عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 9 جمادى الأولى 1434هـ/20-03-2013م, 08:11 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي

التفسير اللغوي


تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله: {فرهانٌ مّقبوضةٌ...}
وقرأ مجاهد "فرهن" على جمع الرهان كما قال "كلوا من ثمره" لجمع الثمار. وقوله: {ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه} [وأجاز قوم (قلبه) بالنصب] فإن يكن حقا فهو من جهة قولك: سفهت رأيك وأثمت قلبك). [معاني القرآن: 1/188]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فرهنٌ مقبوضةٌ} قال أبو عمرو: الرّهان في الخيل، وأنشد قول قعنب بن أمّ صاحب من بني عبد الله بن غطفان:
بانت سعاد وأمس دونها عدن... وغلّقت عندها من قبلك الرّهن). [مجاز القرآن: 1/84]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): ({وإن كنتم على سفرٍ ولم تجدوا كاتباً فرهان مّقبوضةٌ فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته وليتّق اللّه ربّه ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثمٌ قلبه واللّه بما تعملون عليمٌ}
قال: {فرهان مّقبوضةٌ} تقول: "رهنٌ"، و"رهان" مثل: "حبلٌ" و"حبالٌ".
وقال أبو عمرو: "فرهنٌ" وهي قبيحةٌ لأنّ "فعلاً" لا يجمع على "فعل" إلا قليلاً شاذاً، زعم أنهم يقولون: "سقفٌ" و"سقفٌ" وقرأوا هذه الآية {سقفاً من فضّةٍ}.
وقالوا: "قلبٌ" و"قلبٌ" و"قلبٌ" من "قلب النّخلةٍ" و"لحد" و"لحد" لـ"لحد القبر" وهذا شاذٌ لا يكاد يعرف.
وقد جمعوا "فعلاً" على "فعلٍ" فقالوا: "ثطٌّ" و"ثطٌّ"، و"جونٌ" و"جونٌ"، و"وردٌ" و"وردٌ". وقد يكون "رهنٌ" جماعةً لـ"الرّهان" كأنّه جمع الجماعة و"رهان" أمثل من هذا الاضطرار. وقد قالوا: "سهمٌ خشنٌ" في "سهامٍ خشنٍ". خفيفة.
وقال أبو عمرو: "قالت العرب: "رهنٌ" ليفصلوا بينه وبين رهان الخيل.
قال الأخفش: "كلّ جماعةٍ على "فعل" فإنّه يقال فيها "فعل".
وقال{فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته} وهي من "أدّى" "يؤدّي" فلذلك همز و"اؤتمن" همزها لأنها من "الأمانة" [و] موضع الفاء منها همزة، إلاّ أنك إذا استأنفت ثبتت ألف الوصل فيها فلم تهمز موضع الفاء لئلا تجتمع همزتان). [معاني القرآن: 1/157-158]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (ابن عباس رحمه الله "ولم تجدوا كتابا".
وقد حكي عنه "كتابا" - فيما يغلب علي - يعني الدواة والقلم والصحيفة والكاتب.
الحسن وأبو عمرو {ولم تجدوا كاتبا}.
ابن عباس وأبو عمرو {فرهن مقبوضة}.
قراءة الحسن {فرهان مقبوضة}؛ وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: إنما الرهان في الخيل، وأنشدنا هذا البيت عن أبي عمرو على قراءته:
بانت سعاد وأمسى دونها عدن = وغلقت عندها من قلبها الرهن). [معاني القرآن لقطرب: 280]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وأما قوله جل ثناؤه {فرهان مقبوضة} فالفعل: رهنت عنده رهنًا، بلا ألف؛ هذه الجيدة؛ وقد قال بعضهم: أرهنت إرهانًا، وقالوا: أرهنت في السلعة؛ أي غاليت بها.
وقال النابغة:
تطوي ابن سلمى بها عن راكب بكرًا = عيدية أرهنت فيها الدنانير
وأما قوله عز وجل {فليؤد الذي اؤتمن أمانته} من ايتمن؛ لأنه مهموز في الأصل فلا يدغم؛ ومثله في القياس: ايتزر، وايتكل يأتكل، وياتمن.
وقيس تقول في غير المهموز: يأتعد ويأتزر؛ ولا تدغم أيضًا، وذلك شاذ.
وقال بعض أهل الحجاز: إيتسخ الثوب، ياتسخ). [معاني القرآن لقطرب: 388]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فرهانٌ مقبوضةٌ} جمع «رهن».
ومن قرأ (فرهن مقبوضة) أراد جمع «رهان». فكأنه جمع الجمع). [تفسير غريب القرآن: 100]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤدّ الّذي اؤتمن أمانته وليتّق اللّه ربّه ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه واللّه بما تعملون عليم}
قرأ الناس " فرهن مقبوضة " و " فرهان مقبوضة "
فأمّا "رهن" فهي قراءة أبي عمرو، وذكر فيه غير واحد أنها قرئت: " فرهن " ليفصل بين الرهان في الخيل وبين جمع رهن في غيرها، ورهن ورهان أكثر في اللغة:
1-قال الفراء " رهن " جمع رهان،
2-وقال غيره: رهن وررهن " مثل سقف وسقف.
وفعل وفعل قليل إلا إنّه صحيح قد جاء؛ فأما في الصفة فكثير، يقال: فرس ورد، وخيل ورد.
ورجل ثط وقوم ثط، والقراءة على " رهن " أعجب إليّ لأنها موافقة للمصحف، وما وافق المصحف وصح معناه وقرأت به القراء فهو المختار.
ورهان جيّد بالغ.
يقال: رهنت الرهن وأرهنته، وأرهنت أقلهما.
قال الشاعر في أرهنت:
فلمّا خشيت أظافيرهم... نجوت وأرهنتهم مالكا
وقال في رهنت: أنشده غير واحد:
فهل من كاهن أو ذي إله... إذا ما حان من ربي قفول
يراهنني فيرهنني بنيه... وأرهنه بني بما أقول
لما يدري الفقير متى غناه... وما يدري الغنيّ متى يعيل). [معاني القرآن: 1/366-368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة}
وقرأ ابن عباس (كتابا) وقال: قد يوجد الكاتب ولا توجد الصحيفة.
وكذا قرأ أبو العالية وعكرمة والضحاك ومجاهد.
وقيل: إن كتابا جمع كاتب كما يقال قايم وقيام.
وقيل: هما بمنزلة اثنين.
ثم قال تعالى: {فرهان مقبوضة}
قرئ {فرهن مقبوضة} رهن جميع رهان ويجوز أن يكون جمع رهن مثل سقف وسقف). [معاني القرآن: 1/324-325]

تفسير قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)}
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} يرفع.
وابن عباس "فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} ينصب.
أبو عمرو {فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء} جزم.
[معاني القرآن لقطرب: 280]
فالرفع على الابتداء؛ والنصب على الجواب بالفاء، وليس بالكثير في الجزاء، وسنخبر عن ذلك؛ والجزم على العطف على أوله ولا بأس به؛ والابتداء أيضًا حسن). [معاني القرآن لقطرب: 281]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {للّه ما في السّماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء واللّه على كلّ شيء قدير}معناه: هو خالقهما.
{وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به اللّه}معناه: إن تظهروا العمل به أو تسرّوه يحاسبكم به اللّه، وقد قيل إن هذا منسوخ، روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ((تجوّز لهذه الأمة عن نسيانها وما حدّثت به أنفسها)).
ولما ذكر اللّه - جلّ وعزّ - فرض الصلاة والزكاة والطلاق والحيض والإيلاء والجهاد وأقاصيص الأنبياء والدّين والربا، ختم السورة بذكر تعظيمه وذكر تصديق نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بجميع ذلك فقال:
{آمن الرّسول بما أنزل إليه من ربّه والمؤمنون كلّ آمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير}). [معاني القرآن: 1/368]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله عز وجل: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله}فيها أقوال:
1- روي عن ابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.
2- إلا أن علي بن أبي طلحة روى عن ابن عباس أنه قال: لم تنسخ ولكن إذا جمع الله الخلائق يقول إني أخبركم بما أكننتم في أنفسكم فأما المؤمنون فيخبرهم ثم يغفر لهم
وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب فذلك قوله عز وجل: {يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء}وهو قول جل وعز: {ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم} من الشك والنفاق.
وحدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمود بن غيلان قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية{وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} دخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من قبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا)) فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله عز وجل: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه} الآية وأنزل {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} قال: قد فعلت {ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا} قال: قد فعلت {ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} قال: قد فعلت
وروى إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: نسختها الآية التي بعدها {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}
وروى مقسم عن ابن عباس نزلت في الشهادة، أي: في إظهارها وكتمانها
وقال مجاهد: هذا في الشك واليقين.
وروى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} وسألتها عن هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} فقالت عائشة: ما سألني عنهما أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(( يا عائشة هذه معاتبة الله العبد بما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير))
وقال الضحاك: يعلمه الله يوم القيامة بما كان يسره ليعلم أنه لم يخف عليه.
وقيل: لا يكون في هذا نسخ لأنه خبر ولكن يبينه {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم}
فالمعنى: والله أعلم وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه من الكبائر والذي رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس حسن والله أعلم بما أراد.
فأما ما روي عن ابن عباس من النسخ فمما يجب أن يوقف على تأويله إذ كانت الأخبار لا يقع فيها ناسخ ولا منسوخ.
فإن صح فتأويله أن الثاني مثل الأول كما تقول نسخت هذا من هذا
وقيل: فيه قول آخر يكون معناه فأزيل ما خالط قلوبهم من ذلك وبين). [معاني القرآن: 1/325-330]


رد مع اقتباس