الموضوع: مَن
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 27 ذو الحجة 1438هـ/18-09-2017م, 05:27 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("مَن"
"من": على أربعة أوجه:
شرطيّة: نحو:{من يعمل سوءا يجز به}.
واستفهامية: نحو:{من بعثنا من مرقدنا}،{فمن ربكما يا موسى}.
وإذا قيل "من" يفعل هذا إلّا زيد؟ فهي من الاستفهامية أشربت معنى النّفي، ومنه: {ومن يغفر الذّنوب إلّا الله}، ولا يتقيّد جواز ذلك بأن يتقدمها "الواو" خلافًا لابن مالك بدليل:{من ذا الّذي يشفع عنده إلّا بإذنه}.
وإذا قيل "من" "ذا" لقيت؟ "فمن" مبتدأ، و"ذا" خبر موصول والعائد محذوف، ويجوز على قول الكوفيّين في زيادة الأسماء كون "ذا" زائدة، و"من" مفعولا، وظاهر كلام جماعة أنه يجوز في "من" "ذا" لقيت، أن تكون "من" و"ذا" مركبتين، كما في قولك: "ماذا" صنعت؟ ومنع ذلك أبو البقاء في مواضع من إعرابه، وثعلب في أماليه، وغيرهما وخصوا جواز ذلك بـ "ماذا"؛ لأن "ما" أكثر إبهاما، فحسن أن تجعل مع غيرها كشيء واحد ليكون ذلك أظهر لمعناها، ولأن التّركيب خلاف الأصل، وإنّما دلّ عليه الدّليل مع "ما"، وهو قولهم "لما" جئت بإثبات "الألف".
وموصولة: في نحو: {ألم تر أن الله يسجد له من في السّماوات ومن في الأرض}
ونكرة موصوفة: ولهذا دخلت عليها "رب" في قوله:
رب من أنضجت غيظا قلبه ... قد تمنى لي موتا لم يطع
ووصفت بالنكرة في نحو قولهم: مررت "بمن" معجب لك.
وقال حسان رضي الله عنه:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حب النّبي محمّد إيانا
ويروى برفع غير فيحتمل أن "من" على حالها، ويحتمل الموصولية، وعليهما فالتقدير: على "من" هو غيرنا، والجملة صفة أو صلة،
وقال الفرزدق:
إنّي وأياك إذ حلت بأرحلنا ... كمن بواديه بعد المحل ممطور
أي: كشخص ممطور بواديه.
وزعم الكسائي أنّها لا تكون نكرة إلّا في موضع يخص النكرات، ورد بهذين البيتين فخرجهما على الزّيادة، وذلك شيء لم يثبت كما سيأتي.
وقال تعالى: {ومن النّاس من يقول آمنا باللّه}، فجزم جماعة بأنّها موصوفة، وهو بعيد لقلّة استعمالها، وآخرون بأنّها موصولة، وقال
الزّمخشريّ: إن قدرت "أل" في النّاس للعهد فموصولة، مثل: {ومنهم الّذين يؤذون النّبي}، أو للجنس فموصوفة، مثل:{من المؤمنين رجال}، ويحتاج إلى تأمل.

تنبيهان
الأول: تقول "من" يكرمني أكرمه، فتحتمل من الأوجه الأربعة، فإن قدرتها شرطيّة جزمت الفعلين أو موصولة أو موصوفة رفعتهما، أو استفهامية رفعت الأول وجزمت الثّاني؛ لأنّه جواب بغير "الفاء"، و"من" فيهنّ مبتدأ، وخبر الاستفهامية الجملة الأولى، والموصولة
والموصوفة الجملة الثّانية، والشرطية الأولى أو الثّانية على خلاف في ذلك، وتقول "من" زارني زرته، فلا تحسن الاستفهامية، ويحسن ما عداها.
الثّاني: زيد في أقسام من قسمان آخران:
أحدهما: أن تأتي نكرة تامّة، وذلك عند أبي عليّ قاله في قوله:
... ونعم من هو في سر وإعلان
فزعم أن الفاعل مستتر، و"من" تمييز، وقوله هو مخصوص بالمدح فهو مبتدأ خبره ما قبله، أو خبر لمبتدأ محذوف، وقال غيره "من" موصول فاعل، وقوله هو مبتدأ خبره هو آخر محذوف على حد قوله:
وشعري شعري ...
والظرف متعلق بالمحذوف؛ لأن فيه معنى الفعل، أي: ونعم "من" هو الثّابت في حالتي السّرّ والعلانية، قلت ويحتاج إلى تقدير هو ثالث يكون مخصوصًا بالمدح.
الثّاني: التوكيد، وذلك فيما زعم الكسائي أنّها ترد زائدة كـ "ما"، وذلك سهل على قاعدة الكوفيّين في أن الأسماء تزاد، وأنشد عليه:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا ...
فيمن خفض غيرنا.
وقوله:
يا شاة من قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم
فيمن رواه بـ "من" دون "ما"، وهو خلاف المشهور، وقوله:
آل الزبير سنام المجد قد علمت ... ذاك القبائل والأثرون من عددا
ولنا أنّها في الأوّلين نكرة موصوفة، أي: على قوم غيرنا، ويا شاة إنسان قنص، وهذا من الوصف بالمصدر للمبالغة، وعددا إمّا صفة "لمن" على أنه اسم، وضع موضع المصدر وهو العد، أي: والأثرون قوما ذوي عد، أي: قوما معدودين، وإمّا معمول ليعد محذوفا صلة أو صفة "لمن"، و"من" بدل من الأثرون).[مغني اللبيب: 4 / 195 - 213]


رد مع اقتباس