عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 18 صفر 1440هـ/28-10-2018م, 08:28 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا} [أي] كالمعترضين على الّذي أنزله تعالى وتقدّس: {لولا نزل هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيمٍ} أي: هلّا كان إنزال هذا القرآن على رجلٍ عظيمٍ كبيرٍ في أعينهم من القريتين؟ يعنون مكّة والطّائف. قاله ابن عبّاسٍ، وعكرمة، ومحمّد بن كعبٍ القرظيّ، وقتادة والسّدّيّ، وابن زيد.
وقد ذكر غير واحدٍ منهم: أنّهم أرادوا بذلك الوليد بن المغيرة، وعروة بن مسعودٍ الثّقفيّ.
وقال مالكٌ عن زيد بن أسلم، والضّحّاك، والسّدّيّ: يعنون الوليد بن المغيرة، ومسعود بن عمرٍو الثّقفيّ.
وعن مجاهدٍ: عمير بن عمرو بن مسعودٍ الثّقفيّ. وعنه أيضًا: أنّهم يعنون الوليد بن المغيرة، وحبيب بن عمرو بن عميرٍ الثّقفيّ.
وعن مجاهدٍ: يعنون عتبة بن ربيعة بمكة، وابن عبد يا ليل بالطّائف.
وقال السّدّيّ: عنوا [بذلك] الوليد بن المغيرة، وكنانة بن عمرو بن عميرٍ الثّقفيّ.
والظّاهر: أنّ مرادهم رجلٌ كبيرٌ من أيّ البلدتين كان.
قال اللّه تعالى رادًّا عليهم في هذا الاعتراض: {أهم يقسمون رحمة ربّك}؟ أي: ليس الأمر مردودًا إليهم، بل إلى اللّه، عزّ وجلّ، واللّه أعلم حيث يجعل رسالاته، فإنّه لا ينزلها إلّا على أزكى الخلق قلبًا ونفسًا، وأشرفهم بيتًا وأطهرهم أصلًا.
ثمّ قال تعالى مبيّنًا أنّه قد فاوت بين خلقه فيما أعطاهم من الأموال والأرزاق والعقول والفهوم، وغير ذلك من القوى الظّاهرة والباطنة، فقال: {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدّنيا ورفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ}
وقوله: {ليتّخذ بعضهم بعضًا سخريًّا} قيل: معناه ليسخّر بعضهم بعضًا في الأعمال، لاحتياج هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، قاله السّدّيّ وغيره.
وقال قتادة والضّحّاك: ليملك بعضهم بعضًا. وهو راجع إلى الأول.
ثم قال: {ورحمت ربّك خيرٌ ممّا يجمعون} أي: رحمة اللّه بخلقه خيرٌ لهم ممّا بأيديهم من الأموال ومتاع الحياة الدّنيا). [تفسير ابن كثير: 7/ 225-226]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ قال تعالى: {ولولا أن يكون النّاس أمّةً واحدةً} أي: لولا أن يعتقد كثيرٌ من النّاس الجهلة أنّ إعطاءنا المال دليلٌ على محبّتنا لمن أعطيناه، فيجتمعوا على الكفر لأجل المال -هذا معنى قول ابن عبّاسٍ، والحسن، وقتادة، والسّدّيّ، وغيرهم- {لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفًا من فضّةٍ ومعارج [عليها يظهرون]} أي: سلالم ودرجًا من فضّةٍ -قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وقتادة، والسّدّيّ: وابن زيدٍ، وغيرهم- {عليها يظهرون}، أي: يصعدون.
{ولبيوتهم أبوابًا} أي: أغلاقًا على أبوابهم {وسررًا عليها يتّكئون}، أي: جميع ذلك يكون فضّةً). [تفسير ابن كثير: 7/ 226]

تفسير قوله تعالى: {وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وزخرفًا}، أي: وذهبًا. قاله ابن عبّاسٍ، وقتادة، والسدي، وابن زيد.
ثمّ قال: {وإن كلّ ذلك لـمّا متاع الحياة الدّنيا} أي: إنّما ذلك من الدّنيا الفانية الزّائلة الحقيرة عند اللّه [تعالى] أي: يعجّل لهم بحسناتهم الّتي يعملونها في الدّنيا مآكل ومشارب، ليوافوا الآخرة وليس لهم عند اللّه حسنةً يجزيهم بها، كما ورد به الحديث الصّحيح. [وقد] ورد في حديثٍ آخر: "لو أنّ الدّنيا تزن عند اللّه جناح بعوضةٍ، ما سقى منها كافرًا شربة ماءٍ"، أسنده البغويّ من رواية زكريّا بن منظورٍ، عن أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فذكره ورواه الطّبرانيّ من طريق زمعة بن صالحٍ، عن أبي حازمٍ عن سهل بن سعدٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو عدلت الدّنيا جناح بعوضةٍ، ما أعطى كافرًا منها شيئًا".
ثمّ قال: {والآخرة عند ربّك للمتّقين} أي: هي لهم خاصّةً لا يشاركهم: فيها [أحدٌ] غيرهم ولهذا لمّا قال عمر بن الخطّاب لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين صعد إليه في تلك المشربة لمّا آلى من نسائه، فرآه [عمر] على رمال حصيرٍ قد أثّر بجنبه فابتدرت عيناه بالبكاء وقال: يا رسول اللّه هذا كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت صفوة اللّه من خلقه. وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متكئا فجلس وقال: "أو في شكٍّ أنت يا ابن الخطّاب؟ " ثمّ قال: "أولئك قومٌ عجّلت لهم طيّباتهم في حياتهم الدّنيا" وفي روايةٍ: "أما ترضى أن تكون لهم الدّنيا ولنا الآخرة؟ "
وفي الصّحيحين أيضًا وغيرهما: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "لا تشربوا في آنية الذّهب والفضّة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنّها لهم في الدّنيا ولنا في الآخرة". وإنّما خوّلهم اللّه تعالى في الدّنيا لحقارتها، كما روى التّرمذيّ وابن ماجه، من طريق أبي حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو كانت الدّنيا تزن عند اللّه جناح بعوضةٍ، ما سقى منها كافرًا شربة ماءٍ أبدًا"، قال الترمذي: حسن صحيح). [تفسير ابن كثير: 7/ 226-227]

رد مع اقتباس