الموضوع: بل
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ذو الحجة 1438هـ/10-09-2017م, 10:34 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



باب: مواضع "بَلْ"
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع "بَلْ"
اعلم أن لها ثلاثة مواضع:
تكون نسقًا، فتقع بعد النفي والإيجاب جميعًا، وتقول في النفي: «ما خرج زيدٌ "بل" عمرو» تستدرك بها الثاني بعد ما نفيت الأول، وتقول في الإيجاب: «قام زيدٌ
"بل" عمرو» فتكون للرجوع عن الأول، والإثبات للثاني، كأنك ذكرت الأول ناسيًا أو غالطًا ثم رجعت.
وتكون بمعنى
"رب" فتخفض ما بعدها كقولك: «"بل" بلدٍ دخلته» تريد: "رب" بلدٍ دخلته.
قال أبو النجم:
بل منهلٍ ناءٍ من الغياض
أي: "رب" منهلٍ.
وتكون لترك كلام وأخذ في غيره: ويقال: للإضراب عن الأول، وهي في القرآن بهذا المعنى كثيرٌ، قال الله تعالى: {ص والقرآن ذي الذكر}، ثم قال: {بل الذين كفروا في عزة وشقاق}، فترك الكلام الأول وأخذ بـ
"بل" في كلام ثان، ثم قال حكاية عن المشركين: {أأنزل عليه الذكر من بيننا}، ثم قال: {بل هم في شكٍ من ذكري}، فترك الكلام الأول وأخذ بـ "بل" في كلام ثانٍ، ثم أخذ في كلامٍ آخر أيضًا فقال: {بل لما يذوقوا عذاب}.
وقال: {ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون}، ثم قال: {بل قلوبهم في غمرةٍ من هذا} فترك الكلام الأول، وأخذ بـ
"بل" في كلام آخر، وقال: {أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة}، ثم قال: {بل جاءهم الحق}، قال: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن}، ثم قال: {بل أتيناهم بذكرهم}، وقال: {أم يقولون تقوله}، ثم قال: {بل لا يؤمنون}، وقال: {بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍ منها بل هم منها عمون}، وأشباه ذلك في القرآن كثيرة.
ومنه قول أبي ذؤيب، حيث ترك الكلام الأول، وأخذ في غيره، واستأنف الكلام بالاستفهام:
بل هل أريك حمول القوم غادية .... كالنخل زينها ينع وإفضاخ
ويروى: «يا هل أريك» ويقال: «أفضخ النخل» إذا صارت في بُسره حمرة وصفرة، و«أينع» أدرك، وقال لبيد:
بل من يرى البرق بت أرقبه .... يزجي حبيًا إذا خبا ثقبا
وقال آخر:
بل ما عزاؤك من شمسٍ متوجةٍ ....يكاد يهلك من تبدو له فرقًا
والشاعر إذا قال: "بل" لم يرد أن ما تكلم به قبل باطلٌ، وإنما يريد أنه قد تم، وأخذ في غيره
كما تقول: «دع ذا» و«اترك ذا» وما أشبه ذلك، عند تمام ما تتكلم به والانتقال إلى غيره.
قال امرؤ القيس:
فدع ذا، وسل الهم عنك بجسرة .... ذا مولٍ إذا صام النهار وهجرا).
[الأزهية: 219 - 223]


رد مع اقتباس