عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 29 جمادى الأولى 1434هـ/9-04-2013م, 08:48 AM
أم صفية آل حسن أم صفية آل حسن غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
المشاركات: 2,594
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) }
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} [الأنبياء: 78] وقعت فيه غنم القوم ليلًا فأفسدته.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: النّفش باللّيل والهمل بالنّهار.
قال قتادة: وذكر لنا أنّ غنم القوم وقعت في زرعٍ ليلًا، فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لصاحب الزّرع.
فقال سليمان: ليس كذلك، ولكن له نسلها ورسلها، وعوارضها، وجزازها، ويزرع له مثل ذلك الزّرع، حتّى إذا كان من العام المقبل كهيئته يوم أكل، دفعت الغنم إلى ربّها، يعني صاحبها وقبض صاحب الزّرع زرعه). [تفسير القرآن العظيم: 1/327]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] وفي تفسير الكلبيّ: أنّ أصحاب الحرث استعدوا على أصحاب
[تفسير القرآن العظيم: 1/327]
الغنم فنظر داود ثمن الحرث فإذا هو قريبٌ من ثمن الغنم، فقضى بالغنم لصاحب الحرث.
فمرّوا بسليمان فقال: كيف قضى فيكم نبيّ اللّه؟ فأخبروه.
فقال: نعم ما قضى، وغيره كان أرفق بالفريقين كليهما.
فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه.
فأرسل إلى سليمان فدخل عليه، فعزم عليه داود بحقّ النّبوّة وبحقّ الملك، وحقّ الوالد لما حدّثتني كيف رأيت فيما قضيت.
فقال سليمان: قد عدل النّبيّ وأحسن، وغيره كان أرفق.
قال: ما هو؟ قال: تدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بسمنها، ولبنها، وأصوافها، وأولادها عامهم هذا وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث مثل الّذي أفسدت غنمهم، فإذا كان مثله حين أفسدوه قبضوا غنمهم.
قال له داود: نعم ما قضيت.
نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ قال: كان عنبًا.
وقال الكلبيّ: وكان الحرث عنبًا.
وتفسير مجاهدٍ: أنّ داود أعطى صاحب الحرث رقاب الغنم بأكلها الحرث.
وحكم سليمان بجزّة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعلى أهل الحرث رعيتها، ويحرث لهم أهل الغنم حتّى يكون كهيئته يوم أكل، ثمّ يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/328]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكنّا لحكمهم شاهدين} [الأنبياء: 78] يعني داود وسليمان، لقضائهم شاهدين). [تفسير القرآن العظيم: 1/328]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (وحدّثني بحرٌ السّقّاء، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب وحرام بن محيّصة، عن البراء بن عازبٍ أنّ ناقةً له وقعت في حائط قومٍ فأفسدت فيه.
فاختصموا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «ما أجد لكم إلا قضاء سليمان بن داود.
إنّه قضى على أهل المواشي حفظ مواشيهم باللّيل وقضى على أهل الحوائط حفظ حوائطهم بالنّهار».
قال يحيى: إنّما في هذا الحديث أنّه يضمن ما يكون من الماشية باللّيل، وليس فيه كيف القضاء في ذلك الفساد اليوم.
وإنّما القضاء اليوم في ذلك الفساد ما بلغ الفساد من النّقصان.
وحدّثني عاصم بن حكيمٍ، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ أنّ شاةً أكلت غزل حائكٍ قال: فأتوا شريحًا: قال: فقرأ شريحٌ هذه الآية: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم} [الأنبياء: 78] وقال: والنّفش لا يكون إلا باللّيل.
إن كان ليلًا ضمن، وإن كان نهارًا لم يضمن.
- قال: وحدّثني حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن زيادٍ، وحدّثني عثمان، عن نعيم بن عبد اللّه، عن أبي هريرة كلاهما قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الدّابّة العجماء جبارٌ، والبئر جبارٌ، والمعدن جبارٌ، وفي الرّكاز الخمس».
[تفسير القرآن العظيم: 1/329]
قال يحيى: هي عندنا في حديث النّبيّ عليه السّلام في ناقة البراء بن عازبٍ أنّه بالنّهار، وأمّا إذا أفسدت باللّيل فصاحبها ضامنٌ.
واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {إذ نفشت فيه غنم القوم...}

النفش بالليل، وكانت غنماً لقوم وقعت في كرم آخرين؛ فارتفعوا إلى داود، فقضى لأهل الكرم بالغنم، ودفع الكرم إلى أهل الغنم فبلغ ذلك سليمان ابنه، فقال: غير هذا كان أرفق بالفريقين. فعزم عليه داود ليحكمنّ. فقال: أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الكرم فينتفعوا بألبانها وأولادها وأصوافها، ويدفع الكرم إلى أرباب الشاء فيقوموا عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد، فذكر أن القيمتين كانتا في هذا الحكم مستويتين: قيمة ما نالوا من الغنم وقيمة ما أفسدت الغنم من الكرم. فذلك قوله: {ففهّمناها سليمان}. وقوله: {وكنّا لحكمهم}.
وفي بعض القراءة: (وكنّا لحكمهما شاهدين) وهو مثل قوله: {فإن كان له إخوةٌ} يريد: أخوين فما زاد. فهذا كقوله: {لحكمهم شاهدين} إذ جمع اثنين). [معاني القرآن: 2/208]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {إذ نفشت فيه غنم القوم} النّفش أن تدخل في زرع ليلاً فتأكله وقالت: نفشت في جدادي، الجداد من نسج الثوب تعنى الغنم). [مجاز القرآن: 2/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {إذا نفشت فيه غنم القوم}: النفش أن تدخل بالليل في زرع أو غيره فتأكله وهي نافشة. والنشر بالنهار).[غريب القرآن وتفسيره: 256]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {نفشت فيه غنم القوم}: رعت ليلا. يقال: نفشت الغنم بالليل، وهي إبل، نفش ونفّش ونفّاش. والواحد نافش. وسرحت.وسربت بالنهار). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنّا لحكمهم شاهدين }
على معنى واذكر داوود وسليمان {إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم}النفش بالليل، والهمل بالنهار.
وجاء في التفسير أن غنما على عهد داوود وسليمان مرت بحرث لقوم فأفسدته، وروي أن الحرث كان حنطة، وروي أنه كان كرما، فأفسدت ذلك الحرث فحكم داود بدفع الغنم إلى أصحاب الكرم وحكم سليمان بأن يدفع الغنم إلى أصحاب الكرم فيأخذوا منافعها من ألبانها وأصوافها وعوارضها إلى أن يعود الكرم كهيئته وقت أفسد فإذا عاد الكرم إلى هيئته ردّت الغنم إلى أربابها ويدفع الكرم إلى صاحب الكرم.
قال أبو إسحاق: يجوز أن تكون عوارضها من أحد وجهين، إما أن يكون جمع عريض وعرضان، وهو اسم للحمل، وأكثر ذلك في الجدي، ويجوز أن يكون بما يعرض من منافعها حتى يعود الكرم كما كان، وهذا - واللّه أعلم - يدل على أن سليمان علم أن قيمة ما أفسدت الغنم من الكرم بمقدار نفع الغنم). [معاني القرآن: 3/399]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَفَشَتْ فِيهِ غنم القوم}: أي رعت ليلاً، يقال: نفشت بالليل، وسرحت بالنهار ). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 156]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {نَفَشَتْ}: رعت ليلاً). [العمدة في غريب القرآن: 208]

تفسير قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قال اللّه: {ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] وفي تفسير الكلبيّ: أنّ أصحاب الحرث استعدوا على أصحاب
[تفسير القرآن العظيم: 1/327]
الغنم فنظر داود ثمن الحرث فإذا هو قريبٌ من ثمن الغنم، فقضى بالغنم لصاحب الحرث.
فمرّوا بسليمان فقال: كيف قضى فيكم نبيّ اللّه؟ فأخبروه.
فقال: نعم ما قضى، وغيره كان أرفق بالفريقين كليهما.
فدخل أصحاب الغنم على داود فأخبروه.
فأرسل إلى سليمان فدخل عليه، فعزم عليه داود بحقّ النّبوّة وبحقّ الملك، وحقّ الوالد لما حدّثتني كيف رأيت فيما قضيت.
فقال سليمان: قد عدل النّبيّ وأحسن، وغيره كان أرفق.
قال: ما هو؟ قال: تدفع الغنم إلى أهل الحرث فينتفعون بسمنها، ولبنها، وأصوافها، وأولادها عامهم هذا وعلى أهل الغنم أن يزرعوا لأهل الحرث مثل الّذي أفسدت غنمهم، فإذا كان مثله حين أفسدوه قبضوا غنمهم.
قال له داود: نعم ما قضيت.
نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن مسروقٍ قال: كان عنبًا.
وقال الكلبيّ: وكان الحرث عنبًا.
وتفسير مجاهدٍ: أنّ داود أعطى صاحب الحرث رقاب الغنم بأكلها الحرث.
وحكم سليمان بجزّة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعلى أهل الحرث رعيتها، ويحرث لهم أهل الغنم حتّى يكون كهيئته يوم أكل، ثمّ يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم). [تفسير القرآن العظيم: 1/328] (م)
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): ({ففهّمناها سليمان} [الأنبياء: 79] قال يحيى: كان هذا القضاء يومئذٍ، وقد تكون لأمّةٍ شريعةٌ ولأمّةٍ أخرى شريعةٌ غيرها، وقضاءٌ غير قضاء الأمّة الأخرى). [تفسير القرآن العظيم: 1/329]
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكلًّا آتينا حكمًا وعلمًا} [الأنبياء: 79] يعني: أعطينا حكمًا وعلمًا، يعني: وعقلًا.
تفسير السّدّيّ، يعني بذلك: داود وسليمان.
قال: {وسخّرنا مع داود الجبال يسبّحن والطّير} [الأنبياء: 79] كانت جميع الجبال وجميع الطّير تسبح مع داود بالغداة والعشيّ ويفقه تسبيحها.
نا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: {يسبّحن} [الأنبياء: 79] قال: يصلّين، يفقه ذلك داود.
قوله: {وكنّا فاعلين} [الأنبياء: 79] أي: قد فعلنا ذلك بداود). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(قال اللّه عزّ وجلّ: {ففهّمناها سليمان وكلّا آتينا حكما وعلما وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير وكنّا فاعلين}

أي فهمناه القضية، والحكومة.
{وكلّا آتينا حكما وعلما}.
وقوله عزّ وجلّ: {وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطّير}.
ويجوز والطّير، على العطف على ما في يسبحن، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
{وكنّا فاعلين} أي وكنا نقدر على ما نريده، ونصب " الطير " من جهتين "
إحداهما على معنى وسخرنا الطير.
والأخرى على معنى يسبحن مع الطير). [معاني القرآن: 3/400-399]

تفسير قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لكم} [الأنبياء: 80] يعني دروع الحديد.
{لتحصنكم} [الأنبياء: 80] به، يعني: تجنّبكم.
{من بأسكم} [الأنبياء: 80] والبأس: القتال.
{فهل أنتم شاكرون} [الأنبياء: 80] فكان داود أوّل من عمل الدّروع، وكانت قبل ذلك صفائح). [تفسير القرآن العظيم: 1/330]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وعلّمناه صنعة لبوسٍ لّكم لتحصنكم...}

و(ليحصنكم) و(لنحصنكم) فمن قال: (ليحصنكم) بالياء كان لتذكير اللّبوس. ومن قال: (لتحصنكم) بالتاء ذهب إلى تأنيث الصنعة. وإن شئت جعلته لتأنيث الدروع لأنها هي اللبوس.
ومن قرأ: (لنحصنكم)، بالنون يقول: لنحصنكم نحن: وعلى هذا المعنى يجوز (ليحصنكم) بالياء الله من بأسكم أيضاً). [معاني القرآن: 2/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وعلّمناه صنعة لبوس لّكم} واللبوس: السلاح كلما من درع إلى رمح وقال الهذلي:
[مجاز القرآن: 2/41]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {علّمناه صنعة لبوسٍ لكم} يعني الدّروع.
{لتحصنكم من بأسكم} أي من الحرب). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعلّمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون}
وقرئت (لنحصنكم من بأسكم) بالنون، ويجوز (ليحصنكم) بالياء.
فمن قرأ بالياء أراد ليحصنكم هذا اللبوس، ويجوز على معنى ليحصنكم بالياء، فمن قرأ بالياء أراد ليحصنكم هذا اللبوس، ويجوز على معنى ليحصنكم اللّه من باسكم وهي مثل لنحصنكم – بالنون ومن قرأ بالتاء أراد لتحصنكم الصنعة.
فهذه الثلاثة الأوجه قد قرئ بهنّ، ويجوز فيها ثلاث لم يقرأ بهن، ولا ينبغي أن يقرأ بهن لأن القراءة سنة.
يجوز لنحصّنكم بالنون والتشديد، ولتحصّنكم بالتاء والتشديد.
وليحصّنكم بالياء مشددة الصاد في هذه الثلاث.
وعلّم الله داوود صنعة الدروع من الزرد، ولم تكن قبل داوود عليه السلام فجمعت الخفة والتحصين، كذا روي). [معاني القرآن: 3/400]

تفسير قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ولسليمان الرّيح} [الأنبياء: 81] أي: وسخّرنا لسليمان الرّيح.
{عاصفةً} [الأنبياء: 81] لا تؤذيه.
{تجري بأمره} [الأنبياء: 81] مسخّرةً.
قوله: {تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها} [الأنبياء: 81] وهي أرض الشّام وأفضلها فلسطين.
قال: {وكنّا بكلّ شيءٍ عالمين} [الأنبياء: 81]
قال: حدّثني عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن عمر بن موسى، عن عقبة بن وسّاجٍ قال: ما ينقص من الأرض يزاد في الشّام، وما ينقص من الشّام يزاد بفلسطين.
نا سعيدٌ، عن قتادة قال: ما نقص من الأرض زيد في الشّام، وما نقص من الشّام زيد في فلسطين.
وذلك أنّه يقال: إنّها أرض المحشر والمنشر، وبها يجتمع النّاس.
- قال قتادة: وحدّث أبو قلابة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «رأيت فيما يرى النّائم كأنّ الملائكة حملت عمود الكتاب فوضعته بالشّام، فأوّلتها فضل الشّام، إنّ الفتن إذا وقعت كان الإيمان بالشّام».
الصّلت بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ، عن نوفٍ البكاليّ قال: تخرب الأمصار قبل الشّام بأربعين عامًا، وإنّما ضمنت لأهلها برًّا وزيتًا حتّى تقوم السّاعة وإنّ بها قبر اثنين وسبعين نبيًّا، وإنّ إليها المحشر والمنشر، وإنّ بها الميزان، وإنّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/331]
الصّخرة تخرج من تحتها أربعة أنهارٍ: سيحون، وجيحون، والنّيل، والفرات). [تفسير القرآن العظيم: 1/332]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {تجري بأمره إلى الأرض...}

كانت تجري بسليمان إلى كلّ موضع؛ ثم تعود به من يومه إلى منزله. فذلك قوله: {تجري بأمره إلى الأرض} ). [معاني القرآن: 2/209]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {عاصفةً} شديدة الحر.
وقال في موضع آخر: {فسخّرنا له الرّيح تجري بأمره رخاءً}، أي لينة. كأنها كانت تشتدّ إذا أراد، وتلين إذا أراد). [تفسير غريب القرآن: 287]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : ( {ولسليمان الرّيح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض الّتي باركنا فيها وكنّا بكلّ شيء عالمين}
وقرئت الرياح عاصفة، وقرئت الريح عاصفة - برفع الريح.
فمن قرأ الريح عاصفة بالنصب فهي عطف على الجبال.
والمعنى وسخرنا مع داود الجبال، وسخرنا لسليمان الريح، وعاصفة منصوب على الحال ومن قرأ الريح رفع كما تقول: لزيد المال، وهذا داخل في معنى التسخير،
لأنه إذا قال {تجري بأمره إلى الأرض} ففي الكلام دليل على أن اللّه جل ثناؤه - سخّرها). [معاني القرآن: 3/401-400]

تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن الشّياطين من يغوصون له} [الأنبياء: 82] وهذا على الجماعة.
{ويعملون عملا دون ذلك} [الأنبياء: 82] دون الغوص.
وكانوا يغوصون في البحر فيخرجون له اللّؤلؤ.
وقال في آيةٍ أخرى: {كلّ بنّاءٍ وغوّاصٍ} [ص: 37].
وقال قتادة: ورّث اللّه سليمان داود نبوّته، وملكه، وزاد سليمان على ذلك أنّ اللّه تبارك وتعالى سخّر له الرّيح والشّياطين.
قوله: {وكنّا لهم حافظين} [الأنبياء: 82] حفظهم اللّه عليه ألا يذهبوا ويتركوه، فكانوا مسخّرين له.
وقال الحسن: لم يسخّر له في هذه الأعمال وفيما يصفّد، يجعلهم في السّلاسل من الجنّ، إلا الكفّار منهم.
واسم الشّيطان لا يقع إلا على الكافر من الجنّ.
حدّثني قرّة بن خالدٍ، عن عطيّة العوفيّ قال: أمر سليمان ببناء بيت المقدس، فقالوا له: زوبعة الشّيطان له عينٌ في جزيرةٍ في البحر، يردها كلّ سبعةٍ أيّامٍ يومًا.
فأتوها، فنزحوها ثمّ صبّوا فيها خمرًا.
فجاء لورده، فلمّا أبصر الخمر قال في كلامٍ له: ما علمت أنّك إذا شربك صاحبك لممًا يظهر عليه عدوّه، في أساجع.
لا أذوقك اليوم.
فذهب ثمّ رجع لظمأٍ آخر.
فلمّا رآها قال كما قال أوّل مرّةٍ.
ثمّ ذهب فلم يشرب.
ثمّ جاء لظمأٍ آخر لإحدى وعشرين ليلةً، قال: ما علمت أنّك لتذهبين الهمّ، في سجعٍ له.
فشرب منها، فسكر.
فجاءوا إليه، فأروه خاتم السّخرة فانطلق معهم إلى سليمان.
فأمرهم بالبناء، فقال زوبعة: دلّوني على بيض الهدهد.
فدلّ
[تفسير القرآن العظيم: 1/332]
على عشّه.
فأكبّ عليه جمجمةً، يعني زجاجةً.
فجاء الهدهد فجعل لا يصل إليه، فانطلق، فجاء بالماس الّذي يثقب به الياقوت، فوضعه عليها، فقطّ الزّجاجة نصفين، ثمّ ذهب ليأخذه فأعجزه، فجاءوا بالماس إلى سليمان، فجعلوا يستعرضون الجبال كأنّما يخطّون في نواحيها في طينٍ). [تفسير القرآن العظيم: 1/333]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ويعملون عملاً دون ذلك...}

دون الغوص. يريد سوى الغوص. من البناء.
وقوله: {وكنّا لهم حافظين} للشياطين. وذلك أنهم كانوا يحفظون من إفساد ما يعملون فكان سليمان إذا فرغ بعض الشياطين من عمله وكّله بالعمل الآخر،
لأنه كان إذا فرغ ممّا يعمل فلم يكن له شغل كرّ على تهديم ما بنى فذلك قوله: {وكنّا لهم حافظين} ). [معاني القرآن: 2/209]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن الشّياطين من يغوصون له} " ومن " يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث.
قال الفرزدق:
تعال فإن عاهدتني لا تخونني=نكن مثل من يا دئب يصطحبان
وكذلك يقع على المؤنث كقوله " ومن يقنت منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً "، وقد يجوز أن يخرج لفظ فعل: " من " على لفظ الواحد والمعنى على الجميع؛
كقولك: من يفعل ذلك، وأنت تسأل عن الجميع). [مجاز القرآن: 2/41]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {ومن الشّياطين من يغوصون له ويعملون عملاً دون ذلك وكنّا لهم حافظين}
وقال: {ومن الشّياطين من يغوصون له} فذكر الشياطين وليسوا من الإنس إلاّ أنّهم مثلهم في الطاعة والمعصية. ألا ترى أنك تقول "الشياطين يعصون" ولا تقول: "يعصين" ،
وإنما جمع {يغوصون} و{من} في اللفظ واحد لأن {من} في المعنى لجماعة.
قال الشاعر:
لسنا كمن جعلت إيادٍ دارها = تكريت تنظر حبّها أن يحصدا
وقال:
أطوف بها لا أرى غيرها = كما طاف بالبيعة الرّاهب
فجعل "الراهب" بدلا من {ما} كأنه قال "كالذي طاف" وتقول العرب: "إنّ الحقّ من صدّق الله" أي: "الحقّ حقّ من صدّق الله"). [معاني القرآن: 3/8-7]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ومن الشّياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنّا لهم حافظين}
يجوز أن يكون موضع " من " نصبا عطفا على الريح، ويجوز أن يكون " من " - في موضع رفع من جهتين:
إحداهما العطف على الريح، المعنى ولسليمان الريح وله من يغوصون من الشياطين، ويجوز أن يكون رفعا بالابتداء، ويكون " له " الخبر.
وقوله: {ويعملون عملا دون ذلك}معناه سوى ذلك، أي سوى الغوص.
{وكنّا لهم حافظين}كان اللّه يحفظهم من أن يفسدوا ما عملوا). [معاني القرآن: 3/401]

رد مع اقتباس