عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 4 شوال 1435هـ/31-07-2014م, 10:59 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: للّذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ الآية، قالت فرقة وهي الجمهور: الحسنى الجنة و «الزيادة» النظر إلى وجه الله عز وجل، وروي في نحو ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه صهيب، وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق وحذيفة وأبي موسى الأشعري وعامر بن سعد وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وروي عن علي بن أبي طالب أنه قال:«الزيادة» غرفة من لؤلؤة واحدة، وقالت فرقة الحسنى هي الحسنة، و «الزيادة» هي تضعيف الحسنات إلى سبعمائة فدونها حسبما روي في نص الحديث، وتفسير قوله تعالى: واللّه يضاعف لمن يشاء [البقرة: 261]، وهذا قول يعضده النظر ولولا عظم القائلين بالقول الأول لترجح هذا القول، وطريق ترجيحه أن الآية تتضمن اقترانا بين ذكر عمال الحسنات وعمال السيئات، فوصف المحسنين بأن لهم حسنى وزيادة من جنسها، ووصف المسيئين بأن لهم بالسيئة مثلها فتعادل الكلامان، وعبر عن الحسنات ب الحسنى مبالغة، إذ هي عشرة، وقال الطبري: الحسنى عام في كل حسنى فهي تعم جميع ما قيل، ووعد الله تعالى على جميعها بالزيادة، ويؤيد ذلك أيضا قوله: أولئك أصحاب الجنّة، ولو كان معنى الحسنى الجنة لكان في القول تكرير بالمعنى، على أن هذا ينفصل عنه بأنه وصف المحسنين بأن لهم الجنة وأنهم لا يرهق وجوهم قتر ولا ذلة، ثم قال أولئك أصحاب الجنّة على جهة المدح لهم، أي أولئك مستحقوها وأصحابها حقا وباستيجاب، ويرهق معناه يغشى مع ذلة وتضييق، والقتر الغبار المسود، ومنه قول الشاعر [الفرزدق]: [البسيط]
متوج برداء الملك يتبعه = موج ترى وسطه الرايات والقترا
وقرأ الحسن وعيسى بن عمر والأعمش وأبو رجاء «قتر» بسكون التاء). [المحرر الوجيز: 4/ 473-474]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27)}
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله: والّذين كسبوا السّيّئات الآية، اختلف النحويون في رفع «الجزاء» بم هو؟ فقالت فرقة: التقدير لهم جزاء سيئة بمثلها، وقالت فرقة: التقدير جزاء سيئة مثلها والباء زائدة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ويتوجه أن يكون رفع «الجزاء» على المبتدأ وخبره في الّذين لأن الّذين معطوف على قوله للّذين أحسنوا، فكأنه قال والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها، وعلى الوجه الآخر فقوله والّذين كسبوا السّيّئات رفع بالابتداء، وتعم السّيّئات هاهنا الكفر والمعاصي، فمثل سيئة الكفر التخليد في النار، ومثل سيئة المعاصي مصروف إلى مشيئة الله تعالى.
و «العاصم» المنجي والمجير، ومنه قوله تعالى: إلى جبلٍ يعصمني من الماء [هود: 43].
وأغشيت كسيت ومنه الغشاوة، و «القطع» جمع قطعة، وقرأ ابن كثير والكسائي «قطعا» من الليل بسكون الطاء، وقرأ الباقون بفتح الطاء، و «القطع» الجزء من الليل ومنه قوله تعالى: فأسر بأهلك بقطعٍ من اللّيل [هود: 81] وهذا يراد به الجزء من زمان الليل، وفي هذه الآية الجزء من سواده، ومظلماً، نعت ل «قطع»، ويجوز أن يكون حالا من الذكر الذي في قوله من اللّيل، فإذا كان نعتا فكان حقه أن يكون قبل الجملة ولكن قد يجيء بعدها، وتقدير الجملة قطعا استقر من الليل مظلما على نحو قوله تعالى: وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ [الأنعام: 155] ومن قرأ «قطعا» على جمع قطعة فنصب «مظلما» على الحال من اللّيل والعامل في الحال من إذ هي العامل في ذي الحال، وقرأ أبي بن كعب، «كأنما يغشى وجوههم قطع من الليل وظلم»، وقرأ ابن أبي عبلة «قطع من الليل مظلم» بتحريك الطاء في قطع). [المحرر الوجيز: 4/ 474-475]


رد مع اقتباس