الموضوع: لولا
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:56 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



باب: مواضع "لَوْلا"

قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: مواضع "لَوْلا"
اعلم أن لها أربعة مواضع:
تكون استفهامًا: بمعنى "هلا"، كقولك: «
"لولا" سألتنا»، «"لولا" أتيتنا»، قال الله عز وجل: {لولا أخرتني إلى أجلٍ قريبٍ فأصدق}، {لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرًا}.
وتكون خبرًا: بمعنى امتناع شيءٍ لأجل شيء، أو وقوع شيءٍ لأجل شيءٍ، كقولك: «
"لولا" زيدٌ لجئتك»، أي: امتناعي عن المجيء إليك من أجل زيد، فـ «زيدٌ» رفع بالابتداء، وخبره محذوف لعلم السامع به، تقديره: "لولا" زيدٌ حاضرٌ أو عندك أو أهابه أو أكرمه أو ما أشبه ذلك مما يعرفه المخاطب لجئتك و«لجئتك» جواب "لولا" ولا بد لـ "لولا" في هذا المعنى من جواب.
وتدخل "اللام" في جواب
"لولا" للتوكيد، قال الله تبارك وتعالى: {لولا أنتم لكنا مؤمنين}، وقال: {فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون}، وقال تعالى: {لولا كتابٌ من الله سبق لمسكم}، وتقول: «"لولا" زيدٌ لما صرت إليك»، أي: كان مصيري إليك من أجل زيدٍ.
قال الشاعر:
والله لولا الله ما اهتدينا .... ولا تصدقنا ولا صلينا
وربما جاء "لوما" في مثل هذا المعنى، أنشد الفراء لبعض بني أسد:
لوما هوى عرس كميت لم أبل .... على كميت بن أنيف ما فعل
وقوله: «أبل» أصله: «"لم" أبالي» من «باليت» فحذف "الياء" للجزم وسكنت "اللام" عند الوقف، فالتقى ساكنان، وهما "الألف" و"اللام"، فحذفت "الألف" لالتقاء الساكنين فصار: "لم" أبل.
والموضع الثالث: تكون
"لولا" للتحضيض، كقولك: «"لولا" فعلت كذا وكذا»، قال الله تبارك وتعالى: {فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفة}، فهذا معنى التحضيض، ومثله قوله عز وجل: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار}، {لولا جاءوا عليه بأربعة شهدا}، وقال الفرزدق:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم .... بني ضو طرى لولا الكمي المقنعا
نصب «الكمي» بإضمار فعل، بإضمار فعلٍ، يريد: "لولا" تعدون الكمي، أي: ليس فيكم كمي، و"لولا" في هذين الموضعين بمنزلة "هلا".
وحروف التحضيض أربعة: «"هلا"، و"ألا"، و"لوما"، و
"لولا"»، تقول: «"هلا" تفعل»، و«"ألا" تفعل»، و«"لولا" تفعل»، و«"لوما" تفعل»، المعنى: افعل.
والموضع الرابع: تكون
"لولا" جحدًا بمعنى "لم"، كقوله عز وجل: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس} معناه: "لم" تكن قرية آمنت عند نزول العذاب فنفعها إيمانها إلا قوم يونس، وكذلك قوله: {فلولا كان من القرون من قبلكم}، أي: "فلم" يكن.
واعلم أن
"لولا" إذا كان معناها الخبر، فأكثر ما يليها الاسم كقولك: «"لولا" زيد لقمت معك»، وربما وليها الفعل كما قال الشاعر:
لله درك، إني قد رميتهم .... لولا حددت، ولا عذرى لمحدود
أي: "لولا" الحد والحرمان.
وإذا كان معناها الاستفهام أو التحضيض أو
"لم" فلا يليها إلا الفعل، لأن التحضيض والاستفهام إنما يقع على الفعل، ومتى وليها الاسم أضمر بعدها الفعل، وذلك قولك لمن قال: «أعطيت زيدًا»: «"لولا" عمرًا»، تريد: "لولا" أعطيت عمرًا كما قال الشاعر:
لولا الكمي المقنعا.
أي: "لولا" تعدون الكمي.
وكذلك إذا ولي الاستفهام اسم فثم ضمير فعلٍ؛ لأن حق الاستفهام أن يكون للفعل، وذلك أن قائلًا لو قال: «جئتك ماشيًا»، لقلت: «
"فهلا" راكبًا»، التقدير: "فهلا" جئتني راكبًا.
فإذا أتيت بالمكنى بعد
"لولا" فلك وجهان:
إن شئت أتيت بمكنى المرفوع فقلت: «
"لولا" أنا»، و«"لولا" أنت»، و«"لولا" هو» وهذا هو الأكثر والأجود، قال الله تعالى: {لولا أنتم لكنا مؤمنين}.
وإن شئت وصلت المكنى، فكان كمكنى المخوض في اللفظ فقلت:
"لولاك" و"لولاي"، قال الشاعر:
لولاك ما صمنا ولا صلينا
وقال يزيد بن الحكم الثقفي:
وكم مواطنٍ لولاي طحت كما هو ..... بأجرامه من قلة النيق منهوي
و"الكاف"، و"الياء" في "لولاك" و"لولاي" في موضع خفضٍ عند الخليل وسيبويه، لأن لفظهما لفظ المكنى المخفوض. وقال الفراء والأخفش: إنهما في موضع رفع، لأنهما في موضع «أنت» و«أنا» فاستعير للرفع ها هنا، كما قالوا: «ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا» فاستعير ضمير الرفع للخفض). [الأزهية: 166 - 172]


رد مع اقتباس