الموضوع: حاشا
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 20 ذو الحجة 1438هـ/11-09-2017م, 03:41 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



(فصل) "حاشا"

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "حاشا"
كلمة معناها التنزيه، قال الشاعر:
حاشا أبي ثوبان إن به ..... ضنا عن الملحاة والشتم
واشتقاقها من الحشا وهو الناحية، قال الشاعر:
= بأي حشًا أمسى الخليط المباين =
تقول: خرجوا "حاشا" زيدًا، أي: اجعله في ناحية من لم يخرج ولا تجعله فيمن خرج، ومن ذلك قولهم: لا "أحاشي" بك أحدًا، أي: لا أجعله وإياك في "حشا" واحد، أي: في ناحية واحدة.
وتستعمل على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون فعلًا متعديًا متصرفًا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «أسامة أحب إلي ما حاشا فاطمة».
قال ابن هشام: و"ما" نافية والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة، وتوهم ابن مالك أنها "ما" المصدرية و"حاشا" الاستثنائية، فاستدل به على أنه قد يقال: قام القوم ما "حاشا" زيدًا قال: ويرده أن في معجم الطبراني: ما "حاشا" فاطمة ولا غيرها، انتهى.
قلت: ويشهد لقول ابن هشام قول سيبويه في استدلاله على حرفية "حاشا" الاستثنائية لو كانت فعلًا لجاز أن تكون صلة لـ "ما" كما يجوز ذلك في "خلا" فلما امتنع أن يقال: جاءني القوم ما "حاشا" زيدًا، دل على أنها ليست بفعل ويشهد له أيضًا قول الشاعر:
رأيت الناس ما حاشا قريشًا ..... وإنا نحن أفضلهم فعالا
ولو كانت "ما" في البيت مصدرية لم يكن له التفضيل على قريش والمراد خلافه، ودليل تصرف هذا الفعل قول النابغة:
ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه ..... ولا أحاشي من الأقوام من أحد
وتوهم المبرد أن هذا مضارع "حاشا" التي يستثنى بها، وإنما تلك حرف أو فعل جامد لتضمنه معنى الحرف.
ثانيها: أن تكون حرف استثناء، فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أنها حرف دائمًا بمنزلة "إلا" لكنها تجر المستثنى، وذهب الجرمي والمازني والمبرد، والزجاجي، والأخفش، وأبو زيد، والفراء، وأبو عمرو إلى أنها تستعمل كثيرًا حرفًا فتخفض بها، وقليلًا فعلًا متعديًا جامدًا لتضمنه معنى "إلا" فتنصب بها، واحتجوا بأنه سمع: اللهم اغفر لي ولمن يسمع "حاشا" الشيطان وأبا الأصبغ، ويقول الشاعر:
حاشا أبا ثوبان إن به ..... ضنا عن الملحاة والشتم
ويروى أيضًا: "حاشا" أبي.
واحتج المبرد أيضًا ببيت النابغة المتقدم، وقد تقدم توهيمه، واستدلوا أيضًا بأنها يدخلها الحذف كقولهم: "حاش" لزيد، والحذف إنما يقع في الأسماء والأفعال دون الحروف، وبأنه يقال: "حاشا" لزيد، وحرف الجر لا يدخل على حرف الجر.
ثالثها: أن تكون اسمًا مرادفًا للتنزيه، فيقال: "حاشا" لله، كما يقال تنزيهًا لله، بدليل قراءة بعضهم: ("حاشًا" لله) بالتنوين، وقراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ("حاش" الله)، كمعاذ الله، وليسا جارا ومجرورًا خلافًا لتوهم ابن عطية ذلك لتنوينها في قراءة بعضهم كما مر ولدخولها على "اللام" في قراءة السبعة، والجار لا يدخل على الجار، وإنما ترك التنوين في قراءتهم، لبناء "حاشا" لشبهها "بحاشا" الحرفية، وزعم المبرد وابن جني والكوفيون أن هذه فعل أيضًا). [مصابيح المغاني: 237 - 242]


رد مع اقتباس