الموضوع: حرف الياء
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 07:53 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("الياء"
حرف مهمل، له ثلاثة أقسام:
الأول: أن تكون للإنكار، نحو: أزيد نيه. ألحقت "الياء" بعد كسر التنوين.
الثاني: أن تكون للتذكار، نحو: قدي، إذا أردت أن تقول: قد قام، فوقفت على قد لتذكر ما بعده. وقد تقدم ذلك في "الواو" و"الألف".
الثالث: أن تكون حرفاً يدل على التأنيث والخطاب. وهو "الياء" في تفعلين على مذهب الأخفش والمازني. والصحيح أنها اسم مضمر. والخلاف في ذلك شهير.
وما سوى ذلك، من أقسام "الياء"، فلا يعد من حروف المعاني، "كياء" التصغير، و"ياء" النسب، و"ياء" المضارعة، و"ياء" الإطلاق، و"ياء" الإشباع، وغير ذلك من "الياءات".
فهذا تمام الكلام على الحروف الأحادية. ويتعلق بها مسألة، أختم بها الباب. وهي أن الأصل، في هذه الحروف الأحادية، أن تبنى على السكون، لأن الأصل في المبني أن يسكن. ولكن عارض هذا الأصل أمران: أحدهما أن ما وضع على حرف واحد فحقه أن يقوى بالحركة لضعفه. والثاني أنها عرضة، لأن يبتدأ بها، فاحتاجت إلى الحركة، إذ لا يبتدأ بساكن. فصار أصلها، بهذا الاعتبار، أن تبنى على حركة.
ثم الأصل، في حركتها، أن تكون فتحة، لأنها أخف من الضمة والكسرة. فهي أخت السكون، الذي هو الأصل، في الخفة. وكل هذه الحروف، غير ما لزم السكون، جاء على هذا الأصل، أعني مبنياً على الفتح، إلا ثلاثة أحرف، وهي: "باء" الجر، و"لامه"، و"لام" الأمر.
أما "الباء" فإنها بنيت على الكسر، لأنها عاملة للجر دائماً. فاختاروا لها الكسرة، ليجانس لفظها عملها. وحكى اللحياني الفتح فيها شاذاًَ، قالوا به، ولا يقاس عليه. وذكر ابن جني، عن بعضهم، أن حركتها الفتح مع الظاهر، نحو: مررت بزيد.
وأما "اللام" فإنها تفتح مع المضمر، غير "ياء" المتكلم، على الأصل. وتكسر مع الظاهر، فرقاً بينها وبين "لام" الابتداء، إلا في المستغاث به، والمتعجب منه في النداء، فإنها تفتح فيهما، مراجعة للأصل، لأنهما واقعان موقع الضمير. إذ كل منادى حال محل المضمر. وما ذكرته في "لام" الجر هو اللغة الفصحى. ولغة خزاعة كسر "اللام" مع المضمر، كما تكسر مع الظاهر. وحكى أبو عمرو، ويونس، وأبو عبيدة، وأبو الحسن، أن من العرب من يفتحها مع الظاهر على الإطلاق. ولغة عكل وبالعنبر فتحها، مع الفعل. قال أبو زيد: سمعت من العرب من يقول {وما كان الله ليعذبهم} بفتح "اللام".
وقرأ سعيد ابن جبير، فيما حكى عنه المبرد {وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} بفتح "اللام" الأولى، ونصب الثانية.
وأما "لام" الأمر فإنها كسرت حملاً على "لام" الجر، لأن عملها نقيض عملها. ومن كلامهم حمل النقيض على النقيض، كما يحمل النظير على النظير. وتقدم أنها قد تسكن بعد "الواو" و"الفاء" و"ثم"، وعلة ذلك، فليراجع.
وهذا فصل، أطال فيه النحويون، وما ذكرته فهو خلاصة كلامهم. والله أعلم بالصواب). [الجنى الداني:180 - 184]


رد مع اقتباس