الموضوع: هل
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 11:33 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("هل"
حرف استفهام تدخل على الأسماء والأفعال، لطلب التصديق الموجب، لا غير، نحو: "هل" قام زيد؟ و"هل" زيد قائم؟ فتساوي "الهمزة" في ذلك.
وتنفرد "الهمزة"، بأنها ترد لطلب التصور، نحو: أزيد في الدار أم عمرو؟ ولذلك انفردت بمعادلة "أم" المتصلة، لأنها يطلب بها تعيين أحد الأمرين، و"هل" لا يطلب بها ذلك. وانفردت "الهمزة" أيضاً بأنها تدخل على المنفي، نحو {أليس الله بكاف عبده}،
{ألم نشرح لك صدرك}. ولا تدخل "هل" على منفي. وتفارق "الهمزة" "هل" في أمور أخر:
الأول: أن "الهمزة" ترد للإنكار، والتوبيخ، والتعجب، بخلاف "هل".
والثاني: أن "هل" قد يراد بالاستفهام بها النفي، نحو قولك: "هل" يقدر على هذا غيري، أي: "ما" يقدر. ويعين ذلك دخول إلا، نحو {وهل نجازي إلا الكفور}.
والثالث: أن "الهمزة" تتقدم على "فاء" العطف و"واوه" و"ثم"، بخلاف "هل". وقد تقدم ذكر هذا في الباب الأول.
والرابع: أن "الهمزة" لا تعاد بعد "أم"، وهل يجوز أن تعاد وألا تعاد. وقد اجتمع الأمان في قوله تعالى: {قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل يستوي الظلمات والنور أم جعلوا}.
والخامس: أن "الهمزة" تدخل على "إن"، كقوله تعالى: {قالوا أإنك لأنت يوسف}، بخلاف "هل".
والسادس: أن "الهمزة" قد يليها اسم، بعده فعل، في الاختيار. نحو: أزيد قام؟ وأزيداً ضربت؟ وإن كان الأولى أن يليها الفعل بخلاف "هل" فإنها لا يتقدم الاسم بعدها على الفعل، إلا في الشعر.
ولذلك وجب النصب، في نحو: هي زيداً ضربته؟ في باب الاشتغال، وترجح بعد "الهمزة" ولم يجب.
والسابع: زعم بعضهم أن الفرق بين "الهمزة" و"هل" أن "الهمزة" لا يستفهم بها، إلا وقد هجس في النفس إثبات ما يستفهم بها عنه، بخلاف "هل" فإنه لا يترجح عنده لا النفي ولا الإثبات.

تنبيه
الأصل في "هل" أن تكون للاستفهام، كما ذكر. وقد ترد لمعان أخر:
الأول: النفي، وقد تقدم.
الثاني: أن تكون بمعنى "قد". ذكر هذا قوم من النحويين، منهم ابن مالك. وقال به الكسائي، والفراء، وبعض المفسرين، في قوله تعالى: {هل أتى عل الإنسان حين من الدهر} واستدل بعضهم، على ذلك، بقول الشاعر:
سائل فوارس يربوع، بشدتنا: ... أهل رأونا، يسفح القف، ذي الأكم
فالمعنى "أقد" رأونا. ويدل على ذلك دخول "الهمزة" عليها. وأنكر بعضهم مرادفة "هل" "لقد"، وقال يحتمل أن يكون "أهل" رأونا م الجمع بين أداتين لمعنى واحد، على سبيل التوكيد، كقوله: ولا للما بهم أبداً دواء بل الجمع بين "الهمزة" و"هل" أسهل لاختلاف لفظهما، ولأن أحدهما ثنائي. وقال بعضهم: إن أصل "هل" أن تكون بمعنى "قد" ولكنه لما كثر استعمالها في الاستفهام استغني بها عن "الهمزة". وفي كلام سيبويه ما يوهم ذلك، وهو بعيد.
الثالث: أن تكون بمعنى "إن". زعم بعضهم أن "هل" في قوله تعالى: {هل في ذلك قسم لذي حجر} بمعنى "إن". ولذلك يتلقى بها القسم، كما يتلقى "بإن". وهو قول ضعيف
الرابع: أن تكون للتقرير والإثبات. ذكره بعضهم، في قوله تعالى: {هل في ذلك قسم لذي حجر}، وفي قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان}. وذكر بعذ النحويين أن"هل" لم تستعمل للتقرير، وأن ذلك مما انفردت به "الهمزة".
الخامس: أن تكون للأمر، كقوله تعالى: {فهل أنتم منتهون}. فهذا صورته صورة الاستفهام، ومعناه الأمر، أي: انتهوا. والله أعلم). [الجنى الداني:341 - 346]


رد مع اقتباس