الموضوع: مَا
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 08:35 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أبو الحسن علي بن عيسى بن علي بن عبد الله الرماني (ت: 388هـ): (وجوه "ما"
و"ما" ولها عشرة أوجه: خمسة منها أسماء، وخمسة أحرف.
فالخمسة الأول:
1 - إستفهام، نحو: "ما" عندك؟ فتقول: طعام أو شراب أو رجل أو غلام وما أشبه ذلك من الأجناس؛ لأنّها سؤال عن الجنس،
وكذلك قولك: "ما" تقول في زيد؟ فتقول مجيبا خيرا أو شرا، كأنّه قال أي شيء، تقول أي، فقلت خيرا فهذه استفهام.
2 - وجزاء، نحو: "ما" تفعل تجز عليه، ومنه قوله جلّ وعز: {ما يفتح الله للنّاس من رحمة فلا ممسك لها}، وموضع يفتح جزم ب "ما"، والجواب "الفاء" في فلا ممسك.
3 - وموصولة بمعنى "الّذي"، نحو "ما" عندك من المتاع أحب إليّ، ومنه قوله جلّ وعز: {صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}، ولذلك صرفت أحسن من أجل إضافته إلى"ما" الّتي بمعنى "الّذي".
4 - وتكون بمعنى المصدر، نحو: أعجبني "ما" صنعت، أي: صنعك.
5 - وموصوفة، نحو قولك: جئت "بما" خير "من" ذاك، كقولك بشيء خير "من" ذاك، ونظيرها في ذلك من توصف بالنكرة، نحو: مررت "بمن" خير منك، كأنّك قلت: بإنسان خير منك، وقال الشّاعر:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حب النّبي محمّد إنسانا
6 - وتجيء "ما" للتعجب، نحو: "ما" أحسن زيدا، و"ما" أعلم بكرا، وهي في تقدير شيء، كأنّك قلت: شيء حسن زيدا، وموضعها رفع بالابتداء، وخبرها فعل التّعجّب، وهو أحسن، وعلى ذلك قياس الباب.

والخمسة الأخر:
1 - جحود، نحو: {ما هذا بشرا} و {وما أنت إلّا بشر مثلنا}، وأهل الحجاز ينصبون بها الخبر إذا كان منفيا في موضعه، وبنو تميم يرفعونه على كل حال، فيقولون: "ما" زيد قائم، وتقول "ما" قائم زيد، فتجتمع اللغتان فيه لتقديم الخبر، وتقول "ما" زيد إلّا قائم، فترفع عند الجميع لخروج الخبر إلى الإثبات بقولك إلّا، وتقول "ما" زيد قائما أبوه، فإن قلت: "ما" زيد قائم عمرو لم يجز؛ لأنّه ليس من سببه، وكذلك قولك: "ما" أبو زينب قائمة أمها لم يجز، فإن قلت: "ما" أبو زينب قائمة أمه جاز؛ لأن السّبب له.
2 - وصلة، نحو قوله عز وجل: {فبما نقضهم ميثاقهم}، أي: بنقضهم، وكذلك: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، أي: فبرحمة من الله، وكذلك قول الأعشى:
فاذهبي ما إليك أدركني الجد ... عداني عن هيجكم أشغالي
وكذلك قول عنترة:
يا شاة ما قيض لمن حلت له ... حرمت عليّ وليتها لم تحرم
أي: يا شاة قيض.
3 - وكافة، كقول الله عز وجل:{إنّما الله إله واحد}، وكذلك قوله: {إنّما أعظكم بواحدة} و {ربما يود الّذين كفروا}.
ونحو قول الشّاعر:
ربما تجزع النّفوس من الأمر ... له فرجة كحل العقال
ومنه قول الشّاعر أيضا:
أعلاقة أم الوليد بعدما ... أفنان رأسك كالثغام المخلس
لما كف ب "ما" استأنف الكلام بعد ما فقال أفنان رأسك بالرّفع.
4 - ومسلطة، نحو: "حيثما" تكن أكن، ولولا "ما" لم يجز الجواب ب "حيث"، وكذلك قول الشّاعر:
إذا ما تريني اليوم أرخي ظعينتي ... أصوب سيرا في البلاد وأرفع
فإنّي من قوم سواكم وإنّما ... رجالي قوم بالحجاز وأشجع
ومثله قول الآخر:
إذ ما أتيت على الرّسول فقل له ... حقًا عليك إذا اطمأن المجلس
وموضع أتيت جزم ب "إذما"، والجواب "بالفاء" في فقل، و"ما" المسلطة سلطت الحرف على الجزم، ولو لم تكن لم يجزم الحرف.
5 - ومغيرة لمعنى الحرف، نحو: {لو ما تأتينا بالملائكة}، أي: "هلا" تأتينا، لقد غيرت معنى "لو"؛ لأنّه كان معناها في قولك: "لو" كان كذا لكان كذا، وهو وجوب الشّيء لوجوب غيره، فخرجت عن هذا المعنى في قولك: "لوما" إلى معنى "هلا"، فصارت "ما" مغيرة لمعنى "لو"،
وتكون مع الفعل بمنزلة المصدر، نحو شرّ "ما" صنعت، أي: صنيعك، وهي ههنا حرف.
وتكون الصّلة عوضا وغير عوض، نحو قولك: "أما" أنت منطلقًا انطلقت معك، أي: إذ كنت منطلقًا انطلقت معك، فجعل "ما" من كنت، ومنه:
أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
ف "ما" مفصولة من "أن" في الحقيقة، وإن كان بعض الكتاب يكتبها موصولة للإدغام، والأولى تفصل ليتبين أنّهما حرفان، ولا تلتبس بقولك "أما" الّتي هي حرف واحد في قولك "أما" زيد فمنطلق). [منازل الحروف: 35 - 40]


رد مع اقتباس