عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 01:01 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد (38) يا قوم إنّما هذه الحياة الدّنيا متاعٌ وإنّ الآخرة هي دار القرار}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن المؤمن باللّه من آل فرعون {وقال الّذي آمن} من قوم فرعون لقومه: {يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد} يقول: إن اتّبعتموني فقبلتم منّي ما أقول لكم، بيّنت لكم طريق الصّواب الّذي ترشدون إذا أخذتم فيه وسلكتموه وذلك هو دين اللّه الّذي ابتعث به موسى يقول: {يا قوم إنّما هذه الحياة الدّنيا متاعٌ} ). [جامع البيان: 20/329]

تفسير قوله تعالى: (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ({يا قوم إنّما هذه الحياة الدّنيا متاعٌ} يقول لقومه: ما هذه الحياة الدّنيا العاجلة الّتي عجّلت لكم في هذه الدّار إلاّ متاعٌ تستمتعون بها إلى أجلٍ أنتم بالغوه، ثمّ تموتون وتزول عنكم {وإنّ الآخرة هي دار القرار} يقول: وإنّ الدّار الآخرة هي دار القرار الّتي تستقرّون فيها فلا تموتون ولا تزول عنكم، يقول: فلها فاعملوا، وإيّاها فاطلبوا.
وبنحو الّذي قلنا في معنى قوله: {وإنّ الآخرة هي دار القرار} قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وإنّ الآخرة هي دار القرار} استقرّت الجنّة بأهلها، واستقرّت النّار بأهلها). [جامع البيان: 20/329-330]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 39 - 40
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف سنة). [الدر المنثور: 13/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحياة الدنيا متاع وليس من متاعه شيء خيرا من المرأة الصالحة التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك). [الدر المنثور: 13/42]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وإن الآخرة هي دار القرار} استقرت الجنة بأهلها واستقرت النار بأهلها {من عمل سيئة} قال: الشرك {فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا} أي خيرا {من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان). [الدر المنثور: 13/42]

تفسير قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها قال من عمل شركا). [تفسير عبد الرزاق: 2/182]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من عمل سيّئةً فلا يجزى إلاّ مثلها ومن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فأولئك يدخلون الجنّة يرزقون فيها بغير حسابٍ}.
يقول: من عمل بمعصية اللّه في هذه الحياة الدّنيا، فلا يجزيه اللّه في الآخرة إلاّ سيّئةً مثلها، وذلك أن يعاقبه بها؛ {ومن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى} يقول: ومن عمل بطاعة اللّه في الدّنيا، وائتمر لأمره، وانتهى فيها عمّا نهاه عنه من رجلٍ أو امرأةٍ، وهو مؤمنٌ باللّه {فأولئك يدخلون الجنّة} يقول: فالّذين يعملون ذلك من عباد اللّه يدخلون في الآخرة الجنّة.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {من عمل سيّئةً فلا يجزى إلاّ مثلها} أي شركًا السّيّئة عند قتادة شركٌ {ومن عمل صالحًا} أي خيرًا {من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ}.
وقوله: {يرزقون فيها بغير حسابٍ} يقول: يرزقهم اللّه في الجنّة من ثمارها، وما فيها من نعيمها ولذّاتها بغير حسابٍ.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يرزقون فيها بغير حسابٍ} قال: لا واللّه ما هناكم مكيالٍ ولا ميزانٍ). [جامع البيان: 20/330-331]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {وإن الآخرة هي دار القرار} استقرت الجنة بأهلها واستقرت النار بأهلها {من عمل سيئة} قال: الشرك {فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا} أي خيرا {من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب} لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان). [الدر المنثور: 13/42] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ فأولئك يدخلون الجنة بنصب الياء). [الدر المنثور: 13/42]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال مجاهدٌ: " {إلى النّجاة} [غافر: 41] الإيمان). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال مجاهدٌ إلى النّجاة إلى الإيمان وصله الفريابيّ من طريق بن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ بهذا). [فتح الباري: 8/555]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد إلى النجاة الإيمان ليس له دعوة يعني الوثن يسجرون توقد بهم النّار تمرحون تبطرون وكان العلاء بن زياد يذكر النّار فقال رجل لم تقنط النّاس فقال وأنا أقدر أن أقنط النّاس والله عزّ وجلّ يقول {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ويقول {وأن المسرفين هم أصحاب النّار} ولكنّكم تحبون أن تبشروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم وإنّما بعث الله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم مبشرا بالجنّة لمن أطاعه ومنذرا بالنّار لمن عصاه
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 41 غافر {أدعوكم إلى النجاة} قال إلى الإيمان باللّه). [تغليق التعليق: 4/299] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال مجاهدٌ: إلى النّجاة إلى الإيمان
أي قال مجاهد في قوله تعالى: {ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النّار} (غافر: 41) وفسّر قوله: إلى النجاة، بقوله: إلى الإيمان). [عمدة القاري: 19/148]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح ({إلى النجاة}) في قوله تعالى: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} [غافر: 41] هي (الإيمان) المنجي من النار). [إرشاد الساري: 7/324]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النّجاة وتدعونني إلى النّار (41) تدعونني لأكفر باللّه وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفّار}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا المؤمن لقومه من الكفرة: {ما لي أدعوكم} يا قوم {إلى النّجاة} من عذاب اللّه وعقوبته بالإيمان به، واتّباع رسوله موسى، وتصديقه فيما جاءكم به من عند ربّه {وتدعونني إلى النّار} يقول: وتدعونني إلى عمل أهل النّار.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ما لي أدعوكم إلى النّجاة} قال: الإيمان باللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ما لي أدعوكم إلى النّجاة وتدعونني إلى النّار} قال هذا مؤمن آل فرعون، قال: يدعونه إلى دينهم والإقامة معهم). [جامع البيان: 20/331]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مالي أدعوكم إلى النجاة يعني الإيمان بالله عز وجل). [تفسير مجاهد: 565]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 45
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} قال: إلى الإيمان وفي قوله {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا} قال: الوثن ليس بشيء {وأن المسرفين} السفاكين الدماء بغير حقها {هم أصحاب النار} ). [الدر المنثور: 13/43]

تفسير قوله تعالى: (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {تدعونني لأكفر باللّه} يقول لهم: تدعونني إلى أن أكفر باللّه، {وأشرك به ما ليس لي به علمٌ} يقول: وأشرك باللّه في عبادته أوثانًا، لست أعلم أنّه يصلح لي عبادتها وإشراكها في عبادة اللّه، لأنّ اللّه لم يأذن لي في ذلك بخبرٍ ولا عقلٍ.
وقوله: {وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفّار} يقول: وأنا أدعوكم إلى عبادة العزيز في انتقامه ممّن كفر به، الّذي لا يمنعه إذا انتقم عدوٌّ له شيءٌ، الغفّار لمن تاب إليه بعد معصيته إيّاه، بعفوه عنه، فلا يضرّه شيءٌ مع عفوه عنه، يقول: فهذا الّذي هذه الصّفة صفته فاعبدوا، لا ما لا ضرّ عنده ولا نفع). [جامع البيان: 20/332]

تفسير قوله تعالى: (لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن رجلٍ عن مجاهدٍ في قوله: {إن المسرفين هم أصحاب النار} قال: سفكة الدماء بغير حقها [الآية: 43]). [تفسير الثوري: 263]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {ليس له دعوةٌ} [غافر: 43] يعني الوثن). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله ليس له دعوةٌ يعني الوثن وصله الفريابيّ أيضًا عن مجاهدٍ بلفظ الأوثان). [فتح الباري: 8/555]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد إلى النجاة الإيمان ليس له دعوة يعني الوثن يسجرون توقد بهم النّار تمرحون تبطرون وكان العلاء بن زياد يذكر النّار فقال رجل لم تقنط النّاس فقال وأنا أقدر أن أقنط النّاس والله عزّ وجلّ يقول {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ويقول {وأن المسرفين هم أصحاب النّار} ولكنّكم تحبون أن تبشروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم وإنّما بعث الله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم مبشرا بالجنّة لمن أطاعه ومنذرا بالنّار لمن عصاه
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 41 غافر {أدعوكم إلى النجاة} قال إلى الإيمان باللّه
وفي قوله 43 غافر {ليس له دعوة في الدّنيا} قال الأوثان). [تغليق التعليق: 4/299] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (ليس له دعوةٌ يعني للوثن
أشار به إلى قوله تعالى: {لا جرم إنّما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدّنيا ولا في الآخرة} (غافر: 43) وقال: ليس للوثن دعوة، هذا من تتمّة كلام الرجل الّذي آمن بموسى عليه السّلام، وهو الّذي أخبر الله تعالى عنه بقوله: {وقال الّذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد} (غافر: 38) وكان من آل فرعون يكتم إيمانه منه ومن قومه، وعن السّديّ ومقاتل: كان ابن عم فرعون، وعن ابن عبّاس، أن اسمه حزقيل، وعن وهب بن منبّه: خزيبال، وعن إسحاق: خزبيل، وقيل: حبيب). [عمدة القاري: 19/148]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (ليس له دعوة يعني الوثن) الذي تعبدونه من دون الله تعالى ليست له استجابة دعوة أو ليست له عبادة في الدنيا لأن الوثن لا يدّعي ربوبية ولا يدعو إلى عبادته وفي الآخرة يتبرأ من عابديه). [إرشاد الساري: 7/324]

قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وكان العلاء بن زيادٍ يذكّر النّار، فقال رجلٌ: لم تقنّط النّاس، قال: وأنا أقدر أن أقنّط النّاس، واللّه عزّ وجلّ يقول: {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه} [الزمر: 53] ويقول {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} [غافر: 43] ولكنّكم تحبّون أن تبشّروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم، وإنّما بعث اللّه محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم مبشّرًا بالجنّة لمن أطاعه، ومنذرًا بالنّار من عصاه "). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وكان العلاء بن زيادٍ يذكّر النّار هو بتشديد الكاف أي يذكّر النّاس النّار أي يخوّفهم بها قوله فقال رجلٌ لم أقف على اسمه قوله لم بكسر اللّام للاستفهام تقنّط بتشديد النّون وأراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الآية الأخرى قل يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا فنهاهم عن القنوط من رحمته مع قوله إنّ المسرفين هم أصحاب النّار استدعاءً منهم الرّجوع عن الإسراف والمبادرة إلى التّوبة قبل الموت وأبو العلاء هذا هو العلاء بن زيادٍ البصريّ تابعيٌّ زاهدٌ قليل الحديث وليس له في البخاريّ ذكرٌ إلّا في هذا الموضع ومات قديمًا سنة أربع وتسعين). [فتح الباري: 8/555]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وأما قول العلاء بن زياد ...... ). [تغليق التعليق: 4/300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وكان العلاء بن زيادٍ يذكّر النّار فقال رجلٌ لم تقنّط النّاس قال وأنا أقدر أن أقنّط النّاس والله عزّ وجلّ يقول: {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} (الزمر: 53) ويقول: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} (غافر: 43) ولكنّكم تحبّون أن تبشّروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم وإنّما بعث الله محمّداً صلى الله عليه وسلم مبشّراً بالجنّة لمن أطاعه ومنذراً بالنّار من عصاه.
العلاء بن زياد، بكسر الزّاي وتخفيف الياء آخر الحروف العدوي البصريّ التّابعيّ الزّاهد، قليل الحديث وليس له في البخاريّ ذكر إلاّ في هذا الموضع، مات قديما سنة أربع وتسعين. قوله: (يذكر النّار) ، قال بعضهم: هو بتشديد الكاف. قلت: ليس بصحيح بل هو بالتّخفيف على ما لا يخفى. قوله: (لم تقنط النّاس)؟ من التقنيط لا من قنط يقنط قنوطاً، وهو أشد اليأس من الشّيء، وأصل: لم لما فحذفت الألف وهي استفهام. قوله: (أن تبشروا) ، على صيغة المجهول من التبشير. قوله: (ومنذراً) ، ويروى: ينذر. قوله: (من عصاه) ، ويروى: لمن عصاه). [عمدة القاري: 19/148-149]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وكان العلاء بن زياد) العدوي البصري التابعي الزاهد وليس له في البخاري إلا هذا (يذكر) بفتح أوله وتخفيف الكاف ولأبي ذر يذكر بضم أوله وتشديد الكاف مصحّحًا عليها في الفرع كأصله ولم يذكر الحافظ ابن حجر غيرها. وقال في انتقاض الاعتراض: إنها الرواية، واعترض العيني ابن حجر في التشديد وصحّح التخفيف أي يخوف الناس (النار)، فهو على حذف أحد المفعولين (فقال) له (رجل) لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمه مستفهمًا (لم تقنط الناس) أي من رحمة الله (قال) ولأبي ذر فقال: (وأنا أقدر أن أقنط الناس والله عز وجل يقول: ({يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله}) [الزمر: 53] ويقول: ({وأن المسرفين}) في الضلالة والطغيان كالإشراك وسفك الدماء ({هم أصحاب النار}) [غافر: 43] أي ملازموها (ولكنكم) وللأصيلي ولكن (تحبون أن تبشروا بالجنة) بفتح الموحدة والمعجمة مبنيًّا للمفعول (على مساوي أعمالكم، وإنما بعث الله محمدًا -صلّى اللّه عليه وسلّم- مبشرًا بالجنة لمن أطاعه ومنذرًا) بضم الميم وكسر المعجمة وللأصيلي وينذر بلفظ المضارع (بالنار من) ولأبي ذر عن المستملي: لمن (عصاه) ). [إرشاد الساري: 7/324-325]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لا جرم أنّما تدعونني إليه ليس له دعوةٌ في الدّنيا ولا في الآخرة وأنّ مردّنا إلى اللّه وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار}.
يقول تعالى ذكره: حقًّا أنّ الّذي تدعونني إليه من الأوثان، ليس له دعاءٌ في الدّنيا ولا في الآخرة، لأنّه جمادٌ لا ينطق، ولا يفهم شيئًا.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ليس له دعوةٌ في الدّنيا} قال: الوثن ليس بشيءٍ.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ليس له دعوةٌ في الدّنيا ولا في الآخرة} أي لا ينفع ولا يضرّ.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {ليس له دعوةٌ في الدّنيا} يقول: هذا الصنم لا يستجيب لأحدٍ في الدّنيا {ولا في الآخرة}.
وقوله: {وأنّ مردّنا إلى اللّه} يقول: وأنّ مرجعنا ومنقلبنا بعد مماتنا إلى اللّه {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} يقول: وإنّ المشركين باللّه المتعدّين حدوده، القتلة النّفوس الّتي حرّم اللّه قتلها، هم أصحاب نار جهنّم عند مرجعنا إلى اللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل على اختلافٍ منهم في معنى المسرفين في هذا الموضع، فقال بعضهم: هم سفّاكو الدّماء بغير حقّها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا حكّامٌ، عن عنبسة، عن محمّد بن عبد الرّحمن، عن القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهدٍ، في قوله: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} قال: هم السّفّاكون الدّماء بغير حلّها.
- حدّثنا عليّ بن شهلٍ، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} قال: هم السّفّاكون الدّماء بغير حقّها.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى؛ وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {وأنّ المسرفين} قال: السّفّاكون الدّماء بغير حقّها، هم أصحاب النّار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} قال: سمّاهم اللّه مسرفين، فرعون ومن معه.
وقال آخرون: هم المشركون.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} أي المشركون.
وقد بيّنّا معنى الإسراف فيما مضى قبل بما فيه الكفاية من إعادته في هذا الموضع.
وإنّما اخترنا في تأويل ذلك في هذا الموضع ما اخترنا، لأنّ قائل هذا القول لفرعون وقومه، إنّما قصد به فرعون؛ لكفره، وما كان هم به من قتل موسى، وكان فرعون عاليًا عاتيًا في كفره، سفّاكًا للدّماء الّتي كان محرّمًا عليه سفكها، وكلّ ذلك من الإسراف، فلذلك اخترنا ما اخترنا من التّأويل في ذلك). [جامع البيان: 20/332-335]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا جرم إنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة يعني الوثن يقول ليس هو بشيء ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة). [تفسير مجاهد: 565]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وأن المسرفين هم أصحاب النار قال يقول إن السفاكين الدماء بغير حقهم فهم أصحاب النار). [تفسير مجاهد: 565]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (خ) (العلاء بن زياد - رحمه الله -: كان يذكّر بالنّار، فقال رجلٌ: لم تقنّط الناس؟ قال: وأنا أقدر أن أقنّط الناس، والله يقول: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه} [الزمر: 53] ويقول: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النار} [غافر: 43] ولكنّكم تحبون أن تبشّروا بالجنة على مساوئ أعمالكم، وإنما بعث الله- عز وجل- محمداً صلى الله عليه وسلم مبشّراً بالجنة لمن أطاعه، ومنذراً بالنار لمن عصاه.
ذكره البخاري، ولم يذكر له إسناداً). [جامع الأصول: 2/342-343]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 45
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله {ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة} قال: إلى الإيمان وفي قوله {لا جرم أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا} قال: الوثن ليس بشيء {وأن المسرفين} السفاكين الدماء بغير حقها {هم أصحاب النار} ). [الدر المنثور: 13/43] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال {ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة} قال: لا يضر ولا ينفع {وأن المسرفين هم أصحاب النار} قال: جميع أصحابنا {وأن المسرفين هم أصحاب النار} ). [الدر المنثور: 13/43]

تفسير قوله تعالى: (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصيرٌ بالعباد (44) فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وقومه: فستذكرون أيّها القوم إذا عاينتم عقاب اللّه قد حلّ بكم، ولقيتم ما لقيتموه صدق ما أقول، وحقيقة ما أخبركم به من أنّ المسرفين هم أصحاب النّار.
- كما حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {فستذكرون ما أقول لكم} فقلت له: أوذلك في الآخرة؟ قال: نعم.
وقوله: {وأفوّض أمري إلى اللّه} يقول: وأسلّم أمري إلى اللّه، وأجعله إليه وأتوكّل عليه، فإنّه الكافي من توكّل عليه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وأفوّض أمري إلى اللّه} قال: أجعل أمري إلى اللّه.
وقوله: {إنّ اللّه بصيرٌ بالعباد} يقول: إنّ اللّه عالمٌ بأمور عباده، ومن المطيع منهم، والعاصي له، والمستحقّ جميل الثّواب، والمستوجب سيّئ العقاب). [جامع البيان: 20/335-336]

تفسير قوله تعالى: (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فوقاه الله سيئات ما مكروا قال كان قبطيا فنجا مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا). [تفسير عبد الرزاق: 2/182]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا} يقول تعالى ذكره: فدفع اللّه عن هذا المؤمن من آل فرعون بإيمانه به وتصديقه رسوله موسى، مكروه ما كان فرعون ينال به أهل الخلاف عليه من العذاب والبلاء، فنجّاه منه.
وذكر أنّه نجا مع موسى من الغرق.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {سيّئات ما مكروا} قال: وكان قبطيًّا من قوم فرعون، فنجا مع موسى، قال: وذكر لنا أنّه بين يدي موسى يومئذٍ يسير ويقول: أين أمرت يا نبيّ اللّه؟ فيقول: أمامك، فيقول له المؤمن: وهل أمامي إلاّ البحر؟ فيقول موسى: أما واللّه ما كذبت ولا كذّبت، ثمّ يسير ساعةً ويقول: أين أمرت يا نبيّ اللّه؟ فيقول: أمامك، فيقول: وهل أمامي إلاّ البحر، فيقول: لا واللّه ما كذبت، ولا كذّبت، حتّى انتهى إلى البحر، فانفلق اثني عشر طريقًا، لكلّ سبطٍ طريقٌ.
وقوله: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} يقول: وحلّ بآل فرعون ووجب عليهم؛ وعني بآل فرعون في هذا الموضع تباعه وأهل طاعته من قومه.
- كما حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قول اللّه: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} قال: قوم فرعون.
وعني بقوله: {سوء العذاب} ما ساءهم من عذاب اللّه، وذلك نار جهنّم). [جامع البيان: 20/336-337]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن المنذر عن قتادة في قوله {فوقاه الله سيئات ما مكروا} قال: كان قبطيا من قوم فرعون فنجا مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا). [الدر المنثور: 13/43-44]

تفسير قوله تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني حرملة بن عمران، عن سليمان بن حميد قال: سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عمر بن عبد العزيز قال: إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار أقبل الله في ظللٍ من الغمام والملائكة، قال: فيسلم على أهل الجنة في أول درجة فيردون عليه السلام، قال القرظي: وهذا في القرآن {سلامٌ قولا من ربٍ رحيمٍ}، فيقول: سلوني، فيقولون: ماذا نسألك أي رب، قال: بلى سلوني، قالوا: نسألك أي رب رضاك، قال: رضائي أدخلكم دار كرامتي، قالوا: يا رب، وما الذي نسألك فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم لا ينقصنا من ذلك شيئا؛ قال: إن لدي مزيدا؛ قال: فيفعل الله ذلك بهم في درجتهم حتى يستوي في مجلسه؛ قال: ثم تأتيهم التحف من الله تحمله إليهم الملائكة، قال: وليس في الآخرة ليل ولا نصف نهارٍ، إنما هو بكرة وعشيا، وذلك في القرآن، في آل فرعون: {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا}، وكذلك قال لأهل الجنة: {لهم زرقهم فيها بكرة وعشيا}، قال: وقال: والله، الذي لا إله إلا هو، لو أن امرأة من حور العين أطلعت سوارها لأطفأ نور سوارها الشمس والقمر، فكيف المسورة وإن خلق الله شيئاً يلبسه إلا عليه مثلما عليها من ثياب أو حلي). [الجامع في علوم القرآن: 1/83-84] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الأعمش في قوله النار يعرضون عليها غدوا وعشيا قال: قال ابن مسعود إن أرواحهم في صور طير سود يرون منازلهم بكرة وعشية). [تفسير عبد الرزاق: 2/182]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] عن أبي قيسٍ عن هزيل بن شرحبيل قال: إنّ أرواح آل فرعون في أجواف طيرٍ سود تغدوا وتروح على النّار فذلك عرضها [الآية: 46]). [تفسير الثوري: 263]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب}.
يقول تعالى ذكره مبينًا عن سوء العذاب الّذي حلّ بهؤلاء الأشقياء من قوم فرعون ذلك الّذي حاق بهم من سوء عذاب اللّه {النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا} وإذا كان ذلك معناه كانت النّار مرفوعةٌ بالردّ على السّوء إن شئت، وإن شئت بالراجع من ذكره في قوله: {عليها}.

قيل: عني بقوله: {النّار يعرضون عليها} إنّهم لمّا هلكوا وغرّقهم اللّه، جعلت أرواحهم في أجواف طيرٍ سودٍ، فهي تعرض على النّار كلّ يومٍ مرّتين {غدوًّا وعشيًّا} إلى أن تقوم السّاعة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي قيسٍ، عن الهزيل بن شرحبيل، قال: أرواح آل فرعون في أجواف طيرٍ سودٍ تغدو وتروح على النّار، وذلك عرضها.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قال: بلغني أنّ أرواح قوم فرعون في أجواف طيرٍ سودٍ تعرض على النّار غدوًّا وعشيًّا، حتّى تقوم السّاعة.
- حدّثنا عبد الكريم بن أبي عميرٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن محمّدٍ الفزاريّ البلخيّ، قال: سمعت الأوزاعيّ وسأله، رجلٌ فقال: رحمك اللّه، رأينا طيورًا تخرج من البحر تأخذ ناحية الغرب بيضًا، فوجًا فوجًا، لا يعلم عددها إلاّ اللّه، فإذا كان العشيّ رجع مثلها سودٌ، قال: وفطنتم إلى ذلك؟ قال: نعم، قال: إنّ ذلك لطيورٌ في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النّار غدوًّا وعشيًّا، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها، وصارت سوداءً، فتنبت عليها من اللّيل رياشٌ بيضٌ، وتتناثر السّود، ثمّ تغدو، ويعرضون على النّار غدوًّا وعشيًّا، ثمّ ترجع إلى وكورها، فذلك دأبها في الدّنيا؛ فإذا كان يوم القيامة، قال اللّه {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} قال: وكانوا يقولون: إنّهم ستّمائة ألف مقاتلٍ.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: حدّثني حرملة، عن سليمان بن حميدٍ، قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، يقول: ليس في الآخرة ليلٌ ولا نصف نهارٍ، وإنّما هو بكرةٌ وعشيٌّ، وذلك في القرآن في آل فرعون {يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا} وكذلك قال لأهل الجنّة {لهم رزقهم فيها بكرةً وعشيًّا}.
وقيل: عنى بذلك: أنّهم يعرضون على منازلهم في النّار تعذيبًا لهم غدوًّا وعشيًّا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا} قال: يعرضون عليها صباحًا ومساءً، يقال لهم: يا آل فرعون هذه منازلكم، توبيخًا ونقمةً وصغارًا لهم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {غدوًّا وعشيًّا} قال: ما كانت الدّنيا.
وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب أن يقال: إنّ اللّه أخبر أنّ آل فرعون يعرضون على النّار غدوًّا وعشيًّا وجائزٌ أن يكون ذلك العرض على النّار على نحو ما ذكرناه عن الهزيل ومن قال مثل قوله، وأن يكون كما قال قتادة، ولا خبر يوجب الحجّة بأنّ ذلك المعنيّ به، فلا في ذلك إلاّ ما دلّ عليه ظاهر القرآن، وهم أنّهم يعرضون على النّار غدوًّا وعشيًّا، وأصل الغدوّ والعشيّ مصادر جعلت أوقاتًا.
وكان بعض نحويّي البصرة يقول في ذلك: إنّما هو مصدرٌ، كما تقول: أتيته ظلامًا؛ جعله ظرفًا وهو مصدرٌ. قال: ولو قلت: موعدك غدوةٌ، أو موعدك ظلامٌ، فرفعته، كما تقول: موعدك يوم الجمعة، لم يحسن، لأنّ هذه المصادر وما أشبهها من نحو سحر لا تجعل إلاّ ظرفًا؛ قال: والظّرف كلّه ليس بمتمكّنٍ.
وقال نحويّو الكوفة: لم نسمع في هذه الأوقات، وإن كانت مصادر، إلاّ التّعريب: موعدك يوم موعدك صباحٌ ورواحٌ، كما قال جلّ ثناؤه: {غدوّها شهرٌ ورواحها شهرٌ} فرفع، وذكروا أنّهم سمعوا: إنّما الطّيلسان شهران، قالوا: ولم نسمع في الأوقات النّكرات إلاّ الرّفع إلاّ قولهم: إنّما سخاؤك أحيانًا، وقالوا: إنّما جاز ذلك لأنّه بمعنى: إنّما سخاؤك الحين بعد الحين، فلمّا كان تأويله الإضافة نصب.
وقوله: {ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} اختلفت القرّاء في قراءة ذلك فقرأته عامّة قرّاء أهل الحجاز والعراق سوى عاصمٍ وأبي عمرٍو {ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون} بفتح الألف من أدخلوا في الوصل والقطع، بمعنى الأمر بإدخالهم النّار وإذا قرئ ذلك كذلك، كان الآل نصبًا بوقوع {أدخلوا} عليه، وقرأ ذلك عاصمٌ وأبو عمرٍو: (ويوم تقوم السّاعة ادخلوا). على وجه الأمر لآل فرعون بالدخول إذا قامت الساعة بوصل الألف وسقوطها في الوصل من اللّفظ، وبضمّها إذا أبتدئ بعد الوقف على السّاعة، ومن قرأ ذلك كذلك، كان الآل على قراءته نصبًا بالنّداء، لأنّ معنى الكلام على قراءته: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب.
والصّواب من القول في ذلك عندي أن يقال إنّهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى قد قرأ بكلّ واحدةٍ منهما جماعةٌ من القرّاء، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيبٌ. فمعنى الكلام إذن: ويوم تقوم السّاعة يقال لآل فرعون: ادخلوا يا آل فرعون أشدّ العذاب، فهذا على قراءة من وصل الألف من {ادخلوا} ولم يقطع، ومعناه على القراءة الأخرى، ويوم تقوم السّاعة يقول اللّه لملائكته {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} ). [جامع البيان: 20/337-341]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يعرضون عليها غدوا وعشيا يعني ما كانت الدنيا). [تفسير مجاهد: 565-566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 46 - 50.
أخرج ابن أبي شيبة وهناد، وعبد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله عنه قال: إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار، فذلك عرضها وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح). [الدر المنثور: 13/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال: تجعل أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش فتأوي فيها، قيل فأرواح الكفار قال: توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار، ثم قرأ هذه الآية {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} ). [الدر المنثور: 13/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا وأن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم وتروح، فذلك عرضها). [الدر المنثور: 13/44]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال: صباحا ومساء، يقال لهم: هذه منازلكم فانظروا إليها توبيخا ونقمة وصغارا). [الدر المنثور: 13/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {يعرضون عليها غدوا وعشيا} قال: ما كانت الدنيا تعرض أرواحهم). [الدر المنثور: 13/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية، كان يقول أول النهار: ذهب الليل وجاء النهار وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار). [الدر المنثور: 13/45]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت، وابن جرير عن الأوزاعي رضي الله عنه، أنه سأله رجل فقال: يا أبا عمرو إنا نرى طيرا أسود تخرج من البحر فوجا فوجا لا يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا قال: وفطنتم لذلك قالوا: نعم، قال: تلك في حواصلها أرواح آل فرعون {يعرضون عليها غدوا وعشيا} فترجع وكورها وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ثم تعرض على النار ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} ). [الدر المنثور: 13/45-46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده من الغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة، زاد ابن مردويه {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} ). [الدر المنثور: 13/46]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار، وابن أبي حاتم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ما أحسن محسن مسلم أو كافر إلا أثابه الله، قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر قال: المال والولد والصحة وأشباه ذلك، قلنا: وما إثابته في الآخرة قال: عذابا دون العذاب، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} قراءة مقطوعة الألف). [الدر المنثور: 13/46-47]


رد مع اقتباس