عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 29 ذو الحجة 1439هـ/9-09-2018م, 05:06 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقل لعبادي يقولوا الّتي هي أحسن إنّ الشّيطان ينزغ بينهم إنّ الشّيطان كان للإنسان عدوًّا مبينًا (53)}.
يأمر تعالى رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يأمر عباد اللّه المؤمنين، أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطّيّبة؛ فإنّه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشّيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعال، ووقع الشّرّ والمخاصمة والمقاتلة، فإنّ الشّيطان عدوٌّ لآدم وذرّيّته من حين امتنع من السّجود لآدم، فعداوته ظاهرةٌ بيّنةٌ؛ ولهذا نهى أن يشير الرّجل إلى أخيه المسلم بحديدةٍ، فإنّ الشّيطان ينزغ في يده، أي: فربّما أصابه بها.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمر، عن همّامٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لا يشيرنّ أحدكم إلى أخيه بالسّلاح، فإنّه لا يدري أحدكم لعلّ الشّيطان أن ينزع في يده، فيقع في حفرةٍ من نارٍ.
أخرجاه من حديث عبد الرّزّاق.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا عفّان، حدّثنا حمّاد، أنبأنا عليّ بن زيدٍ، عن الحسن قال: حدّثني رجلٌ من بني سليط قال: أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو في أزفلة من النّاس، فسمعته يقول: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، التّقوى هاهنا -[قال حمّادٌ: وقال بيده إلى صدره -ماتواد رجلان في اللّه فتفرّق بينهما إلّا بحدثٍ يحدثه أحدهما] والمحدث شر، والمحدث شرٌّ، والمحدث شرٌّ").[تفسير القرآن العظيم: 5/ 86-87]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذّبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا (54) وربّك أعلم بمن في السّماوات والأرض ولقد فضّلنا بعض النّبيّين على بعضٍ وآتينا داود زبورًا (55)}.
يقول اللّه تعالى: {ربّكم أعلم بكم} أيّها النّاس، من يستحقّ منكم الهداية ومن لا يستحقّ {إن يشأ يرحمكم} بأن يوفّقكم لطاعته والإنابة إليه {أو إن يشأ يعذّبكم وما أرسلناك} [يا محمّد] {عليهم وكيلا} أي: إنّما أرسلناك نذيرًا، فمن أطاعك دخل الجنّة، ومن عصاك دخل النّار). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 87]

تفسير قوله تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وربّك أعلم بمن في السّماوات والأرض} أي: بمراتبهم في الطّاعة والمعصية {ولقد فضّلنا بعض النّبيّين}، كما قال: {تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ} [البقرة: 253].
وهذا لا ينافي ما [ثبت] في الصّحيحين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "لا تفضّلوا بين الأنبياء" ؛ فإنّ المراد من ذلك هو التّفضيل بمجرّد التّشهّي والعصبيّة، لا بمقتضى الدّليل، [فإنّه إذا دلّ الدّليل] على شيءٍ وجب اتّباعه، ولا خلاف أنّ الرّسل أفضل من بقيّة الأنبياء، وأنّ أولي العزم منهم أفضلهم، وهم الخمسة المذكورون نصًّا في آيتين من القرآن في سورة الأحزاب: {وإذ أخذنا من النّبيّين ميثاقهم ومنك ومن نوحٍ وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم} [الأحزاب: 7]
وفي الشّورى [في قوله]: {شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحًا والّذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه} [الشّورى: 13]. ولا خلاف أنّ محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم أفضلهم، ثمّ بعده إبراهيم، ثمّ موسى على المشهور، وقد بسطنا هذا بدلائله في غير هذا الموضع، واللّه الموفّق.
وقوله: {وآتينا داود زبورًا} تنبيهٌ على فضله وشرفه.
قال البخاريّ: حدّثنا إسحاق بن نصرٍ، أخبرنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمر، عن همّام، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "خفف على داود القرآن، فكان يأمر بدابّته لتسرج، فكان يقرأ قبل أن يفرغ". يعني القرآن). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 87-88]

تفسير قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلا (56) أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربّك كان محذورًا (57)}.
يقول تعالى: {قل} يا محمّد لهؤلاء المشركين الّذين عبدوا غير اللّه: {ادعوا الّذين زعمتم من دونه} من الأصنام والأنداد، فارغبوا إليهم، فإنّهم " لا يملكون كشف الضّرّ عنكم" أي: بالكلّيّة، {ولا تحويلا} أي: أن يحوّلوه إلى غيركم.
والمعنى: أنّ الّذي يقدر على ذلك هو اللّه وحده لا شريك له الّذي له الخلق والأمر.
قال العوفي، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضّرّ عنكم ولا تحويلا} قال: كان أهل الشّرك يقولون: نعبد الملائكة والمسيح وعزيرًا، وهم الّذين يدعون، يعني الملائكة والمسيح وعزيرًا). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 88]

تفسير قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب}. روى البخاريّ، من حديث سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، عن عبد اللّه في قوله: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة} قال: ناسٌ من الجنّ، كانوا يعبدون، فأسلموا. وفي روايةٍ قال: كان ناسٌ من الإنس، يعبدون ناسًا من الجنّ، فأسلم الجنّ وتمسّك هؤلاء بدينهم.
وقال قتادة، عن معبد بن عبد اللّه الزّمّاني، عن عبد اللّه بن عتبة بن مسعودٍ، عن ابن مسعودٍ في قوله: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة} قال: نزلت في نفرٍ من العرب، كانوا يعبدون نفرًا من الجنّ، فأسلم الجنّيّون، والإنس الّذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية.
وفي روايةٍ عن ابن مسعودٍ: كانوا يعبدون صنفًا من الملائكة يقال لهم: الجنّ، فذكره.
وقال السّدّيّ، عن أبي صالحٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {أولئك الّذين يدعون يبتغون إلى ربّهم الوسيلة أيّهم أقرب} قال: عيسى وأمّه، وعزير.
وقال مغيرة، عن إبراهيم: كان ابن عبّاسٍ يقول في هذه الآية: هم عيسى، وعزير، والشّمس، والقمر.
وقال مجاهدٌ: عيسى، والعزير، والملائكة.
واختار ابن جريرٍ قول ابن مسعودٍ؛ لقوله: {يبتغون إلى ربّهم الوسيلة}، وهذا لا يعبّر به عن الماضي، فلا يدخل فيه عيسى والعزير. قال: والوسيلة هي القربة، كما قال قتادة؛ ولهذا قال: {أيّهم أقرب}
وقوله: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه}: لا تتمّ العبادة إلّا بالخوف والرّجاء، فبالخوف ينكفّ عن المناهي، وبالرّجاء ينبعث على الطّاعات.
وقوله: {إنّ عذاب ربّك كان محذورًا} أي: ينبغي أن يحذّر منه، ويخاف من وقوعه وحصوله، عياذًا باللّه منه).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 88-89]

رد مع اقتباس