عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:25 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) )

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال جابرٌ: «كانت الطّواغيت الّتي يتحاكمون إليها، في جهينة واحدٌ، وفي أسلم واحدٌ، وفي كلّ حيٍّ واحدٌ، كهّانٌ ينزل عليهم الشّيطان»). [صحيح البخاري: 6/45]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال جابرٌ كانت الطّواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحدٌ وفي أسلم واحدٌ وفي كلّ حيٍّ واحد كهان ينزل عليهم الشّيطان وصله بن أبي حاتمٍ من طريق وهب بن منبّهٍ قال سألت جابر بن عبد اللّه عن الطّواغيت فذكر مثله وزاد وفي هلالٍ واحدٌ وقد تقدّم نسب جهينة وأسلم في غزوة الفتح وأمّا هلالٌ فقبيلةٌ ينتسبون إلى هلال بن عامر بن صعصعة منهم ميمونة بنت الحارث أمّ المؤمنين وجماعةٌ من الصّحابة وغيرهم). [فتح الباري: 8/252-253]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال جابر كانت الطواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحد وفي أسلم واحد وفي كل حيّ واحد كهان ينزل عليهم الشّيطان وقال عمر الجبت السحر والطاغوت الشّيطان
وقال عكرمة الجبت بلسان الحبشة شيطان والطاغوت الكاهن
وأما قول جابر فقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا الحسن بن الصّباح ثنا إسماعيل ابن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل عن أبيه عقيل بن معقل بن وهب بن منبّه قال سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت فذكره وزاد وفي هلال واحد). [تغليق التعليق: 4/195-196] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال جابر كانت الطواغيت الّتي يتحاكمون إليها في جهينة واحدٌ وفي أسلم واحدٌ وفي كلّ حيّ واحدٌ كهّانٌ ينزل عليهم الشّيطان.
أشار به إلى قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} (النّساء: 60) . قوله: (كانت الطواغيت) ، هو جمع طاغوت، قال سيبويهٍ: الطاغوت اسم واحد مؤنث، وقال أبو العبّاس محمّد بن يزيد هو عندي جماعة. وقال ابن الأثير: الطاغوت يكون جمعا وواحدا. وقال الجوهري: وطاغوت وإن كان على وزن لاهوت، فهو مقلوب لأنّه من طغى ولاهوت غير مقلوب لأنّه من لاه. لأنّه بمنزلة الرغبوت والرهبوت انتهى. قلت: أصله طغبوت فقدمت الياء على الغين فصار طيغوت فقلبت الياء ألفا لتحركهاوانفتاح ما قبلها، والطاغوت والكاهن والشياطن وكل رأس في الضلال فهو طاغوت. قوله: (في جهينة واحد) ، أي: مسمّى بطاغوت، وجهينة قبيلة، وكذلك أسلم على وزن أفعل التّفصيل. قوله: (كهان) ، بالرّفع لأنّه خبر مبتدأ أي: الطواغيت المذكورة في القبائل كهان، بضم الكاف، جمع كاهن ينزل عليهم الشّيطان فيلقى إليهم الأخبار، والكاهن هو الّذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزّمان ويدعى معرفة الأسرار، وهذا الأثر ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه عن الحسن بن الصّباح: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل عن أبيه عقيل بن معقل عن وهب بن منبّه. قال: سألت جابر ابن عبد الله عن الطواغيت الحديث بزيادة، وفي هلال واحد). [عمدة القاري: 18/175]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري فيما وصله ابن أبي حاتم في قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} [النساء: 60] (كانت الطواغيت) بالمثناة جمع طاغوت (التي يتحاكمون إليها) في الجاهلية (في) قبيلة (جهينة) طاغوت (واحد وفي) قبيلة (أسلم) طاغوت (واحد وفي كل حي) من أحياء العرب (واحد) وهي (كهان) بضم الكاف وتشديد الهاء جمع كاهن (ينزل عليهم الشيطان) بالإخبار عن الكائنات في المستقبل). [إرشاد الساري: 7/84]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: {ألم تر} يا محمّد بقلبك فتعلم إلى الّذين يزعمون أنّهم صدّقوا بما أنزل إليك من الكتاب، وإلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل من قلبك من الكتب {يريدون أن يتحاكموا} في خصومتهم {إلى الطّاغوت} يعني: إلى من يعظّمونه، ويصدرون عن قوله، ويرضون بحكمه من دون حكم اللّه، {وقد أمروا أن يكفروا به} يقول: وقد أمرهم اللّه أن يكذّبوا بما جاءهم به الطّاغوت الّذي يتحاكمون إليه، فتركوا أمر اللّه، واتّبعوا أمر الشّيطان. {ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا} يعني أنّ الشّيطان يريد أن يصدّ هؤلاء المتحاكمين إلى الطّاغوت عن سبيل الحقّ والهدى، فيضلّهم عنها ضلالاً بعيدًا، يعني: فيجور بهم عنها جورًا شديدًا.
وقد ذكر أنّ هذه الآية نزلت في رجلٍ من المنافقين دعا رجلاً من اليهود في خصومةٍ كانت بينهما إلى بعض الكهّان ليحكم بينهم ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرهم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: كان بين رجلٍ من اليهود ورجلٍ من المنافقين خصومةٌ، فكان المنافق يدعو إلى اليهود لأنّه يعلم أنّهم يقبلون الرّشوة، وكان اليهوديّ يدعو إلى المسلمين لأنّه يعلم أنّهم لا يقبلون الرّشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهنٍ من جهينة، فأنزل اللّه فيه هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} حتّى بلغ: {ويسلّموا تسليمًا}.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ، في هذه الآية: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فذكر نحوه، وزاد فيه: فأنزل اللّه {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} يعني المنافقين {وما أنزل من قبلك} يعني اليهود {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} يقول: إلى الكاهن {وقد أمروا أن يكفروا به} أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه أن يكفر بالكاهن.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ قال: كانت بين رجلٍ ممّن يزعم أنّه مسلمٌ، وبين رجلٍ من اليهود خصومةٌ، فقال اليهوديّ: أحاكمك إلى أهل دينك، أو قال: إلى النّبيّ؛ لأنّه قد علم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لا يأخذ الرّشوة في الحكم. فاختلفا، فاتّفقا على أن يأتيا كاهنًا في جهينة قال: فنزلت: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} يعني: الّذي من الأنصار {وما أنزل من قبلك} يعني: اليهوديّ {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} إلى الكاهن {وقد أمروا أن يكفروا به} يعني: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه. وتلا: {ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيدًا}، وقرأ: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم} إلى: {ويسلّموا تسليمًا}.
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنّ رجلاً، من اليهود كان قد أسلم، فكانت بينه وبين رجلٍ من اليهود مدارأةٌ في حقٍّ، فقال اليهوديّ له: انطلق إلى نبيّ اللّه. فعرف أنّه سيقضي عليه. قال: فأبى، فانطلقا إلى رجلٍ من الكهّان، فتحاكما إليه.فانزل قال اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت}.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} الآية، حتّى بلغ: {ضلالاً بعيدًا} ذكر لنا أنّ هذه الآية نزلت في رجلين: رجلٍ من الأنصار يقال له بشرٌ، وفي رجلٍ من اليهود في مدارأةٍ كانت بينهما في حقٍّ، فتدارءا بينهما فيه، فتنافرا إلى كاهنٍ بالمدينة يحكم بينهما، وتركا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فعاب اللّه عزّ وجلّ ذلك عليهما. وذكر لنا أنّ اليهوديّ كان يدعوه إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليحكم بينهما، وقد علم أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لن يجور عليه، فجعل الأنصاريّ يأبى عليه وهو يزعم أنّه مسلمٌ ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل اللّه تبارك وتعالى ما تسمعون، فعاب ذلك على الّذي زعم أنّه مسلمٌ، وعلى اليهوديّ الّذي هو من أهل الكتاب، فقال: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} إلى قوله: {صدودًا}.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: كان ناسٌ من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنّضير في الجاهليّة إذا قتل الرّجل من بني النّضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم، فإذا قتل الرّجل من بني قريظة قتلته النّضير، أعطوا ديته ستّين وشقًا من تمرٍ. فلمّا أسلم ناسٌ من بني قريظة والنّضير، قتل رجلٌ من بني النّضير رجلاً من بني قريظة، فتحاكموا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّضيريّ: يا رسول اللّه، إنّا كنّا نعطيهم في الجاهليّة الدّية، فنحن نعطيهم اليوم ذلك. فقالت قريظة: لا، ولكنّا إخوانكم في النّسب والدّين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنّكم كنتم تغلبوننا في الجاهليّة، فقد جاء اللّه بالإسلام فأنزل اللّه يعيّرهم بما فعلوا. فقال: {وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس} عيّرهم بما فعلو, ثمّ ذكر قول النّضيريّ: كنّا نعطيهم في الجاهليّة ستّين وسقًا ونقتل منهم ولا يقتلون، فقال: {أفحكم الجاهليّة يبغون} وأخذ النّضيريّ فقتله بصاحبه. فتفاخرت النّضير وقريظة، فقالت النّضير: نحن أكرم منكم، وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، ودخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلميّ، فقال المنافق من قريظة والنّضير: انطلقوا إلى أبي برزة ينفّر بيننا. وقال المسلمون من قريظة والنّضير: لا، بل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينفّر بيننا، فتعالوا إليه. فأبى المنافقون، وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوه، فقال: أعظموا اللّقمة. يقول: أعظموا الخطر. فقالوا: لك عشرة أوساقٍ
قال: لا، بل مائة وسقٍ ديتي، فإنّي أخاف أن أنفّر النّضير فتقتلني قريظة، أو أنفّر قريظة فتقتلني النّضير فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساقٍ، وأبى أن يحكم بينهم، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} وهو أبو بردة، وقد أمروا أن يكفروا به، إلى قوله: {ويسلّموا تسليمًا}.
وقال آخرون: الطّاغوت في هذا الموضع: هو كعب بن الأشرف.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {يريدون أن يتحاكموا، إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} والطّاغوت: رجلٌ من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمكم إلى كعبٍ؛ فذلك قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} الآية.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود، فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف. وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم محمد. فقال اللّه تبارك وتعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون} الآية والّتي تليها فيهم أيضًا.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فذكر مثله، إلاّ أنّه قال: وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى محمّدٍ.
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع بن أنسٍ، في قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} إلى قوله: {ضلالاً بعيدًا} قال: كان رجلان من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بينهما خصومةٌ، أحدهم مؤمنٌ، والآخر منافقٌ. فدعاه المؤمن إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، فأنزل اللّه: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} قال: تنازع رجلٌ من المؤمنين ورجلٌ من اليهود، فقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال المؤمن: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال اللّه: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} إلى قوله: {صدودًا} قال ابن جريجٍ: يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك قال: القرآن، وما أنزل من قبلك قال: التّوراة. قال: يكون بين المسلم والمنافق الحقّ، فيدعوه المسلم إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ليحاكمه إليه، فيأبى المنافق ويدعوه إلى الطّاغوت. قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: الطّاغوت: كعب بن الأشرف.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت} هو كعب بن الأشرف.
وقد بيّنّا معنى الطّاغوت في غير هذا الموضع، فكرهنا إعادته). [جامع البيان: 7/188-195]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالًا بعيدًا (60)
قوله تعالى: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
- حدّثنا محمّد بن عوفٍ الحمصيّ، ثنا أبو اليمان، ثنا صفوان: يعني ابن عمرٍو-، عن عكرمة عن ابن عبّاسٍ قال: كان أبو بردة الأسلميّ كاهناً يقضي بين اليهود، فتنافروا إليه أناسٌ من أسلم من اليهود فأنزل اللّه تعالى ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ ثنا أحمد بن مفضّلٍ ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت قال: كان ناسٌ من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنّضير في الجاهليّة إذا قتل الرّجل من بني النّضير قتلته بنو قريظة، قتلوا به منهم، فإذا قتل رجلٌ من بني قريظة قتلته بنو النّضير أعطوا ديةً ستّين وسقاً من تمرٍ، فلمّا أسلم ناسٌ من قريظة والنّضير، قتل رجلٌ من بني النّضير رجلا من بني قريظة، فتحاكموا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال النّضيريّ: يا رسول اللّه. إنّا كنّا نعطيهم في الجاهليّة الدّية، فنحن نعطيهم اليوم الدّية، فقالت قريظة: لا، ولكنّا إخوانكم في النسب والدين، دمائنا مثل دماءكم، ولكنّكم كنتم تغلبونا في الجاهليّة، فقد جاء الإسلام فأنزل اللّه تعالى يعيّرهم بما فعلوا فقال وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفس بالنّفس يعيّرهم ثمّ ذكر قول النّضيريّ: كنّا نعطيهم في الجاهليّة ستّين وسقاً ونقتل منهم ولا يقتلونا، فقال: أفحكم الجاهليّة يبغون.
فأخذ النّضيريّ وقتله بصاحبه، فتفاخرت النّضير وقريظة، فقالت النّضير: نحن أكرم منكم. وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، فدخلوا المدينة إلى أبي بردة الكاهن الأسلميّ. قال المنافقون من قريظة والنّضير: انطلقوا بنا إلى أبي بردة ينفر بيننا قال المسلمون من قريظة والنّضير: لا، بل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ينفر بيننا، فتعالوا إليه، فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بردة فسألوا، فقال: اعظموا اللّقمة يقول: اعظموا الخطر فأنزل اللّه تعالى: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت
قوله تعالى: الطاغوت
قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدا
- حدّثنا أبي، ثنا خالد بن خداشٍ المهلّبيّ، ثنا حمّاد بن زيدٍ عن الزّبير بن خرّيتٍ عن عكرمة قال: إنّما سمّي الشّيطان لأنّه تشيطن.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: وقد أمروا أن يكفروا به وهو أبو الأسلميّ الكاهن). [تفسير القرآن العظيم: 3/991-992]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال اليهودي اذهب بنا إلى محمد وقال المنافق اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف فأنزل الله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وهو كعب بن الأشرف). [تفسير مجاهد: 163-164]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا} [النساء: 60] الآية.
- عن ابن عبّاسٍ قال: «كان أبو برزة الأسلميّ يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه، فتنافر إليه ناسٌ من المسلمين، فأنزل اللّه - تعالى -: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به} [النساء: 60] إلى قوله: {إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا} [النساء: 62]».
رواه الطّبرانيّ، ورجاله رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 7/6]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال: كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} إلى قوله {إحسانا وتوفيقا}.
وأخرج ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية، فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن الشعبي قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة - وفي لفظ: ورجل ممن زعم أنه مسلم – فجعل اليهودي يدعوه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم ثم اتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة، فنزلت {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية، إلى قوله {ويسلموا تسليما}.
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال: زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق، فقال اليهودي له: انطلق إلى نبي الله، فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه، فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار ورجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن كان بالمدينة وتركا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب الله ذلك عليهما وقد حدثنا أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يعلم أنه لا يجوز عليه وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم، فأنزل الله فيهما ما تسمعون عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل رجل من بني قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النضيري: يا رسول الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية فقالت قريظة: لا ولكنا إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية فقد جاء الإسلام فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) (المائدة الآية 45) يعيرهم ثم ذكر قول النضيري: كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال (أفحكم الجاهلية يبغون) (المائدة الآية 50) فأخذ النضيري فقتله بصاحبه، فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير: نحن أقرب منكم، وقالت قريظة: نحن أكرم منكم، فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير: انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي برزة وسألوه فقال: أعظموا اللقمة، يقول: أعظموا الخطر، فقالوا لك عشرة أوساق قال: لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير، فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} إلى قوله {ويسلموا تسليما}
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال: الطاغوت، رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا: بل نحاكمهم إلى كعب، فذلك قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف وقال اليهودي: اذهب بنا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله {ألم تر إلى الذين يزعمون} الآية، واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال: كان رجلان من أصاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة أحدهما مؤمن والآخر منافق فدعاه المؤمن إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، فأنزل الله {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا} الآية قال: نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق، وقال: تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب، فقال اليهودي لعمر: قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه، فقال للمنافق: أكذلك قال: نعم، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال: هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله: فنزلت.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} قال: هو كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال: الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال: سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكمون إليها قال: إن في جهينة واحدا وفي أسلم واحدا وفي هلال واحدا وفي كل حي واحدا وهم كهان تنزل عليهم الشياطين). [الدر المنثور: 4/514-518]

تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) )
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه تعالى: {يصدّون عنك صدودًا} قال: الصّدود: الإعراض). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 119]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: ألم تر يا محمّد إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك من المنافقين، وإلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل من قبلك من أهل الكتاب، يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه} يعني بذلك: وإذا قيل لهم: هلمّوا إلى حكم اللّه الّذي أنزله في كتابه، {وإلى الرّسول} ليحكم بيننا {رأيت المنافقين يصدّون عنك} يعني بذلك: يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم صدودًا.
وقال ابن جريجٍ في ذلك بما:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ: {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول} قال: دعا المسلم المنافق إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليحكم بينهم قال: رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا.
وأمّا على تأويل قول من جعل ذلك الدّاعي إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم اليهوديّ والمدعو إليه المنافق على ما ذكرت من أقوال من قال ذلك في تأويل قوله: {ألم تر إلى الّذين يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك} فإنّه على ما بيّنت قبل). [جامع البيان: 7/195-196]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا (61)
قوله تعالى: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدودًا
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ ثنا أبي، حدّثني عمّي الحسين حدّثني أبي عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قوله: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول رأيت المنافقين يصدّون عنك صدوداً قال: كانوا إذا دعوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرّسول ليحكم بينهم، قالوا: بل نتحاكم إلى الطّاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، ويريد الشّيطان أن يضلّهم ضلالا بعيداً). [تفسير القرآن العظيم: 3/992]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (واخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول} قال: دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله {يصدون عنك صدودا} قال: الصدود: الإعراض). [الدر المنثور: 4/518-519]

تفسير قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فكيف إذا أصابتهم مّصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: فكيف بهؤلاء الّذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطّاغوت، وهم يزعمون أنّهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك {إذا أصابتهم مصيبةٌ} يعني: إذا نزلت بهم نقمةٌ من اللّه {بما قدّمت أيديهم} يعني: بذنوبهم الّتي سلفت منهم {ثمّ جاءوك يحلفون باللّه} يقول: ثمّ جاءوك يحلفون باللّه كذبًا وزورًا {إن أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا} وهذا خبرٌ من اللّه تعالى ذكره عن هؤلاء المنافقين أنّهم لا يردعهم عن النّفاق الغير والنّقم، وأنّهم وإن نأتهم عقوبةٌ من اللّه على تحاكمهم إلى الطّاغوت، لم ينيبوا ولم يتوبوا، ولكنّهم يحلفون باللّه كذبًا وجرأةً على اللّه ما أردنا باحتكامنا إليه إلاّ الإحسان من بعضنا إلى بعضٍ، والصّواب فيما احتكمنا فيه إليه باحتكامنا إليه). [جامع البيان: 7/196]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم ثمّ جاءوك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا (62)
قوله تعالى: فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدمت أيديهم ثم جاؤك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، أنبأ أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن، يعني: عن قوله: فكيف إذا أصابتهم مصيبةٌ بما قدّمت أيديهم قال: عقوبةٌ لهم بنفاقهم وكرهوا حكم اللّه، ثم جاؤك يحلفون باللّه إن أردنا إلّا إحسانًا وتوفيقًا.
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا ابن أبي حمّادٍ، ثنا إبراهيم بن المختار عن ابن جريجٍ في قوله: أصابتهم مصيبةٌ يقول: بما قدّمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك، قل لهم قولا بليغاً). [تفسير القرآن العظيم: 3/992]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن مجاهد {فكيف إذا أصابتهم مصيبة} في أنفسهم وبين ذلك ما بينهما من القرآن هذا من تقديم القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله {أصابتهم مصيبة} يقول: بما قدمت أيديهم في أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك قل لهم قولا بليغا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم} قال: عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله). [الدر المنثور: 4/519]

تفسير قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {أولئك} هؤلاء المنافقون الّذين وصفت لك يا محمّد صفتهم، يعلم اللّه ما في قلوبهم، في احتكامهم إلى الطّاغوت، وتركهم الاحتكام إليك، وصدودهم عنك، من النّفاق والزّيغ، وإن حلفوا باللّه ما أردنا إلاّ إحسانًا وتوفيقًا {فأعرض عنهم وعظهم} يقول: فدعهم فلا تعاقبهم في أبدانهم وأجسامهم، ولكن عظهم بتخويفك إيّاهم بأس اللّه أن يحلّ بهم، وعقوبته أن تنزل بدارهم، وحذّرهم من مكروه ما هم عليه من الشّكّ في أمر اللّه وأمر رسوله {وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغًا} يقول: مرهم باتّقاء اللّه والتّصديق به وبرسوله ووعده ووعيده). [جامع البيان: 7/197]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولًا بليغًا (63)
قوله تعالى: أولئك الّذين يعلم اللّه ما في قلوبهم فأعرض عنهم إلى قوله: بليغا
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: تنازع رجلٌ من المنافقين ورجلٌ من اليهود، فقال المنافق: اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهوديّ: اذهب بنا إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال اللّه تعالى أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا). [تفسير القرآن العظيم: 3/993]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج {فأعرض عنهم} ذلك لقوله {وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}). [الدر المنثور: 4/519]


رد مع اقتباس