الموضوع: الكريم -الأكرم
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 27 شعبان 1438هـ/23-05-2017م, 04:57 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)



قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الكريم
الكريم: الجواد، والكريم: العزيز، والكريم: الصفوح. هذه ثلاثة أوجه للكريم في كلام العرب كلها جائز وصف الله عز وجل بها. فإذا أريد بالكريم الجواد أو الصفوح تعلق بالمفعول به لأنه لا بد من متكرم عليه ومصفوح عنه موجود، وإذا أريد به العزيز كان غير مقتض مفعولاً، ويقال «فلان أكرم من فلان»: أي هو أجود منه وأكثر نوالاً، قال عمرو بن معد يكرب الزبيدي يمدح سعيد بن العاص ويذكر سيفًا وهبه له:
حبوت به كريمًا من قريش = فسر به وصين عن اللئام
فقد أبان لك بقوله: «وصين عن اللئام» أنه أراد بالكريم الجواد.
ويقال: «فلان يتكرم على أصحابه» كقوله: «يتسدى عليهم ويتسخى». والكرم: الجود، ويقال: «فلان يكرم علي» أي يعز علي، ويقال للرجل عند طلب الحاجة: «نعم وكرامة» تأويله: أكرمك كرامة أي أعزك وأجللك، ويقال: «فلان أكرم علي من فلان» أي هو أعز علي منه.
قال سيبويه: تقول العرب: «أنت أكرم علي من أن أضربك» تأويله: أنت أكرم علي من ضربك، لأن «أن» مع الفعل بتأويل المصدر، وهذا كلام على ظاهره محال لأنه لا يقال: «فلان أكرم علي من الضرب» ولكن في الكلام حذف تأويله: أنت أكرم علي من صاحب ضربك الذي نسبته إلى نفسك. كما قال عز وجل: {أين شركائي الذين كنتم تزعمون} فنسبهم إل نفسه حكاية لقولهم، كأنه قال: أين شركائي الذين كنتم تزعمون أنهم شركائي؟ كذلك مخرج ذلك الكلام كأن رجلاً قال لآخر: «أنا أخاف أن تضربني» فقال له: أنت أكرم علي من أن أضربك. أي من صاحب ضربك الذي نسبته إلى نفسك.
والكريم: الصفوح أيضًا، يقال: إنه لكريم: أي صفوح، ويقول أهل اللغة: «شاة كريمة»: إذا كانت عند الحلب تستقر وتولي على الحالب صفحة وجهها لأنها تعرض عنها ولا تمنعه من الحب، فكذلك الكريم من الرجال الصفوح كأنه يعرض عن ذنب صاحبه.
والكرم بإسكان الراء -: من الكروم معروف، والكرم أيضًا: القلادة. قال جرير:
لقد ولدت غسان ثالبة الشوى = عدوس السرى لا يقبل الكرم جيدها
وأخبرني أبو العباس الديناري عن عمه قال: وفد محمد بن حازم على الحسن بن سهل فلما دخل عليه أنشأ يقول:
وقالوا لي مدحت فتى كريمًا = فقلت: وكيف لي بفتى كريم
بلوت ومر بي خمسون حولاً = وحسبك بالمجرب من عليم
فما أحد يعد ليوم خير = ولا أحد يرد على حميم
ويعجبني الفتى وأظن خيرًا = فأكشف منه عن رجل لئيم
يقابل بعضهم بعضا فأضحوا = بني أبوين قدا من أديم
وطاف الناس بالحسن بن سهل = طوافهم بزمزم والحطيم
وقالوا: سيد يعطي جزيلا = ويفرج كربة الرجل الكظيم
فقلت: مضى بذم القوم شعري = وقد يؤتي البري من السقيم
وما خبر ترجمه ظنون = بأشفى من معاينة الحليم
فإن يك ما ينشر عنه حقًا = رجعت بأهبة الرجل المقيم
وإن يك غير ذاك حمدت رأيي = وزال الشك عن رجل حكيم
فأمر له بعشرين ألف درهم، فلما قبضها رمى بالعصا وأنشأ يقول:
وأغني الله بالحسن بن سهل = فألقيت العصا وحططت رحلي
كأن الله وكله قيامًا = بحاجة معشر وبجمع شمل
فأنت الدين والدنيا جميعًا = وأنت الناس وحدك يا ابن سهل). [اشتقاق أسماء الله: 176-178]


رد مع اقتباس