عرض مشاركة واحدة
  #109  
قديم 1 صفر 1439هـ/21-10-2017م, 09:13 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

اختلاف أحوال السائلين للهداية:
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (اختلاف أحوال السائلين للهداية
مما ينبغي التفطّن له ومعرفة أثره العظيم: اختلاف أحوال السائلين عند سؤالهم الهداية، فلا يستوي سؤال أهل الإحسان في دعائهم وسؤال المقصّرين فيه.

وقد دلّت الأدلّة الصحيحة على أنّ الله تعالى ينظر إلى قلوب عباده، وأنّ لما ينبعث منها من أعمال له شأنه واعتباره العظيم عند الله تعالى، كما قال الله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}، وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}
وقال تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ}
وقال تعالى: { إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}
وقال تعالى في شأن المنافقين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ }
والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» رواه مسلم في صحيحه، وأحمد وابن حبان وغيرهم من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
إذا تبيَّن ذلك؛ فما يقوم بقلب العبد عند الدعاء من شهود الاضطرار إلى هداية الله، والإنابة إليه تعالى وخشيته، وما يصحب ذلك من الخوف والرجاء، والصدق والإخلاص، والتوكّل على الله، وحسن الظنّ به؛ كلّ ذلك من الأعمال القلبية العظيمة التي إذا صاحبت الدعاء كان الداعي أسعد بالإجابة والإثابة.
وقد قال الله تعالى: { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)}
فهاتان الآيتان تدلان دلالة بيّنة على أنَّ من كان هذا حاله في دعائه فهو من أهل الإحسان، وأنَّ رحمة الله قريب منه.
ومن كان في دعائه شيء من التقصير والتفريط والإساءة كان حظّه من دعائه بقدر ما أحسن فيه.
ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، ومن اشتدّ حرصه على رضوان الله تعالى وكرمه وثوابه ودخول جنَّته والفوز بشرف رؤيته تعالى كان خوفه مما يحول بينه وبين ذلك أعظم.
ولذلك فإنَّ أهل الإحسان أشدّ الناس حرصاً على الهداية وبصيرة بعظم الحاجة إليها في جميع شؤونهم لما يبصرونه من كثرة الفتن والابتلاءات، وما يعتبرون به من أنواع العقوبات التي حلّت بالمسيئين؛ فأورثهم هذا الفقه من المعارف الجليلة والبصائر النافعة والأعمال التعبّدية ما طهرت به قلوبهم، وزكت به نفوسهم، وخشعوا به لربّهم جلّ وعلا في صلاتهم؛ فكان من ثوابهم تحقّق فلاحهم كما قال الله تعالى: {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون . والذين هم عن اللغو معرضون . والذين هم للزكاة فاعلون ...} الآيات). [تفسير سورة الفاتحة:203 - 205]

رد مع اقتباس