الموضوع: حرف الفاء
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 06:52 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "الفاء" المفردة
اعلم أن "الفاء" المفردة لها في الكلام ثلاثةُ مواضع:
الموضع الأول: أن تكون حرف عطفٍ في المفردات والجمل.
فإذا كانت للعطفِ في المفردات فمعناها الترتيب لفظًا ومعنًى أو لفظًا دون معنى، والتعقيب، وقد يلازمهما التسبيب في بعض المواضع، وهي مشتركةٌ بين الاسمين والفعلين في اللفظ: من الرفع والنصب والخفض والجزم والاسمية والفعلية، وفي المعنى: من إثبات الفعلين أو نفيهما، أو إثبات الفعل للفاعلين أو ما أقيم مقامهما، أو نفيه عنهما، فتقول: قام زيدٌ فعمروٌ، ورأيت زيدًا فعمرًا، ومررت بزيدٍ فعمروٍ، وزيدٌ يقوم فيخرجُ، ولن يقوم فيخرج، ولم يقم فيخرج.
والربطُ والترتيب لا يفارقانها، وأما التسبيب معهما فيها فنحو قولك: ضربت زيدًا فبكى، وضربته فمات، فالبكاءُ سببه الضربُ، والموتُ سببه الضرب.
وزعم الكوفيون أن الترتيب لا يلزم فيها، واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا}، قالوا: فالبأس في الوجود واقعٌ قبل الإهلاك، وهو في الآية مؤخرٌ عنه، وهذا عند البصريين مؤول تقديره: وكم من قريةٍ أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا فهلكت، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا}، أي: إذا أردتم القيام إلى الصلاة، وهو في الكلام كثيرٌ،
"فالفاء" عندهم في الآية باقيةٌ على موضعها من الترتيب المعنوي.
وأما التي للترتيب اللفظي خاصة ففي قول الشاعر:
عفا ذو حسى من فرتنا فالفوارعُ ..... فجنبا أريكٍ فالتلاعُ الدوافعُ
فمجتمعُ الأشراج غير رسمها ..... مصاريف مرت بعدنا ومرابع
وقول الآخر:
غشيت ديار القوم بالبكرات ..... فعارمةٍ فبرقة العيرات
فغولٍ فحليتٍ فنفءٍ فمنعجٍ ..... إلى عاقلٍ فالجُبِّ ذي الأمرات
فمراد الشاعرين وقوع الفعل بتلك المواضع خاصة، ويترتب اللفظُ واحدًا بعد آخر "بالفاء" ترتيبًا لفظيًا.
وأما التي تكون عاطفةً في الجمل فمشتركة في الكلام خاصة، ويجوز أن يكون قبلها جملةٌ اسميةٌ وبعدها فعليةٌ، نحو: زيدٌ قائمٌ فضرب غلامه، وبالعكس، نحو: قام زيد فأبوه منطلق، وأن تكون قبلها جملة خبرية وبعدها طلبية، نحو قولك: قام زيد فاضرب عبده، وبالعكس، نحو: اضرب زيدًا فيقوم غلامه، والربط والترتيب لازم .... المعنى، وتكون معهما السببية تارة ولا تكونُ أخرى.
وإذا أردت الاستئناف بعدها من غير تشريكٍ بجملتين كانت حرف ابتداء إما للكلام وإما يأتي بعدها المبتدأ وخبره نحو: قام زيدٌ فهل قمت، وقام زيدٌ فعمروٌ منطلقٌ، وعليه:
ألم تسأل الربع القواء فينطقُ ..... .... .... .... ....
أي: فهو ينطق، وليست "الفاء" جوابًا، ولو كانت جوابًا لنصبت «ينطق» بها، وسنبينُ هذا في الموضع الثاني بعد، ومنه قوله تعالى {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وقوله تعالى: {فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ}.

الموضع الثاني: أن تكون جوابًا لازمة للسببية، وفيها أيضًا الربط والترتيب كما ذكر في العاطفة، إلا أن المعنى الذي انفردت به في هذا الموضع الجوابية، فتنصبُ ما بعدها من الأفعال المستقبلة بإضمار "أن" وذلك إذا وقعت جوابًا لأحد عشرةِ أشياء، وهي: الأمر والنهي والاستفهام والعرض والتحضيض والتمني والدعاء والنفي وفعل الشرط وفعل الجزاء.
ولا تنصبُ في غير ذلك إلا في الضرورة كقوله:
سأترك منزلي لنبي تميمٍ ..... وألحق بالحجاز فأستريحا
وأما قول الآخر:
لنا هضبةٌ لا ينزلُ الذل وسطها ..... ويأوي إليها المستجيرُ فيُعصما
فقيل: هو ضرورة مثل الأول، والصحيح أن فيها معنى جواب الشرط لقوله في البيت كأنه قال: إن يأو إليها المستجير يُعصم، وبهذا المعنى تنصب "الفاء" في جميع العشرة المواضع المذكورة، لكنه يقوى فيها ويضعف في غيرها.
وعلى هذا أيضًا يتخرج البيت الآخر في قوله: «فأستريحا» أي: إن الحق بالحجاز أسترح، فاعلمه، فلا تكون ضرورةٌ إلا من حيث لم يتقدم واحدٌ من العشرة في اللفظ خاصة، وأما المعنى فملحوظٌ ولذلك نصب الشاعران.
واعلم أن
"الفاء" في المواضع العشرة المذكورة تشترك فيها فتكون تارة للعطف، وتارة للمخالفة فيما بعدها لما قبلها، فتنصبُ على الجواب بإضمار "أن" كما ذُكر، وتارة حرف استئنافٍ فتكون حرف ابتداءٍ، والمعنى في الأوجه التشريك، إما في اللفظ وإما في المعنى على بعدٍ، فلذلك يُدعى أنها لا تنصب بنفسها عند البصريين، بل بإضمار "أن" المقدرة، إذ لو نصبت بنفسها كما زعم الكوفيون لنصبت في كل موضع، إذ التشريك لا يزول منها.
فحيث كانت المخالفة .... الثاني بحكم الأول بمسوغٍ، وهو
"أن"، ويكون راجعًا إلى العطف في الأسماء فيصيرُ ما بعدها مصدرًا بـ "أن" فيكونُ معطوفًا على مصدرٍ آخر مقدرٍ بما قبلها من الكلام الذي تأتي جوابه، فتفهمه.
فإذن لابد من بسط الكلام على مسائلها في المواضع العشرة وبيان أوجهها فيها موضعًا موضعًا، لتبيين ما ذكرت لك إن شاء الله، فإن باب
"الفاء" بابٌ صعبٌ متداخلٌ يصعب تحصيله إلا بعد التهذيب، فنقول والله المستعان.
إن
"الفاء" المذكورة إذا وقعت بعد الأمر فلا يخلو أن يكون فعله "باللام" أو لا يكون،
فإن كان
"باللام" فيجوزُ فيما بعدها ثلاثة أوجه:
أحدها: العطف على الفعل المجزوم
"باللام".
والثاني: الرفعُ على الاستئناف.
والثالث: النصب على الجواب، نحو قولك: «لتكرم زيدًا فيحسن إليك»، بجزم «يحسن» ورفعه ونصبه، والمعنى في النصب: ليكن منك إكرامٌ فإحسانٌ منه، فهذا هو العطف المعنوي الذي تقدم ذكره.
وإن كان الفعل في الجملة المذكورة بغير
"لام" فهو مبني عند البصريين فيجوز فيما بعد "الفاء": الرفع على الاستئناف والنصب على الجواب على ما ذُكر، ولا يجوز العطفُ لأنه ليس له ما يُعطف عليه، وهو جائزٌ بالقياس، "و" من النصب على الجواب قول الشاعر:
يا ناق سيري عنقًا فسيحا ..... إلى سليمان فنستريحا
وعليه قراءة ابن عامر: «كُنْ فَيَكُونُ»، وعلى قراءة غيره: «كُنْ فَيَكُونُ» بالرفع على معنى فهو يكون.
وإذا وقعت بعد النهي [وفعله معرب بالجزم والنصب لا غير] فيجوز فيما بعد
"الفاء" الثلاثة الأوجه الجائزة بعد الأمر "باللام": العطفُ بالجزم، والنصب بإضمار "أن" على الجواب، والرفعُ على الاستئناف، نحو قولك: لا تدنُ من الأسد فيأكلك، بجزم «يأكل» ورفعه ونصبه على ما ذكرتُ، والعطف في النصب معنويٌّ كما كان في الأمر، لأن المعنى: «لا يكن منك دنو من الأسد فأكل لك»، ومن النصب على الجواب قوله تعالى: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ}، وقوله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ}.
وإذا وقعت بعد الاستفهام: فإن كان فيه فعلٌ مضارع مرفوع جاز فيما بعد
"الفاء": الرفعُ على العطف والاستئناف، والنصب على الجواب بإضمار "أن"، ويرجعُ إلى العطف المعنوي كما ذُكر كقولك: هل يقوم زيد فأكرمه، برفع «أكرم» ونصبه على ما ذكرتُ لك.
وإن كان فيه فعل ماضٍ أو اسم مبتدأ، جاز فيما بعد
"الفاء" الرفع على الاستئناف والنصب على الجواب، ولا يجوز العطف لأنه ليس قبله ما يُعطف عليه، نحو قولك: «هل قام فأكرمه»، و«هل زيد قائم فأكرمه»، ومن النصب قوله:
أأفاق صب من هوى فأفيقا ..... .... .... .... ....
والحكمُ فيها إذا وقعت بعد التحضيض والعرض كالحكم فيها إذا دخلت بعد الاستفهام سواء، نحو قولك في التحضيض: هلا تكرم زيدًا فأكرمه، بالرفع على العطف والاستئناف، والنصب على الجواب، و«هلا أكرمت زيدًا فأكرمه» بالرفع على الاستئناف والنصب على الجواب لا غير، ولا تقع جملةٌ اسمةٌ في التحضيض ولا في العرض، ومن النصب في التحضيض قوله تعالى: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا}.
وكذلك الحكم في التمني – أعني مثل الاستفهام – في وقوع
"الفاء" بعد المبتدأ والخبر والفعل الماضي، فيجوز فيما بعدها الرفع على الاستئناف والنصب على الجواب، نحو قولك: ليت زيدًا عندك فأكرمه، أو في وقوع المضارع قبلها، فيجوز الرفع على الوجهين المذكورين، والنصب على الجواب. ومن النصب بعد الاسم قوله تعالى: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} والعطفُ فيه معنوي، والمعنى: يا ليت لي كونًا معهم ففوزًا.
وحكمُ الدعاء كحكم الأمر سواءً في كونه فعله
"باللام"، فيجوز فيما بعد "الفاء" الجزم والرفع والنصب على الأوجه المذكورة فيه، أو بغير "اللام" فيجوز: الرفع على الاستئناف والنصب على الجواب لا غير على مذهب البصريين، كقولك: اغفر لزيدٍ فيدخل الجنة، والله يغفر لك فتدخل الجنة، لأنه قد جاء الدعاء بالجملة الاسمية.
وإذا وقعت بعد النفي فلا يخلو أن تكون الجملة التي قبلها – أعني قبل
"الفاء" – اسمية أو فعلية.
فإن كانت اسمية جاز فيما بعد
"الفاء": الرفعُ على الاستئناف والنصب على الجواب كقولك: ما زيدٌ قائمًا فتكرمه، ونصبه كما ذكرتُ لك، قال الشاعر:
وليس بذي رُمحٍ فيطعنني به ..... وليس بذي سيفٍ وليس بنبال
وإن كانت فعلية ماضية فكذلك، نحو قولك: ما قام زيد فتكرمه، على الوجهين المذكورين من الرفع على الاستئناف والنصب على الجواب.
وإن كانت فعلية مضارعة: فلا يخلو أن يكون الفعل مرفوعًا أو منصوبًا أو مجزومًا:
فإن كان مرفوعا جاز فيما بعد
"الفاء": الرفع على العطف والاستئناف على إضمار مبتدأ وكذلك في جميع ما يستأنف من المسائل المتقدمة، والنصب على الجواب كقولك: «ما تأتينا فتحدثنا»، الرفع على معنى: وما تحدثنا وهو معنى العطف، أو على الاستئناف أي: فأنت تحدثنا، والنصب على الجواب على إضمار "أن" بمعنيين، أي: ما تأتينا فكيف تحدثنا، أو ما تأتينا لأجل الحديث.
وإن كان الفعل منصوبًا جاز فيما بعد
"الفاء" وجهان أيضًا: الرفع على الاستئناف لا غير، والنصب على العطف أو على الجواب كقولك: لن تأتينا فتحدثنا: بالرفع على معنى: فأنت تحدثنا، والنصب على معنى: «فلن تحدثنا» وهو معنى العطف، وعلى معنى: فكيف تحدثنا أو لأجل الحديث.
وإن كان مجزومًا جاز فيما بعد
"الفاء" الجزم على العطف والرفع على الاستئناف والنصب على الجواب على المعاني المذكورة كقولك: لم تأتينا فتحدثنا، بجزم «تحدث» ورفعه ونصبه، ومن الاستئناف قوله:
ألم تسأل الرابع القواء فينطق ..... وهل تُخبرنك اليوم بيداء سملق
كأنه قال: فهو ينطق، وليس بجواب.
وإذا وقعت بعد فعل الشرط: فإن كان مضارعًا مجزومًا جاز فيما بعد
"الفاء" وجهان: الجزمُ على العطف والنصب على الجواب بإضمار "أن" كما ذُكر على معنى لأجل، كقولك: إن تقم فأحسن إليك تحمدني، وإن كان الفعل ماضيًا فكذلك، لأن هذا الماضي في موضع المضارع أو مستقبلٌ معنى.
وإذا وقعت بعد الجزاء وهو جواب الشرط، وهو أيضًا مستقبلٌ معنًى، سواءٌ كان مضارعًا أو ماضيًا: جاز فيما بعد
"الفاء" ثلاثة أوجه: الجزم على العطف، والرفع على الاستئناف، والنصب على الجواب بإضمار "أن" كقولك: إن تقم أحسن إليك فأعطيك درهمًا، الجزم على معنى: أحسن وأعط، الرفع على معنى فأنا أعطي، والنصب بإضمار "أن" على العطف المعنوي، كأن المعنى إن تقم يكن إحسانٌ فإعطاءٌ، وعلى الثلاثة الأوجه قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} برفع «يَغْفِرُ» و«يُعَذِّبُ» ونصبهما وجزمهما.
واعلم أن النصب على الجواب
"بالفاء" إنما هو بعد الشرط والجزاء أصلًا، ولكن العرب نصبت بها في أجوبة غيرهما لمناسبة لهما في عدم الوقوع، مع أن الشرط والجزاء يتقدران بعد غير الشرط والجزاء من جميع ما ذكرنا، وبذلك المعنى يتجزم ما دخلت عليه "الفاءُ" من الأفعال إذا لم تدخل عليه ووقع جوابًا لها، خلافًا للكوفيين، فإنهم يقولون: إن الجزم في الفعل بالجواب وذلك باطلٌ لوجوهٍ منها: أنه قد وُجد فعل الشرط والجواب ظاهرين مع كل واحدٍ منها، والثاني: أنه ليس بنفس اللفظ شيءٌ .... وقع الجواب ولكن بشرط الوقوع أو عدمه المقدر قبله، والثالث: أنه لا يلزم كل واحدٍ منها جوابٌ بل قد تقع في الكلام دونه فعلم بذلك أن الجواب إنما هو للشرط كما ذُكر، وكلها في ذلك سواءٌ إلا النفي فإنه لا يجزم جوابه بل يُرفع إن وقع.
ويجوز حذف
"الفاء" وإثباتها في جميع ذلك إلا بعد النفي وبعد جواب الشرط فلا يصح ذلك إلا إذا وقعت الجملة حالًا، وحكمها في باب الشرط مذكورٌ في باب "إن" الشرطية.

الموضع الثالث: أن تكون زائدة دخولها كخروجها، أو لازمة بحسب الكلام، فمن الأول قول الشاعر:
وقائلةٍ خولان فانكح فتاتهم ..... وأكرومة الحيين خلو كما هيا
و"الفاء" هنا في اللفظ عند الأخفش دخولها كخروجها وهي عند سيبويه دالة على معنى السببية كالداخلة في الأجوبة المذكورة لأن التقدير: هؤلاء خولان فانكح فتاتهم، والتنبيه في معنى الطلب الذي هو تنبيه فهي في جواب معنى الأمر.
ومن الثاني قولهم: خرجتُ فإذا الأسدُ، وهي هنا إلى العطف أقرب منها إلى الزيادة، لأن المعنى: خرجتُ ففاجأني الأسدُ.
وفي التحقيق هي في هذا الموضع راجعةٌ إلى أحد البابين، [و] لوقوعها في مواضع الزيادة تأويلٌ يخرجها عنه حيث وقعت، فلا ينبغي أن تجعل الزيادةُ معنًى خاصًا بها لاحتمال الداخل في مواضع وقوعها، فينبغي أن تُحمل على أحد الموضعين المتقدمين قبل هذا، ولكن جعلتُ لها مواضع الزيادة لذكر الناس لها، كذلك ولأجل الاحتمال له في بعض المواضع.
واعلم أن من النحويين من زاد
"للفاء"موضعًا آخر سماها فيه "فاء" "رُب"، وهي التي يقع بعدها لخفضُ في مثل قول الشاعر:
فمثلك حُبلى قد طرقت ومرضعًا ..... فألهيتها عن ذي تمائم مُغيل
و"الفاء" في الحقيقة هنا سببيةٌ عاطفةٌ جملةً على جملةٍ، و"رب" مضمرةٌ بعد "الفاء" كما أُضمرت بعد "الواو" فيما يُذكر في بابها، وبعد "بل" فيما تقدم في بابها، ودون ذلك في قوله:
رسم دارٍ وقفتُ في طلله ..... .... .... .... ....
فلا ينبغي أن تجعل "فاء" "رب" لأنها ليست بمعناها، فلا معنى لنسبيتها إليها، فاعلمه). [رصف المباني:376 - 387]


رد مع اقتباس