عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 10:15 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

الجماع في بيت فيه مصحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (المتتبع لأقوال أهل العلم يلحظ أن مسألة الجماع في بيت فيه مصحف محل خلاف بينهم لما يقتضيه تعظيم المصحف وإكرامه من الاحتياط له عن كل ما من شأنه حصول الابتذال للمصحف أو امتهانه ولو صورة، وإن من أهل العلم من كان يحمله تعظيم المصحف على عدم النوم في بيت فيه مصحف حذرا من حصول حدث منه لم يشعر به.
ومن أهل العلم من فرق بين المصحف المستور وغير المستور لما في الستر من المبالغة في الصيانة بخلاف المكشوف نظير ما قالوه في مسألة دخول الخلاء بشيء فيه مكتوب القرآن كالحرز مثلا، ومن أهل العلم من سهل في مسألة الجماع في بيت فيه مصحف مطلقا لعدم قصد الامتهان، ولما روي عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم من التسهيل في وضع المصحف على فراش الجماع، ولأن بيوت المسلمين لا تخلوا من وجود مصحف، وقد لا تكون تلك البيوت واسعة بالضرورة مما يجعل القول بالمنع محرجا، وبخاصة أن المنع لا يستند إلى دليل سمعي، وهناك طرفا من النصوص المأثورة عن أهل العلم في هذا الشأن.
أخرج عبد الرزاق في المصنف، وأبو عبيد في فضائل القرآن، وابن أبي داود في المصاحف، واللفظ لعبد الرزاق بسنده عن ابن جريج عن عطاء:
[495]
أن رجلا قال لابن عباس: أضع المصحف على فراش أجامع عليه، وأحتلم فيه، وأعرق عليه؟ قال: نعم.
ولفظ أبي عبيد قال: ( حدثني يحي بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: أأضع المصحف على الثوب الذي أجامع عليه؟ قال: نعم).
وأخرج ابن أبي داود بسنده عن عبيد بن عمير قال: أرسل إلى عائشة قال: أرأيت المقرمة التي يجامع عليها، أقرأ عليها المصحف؟ قالت: وما يمنعه؟ قالت: إن رأيت شيئا فاغسله، وإن شئت فحكه، وإن رأيت "أو إن رابك" فارششه. قال أبو بكر:"هذا أراه أن عبيد الله أرسل إلى عائشة". فهذان الأثران يشعران بعدم الحرج في وجود المصحف في بيت الجماع، لكن قد ذكر القرطبي في التذكار ما يدل على تحرج بعض السلف من مجرد النوم في بيت فيه مصحف قال: (قال بعض السلف:"ما دخلت بيتا منذ ثلاثين سنة وفيه مصحف إلا وأنا على وضوء". وكان بعضهم إذا كان في بيت فيه المصحف لم ينم تلك الليلة مخافة أن يخرج منه ريح في بيت فيه مصحف). ولا يخفى ما في مثل هذا المذهب من التضييق من غير حجة.
وقد قال السرخسي: (وهذا يبين لك الجواب في مسألة أخرى وهو أن الرجل إذا كان له خاتم مكتوب عليه اسم من اسماء الله تعالى، فإن جواب العلماء أنه يكره له أن يدخل الخلاء والخاتم في إصبعه، أو يأتي أهله معه؛ بل الواجب عليه أن ينزعه من أصبعه تعظيما لاسم الله تعالى، وفيما ذكره ها هنا دليل على أنه لا يكره أن يدخل
[496]
الخلاء أو يأتي أهله وهو متختم بذلك الخاتم، ولكن جواب العلماء على ما بيناه).
وقال في الفتاوى الخانية: (ولا بأس بالخلوة والمجامعة في بيت فيه مصحف، لأن بيوت المسلمين لا تخلوا عن ذلك).
وجاء في الفتاوى الهندية: (ويجوز قربان المرأة في بيت فيه مصحف مستور كذا في القنية).
وعبارة الدر: (لا بأس بالجماع في بيت فيه مصحف للبلوى قيده في القنية بكونه مستورا، وإن حمل ما فيها على الأولوية زال التنافي ط).

رد مع اقتباس