، فقرأ حتّى بلغ: {ولا تبرّجن تبرّج الجاهليّة الأولى} فخيّرهنّ بين أن يخترن أن يخلي سبيلهنّ ويسرّحهنّ وبين أن يقمن إن أردن اللّه ورسوله على أنّهنّ أمّهات المؤمنين، لا ينكحن أبدًا، وعلى أنّه يؤوي إليه من يشاء منهنّ ممّن وهبت نفسها له حتّى يكون هو يرفع رأسه إليها، ويرجي من يشاء، حتّى يكون هو يرفع رأسه إليها، ومن ابتغى ممّن هي عنده وعزل فلا جناح عليه، ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ، ويرضين إذا علمن أنّه من قضائي عليهنّ إيثار بعضهنّ على بعضٍ {ذلك أدنى أن} يرضين، قال: {ومن ابتغيت} ممّن عزلت: من ابتغى أصابه، ومن عزل لم يصبه، فخيّرهنّ بين أن يرضين بهذا، أو يفارقهنّ، فاخترن اللّه ورسوله، إلاّ امرأةً واحدةً بدويّةً ذهبت وكان على ذلك صلوات اللّه عليه، وقد شرط اللّه له هذا الشّرط، ما زال يعدل بينهنّ حتّى لقي اللّه.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه تعالى ذكره جعل لنبيّه أن يرجي من النّساء اللّواتي أحلّهنّ له من يشاء، ويؤوي إليه منهنّ من يشاء، وذلك أنّه لم يحصر معنى الإرجاء والإيواء على المنكوحات اللّواتي كنّ في حباله، عندما نزلت هذه الآية دون غيرهنّ ممّن يستحدث إيواؤها أو إرجاؤها منهنّ إذا كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: تؤخّر من تشاء ممّن وهبت نفسها لك، وأحللت لك نكاحها، فلا تقبلها ولا تنكحها، وممّن هنّ في حبالك، فلا تقربها، وتضم إليك من تشاء ممّن وهبت نفسها لك، أو أردت من النّساء الّتي أحللت لك نكاحهنّ، فتقبلها أو تنكحها، وممّن هي في حبالك فتجامعها إذا شئت، وتتركها إذا شئت بغير قسمٍ.
وقوله: {ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ومن نكحت من نسائك فجامعت ممّن لم تنكح، فعزلته عن الجماع، فلا جناح عليك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} قالا: جميعًا هذه في نسائه، إنّ شاء أتى من شاء منهنّ، ولا جناح عليه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ومن ابتغيت ممّن عزلت} قال: ومن ابتغى أصابه، ومن عزل لم يصبه.
وقال آخرون: معنى ذلك: ومن استبدلت ممّن أرجيت، فخلّيت سبيله من نسائك، أو ممّن مات منهنّ ممّن أحللت لك فلا جناح عليك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ} يعني بذلك: النّساء اللاّتي أحلّ اللّه له من بنات العمّ والعمّة والخال والخالة {اللاّتي هاجرن معك} يقول: إن مات من نسائك اللاّتي عندك أحدٌ، أو خلّيت سبيله، فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاّتي أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاّتي كنّ عندك، أو خلّيت سبيله منهنّ، ولا يصلح لك أن تزداد على عدّة نسائك اللاّتي عندك شيئًا.
وأولى التّأويلين بالصّواب في ذلك، تأويل من قال: معنى ذلك: ومن ابتغيت إصابته من نسائك {ممّن عزلت} عن ذلك منهنّ {فلا جناح عليك} لدلالة قوله: {ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ} على صحّة ذلك، لأنّه لا معنى لأن تقرّ أعينهنّ إذا هو صلّى اللّه عليه وسلّم استبدل بالميّتة أو المطلّقة منهنّ، إلاّ أن يعني بذلك: ذلك أدنى أن تقرّ أعين المنكوحة منهنّ، وذلك ممّا يدلّ عليه ظاهر التّنزيل بعيدٌ.
وقوله: {ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ} يقول: هذا الّذي جعلت لك يا محمّد من إذني لك أن ترجي من تشاء من النّساء اللّواتي جعلت لك إرجاءهنّ، وتؤوي من تشاء منهنّ، ووضعي عنك الحرج في ابتغائك إصابة من ابتغيت إصابته من نسائك، وعزلك عن ذلك من عزلت منهنّ، أقرب لنسائك {أن تقرّ أعينهنّ به ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ} من تفضيل من فضّلت من قسمٍ، أو نفقةٍ وإيثار من آثرت منهم بذلك على غيره من نسائك، إذا هنّ علمن أنّه من رضاي منك بذلك، وإذني لك به، وإطلاقٍ منّي لا من قبلك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ذلك أدنى أن تقرّ، أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ} إذا علمن أنّ هذا جاء من اللّه لرخصةٍ، كان أطيب لأنفسهنّ، وأقلّ لحزنهنّ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله ذلك، نحوه.
والصّواب من القراءة في قوله: {بما آتيتهنّ كلّهنّ} الرّفع غير جائزٍ غيره عندنا، وذلك أنّ كلّهنّ ليس بنعتٍ للهاء في قوله {آتيتهنّ}، وإنّما معنى الكلام: ويرضين كلّهنّ، فإنّما هو توكيدٌ لما في يرضين من ذكر النّساء؛ وإذا جعل توكيدًا للهاء الّتي في آتيتهنّ لم يكن له معنًى، والقراءة بنصبه غير جائزةٍ لذلك، ولإجماع الحجّة من القرّاء على تخطئة قارئه كذلك
وقوله: {واللّه يعلم ما في قلوبكم} يقول: واللّه يعلم ما في قلوب الرّجال من ميلها إلى بعض من عنده من النّساء دون بعضٍ بالهوى والمحبّة؛ يقول: فلذلك وضع عنك الحرج يا محمّد فيما وضع عنك من ابتغاء من ابتغيت منهنّ، ممّن عزلت تفضّلاً منه عليك بذلك وتكرمةً {وكان اللّه عليمًا} يقول: وكان اللّه ذا علمٍ بأعمال عباده، وغير ذلك من الأشياء كلّها {حليمًا} يقول: ذا حلمٍ على عباده، أن يعاجل أهل الذّنوب منهم بالعقوبة، ولكنّه ذو حلمٍ وأناةٍ عنهم، ليتوب من تاب منهم، وينيب من ذنوبه من أناب منهم). [جامع البيان: 19/138-146]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيمنا آدم نا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما نزلت ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء إلى آخر الآية قالت يا رسول الله ما أرى ربك إلا سارع في هواك). [تفسير مجاهد: 518-519]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم ثنا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ترجي من تشاء منهن يقول تعزل بغير طلاق من أزواجك من تشاء وتؤوي إليك من تشاء يقول ترد إليك من شئت ممن أرجيت). [تفسير مجاهد: 519]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثنا أبو عبد اللّه محمّد بن يعقوب الحافظ إملاءً، ثنا محمّد بن عبد الوهّاب، أنبأ محاضر بن المورّع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّها كانت تقول لنساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ما تستحيي المرأة أن تهب نفسها؟ فأنزل اللّه هذه الآية في نساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51] فقالت عائشة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «أرى ربّك يسارع لك في هواك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه بهذه السّياقة "). [المستدرك: 2/474]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ م د س) عائشة - رضي الله عنها -: قال عروة: كانت خولة بنت حكيمٍ من اللاتي وهبن أنفسهنّ للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشة: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل، فلما نزلت: {ترجي من تشاء منهنّ} قلت: يا رسول الله، ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك. وفي أخرى، قالت: كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر نحوه. وفي أخرى، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منّا، بعد أن نزلت هذه الآية: {ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك} فقلت لها: ما كنت تقولين؟ قالت: كنت أقول له: إن كان ذلك إليّ، فإنّي لا أريد يا رسول الله أن أوثر عليك أحداً. وفي رواية: لم أوثر على نفسي أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، ووافقهم على الرواية الثالثة، أبو داود.
[شرح الغريب]
(ترجي) الإرجاء: التأخير). [جامع الأصول: 2/318-319]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيناهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حكيما.
أخرج ابن جرير عن ابن عباس {ترجي من تشاء} يقول: تؤخر). [الدر المنثور: 12/94]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {ترجي من تشاء منهن} قال: أمهات المؤمنين {وتؤوي} يعني نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم ويعني بالارجاء يقول: من شئت خليت سبيله منهن ويعني بالايواء يقول: من أحببت أمسكت منهن، وقوله {ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن} يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة والخال والخالة وقوله {اللاتي هاجرن معك} يقول: ان مات من نسائك التي عندك أحد أو خليت سبيلها قد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك أو خليت سبيلها فقد أحللت لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك ولا يصلح لك ان تزد على عدة نسائك اللاتي عندك شيئا، وخ ابن مردويه عن مجاهد قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة فخشينا ان يطلقهن فقلن: يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك وما شئت ولا تطلقنا فانزل الله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} إلى آخر الآية، قال: وكان المؤويات خمسة: عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، وأم حبيبة، والمرجآت أربعة: جويرية، وميمونة، وسودة، وصفية). [الدر المنثور: 12/94-95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها فارجأها فيمن أرجا من نسائه). [الدر المنثور: 12/95]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعا عليه في قسم أزواجه يقسم بينهن كيف شاء وذلك قوله الله {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} اذا علمن ان ذلك من الله). [الدر المنثور: 12/96]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم موسعا عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء فلذلك قال الله {ذلك أدنى أن تقر أعينهن} اذا علمن ان ذلك من الله). [الدر المنثور: 12/96]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي، ان امرأة من الانصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت فيمن أرجئ). [الدر المنثور: 12/96]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن الحسن قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم اذا خطب امرأة لم يكن لرجل ان يخطبها حتى يتزوجها أو يتركها). [الدر المنثور: 12/96]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد والبخاري ومسلم، وابن جرير عن الحسن، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عائشة قالت: كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول: كيف تهب نفسها فلما أنزل الله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك} قلت: ما أرى ربك إلا يسارع في هواك). [الدر المنثور: 12/96-97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن ماجه، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تقول: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل فانزل الله في نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} فقال عائشة رضي الله عنها: أرى ربك يسارع في هواك). [الدر المنثور: 12/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت {ترجي من تشاء منهن} قلت: ان الله يسارع لك فيما تريد). [الدر المنثور: 12/97]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله عنه قال: كن وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ببعضهن وارجأ بعضهن فلم يقربن حتى توفي ولم ينكحن بعده، منهن أم شريك فذلك قوله: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} ). [الدر المنثور: 12/97-98]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي زيد رضي الله عنه قال: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يطلق من نسائه فلما رأين ذلك أتينه فقلن: لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك افرض لنا من نفسك ومالك ما شئتن فانزل الله {ترجي من تشاء منهن} نسوة يقول: تعزل من تشاء فارجأ منهن وآوى نسوة وكان ممن أرجى ميمونة، وجويرية، وأم حبيبة، وصفية، وسودة، وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء وكان ممن آوى عائشة، وحفصة، وأم سلمة، وزينب، فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء). [الدر المنثور: 12/98]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله {ترجي من تشاء} قال: هذا أمر جعله الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في تأديبه نساءه لكي يكون ذلك أقر لاعينهن وأرضى في عيشتهن ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ منهن شيئا ولا عزله بعد أن خيرهن فاخترنه). [الدر المنثور: 12/98]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال: هم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يطلق بعض نسائهن فجعلنه في حل فنزلت {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} ). [الدر المنثور: 12/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {ترجي من تشاء منهن} قال: تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه بغير طلاق {وتؤوي إليك من تشاء} قال: ترده اليك {ومن ابتغيت ممن عزلت} أن تؤويه اليك ان شئت). [الدر المنثور: 12/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {ترجي} قال: تؤخر). [الدر المنثور: 12/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: لم يكن النّبيّ صلى الله عليه وسلم يطلق كان يعتزل). [الدر المنثور: 12/99]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستأذن في يوم المرأة منا بعد ان أنزلت هذه الآية {ترجي من تشاء منهن} فقلت لها: ما كنت تقولين قالت: كنت أقول له: ان كان ذاك الي فاني لا أريد ان أوثر عليك أحدا). [الدر المنثور: 12/99-100]

تفسير قوله تعالى: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا (52) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الحسن في قوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد هؤلاء اللاتي عندك قال الحسن لما خيرهن فاخترن الله ورسوله قصر عليهن فقال لا يحل لك النساء من بعد اللاتي عندك.
عن معمر وقال الزهري قبض النبي وما نعلمه يتزوج النساء. [تفسير عبد الرزاق: 2/121]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن الكلبي قال لا يحل لك النساء من بعد يقول ما قص الله عليك من بنات العم وبنات الخال وبنات وبنات). [تفسير عبد الرزاق: 2/121]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبدٌ، قال: حدّثنا روحٌ، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشبٍ، قال: قال ابن عبّاسٍ: نهي رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم عن أصناف النّساء إلاّ ما كان من المؤمنات المهاجرات قال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك}, فأحلّ اللّه فتياتكم المؤمنات {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ}، وحرّم كلّ ذات دينٍ غير الإسلام، ثمّ قال: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين} وقال: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك} إلى قوله: {خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرّم ما سوى ذلك من أصناف النّساء.
هذا حديثٌ حسنٌ، إنّما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام سمعت أحمد بن الحسن يذكر عن أحمد بن حنبلٍ، قال: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشبٍ). [سنن الترمذي: 5/208-209]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {لا يحلّ لك النّساء من بعد}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله، أخبرنا أبو هشامٍ، حدّثنا وهيبٌ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عبيد بن عميرٍ، عن عائشة، قالت: «ما توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أحلّ الله له أن يتزوّج من النّساء ما شاء»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/223]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك وكان اللّه على كلّ شيءٍ رقيبًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله تعالى: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء من بعد نسائك اللاّتي خيّرتهنّ، فاخترن اللّه ورسوله والدّار الآخرة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد}الآية إلى: {رقيبًا} قال: نهي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتزوّج بعد نسائه الأوّل شيئًا.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {لا يحلّ لك النّساء من بعد}.. إلى قوله: {إلاّ ما ملكت يمينك} قال: لما خيّرهنّ، فاخترن اللّه ورسوله والدّار الآخرة قصره عليهنّ، فقال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} وهنّ التّسع الّتي اخترن اللّه ورسوله.
وقال آخرون: إنّما معنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء بعد الّتي أحللنا لك بقولنا {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله: {اللاّتي هاجرن معك وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ} وكأنّ قائلي هذه المقالة وجّهوا الكلام إلى أنّ معناه: لا يحلّ لك من النّساء إلاّ الّتي أحللناها لك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن محمّد بن أبي موسى، عن زيادٍ، قالا لأبيّ بن كعبٍ: هل كان للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لو مات أزواجه أن يتزوّج؟ قال: ما كان يحرم عليه ذلك؛ فقرأت عليه هذه الآية: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} قال: فقال: أحلّ له ضربًا من النّساء، وحرّم عليه ما سواهنّ؛ أحلّ له كلّ امرأةٍ آتى أجرها، وما ملكت يمينه ممّا أفاء اللّه عليه، وبنات عمّه وبنات عمّاته، وبنات خاله وبنات خالاته، وكلّ امرأةٍ وهبت نفسها له إن أراد أن يستنكحها خالصةً له من دون المؤمنين.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن محمّد بن أبي موسى، عن زيادٍ الأنصاريّ قال: قلت لأبيّ بن كعبٍ: أرأيت لو مات نساء النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، أكان يحلّ له أن يتزوّج؟ قال: وما يحرّم ذلك عليه؟ قال: قلت: قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} قال: إنّما أحلّ اللّه له ضربًا من النّساء.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود بن أبي هند، قال: حدّثني محمّد بن أبي موسى، عن زيادٍ، رجلٍ من الأنصار، قال: قلت لأبيّ بن كعبٍ: أرأيت لو أنّ أزواج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم توفّين، أما كان له أن يتزوّج؟ فقال: وما يمنعه من ذلك؟ وربّما قال داود: وما يحرّم عليه ذلك؟ قلت: قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} فقال: إنّما أحلّ اللّه له ضربًا من النّساء، فقال: {يا أيّها النّبيّ إنّا أحللنا لك أزواجك} إلى قوله: {إن وهبت} نفسها للنّبيّ ثمّ قيل له: {لا يحلّ لك النّساء من بعد}.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّام بن سلمٍ، عن عنبسة، عمّن ذكره، عن أبي صالحٍ {لا يحلّ لك النّساء من بعد} قال: أمر أن لا يتزوّج أعرابيّةً ولا عربيّةً، ويتزوّج بعد من نساء تهامة، ومن شاء من بنات العمّ والعمّة والخال والخالة إن شاء ثلاثمائةٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن عكرمة {لا يحلّ لك النّساء من بعد} قال: لا يحلّ لك النّساء من بعد، هؤلاء الّتي سمّى اللّه إلاّ {بنات عمّك} الآية.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} يعني: من بعد التّسمية، يقول: لا يحلّ لك امرأةٌ إلاّ ابنة عمٍّ أو ابنة عمّةٍ، أو ابنة خالٍ أو ابنة خالةٍ، أو امرأةٍ وهبت نفسها لك، من كان منهنّ هاجر مع نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وفي حرف ابن مسعودٍ: (واللاّتي هاجرن معك) يعني بذلك: كلّ شيءٍ هاجر معه ليس من بنات العمّ والعمّة، ولا من بنات الخال والخالة.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء من غير المسلمات؛ فأمّا اليهوديّات والنّصرانيّات والمشركات فحرامٌ عليك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} لا يهوديّةٌ، ولا نصرانيّةٌ، ولا كافرةٌ.
وأولى الأقوال عندي بالصّحّة قول من قال: معنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء من بعد: بعد اللّواتي أحللتهنّ لك بقولي: {إنّا أحللنا لك أزواجك اللاّتي آتيت أجورهنّ} إلى قوله: {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنّبيّ}.
وإنّما قلت ذلك أولى بتأويل الآية، لأنّ قوله: {لا يحلّ لك النّساء} عقيب قوله: {إنّا أحللنا لك أزواجك} وغير جائزٍ أن يقول: قد أحللت لك هؤلاء، ولا يحللن لك إلاّ بنسخ أحدهما صاحبه، وعلى أن يكون وقت فرض إحدى الآيتين، فعل الأخرى منهما فإذ كان ذلك كذلك ولا برهان ولا دلالة على نسخ حكم إحدى الآيتين حكم الأخرى، ولا تقدّم تنزيل إحديهما قبل صاحبتها، وكان غير مستحيلٍ مخرجهما على الصّحّة، لم يجز أن يقال: إحداهما ناسخة الأخرى وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن لقول من قال: معنى ذلك: لا يحلّ من بعد المسلمات يهوديّةٌ ولا نصرانيّةٌ ولا كافرةٌ، معنًى مفهومٌ، إذ كان قوله {من بعد} إنّما معناه: من بعد المسمّيات المتقدّم ذكرهنّ في الآية قبل هذه الآية، ولم يكن في الآية المتقدّم فيها ذكر المسمّيات بالتّحليل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذكر إباحة المسلمات كلّهنّ، بل كان فيها ذكر أزواجه وملك يمينه الّذي يفيء اللّه عليه، وبنات عمّه وبنات عمّاته، وبنات خاله وبنات خالاته، اللاّتي هاجرن معه، وامرأةٍ مؤمنةٍ إن وهبت نفسها للنّبيّ، فتكون الكوافر مخصوصاتٍ بالتّحريم، صحّ ما قلنا في ذلك، دون قول من خالف قولنا فيه.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله {لا يحلّ لك النّساء} فقرأ ذلك عامّة قرّاء المدينة والكوفة {يحلّ} بالياء، بمعنى: لا يحلّ لك شيءٌ من النّساء بعد. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة: (لا تحلّ لك النّساء) بالتّاء، توجيهًا منه إلى أنّه فعلٌ للنّساء، والنّساء جمعٌ للكثير منهنّ.
وأولى القراءتين بالصّواب في ذلك قراءة من قرأه بالياء للعلّة الّتي ذكرت لهم، ولإجماع الحجّة من القرّاء على القراءة بها، وشذوذ من خالفهم في ذلك.
وقوله: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء من بعد المسلمات، لا يهوديّةٌ ولا نصرانيّةٌ ولا كافرةٌ، ولا أن تبدّل بالمسلمات غيرهنّ من الكوافر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} ولا أن تبدّل بالمسلمات غيرهنّ من النّصارى واليهود والمشركين ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن أبي رزينٍ، في قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك} قال: لا يحلّ لك أن تتزوّج من المشركات إلاّ من سبيت فملكته يمينك منهنّ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا أن تبدّل بأزواجك اللّواتي هنّ في حبالك أزواجًا غيرهنّ، بأن تطلّقهنّ، وتنكح غيرهنّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا عبيدٌ، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} يقول: لا يصلح لك أن تطلّق شيئًا من أزواجك ليس يعجبك، فلم يكن يصلح ذلك له.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا أن تبادل من أزواجك غيرك، بأن تعطيه زوجتك وتأخذ زوجته.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} قال: كانت العرب في الجاهليّة يتبادلون بأزواجهم يعطي هذا امرأته هذا ويأخذ امرأته، فقال: {لا يحلّ لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلاّ ما ملكت يمينك} لا بأس أن تبادل بجاريتك ما شئت أن تبادل، فأمّا الحرائر فلا؛ قال: وكان ذلك من أعمالهم في الجاهليّة.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، قول من قال: معنى ذلك: ولا أن تطلّق أزواجك فتستبدل بهنّ غيرهنّ أزواجًا.
وأنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب، لما قد بيننا قبل من أنّ قول الّذي قال معنى قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} لا يحلّ لك اليهوديّة والنّصرانيّة والكافرة، قولٌ لا وجه له.
فإذا كان ذلك كذلك فكذلك قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ} كافرةً لا معنى له، إذ كان من المسلمات من قد حرّم عليه بقوله {لا يحلّ لك النّساء من بعد} الّذي دلّلنا عليه قبل وأمّا الّذي قاله ابن زيدٍ في ذلك أيضًا، فقولٌ لا معنى له، لأنّه لو كان بمعنى المبادلة، لكانت القراءة والتّنزيل: ولا أن تبادل بهنّ من أزواجٍ، أو: ولا أن تبدّل بهنّ بضمّ التّاء؛ ولكنّ القراءة المجمع عليها {ولا أن تبدّل بهنّ} بفتح التّاء، بمعنى: ولا أن تستبدل بهنّ، مع أنّ الّذي ذكر ابن زيدٍ من فعل الجاهليّة غير معروفٍ في أمّةٍ نعلمه من الأمم: أن يبادل الرّجل آخر امرأته الحرّة بامرأته الحرّة، فيقال: كان ذلك من فعلهم، فنهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن فعلٍ مثله.
فإن قال قائلٌ: أفلم يكن لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتزوّج امرأةً على نسائه اللّواتي كنّ عنده، فيكون موجّهًا تأويل قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} إلى ما تأوّلت، أو قال: وأين ذكر أزواجه اللّواتي كنّ عنده في هذا الموضع، فتكون الهاء من قوله: {ولا أن تبدّل بهنّ} من ذكرهنّ وتوهّم أنّ الهاء في ذلك عائدةٌ على النّساء، في قوله: {لا يحلّ لك النّساء من بعد}؟
قيل: قد كان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتزوّج من شاء من النّساء اللّواتي كان اللّه أحلّهنّ له، على نسائه اللاّتي كنّ عنده يوم نزلت هذه الآية، وإنّما نهي صلّى اللّه عليه وسلّم بهذه الآية أن يفارق من كان عنده بطلاقٍ أراد به استبدال غيرها بها، لإعجاب حسن المستبدلة له بها إيّاه إذ كان اللّه قد جعلهنّ أمّهات المؤمنين وخيّرهنّ بين الحياة الدّنيا والدّار الآخرة، والرّضا باللّه ورسوله، فاخترن اللّه ورسوله والدّار الآخرة، فحرّمن على غيره بذلك، ومنع من فراقهنّ بطلاقٍ؛ فأمّا نكاح غيرهنّ فلم يمنع منه، بل أحلّ اللّه له ذلك على ما بيّن في كتابه.
وقد روي عن عائشة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لم يقبض حتّى أحلّ اللّه له نساء أهل الأرض.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عائشة، قالت: ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له النّساء؛ تعني أهل الأرض.
- حدّثني عبيد بن إسماعيل الهبّاريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن عائشة، قالت: ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له النّساء.
- حدّثنا العبّاس بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا معلّى، قال: حدّثنا وهيبٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، عن عبيد بن عمير اللّيثيّ، عن عائشة قالت: ما توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له أن يتزوّج من النّساء ما شاء.
- حدّثني أبو زيدٍ عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: أحسب عبيد بن عميرٍ حدّثني قال أبو زيدٍ، وقال أبو عاصمٍ مرّةً، عن عائشة، قالت: ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ اللّه له النّساء قال: وقال أبو الزّبيرٍ: شهدت رجلاً يحدّثه عن عطاءٍ.
- حدّثنا أحمد بن منصورٍ، قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا همّامٌ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ عن عبيد بن عميرٍ، عن عائشة، قالت: ما مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حتّى أحلّ له النّساء.
فإن قال قائلٌ: فإن كان الأمر على ما وصفت من أنّ اللّه حرّم على نبيّه بهذه الآية طلاق نسائه اللّواتي خيّرهنّ فاخترنه، فما وجه الخبر الّذي روي عنه أنّه طلّق حفصة ثمّ راجعها، وأنّه أراد طلاق سودة حتّى صالحته على ترك طلاقه إيّاها، ووهبت يومها لعائشة؟
قيل: كان ذلك قبل نزول هذه الآية.
والدّليل على صحّة ما قلنا، من أنّ ذلك كان قبل تحريم اللّه على نبيّه طلاقهنّ، الرّواية الواردة أنّ عمر دخل على حفصة معاتبها حين اعتزل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نساءه، كان من قيلةٍ لها: قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم طلّقك، فكلّمته فراجعك، فواللّه لئن طلّقك، أولو كان طلّقك لكلّمته فيك وذلك لا شكّ قبل نزول آية التّخيير، لأنّ آية التّخيير إنّما نزلت حين انقضى وقت يمين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على اعتزالهنّ.
وأمّا أمر الدّلالة على أنّ أمر سودة كان قبل نزول هذه الآية، أنّ اللّه إنّما أمر نبيّه بتخيير نسائه بين فراقه والمقام معه على الرّضا بأن لا قسم لهنّ، وأنّه يرجي من يشاء منهنّ، ويؤوي منهنّ من يشاء، ويؤثر من شاء منهنّ على من شاء، ولذلك قال له تعالى ذكره: {ومن ابتغيت ممّن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرّ أعينهنّ ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهنّ كلّهنّ}، ومن المحال أن يكون الصّلح بينها وبين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جرى على تركها يومها لعائشة في حال لا يوم لها منه.
وغير جائزٍ أن يكون كان ذلك منها إلاّ في حالٍ كان لها منه يومٌ هو لها حقٌّ كان واجبًا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أداؤه إليها، ولم يكن ذلك لهنّ بعد التّخيير لما قد وصفت قبل فيما مضى من كتابنا هذا فتأويل الكلام: لا يحلّ لك يا محمّد النّساء من بعد اللّواتي أحللتهنّ لك في الآيةٍ قبل، ولا أن تطلّق نساءك اللّواتي اخترن اللّه ورسوله والدّار الآخرة، فتبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسن من أردت أن تبدّل به منهنّ، إلاّ ما ملكت يمينك.
و{أنّ} في قوله: {أن تبدّل بهنّ} رفعًا، لأنّ معناها: لا يحلّ لك النّساء من بعد، ولا الاستبدال بأزواجك، و{إلاّ} في قوله: {إلاّ ما ملكت يمينك} استثناء من النّساء ومعنى ذلك: لا يحلّ لك النّساء من بعد اللّواتي أحللتهنّ لك، إلاّ ما ملكت يمينك من الإماء، فإنّ لك أن تملك من أيّ أجناس النّاس شئت من الإماء.
وقوله: {وكان اللّه على كلّ شيءٍ رقيبًا} يقول: وكان اللّه على كلّ شيءٍ ما أحلّ لك، وحرّم عليك، وغير ذلك من الأشياء كلّها، حفيظًا لا يعزب عنه علم شيءٍ من ذلك، ولا يؤوده حفظ ذلك كلّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال. حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وكان اللّه على كلّ شيءٍ رقيبًا} أي حفيظًا في قول الحسن وقتادة). [جامع البيان: 19/146-157]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم نا آدم ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا أن تبدل بهن من أزواج قال يعني أن تبدل بالمسلمات من غيرهن من النصارى واليهود والمشركين). [تفسير مجاهد: 519]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم العدل، ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيبٌ، حدّثني ابن جريجٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ {لا يحلّ لك النّساء من بعد، ولا أن تبدّل بهنّ} [الأحزاب: 52] قال ابن جريجٍ: فحدّثني عطاءٌ، عن عبيد بن عميرٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: «ما توفّي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى أحلّ اللّه له أن يتزوّج» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه "). [المستدرك: 2/474]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النّساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله: {لا يحل لك النّساء من بعد ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ إلا ما ملكت يمينك} فأحلّ الله فتياتكم المؤمنات {وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبيّ} وحرّم كلّ ذات دينٍ غير الإسلام، قال: {ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين} [المائدة: 5] وقال: {يا أيّها النبيّ إنا أحللنا لك أزواجك اللّاتي آتيت أجورهنّ وما ملكت يمينك ممّا أفاء اللّه عليك - إلى قوله - خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرّم ما سوى ذلك من أصناف النّساء. أخرجه الترمذي.
[شرح الغريب]
(حبط عمله) أي: بطل). [جامع الأصول: 2/320]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ} [الأحزاب: 52]
- عن أبي هريرة قال: «كان البدل في الجاهليّة أن يقول الرّجل للرّجل: بادلني امرأتك وأبادلك امرأتي. أي تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي. فأنزل اللّه عزّ وجلّ {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} [الأحزاب: 52] قال: فدخل عيينة بن حصنٍ الفزاريّ على رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - وعنده عائشة - رضي اللّه عنها - فدخل بغير إذنٍ، فقال له رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " فأين الاستئذان؟ " فقال: يا رسول اللّه، واللّه ما استأذنت على رجلٍ من مضر منذ أدركت، ثمّ قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: " هذه عائشة أمّ المؤمنين "، قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ قال: " يا عيينة، إنّ اللّه - تبارك وتعالى - قد حرّم ذلك ". قال: فلمّا خرج قالت عائشة - رحمة اللّه عليها -: من هذا؟ قال: " أحمق مطاعٌ وإنّه على ما ترين لسيّد قومه» ".
رواه البزّار، وفيه إسحاق بن عبد اللّه بن أبي فروة وهو متروكٌ). [مجمع الزوائد: 7/92]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52]
- «عن زيادٍ الأنصاريّ قال: قلت لأبيّ بن كعبٍ: لو متن نساء النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - كلّهنّ كان يحلّ له أن يتزوّج؟ قال: وما يحرّم ذلك عليه؟ قال: قلت: لقوله {لا يحلّ لك النّساء من بعد} [الأحزاب: 52] قال: إنّما أحلّ لرسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - ضربٌ من النّساء».
رواه عبد اللّه بن أحمد، وزاد: كذا رأيت في ثقات ابن حبّان زيادٌ أبو يحيى الأنصاريّ يروي عن ابن عبّاسٍ، فإن كان هو فهو ثقةٌ، والظّاهر أنّه هو، ومحمّد بن أبي موسى ذكره ابن حبّان في الثّقات، وبقيّة رجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/92-93]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا إبراهيم بن نصرٍ، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا عبد السّلام بن حربٍ، عن إسحاق بن عبد اللّه القرشيّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسارٍ، عن أبي هريرة، قال: كان البدل في الجاهليّة أن يقول الرّجل للرّجل: بادلني امرأتك وأبادلك امرأتي، أي: تنزل عن امرأتك، وأنزل لك عن امرأتي، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ولا أن تبدّل بهنّ من أزواجٍ ولو أعجبك حسنهنّ} [الأحزاب: 52]
قال: فدخل عيينة بن حصنٍ الفزاريّ على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وعنده عائشة رضي اللّه عنها، فدخل بغير إذنٍ، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «فأين الاستئذان؟» فقال: يا رسول اللّه! واللّه ما استأذنت على رجلٍ من مضر منذ أدركت، ثمّ قال: من هذه الحميراء إلى جنبك؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «هذه عائشة أمّ المؤمنين»، فقال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق؟ فقال: «يا عيينة! إنّ اللّه تبارك وتعالى قد حرّم ذلك» قال: فلمّا أن خرج، قالت عائشة رحمة اللّه عليها: من هذا؟ قال: «أحمق مطاعٌ، وإنّه على ما ترين لسيّد قومه!» قال البزّار: تفرّد به أبو هريرة، ولا له إلا هذا الإسناد، وإسحاق ليّن الحديث جدًّا، ولو علمناه عن غيره لم نروه عنه). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/65-66]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن رضي الله عنهما قالا: أمره الله أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة والجنة والنار قال الحسن رضي الله عنه: في شيء كن أردنه من الدنيا، وقال قتادة رضي الله عنه: في غيرة كانت غارتها عائشة رضي الله عنها وكان تحته يومئذ تسع نسوة خمس من قريش، عائشة، وحفصة، وأمر حبيبة بنت أبي سفيان، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة بنت أبي أمية، وكانت تحته صفية بنت حي الخيبرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق، وبدأ بعائشة رضي الله عنها فلما أختارت الله ورسوله والدار الآخرة رؤي الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتتابعن كلهن على ذلك فلما خيرهن واخترن الله ورسوله والدار الآخرة شكرهن الله تعالى على ذلك ان قال {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} فقصره الله تعالى عليهن وهن التسع اللاتي اخترن الله ورسوله). [الدر المنثور: 12/25] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا.
أخرج الفريابي والدارمي، وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه قال: قلت لأبي رضي الله عنه: أرأيت لو أن ازواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم متن أما يحل له أن يتزوج قال: وما يمنعه من ذلك قلت: قوله {لا يحل لك النساء من بعد} فقال: انما أحل له ضربا من النساء ووصف له صفة فقال {يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك} الأحزاب الآية 50 إلى قوله {وامرأة مؤمنة} ثم قال {لا يحل لك النساء من بعد} هذه الصفة). [الدر المنثور: 12/100]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه، وابن أبي حاتم والطبراني، وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك} فاحل له الفتيات المؤمنات {وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي} الأحزاب الآية 50 وحرم كل ذات دين إلا الإسلام وقال {يا أيها النّبيّ إنا أحللنا لك أزواجك} الأحزاب الآية 50 إلى قوله {خالصة لك من دون المؤمنين} وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء). [الدر المنثور: 12/100-101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: كان عكرمة رضي الله عنه يقول {لا يحل لك النساء من بعد} هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك). [الدر المنثور: 12/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي وأبو داود، وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} ما بينت لك من هذه الاصناف بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي فاحل له من هذه الاصناف ان ينكح ما شاء). [الدر المنثور: 12/101]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبه، وعبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي ان يكن أمهات المؤمنين {إلا ما ملكت يمينك} قال: هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها). [الدر المنثور: 12/101-102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله {لا يحل لك النساء من بعد} قال: يهودية ولا نصرانيه). [الدر المنثور: 12/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس {لا يحل لك النساء من بعد} قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بعد نسائه الاول شيئا). [الدر المنثور: 12/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه). [الدر المنثور: 12/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن مردويه والبيهقي في "سننه" عن أنس رضي الله عنه قال: لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال {لا يحل لك النساء من بعد} ). [الدر المنثور: 12/102]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال: لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترن الله ورسوله فانزل الله {لا يحل لك النساء من بعد} هؤلاء التسع التي اخترنك فقد حرم عليك تزويج غيرهن). [الدر المنثور: 12/102-103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد، وابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم وذلك قول الله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} ). [الدر المنثور: 12/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء}.
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس، مثله). [الدر المنثور: 12/103]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله: {لا يحل لك النساء من بعد} قال: حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه فلم يتزوج بعدهن). [الدر المنثور: 12/103-104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم الكندية وبعث في العامريات ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت أزواجه: لئن تزوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم الغرائب ماله فينا من حاجة فانزل الله تعالى حبس النّبيّ صلى الله عليه وسلم على أزواجه وأحل له من بنات العم والعمة والخال والخالة ممن هاجر ما شاء وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهي أم شريك). [الدر المنثور: 12/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي ذر رضي الله عنه {لا يحل لك النساء من بعد} قال: من المشركات إلا ما سبيت فملكته يمينك). [الدر المنثور: 12/104]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان البدل في الجاهلية ان يقول الرجل: تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي فانزل الله {ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن} قال: فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الاستئذان قال: يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الانصار منذ أدركت ثم قال: من هذه الحميراء إلى جنبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذه عائشة أم المؤمنين قال: أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق قال: يا عيينة ان الله حرم ذلك، فلما ان خرج قالت عائشة رضي الله عنها: من هذا قال: أحمق مطاع وانه على ما ترين لسيد في قومه). [الدر المنثور: 12/104-105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة: تبادل امرأتي بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك). [الدر المنثور: 12/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبه، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: ذلك لو طلقهن لم يحل له ان يستبدل وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال: ونزلت وتحته تسع نسوة ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان وجويرية بنت الحارث). [الدر المنثور: 12/105]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي الله عنه في قوله {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: قصره الله على نسائه التسع اللاتي مات عنهن قال علي: فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال: لو شاء تزوج غيرهن ولفظ عبد بن حميد فقال: بل كان له أيضا ان يتزوج غيرهن). [الدر المنثور: 12/105-106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم نزلت هذه الآية {ولا أن تبدل بهن من أزواج} قال: كان يومئذ يتزوج ما شاء). [الدر المنثور: 12/106]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وكان الله على كل شيء رقيبا} أي حفيظا). [الدر المنثور: 12/106]


رد مع اقتباس