عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 20 جمادى الآخرة 1440هـ/25-02-2019م, 09:16 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

إدخال المصحف في أماكن التخلي ونحوها ..

قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (لا خلاف بين أهل العلم فى حظر إدخال المصحف فى أماكن التخلى لغير ضرورة , لكون الدخول بها مع انتفاء الضرورة ضربا من الأمتهان للمصاحف , وإخلالا بما يجب لها من التعظيم , ولما روى من نزعه عليه السلام خاتمه عند دخوله الخلاء , صيانة لما عليه من الذكر . بيد أن تعبير أهل العلم عن هذا الخطر قد {88}
اختلف , فمنهم من عبر عنه بالتحريم حتى قال بعض المحققين منهم , بأنه لا يتوقف عن القول بالتحريم عاقل , وهو محمول على حال انتفاء الضرورة أو الحاجة , ويأتى فى كلام المرداوى قريبا , ومنهم من عبر بالكراهة , ومراده الكراهة التحريمية بناء على أصله فى كل ما كان المانع فيه ظنيا , وهو صنيع فقهاء الحنفية . ومنهم من عبر عنه بالكراهة , وأطلق كالشافعية , ولم يظهر لى وجه إطلاقه هذا , بل إن منهم من لم يقل بحظر إدخال المصحف إلى الخلاء لذات الإدخال , وإنما بنى القول بالحظر على كونه حملا للمصحف حال الحدث , وهو ظاهر كلام الشمس الرملى فى فتاويه .
فعلى قول الجمهور يحرم الدخول بالمصحف إلى الخلاء , وأماكن قضاء الحاجة , سواء كان ذلك فى البنيان أو خارجها , لاعتبار ذلك منافيا لما يجب من {89}
التعظيم للمصحف , ويعد استخفاف به ما لم تدع إلى ذلك ضرورة , كخوف ضياع , أو وقوع بيد من ينتهكه من كافر , أو مجنون , أو ما فى حكمه , كطفل وبهيمة , أو خوف عرق , أو حرق مثلا . قالوا : فإذا وجب نزع خاتم عليه مكتوب ذكر , وتعينت تنحيته عن دخول الخلاء صيانة لذكر الله عزوجل عن الامتهان , فلأن يجب ذلك فى حق المصحف من طريق الأولى .
وقد ذهب إلى القول بتحريم إدخال المصاحف إلى أماكن التخلى ما لم تدع إلى ذلك ضرورة جمهور أهل العلم , كما سلف , وهو مقتضى كلام فقهاء الحنفية , وبه صرح فقهاء المالكية , ومال إليه الأذرعى والرملى من {90 }
الشافعية , وهو الذى صرح به أصحابنا الحنابلة , حتى قال المرداوى وهو من محققيهم : ( قلت : أما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك فى تحريمه قطعا ولايتوقف فى هذا عاقل ).
بل صرح بعض الفقهاء بتحريم إدخال المصحف إلى الخلاء , وما فى حكمه : يستوى فيه حال قاصد قضاء الحاجة , وحال من دخله لغرض آخر كأخذ شئ منه مثلا , بل ألحق بعضهم بالحكم المذكور حكم كل مكان دنئ كحمام , وفندق , وملهى , وبيت ظالم , وزريبة حيوان , واسطبل مثلا , إذ يعد إدخال المصحف فى هذه وأمثالها ضربا من الامتهان للمصحف .
وفرق بعض الفقهاء بين المصحف الكامل وبين ما كتب منه فى نحو صحيفة , وكالمكتوب على الدراهم , والتعاويذ , فمنعه فريق قياسا على المصحف , ورخص فيه آخرون لعموم البلوى , ومشقة التحرز , ولوجود هذه الأشياء مع معظم الناس فى غالب أوقاتهم وحاجتهم الماسة إلى حملها فى أكثر أحيانهم . وفرقت طائفة ثالثة بين ما {91}
كان منها بساتر كالجيب مثلا , وبين ما كان مكشوفا , فأجازته فى الأولى ومنعته فى الثانية , على أن الجميع قد اتفقوا فى استحباب تنحيتها عند الدخول إلى المواطن المذكورة , إجلالا لذكر الله وإيفاء ومراعاة لما يستحقه من التعظيم والتكريم . والله أعلم بالصواب ){92}

رد مع اقتباس