الموضوع: على
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 21 ذو الحجة 1438هـ/12-09-2017م, 03:26 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

(فصل) "على"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "على":
قال المبرد: هي لفظة مشتركة بين الاسم والفعل والحرف،
فتكون اسمًا بمعنى "فوق"، وذلك إذا دخلت عليها "من" قال الشاعر:
غدت من عليه بعدما تم ظمؤها .... تصل وعن قيضٍ ببيداء مجهل
وقال آخر:
غدت من عليه تنفض الطل بعدما .... رأت حاجب الشمس استوى فترفعا
وتكون فعلًا، تقول: "علا" زيدًا سواد، قال طرفة:
وتساقى القوم كأسًا مرة .... وعلا الخيل دماءٌ كالشق
ويروى: و"على" الخيل، بالجر "على" الحرفية.
وللحرفية تسعة معان:
الأول: الاستعلاء، فقد يكون حسيًا كقوله تعالى: {وعليها وعلى الفلك تحملون}، وقد يكون مجازيًا كقوله تعالى: {أو أجد على النار هدًى}، وكقول الشاعر:
....وبات على النار الندى والمحلق ....
أي: بالقرب منها، وقد يكون معنويًا كقوله تعالى: {ولهم علي ذنبٌ}، وقوله تعالى: {فضلنا بعضهم على بعض}، وقول القائل: أنا "على" الحج وأنا "على" ما عهدتني، هذا ترتيب ابن هشام.
ويظهر لي أن الاستعلاء بـ "على" ينقسم إلى حسي وإلى معنوي كما ذكر وأن قوله تعالى: {أو أجد على النار هدى}، معناه "عند" النار وتكون معانيها عشرة والله تعالى أعلم.
الثاني: المجاوزة كـ "عن" قال الشاعر:
....أرمي عليها وهي فرعُ أجمع ....
وقال القحيف العقيلي:
إذا رضيت على بنو قشيرٍ .... لعمر الله أعجبني رضاها
أي: "عني"، ويحتمل أن رضي ضمن معنى عطف، وقال الكسائي: حمل "على" نقيضه وهو سخط، وقال آخر:
في ليلة لا نرى بها أحدًا .... يحكي علينا إلا كواكبها
أي: "عنا"، وقيل: ضمن يحكي معنى ينم.
الثالث: المصاحبة كـ "مع" كقول الله سبحانه: {وآتى المال على حبه}، وقوله تعالى: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم}.
الرابع: التعليل كـ "اللام" كقوله تعالى: {ولتكبروا الله على ما هداكم}، أي: لهدايته إياكم، قال الشاعر:
علام تقول الرمح يثقل عاتقي .... إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت
الخامس: الظرفية كـ "في" قال الله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها}، وقال تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان}.
قال الأعشى:
وصل على حين العشيات والضحى .... ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
ومنه قولهم: كان كذا "على" عهد كذا، أي: "في" عهده.
السادس: تكون بمعنى "من" كقوله تعالى: {إذا اكتالوا على الناس يستوفون}، قال الهذلي يصف كتيبة:
متى ما تنكروها تعرفوها .... على أقطارها علق نفيث
السابع: مرادفه "الباء" كقوله تعالى: {حقيق على أن لا أقول}، وقد قرأه أُبَيُّ "بالباء"، وقالوا: اركب "على" اسم الله، أي : باسم الله، قال امرؤ القيس:
بأي علاقتنا ترغبون .... عن دم عمروٍ على مرثد
أراد: ترغبون عن دم عمرو بدم مرثد وليس بدونه، وقال أبو ذؤيب:
وكأنهن ربابةٌ وكأنه .... يسرٌ يفيض على القداح ويصدع
أراد: يفيض بالقداح: أي يضرب بها والربابة: رقعة تجمع فيها قداح إلا أنه أراد في البيت القداح نفسها؛ لأنه يصف أتنًا وحمارًا، فشبه الأتن بالقداح، وشبه الحمار باليسر، وهو صاحب الميسر، وقوله: ويصدع، أي: يفرق.
الثامن: تكون زائدة للتعويض، كقول الشاعر:
إن الكريم وأبيك يعتمل .... إن لم يجد يومًا على من يتكل
أي: من يتكل "عليه"، فحذف "عليه"، وزاد "على" قبل الموصول تعويضًا، قاله ابن جني.
التاسع: تكون للاستدراك والإضراب، كقولك: فلان لا يدخل الجنة لسوء صنيعه "على" أنه لا ييأس من رحمة الله، قال الشاعر:
فوالله لا أنسى قتيلًا رزئته .... بجانب قوسي ما بقيت على الأرض
على أنه تعفو الكلوم وإنما .... نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي
وقال آخر:
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا .... على أن قرب الدار خير من البعد
ثم قال:
علي أن قرب الدار ليس بنافع .... إذا كان من تهواه ليس بذي ود
أبطل بـ "على" الأولى عموم قوله: فلم يشف ما بنا، فقال: بلى إن فيه شفاء ما، ثم أبطل بالثانية قوله:
.... على أن قرب الدار خيرٌ من البعد ....).
[مصابيح المغاني: 280 - 287]


رد مع اقتباس