عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 26 ذو القعدة 1439هـ/7-08-2018م, 11:42 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} الآية، إخراج لعباده المؤمنين من صفات الكفرة في: عبادتهم الأوثان، وقتلهم النفس بوأد البنات، وغير ذلك من الظلم والاغتيال والغارات، وبالزنى الذي كان عندهم مباحا، وفي نحو هذه الآية قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قلت يوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبالقتل والزنى يدخل في هذه الآية العصاة من المؤمنين، ولهم من الوعيد بقدر ذلك، والحق الذي تقتل به النفس هو قتل النفس، والكفر بعد الإيمان، والزنى بعد الإحصان، والكفر الذي لم يتقدمه إيمان في الحربيين.
و "الأثام" في كلام العرب: العقاب، وبه فسر ابن زيد هذه الآية، ومنه قول الشاعر:
[المحرر الوجيز: 6/459]
جزى الله ابن عروة حيث أمسى ... عقوقا والعقوق له أثام
أي: جزاء وعقوبة. وقال عكرمة، وعبد الله بن عمرو، ومجاهد: إن "أثاما" واد في جهنم، هذا اسمه، وقد جعله الله تعالى عقابا للكفرة). [المحرر الوجيز: 6/460]

تفسير قوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: "يضاعف" و"يخلد" جزما. وقرأ ابن كثير، وأبو جعفر، والحسن، وابن عامر: "يضعف" بشد العين وطرح الألف، وبالجزم في "يضعف"، "ويخلد". وقرأ طلحة بن سليمان: "نضعف" بضم النون وكسر العين المشددة "العذاب" بالنصب، "ويخلد" بالجزم، وهي قراءة أبي جعفر. وقرأ طلحة بن سليمان: "وتخلد" بالتاء، على معنى مخاطبة الكافر بذلك، وروي عن أبي عمرو: "ويخلد" بضم الياء من تحت، وفتح اللام، قال أبو علي: وهي غلط من جهة الرواية، و"يضاعف" بالجزم بدل من "يلق"، قال سيبويه: مضاعفة العذاب لقي الأثام، قال الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا). [المحرر الوجيز: 6/460]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {إلا من تاب} الآية، لا خلاف بين العلماء أن الاستثناء عامل في الكافر والزاني، واختلفوا في القاتل من المسلمين، فقال جمهور العلماء: له التوبة،
[المحرر الوجيز: 6/460]
وجعلت هذه الفرقة قاعدتها قوله تعالى: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، فحصل القاتل في المشيئة كسائر التائبين من ذنوب، ويتأولون الخلود الذي في آية القتل في سورة النساء بمعنى الدوام إلى مدة كخلود الدول ونحوه، وروى أبو هريرة لمن قتل: حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: إن هذه الآية نزلت في وحشي قاتل حمزة رضي الله عنه، وقاله سعيد بن جبير. وقال ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره: لا توبة للقاتل، قال ابن عباس رضي الله عنهما: وهذه الآية إنما أريد بالتوبة فيها المشركون، وذلك أنها لما نزلت قالت طوائف من المشركين: كيف لنا بالدخول في الإسلام ونحن قد فعلنا جميع هذا؟ فنزلت {إلا من تاب} الآية، ونزلت: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرح بشيء فرحه بها وبسورة الفتح. وقال غير ابن عباس رضي الله عنهما ممن قال بأن لا توبة للقاتل: إن هذه الآية منسوخة بآية سورة النساء، قاله زيد بن ثابت، ورواه أيضا سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقال أبو الجوزاء: صحبت ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث عشرة سنة فما رأيت شيئا من القرآن إلا سألته عنه، فما سمعته يقول: إن الله تبارك وتعالى يقول لذنب: لا أغفره.
[المحرر الوجيز: 6/461]
وقوله تعالى: {يبدل الله سيئاتهم حسنات}. معناه: يجعل أعمالهم بدل معاصيهم الأولى طاعة، فيكون ذلك سببا لرحمة الله عز وجل إياهم، قاله ابن عباس، وابن جبير، وابن زيد، والحسن، وردوا على من قال: هو في يوم القيامة لمن يريد المغفرة له من الموحدين، يبدل السيئات حسنات، وهذا تأويل ابن المسيب في هذه الآية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهو معنى كرم العفو.
وقرأ ابن أبي عبلة: "يبدل" بسكون الباء وتخفيف الدال). [المحرر الوجيز: 6/462]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}
أكد هذا اللفظ أمر التوبة، والمعنى: ومن تاب فإنه قد تمسك بأمر وثيق، وهذا كما تقول لمن يستحسن قوله في أمر: لقد قلت يا فلان قولا. وكذلك الآية معناها مدح المتاب، كأنه قال: فإنه يجد بابا للفرج والمغفرة عظيما. ثم استمرت الآيات في صفة عباد الله تبارك وتعالى- المؤمنين بأن نفى عنهم شهادة الزور). [المحرر الوجيز: 6/462]

رد مع اقتباس