عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27 جمادى الأولى 1434هـ/7-04-2013م, 07:21 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا (22)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {لا تجعل مع اللّه إلهًا آخر فتقعد مذمومًا} [الإسراء: 22] في نقمة اللّه.
{مخذولا} [الإسراء: 22] في عذاب اللّه).
[تفسير القرآن العظيم: 1/126]


تفسير قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وقضى ربّك} [الإسراء: 23] : أمر ربّك.
وقال السّدّيّ: وصّى ربّك.
{وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلا إيّاه وبالوالدين إحسانًا} [الإسراء: 23] يقول: وأمرنا بالوالدين إحسانًا، يعني: برًّا.
تفسير السّدّيّ.
{إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍّ} [الإسراء: 23] أي: إن بلغا عندك الكبر أحدهما فولّيت منهما ما ولّيا منك في صغرك، فوجدت منهما ريحًا يؤذيك فلا تقل لهما أفٍّ.
وتفسير الحسن: {فلا تقل لهما أفٍّ} [الإسراء: 23]، أي: ولا تؤذهما.
{ولا تنهرهما} [الإسراء: 23]، يعني الانتهار في تفسير الحسن.
[تفسير القرآن العظيم: 1/126]
وقال مجاهدٌ: لا تغلّظ لهما.
{وقل لهما قولا كريمًا} [الإسراء: 23] سعيدٌ، عن قتادة، قال: ليّنًا سهلا). [تفسير القرآن العظيم: 1/127]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وقضى ربّك ألاّ تعبدوا...}

كقولك: أمر ربك وهي في قراءة عبد الله (وأوصى ربّك) وقال ابن عباس هي (ووصّى) التصقت واوها. والعرب تقول تركته يقضى أمور الناس أي يأمر فيها فينفذ أمره.
وقوله: {وبالوالدين إحساناً} معناه: وأوصى بالوالدين إحساناً.
والعرب تقول أوصيك به خيراً، وآمرك به خيراً. وكان معناه: آمرك أن تفعل به ثم تحذف (أن) فتوصل الخير بالوصيّة وبالأمر،
قال الشاعر:
عجبت من دهماء إذ تشكونا = ومن أبي دهماء إذ يوصينا
* خيراً بها كأننا جافونا *
وقوله: {إمّا يبلغنّ عندك الكبر} فإنه ثنّى لأن الوالدين قد ذكرا قبله فصار الفعل على عددهما، ثم قال {أحدهما أو كلاهما} على الاستئناف كقوله: {ثمّ عموا وصمّوا} ثم استأنف فقال: {كثيرٌ منهم} وكذلك قوله: {لاهيةً قلوبهم وأسرّوا النّجوى} ثم استأنف فقال: {الذين ظلموا} وقد قرأها ناس كثير {إمّا يبلغنّ عندك الكبر} جعلت {يبلغنّ} فعلا لأحدهما. فكرّرت فكرت عليه كلاهما.
وقوله: {فلا تقل لّهما أفٍّ} قرأها عاصم بن أبي النّجود والأعمش (أفّ) خفضاً بغير نون. وقرأ العوامّ (أفٍّ) فالذين خفضوا ونوّنوا ذهبوا إلى أنها صوت لا يعرف معناه إلاّ بالنطق به فخفضوه كما تخفض الأصوات. من ذلك قول العرب: سمعت طاقٍ طاقٍ لصوت الضرب، ويقولون: سمعت تغٍ تغٍ لصوت الضحك. والذين لم ينوّنوا وخفضوا قالوا: أفّ على ثلاثة أحرف، وأكثر الأصوات إنما يكون على حرفين مثل صه ومثل يغ ومه، فذلك الذي يخفض وينوّن فيه لأنه متحرك الأوّل. ولسنا بمضطرين إلى حركة الثاني من الأدوات وأشباهها فيخفض فخفض بالنون: وشبّهت أفّ بقولك مدّ وردّ إذ كانت على ثلاثة أحرف. ويدلّ على ذلك أنّ بعض العرب قد رفعها فيقول أفّ لك.
ومثله قول الراجز:
سألتها الوصل فقالت مضّ = وحرّكت لي رأسها بالنغض
كقول القائل (لا) يقولها بأضراسه، ويقال: ما علّمك أهلك إلا (مضّ ومضّ) وبعضهم: إلاّ مضّا يوقع عليها الفعل. وقد قال بعض العرب: لا تقولن له أفّا ولا تفّا يجعل كالاسم فيصيبه الخفض الرفع [والنصب] ثبت في والنصب بلا نون يجوز كما قالوا ردّ. والعرب تقول: جعل يتأفّف من ريح وجدها، معناه يقول: أفّ أفّ.
وقد قال الشاعر فيما نوّن:
وقفنا فقلنا إيه عن أمّ سالمٍ = وما بال تكليم الديار البلاقع
فحذف النون لأنها كالأداة، إذا كانت على ثلاثة أحرف، شبّهت بقولهم: جير لا أفعل ذلك،
وقد قال الشاعر:
فقلن على الفردوس أوّل مشرب = أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره).
[معاني القرآن: 2/122-120]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وقضى ربّك أن لا تعبدوا إلاّ إيّاه} مجازه: وأمر ربّك.
{فلا تقل لهما أفّ} تكسر وتضمّ وتفتح بغير تنوين، وموضعه في معناه ما غلظ وقبح من الكلام). [مجاز القرآن: 1/374]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحساناً إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لّهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لّهما قولاً كريماً}
وقال: {فلا تقل لّهما أفٍّ} قد قرئت {أفّ} و{أفّاً} لغة جعلوها مثل {تعساً} وقرأ بعضهم {أفّ} وذلك أن بعض العرب يقول "أفّ لك" على الحكاية: أي لا تقل لهما هذا القول، والرفع قبيح لأنه لم يجيء بعده باللام، والذين قالوا {أفّ} فكسروا كثير وهو أجود. وكسر بعضهم ونّون. وقال بعضهم {أفّي} كأنه أضاف هذا القول إلى نفسه فقال: "أفّي هذا لكما" والمكسور هنا منون، وغير منون على أنه اسم متمكن نحو "أمس" وما أشبهه. والمفتوح بغير نون كذلك.
وقال: {ولا تنهرهما} لأنه يقول: "نهره" "ينهره" وانتهره" "ينتهره"). [معاني القرآن: 2/70-69]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن وأبو عمرو وعاصم بن بهدلة وأهل المدينة وأهل مكة {إما يبلغن عندك الكبر}.
الجحدري وأصحاب عبد الله {إما يبلغان عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} يكون ذلك على البدل؛ كأنه قال: إما يبلغن أحدهما أو كلاهما، على البدل من هذه الألف المضمرة في {إما يبلغان}، والقراءة الأولى أسهل.
الحسن والأعرج {فلا تقل لهما أف} خفض منون.
أبو عمرو {أف} لا ينون.
أهل مكة {أف} فتح بغير نون.
وفيها ست لغات: نصب بنون وغير نون؛ ورفع بنون وغير نون؛ وخفض بنون وغير نون.
وقالوا أيضًا: أفة وتفة له فأنثوا بالهاء؛ وقالوا: أفة وتفة، بتخفيف الفاء؛ وقالوا: أففت بالرجل تأفيفًا: قلت له أف؛ وقال بعضهم: الأف الوسخ بين الظفر، والتف: الشظية تناولها من الأرض ما كانت؛ وكان ابن عباس يقول {فلا تقل لهما أف} أي قذرًا لكما). [معاني القرآن لقطرب: 824]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (وقوله {ولا تنهرهما} فيقال: نهره نهرًا). [معاني القرآن لقطرب: 835]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وقضى ربك}: أمر). [غريب القرآن وتفسيره: 213]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه} أي أمر ربك). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} أي لا تستثقل شيئا من أمرهما، وتضق به صدرا، ولا تغلظ لهما.
والناس يقولون لما يكرهون ويستثقلون: أُفٍّ له.
وأصل هذا نفخك للشيء يسقط عليك من تراب أو رماد وغير ذلك، وللمكان تريد إماطة الشيء عنه لِتَقْعُدَ فيه. فقيل لكل مستثقل: أُفٍّ لك، ولذلك تُحَرَّكُ بالكسر للحكاية، كما يقولون: غاقِ غاقِ، إذا حَكَوْا صوتَ الغراب.
والوجه أن يسكَّن هذا، إلا أنه يُحَرَّك لاجتماع الساكنين، فربما نُوِّنَ، وربما لم يُنَوَّن، وربما حُرِّك إلى غير الكسر أيضا). [تأويل مشكل القرآن: 147]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (وقال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي ووصّى بالوالدين.
وقال النَّمِرُ بن تَوْلَب:
فإنَّ المنيةَ مَن يخشها = فسوفَ تُصادِفُهُ أينمَا
أراد أينما ذهب). [تأويل مشكل القرآن: 217]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (أصل قضى: حتم، كقول الله عز وجل: {فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} أي حتمه عليها.
ثم يصير الحتم بمعان، كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} أي أمر، لأنه لما أمر حتم بالأمر). [تأويل مشكل القرآن: 441]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): (الكريم: الشريف الفاضل...، والكريم: الحسن، وذلك من الفضل.
قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} أي: حسن. وكذلك قوله: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} أي: حسن يبتهج به.
وقال تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، أي حسنا. وهذا وإن اختلف، فأصله الشرف). [تأويل مشكل القرآن: 495] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله سبحانه: {وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما }معناه أمر ربّك
{وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما}
{وبالوالدين إحسانا} أي أمر أن يحسنوا بالوالدين
{إمّا يبلغنّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} ترفع {أحدهما} بـ {يبلغنّ}، و {كلاهما} عطف عليه.
ويقرأ: {يبلغانّ عندك الكبر}، ويكون أحدهما أو كلاهما بدل من الألف.
وقوله: {فلا تقل لهما أفّ}.
في قوله {أفّ} سبع لغات: الكسر بغير تنوين، والكسر بتنوين، والضم بغير تنوين، وبتنوين، وكذلك الفتح بتنوين، وبغير تنوين، وفيها لغة أخرى سابعة لا يجوز أن يقرأ بها، وهي " أفيّ " بالياء، فأمّا الكسر فلالتقاء السّاكنين، وأف غير متمكن بمنزلة الأصوات، فإذا لم تنوّن فهي معرفة، وإذا نون فهو نكرة بمنزلة غاق وغاق في الأصوات، والفتح لالتقاء السّاكنين أيضا، والفتح مع التضعيف حسن لخفة الفتحة وثقل التضعيف والضم، لأن قبله مضموما - حسن أيضا، والتنوين فيه كله على جهة النكرة.
والمعنى: لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما، ومعنى أفّ النتن، وقيل إن أف وسخ الأظفار، والتّف الشيء الحقير نحو وسخ الأذان أو الشظية تؤخذ من الأرض.
ومعنى الآية: لا تقل لهما ما فيه أذى بتبرم، أي إذا كبرا، أو أسنّا فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وبخدمتك، ولا تنهرهما بمعنى: لا تنتهرهما،
أي لا تكلمهما ضجرا صائحا في أوجههما.
يقال نهرته أنهره نهرا، وانتهرته أنتهره انتهارا، بمعنى واحد). [معاني القرآن: 3/234-233]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل ذكره: {وقضى ربك إلا تعبدوا إلا إياه} روى مبارك عن الحسن قال قضى أمر ألا تعبدوا إلا إياه
وروى سفيان عن الأعمش قال قرأ عبد الله بن مسعود ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه). [معاني القرآن: 4/139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {وبالوالدين إحسانا} أي وأمر أن تحسنوا بالوالدين إحسانا). [معاني القرآن: 4/139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : (وقوله جل وعز: {فلا تقل لهما أف}
روى عن مجاهد أنه قال لا تستقذرهما كما كانا لا يستقذرانك والمعنى عن أهل اللغة لا تستثقلهما ولا تغلظ عليهما في القول والناس يقولون لما يستثقلونه أف له وأصل هذا أن الإنسان إذا وقع عليه الغبار أو شيء يتأذى به نفخه فقال أف وقيل إن أف وسخ الأظفار وإن التف الشيء الحقير نحو وسخ الأذن والقول الأول أعرف). [معاني القرآن: 4/140-139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال جل وعز: {ولا تنهرهما} أي لا تكلمهما بصياح ولا بضجر
يقال نهره وانتهره بمعنى واحد وبين هذا بقوله: {وقل لهما قولا كريما} ). [معاني القرآن: 4/140]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وقضى ربك} أي: أمر ربك - هاهنا). [ياقوتة الصراط: 306]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وقَضَى}: أمر). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة} [الإسراء: 24] سفيان، عن هشام بن عمرٍو، عن أبيه، قال: لا تمتنع من شيءٍ أحبّاه.
- سعيد بن عبد العزيز، عن مكحولٍ، أنّ رسول اللّه عليه السّلام أوصى بعض أهل بيته، فكان فيما أوصاه به أن أطع والديك وإن أمراك أن تخرج من مالك كلّه فافعل.
قوله: {وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيرًا} [الإسراء: 24] هذا إذا كانا مسلمين، وإذا كانا مشركين فلا تقل: {ربّ ارحمهما} [الإسراء: 24].
هذا الحرف منسوخٌ نسخه: {ما كان للنّبيّ والّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} [التوبة: 113].
- أشعث، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه عبد اللّه بن عمرٍو، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «رضا الرّبّ مع رضا الوالد وسخط الرّبّ مع سخط الوالد».
- المعلّى، عن أبان بن أبي عيّاشٍ، عن محمّد بن المنكدر، عن ابن عبّاسٍ، قال:
[تفسير القرآن العظيم: 1/127]
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من أصبح مرضيًّا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنّة، ومن أمسى مثل ذلك وإن كان واحدٌ فواحدٌ، ومن أصبح مسخطًا لوالديه أصبح له بابان مفتوحان من النّار ومن أمسى مثل ذلك وإن كان واحدٌ فواحدٌ وإن ظلماه، وإن ظلماه، وإن ظلماه».
- خالدٌ، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ فوق كلّ برٍّ برًّا حتّى إنّ الرّجل ليهريق دمه للّه، وإنّ فوق كلّ فجورٍ فجورًا حتّى إنّ الرّجل يعقّ والديه»). [تفسير القرآن العظيم: 1/128]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {واخفض لهما جناح الذّلّ...}

بالضمّ قرأها العوامّ. ... حدثني هشيم عن أبي بشر جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير أنه قرأ {واخفض لهما جناح الذّلّ} بالكسر.
قال: حدثنا الفراء وحدثني الحكم بن ظهير عن عاصم بن أبي النّجود أنه قرأها (الذّلّ) بالكسر. قال أبو زكريا: فسألت أبا بكر عنها فقال: قرأها عاصم بالضمّ.
والذلّ من الذلّة أن يتذلّل وليس بذليل في الخلقة، والذّلّة والذّلّ مصدر الذليل والذّلّ مصدر للذلول؛ مثل الدابّة والأرض. تقول: جملٌ ذلول، ودابّة ذلول، وأرض ذلول بيّنة الذّلّ). [معاني القرآن: 2/122]
قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع {جناح الذل}.
[معاني القرآن لقطرب: 824]
سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم "الذل" بالكسر؛ وقالوا: دابة ذلول؛ للخاضعة منها، وقد ذلت ذلا وذلا). [معاني القرآن لقطرب: 825]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة وقل ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا }
وتقرأ الذّل - بكسر الذّال - ومعنى {اخفض لهما جناح الذل}.
أي ألن لهما جانبك متذلّلا لهما، من مبالغتك في الرحمة لهما.
ويقال: رجل ذليل بين الذلّ، وقد ذل يذلّ ذلا، ودابّة ذلول. بين الذل، ويجوز أن جميعا في الإنسان). [معاني القرآن: 3/235-234]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} قرأ سعيد بن جبير ويحيى بن وثاب وعاصم الجحدري
{واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} بكسر الذال ومعنى الضم كن لهما بمنزلة الذليل المقهور إكراما وإعظاما وتبجيلا
وروى هشام بن عروة عن أبيه وبعضهم يقول عن عائشة واخفض لهما جناح الذل من الرحمة هو أن يطيعهما ولا يمتنع من شيء أراداه وقال عطاء لا ترفع يدك عليهما
وقال سعيد بن المسيب هو قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ
ويقال ذل يذل ذلا وذلة ومذلة فهو ذاك وذليل ومعنى الذل بالكسر السمح عنهما يقال رجل ذليل بين الذل إذا كان سمحا لينا مواتيا
وكذلك يقال دابة ذلول بين الذل إذا كان مواتيا ومنه وذللت قطوفها تذليلا). [معاني القرآن: 4/142-141]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا (25)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ربّكم أعلم بما في نفوسكم} [الإسراء: 25]، يعني: بما في قلوبكم.
تفسير السّدّيّ: من برّ الوالدين.
{إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين غفورًا} [الإسراء: 25] الأوّاب: التّائب، الرّاجع عن ذنبه.
سفيان الثّوريّ، ونعيم بن يحيى، عن الأعمش، عن مجاهدٍ قال: الأوّاب: الّذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها.
سفيان، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سعيد بن المسيّب، قال: هو الّذي يذنب ثمّ يتوب، ثمّ يذنب ثمّ يتوب.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: {فإنّه كان للأوّابين غفورًا} [الإسراء: 25] هم المطيعون، وأهل الصّلاة). [تفسير القرآن العظيم: 1/128]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {فإنّه كان للأوّابين غفوراً} أي للتّوابين من الذنوب).
[مجاز القرآن: 1/374]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {للأوابين}: التوابين). [غريب القرآن وتفسيره: 214]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( الأواب التائب مرة بعد مرة. وكذلك التواب، وهو من آب يؤوب، أي رجع). [تفسير غريب القرآن: 253]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {ربّكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنّه كان للأوّابين}
الأواب بمعنى التواب، والراجع إلى الله في كل ما أمر به، المقلع عن جميع ما نهى عنه، يقال قد آب يؤوب أوبا إذا رجع). [معاني القرآن: 3/235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {ربكم أعلم بكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا}
روى شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير قال الأوابون الراجعون إلى الخير كما في قول الله إنه أواب
قال أبو جعفر قرئ على الفريابي عن قتيبة قال حدثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن حنش بن عبد الله عن ابن عباس انه قال الأواب الحفيظ الذي إذا ذكر خطاياه استغفر منها
وروى سفيان عن منصور عن مجاهد عن عبيد بن عمير في قوله تعالى: {إنه كان للأوابين غفورا} قال هم الذين يذكرون ذنوبهم في الخلا ثم يستغفرون الله
وروى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب يتوب
قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة والأصل في هذا أنه يقال آب يئوب إذا رجع فهو آيب وأواب على التكثير). [معاني القرآن: 4/143-142]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {للأوابين} أي: التوابين). [ياقوتة الصراط: 307]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {الأوَّابين}: التوابين). [العمدة في غريب القرآن: 181]

تفسير قوله تعالى: {وَآَتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وآت ذا القربى حقّه} [الإسراء: 26]، يعني: ما أمر اللّه به من صلة القرابة.
سعيدٌ، عن قتادة، قال: يقال: إن كان لك مالٌ فصله بمالك، وإن لم يكن لك مالٌ فامش إليه برجلك.
[تفسير القرآن العظيم: 1/128]
أبو الأشهب، عن الحسن، قال: حقّ الرّحم ألا تحرمها وتهجرها.
- فطرٌ، عن مجاهدٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ الرّحم معلّقةٌ بالعرش، وليس الواصل المكافئ، ولكنّ الّذي إذا انقطعت رحمه وصلها ".
قوله: {والمسكين وابن السّبيل} [الإسراء: 26] هما صنفان من أهل الزّكاة الواجبة.
وكانت نزلت قبل أن يسمّى أهل الزّكاة.
{ولا تبذّر تبذيرًا} [الإسراء: 26] لا تنفق في غير حقٍّ.
شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن عياضٍ، عن ابن مسعودٍ، قال: النّفقة في غير حقّها.
- المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما أنفقتم في سبيل اللّه فلكم، وما أنفقتم على أنفسكم فلكم، وما أنفقتم على عيالكم فلكم، وما تركتم فللوارث».
- يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن الحارث، عن عليٍّ، قال: ما أنفقت على نفسك فلك، وما أنفقت على عيالك فلك، وما أنفقت رياءً وسمعةً فهو للمختطف، يعني: الشّيطان). [تفسير القرآن العظيم: 1/129]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) :
(وقوله: {وآت ذا القربى حقّه والمسكين وابن السّبيل ولا تبذّر تبذيرا }

{ولا تبذّر تبذيرا}.
معناه لا تسرف، وقيل: التبذير النفقة في غير طاعة اللّه، وقيل كانت الجاهلية تنحر الإبل وتبذّر الأموال، تطلب بذلك الفخر والسمعة وتذكر ذلك في أشعارها، فأمر اللّه - عزّ وجلّ - بالنفقة في وجوههما فيما يقرّب منه ويزلف عنده). [معاني القرآن: 3/235]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( وقوله جل وعز: {وآت ذا القربى حقه} قال عكرمة أي صلته التي تريد أن تصله بها). [معاني القرآن: 4/143]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت: 338هـ) : ( ثم قال تعالى: {والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا}
روى حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال التبذير النفقة في غير طاعة الله وكذلك روى عن عبد الله بن مسعود إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين معنى إخوان الشياطين أي في المعصية لما عصوا وعصا أولئك جمعتهم المعصية فسموا إخوانا وكلما جمعت شيئا إلى شيء فقد آخيت بينهما ومنه إخاء النبي صلى الله عليه وسلم له بين أصحابه). [معاني القرآن: 4/144]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {إنّ المبذّرين كانوا إخوان الشّياطين} [الإسراء: 27] يعني في الدّين والولاية.
تفسير السّدّيّ.
قال يحيى: يعني المشركين ينفقون في معاصي اللّه فهو للشّيطان، وما أنفق المؤمن لغير اللّه لا يقبله اللّه منه، وإنّما هو للشّيطان.
[تفسير القرآن العظيم: 1/129]
- مندل بن عليٍّ، عن الأعمش، عن الحكم بن عتيبة، عن يحيى بن الجزّار، قال: قال رجلٌ لابن مسعودٍ: ما المبذّرون؟ قال: الإنفاق في غير حقٍّ.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ، قال: المبذّرون: المنفقون في غير حقٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 1/130]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ):
( {المبذّرين} المبذّر هو المسرف المفسد العائث).
[مجاز القرآن: 1/374]

قال قطرب محمد بن المستنير البصري (ت: 220هـ تقريباً) : (الحسن "كانوا إخوان الشيطان" يجعله واحدًا.
وقراءة العامة {الشياطين} ). [معاني القرآن لقطرب: 825]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {إنّ المبذّرين كانوا إخوان الشّياطين وكان الشّيطان لربّه كفورا } أي يفعلون ما يسول لهم الشيطان). [معاني القرآن: 3/235]


رد مع اقتباس