الموضوع: إذا
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:20 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح ابن نور الدين الموزعي(ت: 825هـ)

(فصل) "إذا"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل)
وأما "إذا" فتأتي على أوجه:
الأول: أن تكون اسمًا للزمن المستقبل وتختص بالجملة الفعلية، وإن وقع بعدها اسم فهو مرفوع بفعل مقدر، ومعناها الشرط وتحتاج إلى جواب كسائر أدوات الجزاء ولكنها لا تجزم إلا في الضرورة، كقول الشاعر:
واستغنٍ ما أغناك ربك بالغنى .... وإذا تصبك خصاصة فتحمل
ومن شرطها أن يكون التعليق بها على أمر معلوم مقطوع بوقوعه كقول: "إذا" زالت الشمس آتيك بخلاف "إن"، فإنها لا يكون التعليق بها إلا في مبهم مشكوك فيه، ولهذا ذكر الله سبحانه في المتحقق الوقوع، "إذا"، فقال: {وإذا مسكم الضر في البحر}، وقال فيما لا يتحقق فيه الوقوع إلا على بعد وشك: {وإذا مسه الشر فذو دعاءٍ عريضٍ}.
ولأجل هذا ضعفوا التأويل المروي عن إسحاق بن راهويه في قوله صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه في ساعة واحدة» إن معناه: "إذا" اشتهى الولد ولكن لا يشتهيه، وسيأتي مزيد بيان في الكلام على "إن".
ولها ثلاثة استعمالات:
أحدها: أن يكون المأمور به قبل الفعل تقول: "إذا" أتيت المسجد فالبس أحسن الثياب، ومنه قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}، وقوله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
ثانيها: أن يكون في الفعل نحو قوله: "إذا" قرأت فترسل.
ثالثها: أن يكون بعد الفعل نحو قوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا}، وقوله تعالى: {وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله}.

الثاني: أن تكون للمفاجأة فتختص بالجمل الاسمية إمَّا حرفًا، كما قاله الأخفش، أو ظرف مكان، كما قاله المبرد وابن عصفور، واختاره ابن مالك، وإمَّا ظرف زمان كما قاله الزجاج والزمخشري.
ومعناها الحال، كقول الله جل جلاله: {فإذا هي حية تسعى}، {فإذا هي بيضاء للناظرين}، وترتفع الجملة بعدها على الابتداء والخبر ورد في القرآن العظيم، وهذا مذهب سيبويه، وأجاز الكسائي النصب ورواه عن العرب وأنكره سيبويه، والواقعة في مناظرتهما في ذلك مشهورة.
واختصت الفجائية بمصاحبة "الفاء" من بين حروف العطف لدلالتها على الربط الفوري لأن المفاجأة كالفور، و"الفاء" مختصة بالفور.

الثالث: أن تكون جوابًا للشرط بمنزلة الجواب "بالفاء" والفعل، وتقع بعدها جملة مبتدأة كقول الله سبحانه: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} معناه: فهم يقنطون، وكقوله تعالى: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} وقد اجتمعت الشرطية والجزائية في قوله تعالى: {ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تخرجون}.
وفي قوله تعالى: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون}.

الرابع: أن تكون اسمًا للزمن الماضي "كإذ" في قول بعضهم، واختاره ابن مالك كقوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا}، وقوله تعالى: {وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها} وقول الشاعر:
وندمانٍ بزيد الكأس طيبًا .... سقيت إذا تغورت النجوم

الخامس: أن تكون بمعنى الزمن الحاضر، كقوله تعالى: {والليل إذا يغشى}، {والنجم إذا هوى}، ولا يجوز أن يكون معناها هنا الاستقبال؛ لأنه يلزم منه أن تكون ظرفًا لفعل القسم، أي: "إذا" يغشى الليل أقسم لأن القسم إنشاء في الحال لا إخبار عن قسم يأتي، ولأن قسمه سبحانه قديم، والتقدير: أقسم بالليل وقت غشيانه.

السادس: أن تكون زائدة، ذكره قوم وأنشدوا قول عبد مناف بن ربع الهذلي:
حتى إذا أسلكوهم في قتائدةٍ .... شلا كما تطرد الجمالة الشردا
المعنى: حتى أسلكوهم ... وقول الآخر:
فإذا وذلك لا مهاه لذكره .... والذكر يعقب صالحًا بفساد
والمعنى: وذلك، وحملوا عليه قول الله تعالى: {إذا السماء انشقت} وحملوا الماضي هنا على تأويل المستقبل كقوله تعالى: {أتى أمر الله}، وقوله تعالى: {اقتربت الساعة}، وأنكر قوم زيادتها وقالوا: التقدير "إذا" انشقت السماء، فهو جواب لها، وقول القائل: حتى "إذا" أسلكوهم، فجوابه: شلا، يقول: حتى "إذا" أسلكوهم شلا، وأما البيت الثاني "فالواو" مقحمة والمعنى: فإذا ذلك). [مصابيح المغاني: 84 - 89]


رد مع اقتباس