"الباء"
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ): (باب "الباء"
قال أبو زكريّا: "الباء"حرف جر يدخل على الاسم فيجره وهي تجيء في عدّة معان:
منها: أن تكون للإلصاق. كقولك: مسحت يدي بالمنديل.
ومنها: أن تكون للاستعانة، كقولك: كتبت بالقلم، وضربت بالسّيف. وتصحب الأثمان، كقولك: اشتريت بدرهم، وبعت بدينار.
وتكون: للقسم. كقولك: باللّه.
وتكون بمعنى: "في"، كقولك: زيد بالبصرة.
وتكون: زائدة. كقولك: ليس زيد بمنطلق.
وقال ابن قتيبة: تكون "الباء" بمعنى "من"، تقول العرب: شربت بماء كذا، أي "من" ماء كذا.
قال عنترة: -
شربت بماء الدحرضين فأصبحت... زوراء تنفر عن حياض الديلم
وتكون"الباء" بمعنى: "عن". قال علقمة بن عبدة: -
فإن تســـــــــــــــــألوني بالنساء فإنني... بصير بأدواء النّســـــــــــــــــاء طبيب
وقال ابن أحمر: -
تســــــــــــــــائل يا ابن أحمر من رآه... أعــــــــــــــــارت عينه أم لم تعــــــــــــــــارا
وذكر بعض المفسّرين أن "الباء" في القرآن على اثني عشر وجها: -
أحدها: صلة في الكلام: ومنه قوله تعالى في سورة النّساء: {فامسحوا بوجوهكم}، وفي المائدة: {وامسحوا برؤوسكم}، وفي المؤمنين: {تنبت بالدهن}.
والثّاني: بمعنى "من"، ومنه قوله تعالى في هل أتى: {عينا يشرب بها عباد الله}، وفي المطففين: {عينا يشرب بها المقربون}.
والثّالث: بمعنى "اللّام"، ومنه قوله تعالى في البقرة: (وإذ فرقنا بكم البحر}، وفي الدّخان: {ما خلقناهما إلّا بالحقّ}.
والرّابع: بمعنى "مع"، ومنه قوله تعالى في الذاريات: {فتولّى بركنه}، أي "مع" جنده.
والخامس: بمعنى "في"، ومنه قوله تعالى في آل عمران: {بيدك الخير}.
والسّادس: بمعنى "عن"، ومنه قوله تعالى في البقرة: {وتقطعت بهم الأسباب}، وفي الفرقان: {فسئل به خبيرا}.
والسّابع: (بمعنى "بعد")، ومنه قوله تعالى في آل عمران: {فأثابكم غما بغم}.
والثّامن: بمعنى "عند"، ومنه قوله تعالى في آل عمران: {والمستغفرين بالأسحار}.
والتّاسع: بمعنى "إلى"، ومنه قوله تعالى في الأعراف: {ما سبقكم بها من أحد من العالمين}.
والعاشر: بمعنى "على"، ومنه قوله تعالى في سورة النّساء: {لو تسوى بهم الأرض}.
والحادي عشر: بمعنى المصاحبة، ومنه قوله تعالى في المائدة: {وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به}.
والثّاني عشر: (بمعنى السّبب، ومنه قوله تعالى في البقرة: {وتقطعت بهم الأسباب}، ومنه قوله تعالى: {والّذين هم به مشركون}، أي: "من أجله"). [نزهة الأعين النواظر: 208 - 211]