الموضوع: إلى
عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 06:53 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): (وأما "إلى" بالكسر والتخفيف: فهي حرف من حروف الجر، ومعناها: انتهاء الغاية الزمانية والمكانية، كقوله سبحانه: {ثم أتموا الصيام إلى الليل}، وكقوله سبحانه: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}، ثم إن دلت قرينة على دخول الغيا دخل كقولك: قرأت القرآن "إلى" آخره، وإن دلت على خروجه خرج، كقوله تعالى: {فنظرةٌ إلى ميسرة}.
وإن لم يدل على شيء فقيل: إن كان من الجنس دخل، كقوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق}، {وأرجلكم إلى الكعبين}، وقيل: بالدخول مطلقًا، وقيل بعدمه مطلقًا، قال ابن هشام: «وهو الصحيح لأن الأكثر في الاستعمال عدم الدخول فيجب الحمل عليه عند التردد».
ثم تأتي لمعان أخر:
أحدها: تكون بمعنى "مع"، قاله الكوفيون وجماعة من البصريين كقولهم: الذود "إلى" الذود، قال امرؤ القيس:
له كفل كالدعص لبده الندى .... إلى حارك مثل الغبيط المذاب
وقال آخر:
شد خت غرة السوابق فيهم .... في وجوه إلى اللمام الجعاد
ومنه قول الله سبحانه: {من أنصاري إلى الله}، وقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم}، وقوله تعالى: {وإذا خلوا إلى شياطينهم}، وأول ذلك المانعون بالغاية.

الثاني: التبيين: وهي أن تكون مبينة لفاعلية مجرورها بعدما يفيد حبا أو بغضًا من فعل تعجب أو اسم تفضيل، كقوله تعالى: {قال رب السجن أحب إلي}.

الثالث: تكون بمعنى "اللام"، نحو قوله تعالى: {والأمر إليك}.
وقيل: إن "إلى" هنا لانتهاء الغاية أي: منته "إليك"، ونحو قول الشاعر:
فالحق ببجلة ناسبهم وكن معهم .... حتى يعيروك مجدًا غير موطود
واترك تراث خفاف إن هم هلكوا ..... وأنت حي إلى رعلٍ ومطرود

يقول: «اترك تراث خفاف لرعل ومطرود، وخفاف ورعل ومطرود بنو أب واحج».

الرابع: أن تكون بمعنى: "في" ذكره جماعة في قول النابغة الذبياني:
فلا تتركني بالوعيد كأنني .... إلى الناس مطلي به القار أجرب
وقال طرفة:
وإن يلتق الحي الجميع تلاقني ..... إلى ذروة البيت الكريم المصمد
أي: "في" ذروة البيت، وقيل: إنها هنا بمعنى "مع"، أي: "مع" ذروة البيت.
قال ابن مالك: ويمكن أن يكون منه قوله تعالى: {ليجمعنكم إلى يوم القيامة}.

الخامس: تكون بمعنى "الباء"، ذكره بعضهم، وأنشد قول كثير:
ولقد لهوت إلى الكواعب كالدمى ..... بيض الوجوه حديثهن رخيم
أراد: لهوت بكواعب، وأنشد قول النابغة أيضًا:
فلا عمرو الذي أثني عليه .... وما رفع الحجيج إلى ألال
أراد: وما رفع الحجيج أصواتهم بألال.

السادس: تكون بمعنى "عند"، ذكره ابن هشام وأنشد:
أم لا سبيل إلى الشباب وذكره .... أشهى إلي من الرحيق السلسل
والذي يظهر لي أن معناها في البيت التبيين للفاعل المجرور بها كما في قوله تعالى: {رب السجن أحب إلي}، ولا يتقيد التبيين بالحب والبغض ولو استشهد بقول الراعي كان أجود، قال:
ثقال إذا زار النساء خريدةٌ ..... حصان فقد سادت إلي الغوانيا

السابع: تكون زائدة مؤكدة، أثبت ذلك الفراء مستدلًا بقراءة بعضهم: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} بفتح "الواو"، أي: تهواهم، ولكن خرجت هذه القراءة على تضمن (تهوى) معنى تميل، كذا أثبته أبو عبيدة وخرج عليه قوله تعالى: {وإذ أوحيت إلى الحواريين}، وجعلت: أوحيت بمعنى: أمرت). [مصابيح المغاني: 102 - 108]


رد مع اقتباس