عرض مشاركة واحدة
  #140  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 12:23 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

الحكمة من تقديم المغضوب عليهم على الضالين
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (الحكمة من تقديم المغضوب عليهم على الضالين
اشتهرت مسألة الحكمة من تقديم ذكر المغضوب عليهم على الضالين، في سورة الفاتحة، ولم أقف على أوّل من أثار هذه المسألة، لكن عناية المفسّرين بالجواب على هذا السؤال ظاهرة، وقد ذكروا أوجهاً حسنة في أجوبتهم:

أحدها: أن ذلك لمراعاة فواصل الآيات، وهذا الجواب وإن كان صحيحاً في نفسه إلا أنّه لا يستقلّ بالجواب إذ لا بدّ من حكمة أخرى غير مجرّد مراعاة الفواصل، وقد ذكره ابن عاشور وجهاً.
والثاني: لأنَّ اليهود متقدمون في الزمان على النصارى، ذكره ابن القيّم وجهاً.
والثالث: لأن اليهود كانوا مجاورين للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، بخلاف النصارى؛ فقدّمهم لقربهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم أيضاً، ويشكل عليه أنَّ سورة الفاتحة مكية إلا إذا كان المراد أنَّ منازل اليهود في يثرب أقرب من منازل النصارى في نجران والشام؛ وفيه بعد.
والرابع: أن اليهود أغلظ كفراً من النصارى؛ فبدأ بهم، وهذا الجواب ذكره ابن القيّم رحمه الله، وهو جواب شيخنا ابن عثيمين رحمه الله، قال: (قدم المغضوب عليهم على الضالين؛ لأنهم أشد مخالفة للحق من الضالين؛ فإن المخالف عن علم يصعب رجوعه بخلاف المخالف عن جهل)ا.هـ.
والخامس: لإفادة الترتيب في التعوّذ؛ لأن الدعاء كان بسؤال النفي؛ فالتدرّج فيه يحصل بنفي الأضعف بعد نفي الأقوى مع رعاية الفواصل، وهذا حاصل جواب ابن عاشور، وهو قريب من الوجه السابق.
والسادس: لأن الغضب يقابل الإنعام، فتقديم ذكر المغضوب عليهم أحسن مقابلة من تقديم ذكر الضالين، وهذا خلاصة جواب أبي حيان الأندلسي في البحر المحيط، وذكر ابن القيّم أنّه أحسن الوجوه: قال: (فقولك: الناس منعم عليه ومغضوب عليه؛ فكن من المنعم عليهم أحسن من قولك: منعم عليه وضال)ا.هـ.
وهو وجه حسن، وأعمّ منه أن يقال: إن تقديم المغضوب عليهم على الضالين فيه تحقيق المقابلتين: المقابلة الخاصة والمقابلة العامة:
- فالخاصة بين العمل وتركه.
- والعامة بين العلم وعدمه.
وتوضيح ذلك أنَّ الهداية لا تتحقّق إلا بعلم وعمل، والعلم متقدّم على العمل فكانت دائرته مع ما يقابله أعمّ، والعمل بالعلم دائرته مع ما يقابله أخصّ؛ فتحقيق المقابلة الخاصة مقدّم على تحقيق المقابلة العامّة؛ لتتمّ المقابلة الخاصّة أولاً ثم تتمّ بعدها المقابلة العامّة لأنّها أشمل.
والجواب السابع: لأنَّ أوّل ذنب عصي الله به هو من جنس ذنوب المغضوب عليهم؛ لأنَّه عصيان عن علم ومعرفة، وهو إباء إبليس السجود لآدم؛ فناسب تقديم المغضوب عليهم، وهذا الوجه زاده د.فاضل السامرائي على الوجوه المتقدّمة). [تفسير سورة الفاتحة:248 - 249]

رد مع اقتباس