الموضوع: الألف
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:49 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء ولا تشارك الأفعال شيئًا من الأحادية لما بينا أن الاشتراك يجب كونه وضعًا وشيء من الأفعال لا يوضع أحاديثًا، بل يجب أن لا يكون أقل من ثلاثة أحرف أصول، حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يفصل بينهما لمنافاة الأول بحركته الآخر بسكونه، ولكونه لا يقتضي طبعًا لا الحركة ولا السكون، ثم ما قيل إنه إن سكن نافي الأول وإن حرك نافي الآخر فالمنافاة حاصلة، فإن اتفق فعل على أقل من ثلاثة فلذلك بطريق الحذف لعارض، كما تقرر في فنه، وأحرف هذا النوع سبعة:
وهي: "الألف"، و"التاء"، و"الكاف"، و"النون"، و"الهاء"، و"الواو"، و"الياء"، فلنذكر كل حرف منها في فصل، ونذكر فيه ما يخطر بالبال ذكره إن شاء الله، وليعلم أن هذه الأحرف السبعة مبنية في حالتي حرفيتها واسميتها، أما في حالة الحرفية فظاهر لعدم استحقاق الحرف الإعراب، وأما في حال اسميتها فاستيفاء لبيانها ولكون وضعها كوضع الحروف على حرف واحد فنبيت مطلقًا، والله تعالى أعلم).[جواهر الأدب: 42]

الفصل الأول "الألف"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الأول "الألف"، وهو أحد الأحرف الحلقية السبعة، ويسمى الهاوي؛ لأنه لا ينحصر في شيء منه، ومخرجه من أقصى الحلق خلافًا لمن زعم أنه لا مخرج له، قلت: تسميته بالهاوي وتعليلها بقولهم لأنه لا ينحصر في شيء منه يقوي مذهب أبي الحسن من أن "الألف" لا مخرج لها، وينبغي أن يعلم أن "الألف" لكونه من حروف الزيادة إذا وقع حرفًا فقد يصير بعضًا من الكلمة التي دخل عليها "كألف المفاعلة" و"ألف" جمال من الجموع، وحبلى من المؤنث، والإلحاق كأرطاة، والتكثير كقبعثري، والمبدلة من حرف أصلي "واو"، كغزا، أو "ياء" كسعى، وقد يكون مستقلًا أي حرف معنى، ونظرنا الآن إلى حالة استقلاله ومعانيه في اسميته، فلذلك حصرنا ذكره في بحثين.
البحث الأول: في مواقعه حرفًا، وذلك في عدة مواضع:
أحدهما: في باب النداء، وله موقعان:
أحدهما: في يا ابن أمتا، وثانيهما: في المستغاث به، نحو: يا زيداه.
وثانيها في باب الندبة، نحو: وازيداه، ووا أعلا مكاناه، وإنما أفردنا الندبة عن النداء؛ لأن المندوب ليس بمنادى، وإن عومل معاملته في كثير من الأحكام.
وثالثها: "الألف المزيدة" في السؤال عن النكرات حال النصب، فإنه إذا قيل: جاء رجل، وقصد الاستفهام عنه فيؤتى في السؤال بلفظة من الاستفهامية، ولكونه في حال الرفع يزاد في من "واو" لمجانسة ضمة الرفع فيقال: منوو في حال الجر "ياء" لمجانسة كسرة الجر، فيقال: منى في: مررت برجل، وفي حال النصب "ألفًا" فيقال في رأيت رجلًا منا، لمجانسة فتحة النصب، فيكون كل واحدٍ من "الواو" و"الياء" و"الألف" حرفًا للاستفهام عن النكرة المعربة المفردة في كلام المستفهم منه، يزاد في الوقف لتقابل به حركتها، وإنما قلنا في الوقف؛ لأن الزيادة لما كانت تغييرًا على خلاف الأصل لإزالة اللبس الناشئ من إبهام التنكير والوقف محل التغيير اشترط لذلك، فنذكر كل واحدة منها في بابها إن شاء الله تعالى.
وفائدة التقييد بكون الكلمة نكرة الاحتراز عن المعرفة فإن حكمها عند أهل الحجاز إذا كانت علمًا أن يحكيه المستفهم كما نطق به، فيقول لمن قال: جاءني زيد من زيد، ولمن قال: رأيت زيدًا من زيدًا، ولمن قال: مررت بزيدٍ من زيدٍ، وإذا كانت غيره الرفع لا غير فيقول لمن قال: جاءني الرجل من الرجل، وعند تميم الرفع مطلقًا، فيقول: من زيد ومن الرجل في الثلاث، وتقييده النكرة بكونها معربة لإخراج المبنية؛ إذ لا إعراب فيقابل، وبكونها مفردة أنها إذا ثنيت أو جمعت لا تكون كذلك، بل يزاد في الاستفهام عن المثنى المرفوع "ألف" والمنصوب والمجرور "ياء"، وعن المجموع المرفوع "واو"، والمنصوب والمجرور "ياء"، مع "نون" ساكنة في المذكر، أو "ياء" كذلك في المؤنث، فيقال لمن قال: جاءني رجلان، ورأيت رجلين، ومررت برجلين وامرأتين، وامرأتين منان ومنين ومنتان ومنتين، ولمن قال: جاءني رجال، ورأيت رجالًا، ومررت برجالٍ أو نساء، ونساء، ونساء منون ومنين ومنات، هذا كله إذا كان المستفهم وافقا، فلو وصل جرد من عن العلامة، فيقول: من "ياء" فتى في الجميع، قال الزمخشري رحمه الله تعالى: وقد ارتكب من قال: أتوا ناري فقلت منون أنتم.
شذوذين إلحاق العلامة في الدرج وتحريك "النون"، وهذا عند الأكثر، وبعضهم لم يفرق بين المفرد وغيره، فيقول: منو، ومنا، ومنى إفرادًا وتثنية وجمعًا تذكيرًا وتأنيثًا، ومن أراد الاطلاع على مباحث هذا الباب مفصلة فعليه بالاغراب فإنه يظفر بما يغرب ويعرب.
ورابعها: "الألف" الملحقة بضمير المتكلم المفرد المرفوع المنفصل، وهو أن، فإنه "ألف" و"نون" مفتوحتان، فإذا وقف عليهما ألحق بهما "ألف" فصار أنا، يصلح للمذكر والمؤنث، ولا يحلق "الألف" في درج الكلام، وفي التنزيل: {أنا أكثر منك مالًا وولدًا}، ويقال لها: "الألف" المزادة لبيان الحركة.
وخامسها: المبدلة من "النون" الخفيفة الساكنة وقفًا، وهي في أمكنة المبدلة من تنوين الاسم نصبًا نحو: رأيت زيدًا، المبدلة من "نون التوكيد" الخفيفة نحو: {لنسفعًا} في: نسفعن، وقفًا، وقول الشاعر:
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
يريد: فاعبدن.
قال في التنويع: والمختار كتابتها "بالألف" مع جواز كتابتها "بالنون"، وأما إذن الجزائية فإن الأكثرين يقفون عليها "بالألف"، وقيل: إن المازني لا يجيزه، وروى الوجهان عن المبرد، ونقل عن بعضهم أنه قال: إن أعملت كتبت "بالألف"، وإن أهملت كتبت "بالنون" لئلا تلتبس بإذا الزمانية.
وسادسها: "الألف" الدالة على تثنية الفاعل كدلالة "التاء" على تأنيثه كقوله: وقد أسلماه مبعد وحميم.
وسابعها: "ألف الفصل" بين "النونات" عند تأكيد الفعل المسند إلى ضمير جماعة الإناث نحو: افعلن يا نساء، فإنه عند إرادة توكيده
"بالنون المشددة" يفصل بين "نون الضمير" و"النون المؤكدة بألف" فيقال: افعلنان، لئلا تجتمع "النونات"، ويتعين هنا التوكيد "بالنون الثقيلة" ليكون الجمع بين الساكنين على حده، وهو كون أولهما حرف مد وثانيهما حرفًا مدغمًا، وأجاز يونس إلحاق الخفيفة أيضًا، ونقله عن العرب.
تنبيه: قد عد جماعة من النحاة من جملة الألفات "ألف التثنية" و"الألف" من الأسماء الستة في حال النصب، وذلك سهو؛ لأن "الألف" إذا دخلت في ذلك صارت جزءً من الكلمة، ولم تبق زائدة بل بعضًا، وصارت من حروف الزيادة، كما تقرر في موضعه في غير هذا الكتاب، والذي نحن بصدد ذكره إنما هو حروف المعاني، فلا مدخل لتلك فيها.
البحث الثاني: في مواقعها اسمًا، فلا تكون إلا ضميرًا للمثنى المرفوع المتصل البارز، ويختص ذلك بالأفعال؛ لأن الحروف لا تتصل بها ضمائر الرفع، والأسماء لا تبرز ضمائر رفعها، وتوجد في الأفعال الماضية نحو: قاما، وقامتا، "فالألف" ضمير، و"التاء" للتأنيث، والمضارعة نحو: تفعلان، و"النون" ليست من المضير، بل تذكر مع "الالف"لمجرد الإعراب؛ بدليل بقاء الضمير مع حذفها وزوال الرفع، وفي الأمر نحو: افعلا، وأما نحو: فعلتما، فلا يكون "الألف" وحده ضميرًا بل بعضًا منه، وكذا الكلام في "ألف" هما فلا دخل لهذه في هذا البحث). [جواهر الأدب: 42 - 45]


رد مع اقتباس