عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 20 جمادى الآخرة 1435هـ/20-04-2014م, 06:10 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال: وقوله: {ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا} أي: ولكلّ عاملٍ من طاعة اللّه أو معصيته منازل ومراتب من عمله يبلّغه اللّه إيّاها، ويثيبه بها، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشرٌّ.
قلت: ويحتمل أن يعود قوله: {ولكلٍّ درجاتٌ ممّا عملوا} [أي] من كافري الجنّ والإنس، أي: ولكلٍّ درجةٌ في النّار بحسبه، كقوله [تعالى] {قال لكلٍّ ضعفٌ [ولكن لا تعلمون]} [الأعراف: 38]، وقوله: {الّذين كفروا وصدّوا عن سبيل اللّه زدناهم عذابًا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} [النّحل: 88].
{وما ربّك بغافلٍ عمّا يعملون} قال ابن جريرٍ: أي وكلّ ذلك من عملهم، يا محمّد، بعلمٍ من ربّك، يحصيها ويثبتها لهم عنده، ليجازيهم عليها عند لقائهم إيّاه ومعادهم إليه). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 342]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ (133) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وربّك الغنيّ ذو الرّحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرّيّة قومٍ آخرين (133) إنّ ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين (134) قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون (135)}
يقول [تعالى]: {وربّك} يا محمّد {الغنيّ} أي: عن جميع خلقه من جميع الوجوه، وهم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، {ذو الرّحمة} أي: وهو مع ذلك رحيمٌ بهم رؤوف، كما قال تعالى: {إنّ اللّه بالنّاس لرءوفٌ رحيمٌ} [البقرة: 143].
{إن يشأ يذهبكم} أي: إذا خالفتم أمره {ويستخلف من بعدكم ما يشاء} أي: قومًا آخرين، أي: يعملون بطاعته، {كما أنشأكم من ذرّيّة قومٍ آخرين} أي: هو قادرٌ على ذلك، سهلٌ عليه، يسيرٌ لديه، كما أذهب القرون الأول وأتى بالّذي بعدها كذلك هو قادرٌ على إذهاب هؤلاء والإتيان بآخرين، كما قال تعالى: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} [النّساء: 133]، وقال تعالى: {يا أيّها النّاس أنتم الفقراء إلى اللّه واللّه هو الغنيّ الحميد * إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ وما ذلك على اللّه بعزيزٍ} [فاطر: 15 -17]، وقال تعالى: {واللّه الغنيّ وأنتم الفقراء وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم} [محمّد: 38].
وقال محمّد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة قال: سمعت أبان بن عثمان يقول في هذه الآية: {كما أنشأكم من ذرّيّة قومٍ آخرين} الذّرّيّة: الأصل، والذّرّيّة: النّسل). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 342-343]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآَتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {إنّ ما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين} أي: أخبرهم يا محمّد أنّ الّذي يوعدون به من أمر المعاد كائنٌ لا محالة، {وما أنتم بمعجزين} أي: ولا تعجزون اللّه، بل هو قادرٌ على إعادتكم، وإن صرتم ترابًا رفاتًا وعظامًا هو قادرٌ لا يعجزه شيءٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ في تفسيرها: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن المصفّى، حدّثنا محمّد بن حميرٍ، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدري، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى. والّذي نفسي بيده إنّما توعدون لآتٍ وما أنتم بمعجزين»). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 343]

تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) }

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله تعالى: {قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إنّي عاملٌ فسوف تعلمون} هذا تهديدٌ شديدٌ، ووعيدٌ أكيدٌ، أي: استمرّوا على طريقكم وناحيتكم إن كنتم تظنّون أنّكم على هدًى، فأنا مستمرٌّ على طريقتي ومنهجي، كما قال تعالى: {وقل للّذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنّا عاملون * وانتظروا إنّا منتظرون} [هودٍ: 121، 122].
قال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {على مكانتكم} أي: ناحيتكم.
{فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدّار إنّه لا يفلح الظّالمون} أي: أتكون لي أو لكم. وقد أنجز موعده له، صلوات اللّه عليه، فإنّه تعالى مكّن له في البلاد، وحكّمه في نواصي مخالفيه من العباد، وفتح له مكّة، وأظهره على من كذّبه من قومه وعاداه وناوأه، واستقرّ أمره على سائر جزيرة العرب، وكذلك اليمن والبحرين، وكلّ ذلك في حياته. ثمّ فتحت الأمصار والأقاليم والرّساتيق بعد وفاته في أيّام خلفائه، رضي اللّه عنهم أجمعين، كما قال اللّه تعالى: {كتب اللّه لأغلبنّ أنا ورسلي} [المجادلة: 20]، وقال {إنّا لننصر رسلنا والّذين آمنوا في الحياة الدّنيا ويوم يقوم الأشهاد. يوم لا ينفع الظّالمين معذرتهم ولهم اللّعنة ولهم سوء الدّار} [غافر: 51، 52]، وقال تعالى: {ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذّكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصّالحون} [الأنبياء: 105]، وقال تعالى إخبارًا عن رسله: {فأوحى إليهم ربّهم لنهلكنّ الظّالمين. ولنسكننّكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [إبراهيم: 13، 14]، وقال تعالى: {وعد اللّه الّذين آمنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا ... الآية} [النّور: 55]، وقد فعل اللّه [تعالى] ذلك بهذه الأمّة، وله الحمد والمنّة أولا وآخرًا، باطنًا وظاهرًا). [تفسير القرآن العظيم: 3/ 343]


رد مع اقتباس