عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 03:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22) ).
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن عاصمٍ عن زرٍّ عن أبي بن كعبٍ أنّه قال:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف} إلّا من تاب فإنّ اللّه كان غفورا رحيما ). [تفسير الثوري: 92-93]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف إنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً}.
قد ذكر أنّ هذه الآية نزلت في قومٍ كانوا يخلفون على حلائل آبائهم، فجاء الإسلام وهم على ذلك، فحرّم اللّه تبارك وتعالى عليهم المقام عليهنّ، وعفا لهم عمّا كان سلف منهم في جاهليّتهم وشركهم من فعل ذلك لم يؤاخذهم به إن هم اتّقوا اللّه في إسلامهم وأطاعوه فيه.
ذكر الأخبار الّتي رويت في ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه المخرّميّ، قال: حدّثنا قرادٌ، قال: حدّثنا ابن عيينة،عن عمرٌو، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال:
« كان أهل الجاهليّة يحرّمون ما يحرّم إلاّ امرأة الأب، والجمع بين الأختين » قال: فأنزل اللّه: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف} {وأن تجمعوا بين الأختين}.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} الآية، قال: كان أهل الجاهليّة يحرّمون ما حرّم اللّه، إلاّ أنّ الرّجل كان يخلّف على حليلة أبيه، ويجمعون بين الأختين فمن ثمّ قال اللّه: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن عكرمة، في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف} قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلّف على أمّ عبيدٍ بنت ضمرة، كانت تحت الأسلت أبيه، وفي الأسود بن خلفٍ، وكان خلّف على بنت أبي طلحة بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدّار، وكانت عند أبيه خلفٍ، وفي فاختة بنت الأسود بن المطّلب بن أسدٍ، وكانت عند أميّة بن خلفٍ، فخلّف عليها صفوان بن أميّة وفي منظور بن زبابٍ، وكان خلّف على مليكة ابنة خارجة، وكانت عند أبيه زباب بن سيّارٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاء بن أبي رباحٍ:
« الرّجل ينكح المرأة ثمّ لا يراها حتّى يطلّقها، أتحلّ لابنه؟ قال: هي مرسلةٌ» ، قال اللّه تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} قال: قلت لعطاءٍ: ما قوله: {إلاّ ما قد سلف} قال: «كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهليّة».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} الآية، يقول:
«كلّ امرأةٍ تزوّجها أبوك وابنك دخل أو لم يدخل فهي عليك حرامٌ».
واختلف في معنى قوله: {إلاّ ما قد سلف} فقال بعضهم:
«معناه: لكن ما قد سلف فدعوه، وقالوا: هو من الاستثناء المنقطع ».
وقال آخرون:
«معنى ذلك: ولا تنكحوا نكاح آبائكم، بمعنى: ولا تنكحوا كنكاحهم كما نكحوا على الوجوه الفاسدة الّتي لا يجوز مثلها في الإسلام»، {إنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً} يعني أنّ نكاح آبائكم الّذي كانوا ينكحونه في جاهليّتهم كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً، إلاّ ما قد سلف منكم في جاهليّتكم من نكاحٍ لا يجوز ابتداء مثله في الإسلام، فإنّه معفوًّ لكم عنه.
وقالوا: قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} كقول القائل للرّجل: لا تفعل ما فعلت، ولا تأكل ما أكلت بمعنى: ولا تأكل كما أكلت، ولا تفعل كما فعلت.
وقال آخرون:
« معنى ذلك: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء بالنّكاح الجائز كان عقده بينهم، إلاّ ما قد سلف منهم من وجوه الزّنا عندهم، فإنّ نكاحهنّ لكم حلالٌ كان لأنّهنّ لم يكن لهم حلائل، وإنّما كان ما كان من آبائكم منهنّ من ذلك فاحشةً ومقتًا وساء سبيلا».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف} الآية، قال:
«الزّنا إنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً، فزاد هاهنا المقت».
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب على ما قاله أهل التّأويل في تأويله، أن يكون معناه: ولا تنكحوا من النّساء نكاح آبائكم إلاّ ما قد سلف منكم، فمضى في الجاهليّة، فإنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً، فيكون قوله: {من النّساء} من صلة قوله: {ولا تنكحوا} ويكون قوله: {ما نكح آباؤكم} بمعنى المصدر، ويكون قوله: {إلاّ ما قد سلف} بمعنى الاستثناء المنقطع لأنّه يحسن في موضعه: لكن ما قد سلف فمضى، {إنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلاً}.
فإن قال قائلٌ: وكيف يكون هذا القول موافقًا قول من ذكرت قوله من أهل التّأويل، وقد علمت أنّ الّذين ذكرت قولهم في ذلك، إنّما قالوا: أنزلت هذه الآية في النّهي عن نكاح حلائل الآباء، وأنت تذكر أنّهم إنّما نهوا أن ينكحوا نكاحهم؟
قيل له: إنما قلنا: إنّ ذلك هو التّأويل الموافق لظاهر التّنزيل، إذ كانت ما في كلام العرب لغير بني آدم، وإنّه لو كان المقصود بذلك النّهي عن حلائل الآباء دون سائر ما كان من مناكح آبائهم حرامًا، ابتدئ مثله في الإسلام، بنهي اللّه جلّ ثناؤه عنه، لقيل: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم من النّساء إلاّ ما قد سلف؛ لأنّ ذلك هو المعروف في كلام العرب، إذ كان من لبني آدم وما لغيرهم، ولم تقل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء وأما قوله، فإنّه يدخل في ما كان من مناكح آبائهم الّتي كانوا يتناكحونها في جاهليّتهم، فحرّم عليهم في الإسلام بهذه الآية نكاح حلائل الآباء، وكلّ نكاحٍ سواه، نهى اللّه تعالى ذكره ابتداء مثله في الإسلام، ممّا كان أهل الجاهليّة يتناكحونه في شركهم.
ومعنى قوله: {إلاّ ما قد سلف} إلاّ ما قد مضى، {إنّه كان فاحشةً} يقول: إنّ نكاحكم الّذي سلف منكم، كنكاح آبائكم المحرّم عليكم ابتداء مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم فاحشةٌ، يقول: معصيةٌ {ومقتًا وساء سبيلاً} أي بئس طريقًا ومنهجًا ما كنتم تفعلون في جاهليّتكم من المناكح الّتي كنتم تتناكحونها). [جامع البيان: 6/548-553]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف إنّه كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلًا (22)}.
قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء}.
- حدّثنا أبي، ثنا مالك بن إسماعيل، ثنا قيس بن الرّبيع، عن أشعث ابن سوّارٍ عن عديّ بن ثابتٍ، عن رجلٍ من الأنصار قال: توفّي أبو قيسٍ وكان من صالح الأنصار فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: إنّما أعدّك ولداً، وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأستأمره، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: يا رسول اللّه، إنّ أبا قيسٍ توفّي. فقال: خيراً إنّ ابنه قيس خطبني وهو من صالحي قومه، وإنّما كنت أعدّه ولداً، فما ترى؟ قال لها:
« ارجعي إلى بيتك».
قال: فنزلت هذه الآية: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} يقول:
«كلّ امرأةٍ تزوّجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها، فهي عليك حرامٌ».
- حدّثنا أبي، ثنا عمرو بن عونٍ، أنبأ خالدٌ، عن يونس، عن الحسن في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء } قال:
«هو أن تملك عقدة النّكاح وليس بالدّخول ».
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا صفوان يعني: ابن صالحٍ وعبد الرّحمن بن إبراهيم قالا: ثنا الوليد، ثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن مشيخة قال:
«لا ينكح رجلٌ امرأة جدّ أبي أمّه لأنّه من الآباء يقول اللّه تعالى:{ ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء } ».
قوله تعالى: {إلا ما قد سلف}.
- ذكر عن أبي حذيفة موسى بن مسعودٍ، ثنا سفيان، عن عاصمٍ، عن زرّ بن حبيشٍ، عن أبيّ بن كعبٍ أنّه كان يقرؤها: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير ابن محمّدٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ في قول اللّه تعالى: {إلا ما قد سلف } يقول:
«في جاهليّتكم ».
قوله تعالى: {إنّه كان فاحشة}.
قد تقدم تفسيره.
قوله تعالى: {ومقتاً}.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير ابن محمّدٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ في قوله:{إنّه كان فاحشةً ومقتاً } قال:
« يمقت اللّه عليه».
قوله تعالى: {وساء سبيلا}.
- وبه عن عطاء بن أبي رباحٍ وساء سبيلا قال: طريقًا لمن عمل به). [تفسير القرآن العظيم: 3/909-910]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} [النساء: 22]
- عن رجلٍ من الأنصار قال: «توفّي أبو قيسٍ من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيسٌ امرأته، فقالت: أنا أعدّك ولدًا وأنت من صالحي قومك، ولكنّي آتي رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فأستأمره، فأتت رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - فقالت: إنّ أبا قيسٍ توفّي، فقال لها رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -: خيرًا، قالت: وإنّ ابنه قيسًا خطبني، وهو من صالحي قومه، وإنّما كنت أعدّه ولدًا، فقال لها رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم -:
« ارجعي إلى بيتك » فنزلت هذه الآية: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} ».
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/2-3]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في "سننه" عن عدي بن ثابت الأنصاري قال «توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأته فقالت: إنما أعدك ولدا وأنت من صالحي قومك ولكن آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا قيس توفي فقال لها: خيرا، قالت وإن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي قومه وإنما كنت أعده ولدا فما ترى قال: « ارجعي إلى بيتك» ، فنزلت هذه الآية {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} » قال: البيهقي مرسل، قلت: فمن رواية ابن أبي حاتم عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه وفي الأسود بن خلف وكان خلف على بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف وفي فاختة ابنة الأسود بن المطلب بن أسد كانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن أمية وفي منظور بن رباب وكان خلف على مليكة ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن سيار.
وأخرج البيهقي في "سننه" عن مقاتل بن حيان قال:
« كان إذا توفي الرجل في الجاهلية عمد حميم الميت إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فلما توفي أبو قيس بن الأسلت عمد ابنه قيس إلى امرأته فتزوجها ولم يدخل بها، فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله في قيس {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} قبل التحريم حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى ذكر {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} قبل التحريم {إن الله كان غفورا رحيما} فيما مضى قبل التحريم».
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال:
«كان الرجل إذا توفي عن امرأته كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه أو ينكحها من شاء، فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه محصن فورث نكاح امرأته ولم ينفق عليها ولم يورثها من المال شيئا، فأتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: «ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا» ، فنزلت {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} الآية، ونزلت {لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها} ».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس قل:
«كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين، فأنزل الله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}، {وأن تجمعوا بين الأختين} ».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه" من طريق علي عن ابن عباس في قوله: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} يقول:
« كل امرأة تزوجها أبوك أو ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام ».
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن جريج قال:
«قلت لعطاء بن أبي رباح: الرجل ينكح المرأة ثم لا يراها حتى يطلقها أتحل لابنه قال: لا، هي مرسلة قال الله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} قلت لعطاء: ما قوله {إلا ما قد سلف} قال: كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية ».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} قال:
«هو أن يملك عقدة النكاح وليس بالدخول».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي مريم عن مشيخة قال:
«لا ينكح الرجل امرأة جده أبي أمه لأنه من الآباء يقول الله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}».
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {إلا ما قد سلف} إلا ما كان في الجاهلية.
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله: {إلا ما قد سلف} قال:
«كان الرجل في الجاهلية ينكح امرأة أبيه».
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إلا من مات.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح {إنه كان فاحشة ومقتا} قال:
«يمقت الله عليه» {وساء سبيلا} قال: «طريقا لمن عمل به ».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه والبيهقي في "سننه" عن البراء قال:
« لقيت خالي ومعه الراية قلت: أين تريد قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله»). [الدر المنثور: 4/298-302]

تفسير قوله تعالى: ({حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) }.
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني عبد اللّه بن محمّد بن أبي فروة عن سعيدٍ المقبريّ قال: «كان أبو هريرة يقول: {اللمم}، لمم أهل الجاهليّة؛ وقال لي عبد اللّه بن أبي فروة: وسمعت زيد بن أسلم وإنسانٌ يذكر ذلك، فقال: صدق، إنما اللّمم لمم أهل الجاهليّة، يقول اللّه: {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} »). [الجامع في علوم القرآن:17- 1/18] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن عمران بن حصين في قوله تعالى:{ وأمهات نسائكم } قال « هي مما حرم الأم »قال وقال مسروق بن الأجدع وسئل عنها فقال إنها مبهمة فدعها قال معمر وكان الحسن والزهري يكرهانها .
نا معمر عن أبي طاوس عن أبيه أنه كرهها أيضا .
أنا معمر عن قتادة أن ابن مسعود قال حرم الله .
[تفسير عبد الرزاق: 1/152]
اثنتي عشرة امرأة وأنا أكره ثنتي عشرة الأمة وأمها وبنتها والأختين يجمع بينهما والأمة إذا وطئها أبوك والأمة إذا وطئها ابنك والأمة إذا زنت والأمة في عدة غيرك والأمة لها زوج.
قال النخعي وكان ابن مسعود يقول بيعها طلاقها واكره أمتك مشركة وعمتك من الرضاعة وخالتك من الرضاعة). [تفسير عبد الرزاق: 1/153]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال معمر «ولا يحل للرجل ابنة ربيبته ولا بأس بامرأة الرجل وربيبته »). [تفسير عبد الرزاق: 1/154].
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان الثوري عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاءٍ الأسديّ عن عميرٍ مولى ابن عباس عن ابن عبّاسٍ قال: «يحرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ ثمّ قرأ {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} و{حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} »). [تفسير الثوري: 93]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمّهاتكم اللّاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلّا ما قد سلف إنّ الله كان غفورًا رحيمًا}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، عن سعيدٍ الجريري، عن حيّان بن عمير قال: قال ابن عبّاسٍ:
«سبعٌ صهرٌ، وسبعٌ نسبٌ، ويحرم من الرّضاعة ما يحرم من النّسب ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن (سعد) بن إياسٍ،
«عن رجلٍ تزوّج امرأةً من بني شمخ، فرأى بعد أمّها، فأعجبته، فذهب إلى ابن مسعودٍ، فقال: إنّي تزوّجت امرأةً، ولم أدخل بها، ثمّ أعجبتني أمّها، فأطلّق المرأة وأتزوّج أمّها؟ قال: نعم، (فطلّقها)، وتزوّج أمّها، فأتى عبد اللّه المدينة، فسأل أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: لا يصلح، ثمّ قدم، فأتى بني شمخ، فقال: أين الرّجل الّذي تزوّج أمّ المرأة الّتي كانت تحته؟ قالوا: هاهنا، قال: فليفارقها، قالوا: وقد نثرت له بطنها ؟! قال: فليفارقها، فإنّها حرامٌ من الله عز وجل».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مغيرة، عن إبراهيم، عن شريح أنّه سئل عن ذلك، فقال:ائتوا بني شمخ، فسلوهم.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، قال:
«سألت ابن أبي نجيح، عن رجلٍ تزوّج امرأةً، فطلّقها قبل أن يدخل بها حتّى ماتت، أو طلّقها، أيتزوّج بها ابنه؟ قال: فيه قتل داود ابنه أدين ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا داود بن أبي هند، عن الشّعبي، عن مسروق أنّه سئل عن: {أمّهات نسائكم}، قال:
« هي مبهمةٌ، فأرسلوا ما أرسل اللّه، واتّبعوا ما بيّن اللّه، ورخّص في الرّبيبة إذا لم يكن دخل بأمّها، وكره الأمّ على كل حال»). [سنن سعيد بن منصور: 3/1208-1216]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ):(وقال ابن عبّاسٍ: (لمستم) و {تمسّوهنّ} [البقرة: 236] و {اللّاتي دخلتم بهنّ} [النساء: 23] ، " والإفضاء: النّكاح "). [صحيح البخاري: 6/50] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ لمستم وتمسّوهنّ واللّاتي دخلتم بهنّ والإفضاء النّكاح أمّا قوله لمستم فروى إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق مجاهدٍ عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى أو لامستم النّساء قال هو الجماع وأخرجه بن أبي حاتمٍ من طريق سعيد بن جبيرٍ بإسنادٍ صحيحٍ وأخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة عن بن عبّاسٍ قال هو الجماع ولكن اللّه يعفو ويكنى وأما قوله تمسّوهنّ فروى ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى ما لم تمسّوهنّ أي تنكحوهنّ وأمّا قوله دخلتم بهنّ فروى بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى اللّاتي دخلتم بهن قال الدّخول النّكاح وأمّا قوله والإفضاء فروى ابن أبي حاتمٍ من طريق بكر بن عبد اللّه المزنيّ عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} قال الإفضاء الجماع وروى عبد بن حميدٍ من طريق عكرمة عن بن عبّاسٍ قال الملامسة والمباشرة والإفضاء والرّفث والغشيان والجماع كلّه النّكاح ولكنّ اللّه يكنّي وروى عبد الرّزّاق من طريق بكرٍ المزنيّ عن ابن عبّاسٍ إنّ اللّه حييٌّ كريمٌ يكنّي عمّا شاء فذكر مثله لكن قال التّغشّي بدل الغشيان وإسناده صحيحٌ قال الإسماعيليّ أراد بالتّغشّي قوله تعالى فلمّا تغشاها وسيأتي شيءٌ من هذا في النّكاح والّذي يتعلّق بالباب قوله لمستم وهي قراءة الكوفيّين حمزة والكسائيّ والأعمش ويحيى بن وثّابٍ وخالفهم عاصمٌ من الكوفيّين فوافق أهل الحجاز فقرؤوا أو لامستم بالألف ووافقهم أبو عمرو بن العلاء من البصريين). [فتح الباري: 8/272-273] (م)
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس لامستم وتمسوهن واللآتي دخلتم بهن والإفضاء النّكاح
قال ابن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قوله 6 المائدة {أو لامستم النّساء} قال الجماع
وقال أيضا ثنا أبو سعيد الأشج ثنا المحاربي عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عبّاس قال {ثمّ طلقتموهن من قبل أن تمسّوهنّ} 49 الأحزاب قال إذا طلقتموهن من قبل أن تنكحوهن فلا طلاق
وقال أيضا ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 23 : النّساء {من نسائكم اللّاتي دخلتم بهن} قال والدّخول النّكاح وقال أيضا ثنا أبي ثنا محمّد بن مقاتل ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن بكر بن عبد الله المزنيّ عن ابن عبّاس في قوله 21 النّساء {وقد أفضى بعضكم إلى بعض}
قال الإفضاء الجماع
وقال إسماعيل القاضي ثنا سليمان بن حرب ثنا حمّاد بن سلمة عن عاصم عن عكرمة عن ابن عبّاس قال الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث كله النّكاح ولكن الله عزّ وجلّ كنى
ثنا مسدّد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله قال: قال ابن عبّاس إن الله عزّ وجلّ حييّ كريم يكني عمّا شاء وإن المباشرة والرفث والتغشي والإفضاء واللماس عني به الجماع قال يعني في التغشي قوله {فلمّا تغشاها} 189 الأعراف وبالإفضاء قوله {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} 21 النّساء
ثنا مسدّد ثنا يحيى عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عبّاس قال أو لامستم النّساء قال هو الجماع). [تغليق التعليق: 4/202-203] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ لمستم وتمسّوهنّ واللاتي دخلتم بهنّ والإفضاء النّكاح
أشار بقول ابن عبّاس هذا إلى أن معنى أربعة ألفاظ في القرآن بمعنى واحد، وهو: النّكاح أي: الوطء. وقوله: لمستم، في محل الرّفع على الابتداء بتقدير قوله: لمستم، وما بعده عطف عليه، وقوله: النّكاح، على أنه خبره، وقد ذكر هذا عن ابن عبّاس بطريق التّعليق. أما اللّفظ الأول: فقد وصله إسماعيل القاضي في (أحكام القرآن) من طريق مجاهد عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {أو لمستم النّساء} قال هو الجماع، وروى ابن المنذر حدثنا محمّد بن عليّ حدثنا سعيد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ابن جبير عن ابن عبّاس أن اللّمس والمس والمباشرة الجماع، وقال ابن أبي حاتم في (تفسيره) . وروي عن عليّ ابن أبي طالب وأبي بن كعب ومجاهد والحسن وطاوس وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير والشعبيّ وقتادة ومقاتل نحو ذلك، وقرأ حمزة والكسائيّ والأعمش ويحيى بن وثاب (لمستم) وقرأ عاصم وأبو عمرو بن العلاء وأهل الحجاز (لامستم) بالألف (وأما اللّفظ الثّاني) : فوصله ابن المنذر وقد مر الآن (وأما اللّفظ الثّالث) : فرواه عليّ بن أبي حاتم من طريق وابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {اللّاتي دخلتم بهن} (النّساء: 23) قال الدّخول النّكاح (وأما اللّفظ الرّابع) : فرواه ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزنيّ عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} (النّساء: 21) قال: الإفضاء الجماع، وروى ابن المنذر عن عليّ بن عبد العزيز حدثنا حجاج حدثنا حمّاد أخبرنا عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عبّاس، قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والجماع نكاح ولكن الله يكني). [عمدة القاري: 18/200] (م)

قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمّهاتكم اللاّتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللاّتي في حجوركم من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف إنّ اللّه كان غفورًا رحيمًا}.
يعني بذلك تعالى ذكره: حرّم عليكم نكاح أمّهاتكم، فترك ذكر النّكاح اكتفاءً بدلالة الكلام عليه.
وكان ابن عبّاسٍ يقول في ذلك ما:
- حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن أبي زائدة، عن الثّوريّ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ، مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: حرّم من النّسب سبعٌ، ومن الصّهر سبعٌ ثمّ قرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} حتّى بلغ: {وأن تجمعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف} قال: والسّابعة {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلا ما قد سلف}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: يحرّم من النّسب سبعٌ، ومن الصّهر سبعٌ ثمّ قرأ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} إلى قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}.
- حدّثنا ابن بشّارٍ مرّةً أخرى، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي ذئبٍ، عن الزّهريّ، بنحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حبيبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:
«حرّم عليكم سبعٌ نسبًا وسبعٌ صهرًا {حرّمت عليكم أمّهاتكم} الآية ».
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال حدّثنا أبي، عن عليّ بن صالحٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم} قال:
« حرّم اللّه من النّسب سبعًا، ومن الصّهر سبعًا ثمّ قرأ: {وأمّهات نسائكم وربائبكم} الآية».
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مطرّفٍ، عن عمرو بن سالمٍ، مولى الأنصار، قال:
« حرّم من النّسب سبعٌ، ومن الصّهر سبعٌ: {حرّمت عليكم أمّهاتكم، وبناتكم، وأخواتكم، وعمّاتكم، وخالاتكم، وبنات الأخ، وبنات الأخت}، ومن الصّهر: {أمّهاتكم اللاّتي أرضعنكم، وأخواتكم من الرّضاعة، وأمّهات نسائكم، وربائبكم اللاّتي في حجوركم} من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ، فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ، فلا جناح عليكم، وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم، وأن تجمعوا بين الأختين إلاّ ما قد سلف، ثمّ قال: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}، {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} ».
فكلّ هؤلاء اللّواتي سمّاهنّ اللّه تعالى وبيّن تحريمهنّ في هذه الآية محرماتٌ غير جائزٍ نكاحهنّ لمن حرّم اللّه ذلك عليه من الرّجال، بإجماع جميع الأمّة، لا اختلاف بينهم في ذلك، إلاّ في أمّهات نسائنا اللّواتي لم يدخل بهنّ أزواجهنّ، فإنّ في نكاحهنّ اختلافًا بين بعض المتقدّمين من الصّحابة إذا بانت الابنة قبل الدّخول بها من زوجها، هل هنّ من المبهمات، أم هنّ من المشروط فيهنّ الدّخول ببناتهنّ؟
فقال جميع أهل العلم متقدّمهم ومتأخّرهم: من المبهمات، وحرامٌ على من تزوّج امرأةً أمّها دخل بامرأته الّتي نكحها أو لم يدخل بها، وقالوا: شرط الدّخول في الرّبيبة دون الأمّ، فأمّا أمّ المرأة فمطلقةٌ بالتّحريم، قالوا: ولو جاز أن يكون شرط الدّخول في قوله: {وربائبكم اللاّتي في حجوركم من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ} يرجع موصولاً به قوله: {وأمّهات نسائكم} جاز أن يكون الاستثناء في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} من جميع المحرّمات بقوله: {حرّمت عليكم} الآية، قالوا: وفي إجماع الجميع على أنّ الاستثناء في ذلك إنّما هو ممّا وليه من قوله: {والمحصنات} أبين الدّلالة على أنّ الشّرط في قوله: {من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ} ممّا وليه من قوله: {وربائبكم اللاّتي في حجوركم من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ} دون أمّهات نسائنا.
وروي عن بعض المتقدّمين أنّه كان يقول:
«حلالٌ نكاح أمّهات نسائنا اللّواتي لم ندخل بهنّ وأنّ حكمهنّ في ذلك حكم الرّبائب».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، وعبد الأعلى، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن خلاس بن عمرٍو، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه:
« في رجلٍ تزوّج امرأةً فطلّقها قبل أن يدخل بها، أيتزوّج أمّها؟ قال: هي بمنزلة الرّبيبة ».
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، قال: حدّثنا قتادة، عن خلاسٍ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال:
« هي بمنزلة الرّبيبة ».
- حدّثنا حميدٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، قالا: حدّثنا قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن زيد بن ثابتٍ، أنّه كان يقول:
«إذا ماتت عنده، وأخذ ميراثها، كره أن يخلف على أمّها، وإذا طلّقها قبل أن يدخل بها، فإن شاء فعل ».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى عن سعيدٍ، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، عن زيد بن ثابتٍ، قال:
« إذا طلّق الرّجل امرأته قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوّج أمّها ».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ، أخبرني عكرمة بن خالدٍ، أنّ مجاهدًا قال له: {وأمّهات نسائكم وربائبكم اللاّتي في حجوركم من نسائكم} أريد بهما الدّخول جميعًا.
قال: أبو جعفرٍ: والقول الأوّل أولى بالصّواب، أعني قول من قال: الأمّ من المبهمات؛ لأنّ اللّه لم يشرط معهنّ الدّخول ببناتهنّ، كما شرط لك مع أمّهات الرّبائب، مع أنّ ذلك أيضًا إجماعٌ من الحجّة الّتي لا يجوز خلافها فيما جاءت به متّفقةً عليه.
وقد روي بذلك أيضًا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خبرٌ، غير أنّ في إسناده نظرًا.وهو ما:
حدّثنا به المثنّى، قال: حدّثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا المثنّى بن الصّبّاح، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
« إذا نكح الرّجل المرأة فلا يحلّ له أن يتزوّج أمّها، دخل بالابنة أم لم يدخل، وإذا تزوّج الأمّ فلم يدخل بها ثمّ طلّقها، فإن شاء تزوّج الابنة ».
قال أبو جعفرٍ: وهذا خبرٌ وإن كان في إسناده ما فيه، فإنّ في إجماع الحجّة على صحّة القول به مستغنًى عن الاستشهاد على صحّته بغيره.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال لعطاءٍ:
« الرّجل ينكح المرأة لم يرها، ولا يجامعها حتّى يطلّقها، أيحلّ له أمّها؟ قال: لا هي مرسلةٌ قلت لعطاءٍ: أكان ابن عبّاسٍ يقرأ: وأمّهات نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ؟ قال: لا تبرّأ قال حجّاجٌ: قلت لابن جريجٍ: ما تبرّأ؟ قال: كأنّه قال: لا لا وأمّا الرّبائب فإنّها جمع ربيبةٍ وهي ابنة امرأة الرّجل، قيل لها ربيبةٌ لتربيته إيّاها، وإنّما هي مربوبةٌ صرفت إلى ربيبةٍ، كما يقال: هي قتيلةٌ من مقتولةٍ، وقد يقال لزوج المرأة: هو ربيب ابن امرأته، يعني به: هو رابّه، كما يقال: هو خابرٌ وخبيرٌ، وشاهدٌ وشهيدٌ ».
واختلف أهل التّأويل في معنى قوله: {من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ} فقال بعضهم:
« معنى الدّخول في هذا الموضع: الجماع ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبى طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {من نسائكم اللاّتي دخلتم بهنّ}
«والدّخول: النّكاح».
وقال آخرون:
«الدّخول في هذا الموضع: هو التّجريد».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: قلت لعطاءٍ، قوله: {اللاّتي دخلتم بهنّ} ما الدّخول بهنّ؟ قال:
« أن تهدى إليه فيكشف ويعتسّ، ويجلس بين رجليها قلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال: هو سواءٌ، وحسبه قد حرّم ذلك عليه ابنتها قلت: تحرّم الرّبيبة ممّن يصنع هذا بأمّها إلا ما يحرم عليّ من أمتي إن صنعته بأمّها؟ قال: نعم سواءٌ. قال عطاءٌ: إذا كشف الرّجل أمته وجلس بين رجليها أنهاه عن أمّها وابنتها ».
قال أبو جعفرٍ: وأولى القولين عندي بالصّواب في تأويل ذلك، ما قاله ابن عبّاسٍ، من أنّ معنى الدّخول: الجماع والنّكاح؛ لأنّ ذلك لا يخلو معناه من أحد أمرين: إمّا أن يكون على الظّاهر المتعارف من معاني الدّخول في النّاس، وهو الوصول إليها بالخلوة بها، أو يكون بمعنى الجماع، وفي إجماع الجميع على أنّ خلوة الرّجل بامرأته لا يحرّم عليه ابنتها إذا طلّقها قبل مسيسها ومباشرتها، أو قبل النّظر إلى فرجها بالشّهوة ما يدلّ على أنّ معنى ذلك: هو الوصول إليها بالجماع، وإذا كان ذلك كذلك فمعلومٌ أنّ الصّحيح من التّأويل في ذلك ما قلناه.
وأمّا قوله: {فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم} فإنّه يقول:
« فإن لم تكونوا أيّها النّاس دخلتم بأمّهات ربائبكم اللاّتي في حجوركم، فجامعتموهنّ حتّى طلّقتموهنّ، {فلا جناح عليكم} يقول: فلا حرج عليكم في نكاح من كان من ربائبكم كذلك ».
وأمّا قوله: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} فإنّه يعني:
« وأزواج أبنائكم الّذين من أصلابكم، وهي جمع حليلةٍ وهي امرأته، وقيل: سمّيت امرأة الرّجل حليلته؛ لأنّها تحلّ معه في فراشٍ واحدٍ ».
ولا خلاف بين جميع أهل العلم أنّ حليلة ابن الرّجل حرامٌ عليه نكاحها بعقد ابنه عليها النّكاح، دخل بها أو لم يدخل بها.
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ في حلائل الأبناء من الرّضاع، فإنّ اللّه تعالى إنّما حرّم حلائل أبنائنا من أصلابنا؟ قيل: إنّ حلائل الأبناء من الرّضاع، وحلائل الأبناء من الأصلاب سواءٌ في التّحريم، وإنّما قال: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} لأنّ معناه: وحلائل أبنائكم الّذين ولدتموهم دون حلائل أبنائكم الّذين تبنّيتموهم.
- كما: حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قلت لعطاءٍ، قوله: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} قال: كنّا نحدّث واللّه أعلم أنّها نزلت في محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم حين نكح امرأة زيد بن حارثة، قال المشركون في ذلك فنزلت: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} ونزلت: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم}، ونزلت: {ما كان محمّدٌ أبا أحدٍ من رجالكم}.
وأمّا قوله: {وأن تجمعوا بين الأختين} فإنّ معناه: وحرّم عليكم أن تجمعوا بين الأختين عندكم بنكاحٍ، ف أن في موضع رفعٍ، كأنّه قيل: والجمع بين الأختين {إلاّ ما قد سلف} لكن ما قد مضى منكم {إنّ اللّه كان غفورًا} لذنوب عباده إذا تابوا إليه منها {رحيمًا} بهم فيما كلّفهم من الفرائض وخفّف عنهم فلم يحمّلهم فوق طاقتهم.
يخبر بذلك جلّ ثناؤه أنّه غفورٌ لمن كان جمع بين الأختين بنكاحٍ في جاهليّته وقبل تحريمه ذلك، إذا اتّقى اللّه تبارك وتعالى بعد تحريمه ذلك عليه فأطاعه باجتنابه، رحيمٌ به وبغيره من أهل طاعته من خلقه). [جامع البيان: 6/553-561]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمّهاتكم اللّاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلّا ما قد سلف إنّ اللّه كان غفورًا رحيمًا (23) }.
قوله تعالى: {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت}.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن سفيان، عن حبيبٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:
« حرم عليكم سبع نسبا وسبع صهرا، وقرأ: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم الآية ».
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ قال:
«يحرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ، ثمّ قرأ: حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت فهذه النّسب ».
قوله تعالى: {وأمّهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة}.
- حدّثنا بحر بن نصرٍ الخولانيّ، ثنا عبد اللّه بن وهبٍ، أخبرني مالك ابن أنسٍ، عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، عن عمرة بنت عبد الرّحمن أنّ عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أخبرتها أنّ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قال:
«إنّ الرّضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة».
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا إسماعيل بن عيّاشٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ قال: قال اللّه تعالى:{ وأخواتكم من الرّضاعة } قال:
« وهي أختك من الرّضاعة».
- حدّثنا جعفر بن محمّد بن هارون بن عزرة، ثنا عبد الوهّاب، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس بن عمرٍو أن عليّاً قال في الرّجل يتزوّج المرأة، ثمّ يطلّقها، أو ماتت قبل أن يدخل بها هل يحلّ له أمّها؟ قال عليّ: هي بمنزلة الرّبيبة، يعني قوله: {وأمّهات نسائكم}.
- حدّثنا جعفر بن محمّد بن هارون بن عزرة، ثنا عبد الوهّاب، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقول:
«إذا طلّق الرّجل امرأةً قبل أن يدخل بها أو ماتت، لم تحلّ له أمّها، أنّه قال: مبهمةٌ »، فكرهها- وروي عن ابن مسعودٍ، وعمران بن حصينٍ، ومسروقٍ، وطاوسٍ، وعكرمة، وعطاءٍ، والحسن، ومكحولٍ، وابن سيرين، وقتادة، والزهري نحو ذلك.
قوله تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا إبراهيم بن موسى، أنبأ هشامٌ يعني: ابن يوسف، عن ابن جريجٍ، حدّثني إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، أخبرنا مالك بن أوس ابن الحدثان قال:
«كانت عندي امرأةٌ، فتوفّيت وقد ولدت لي، فوجدت عليها، فلقيني عليّ بن أبي طالبٍ فقال: ما لك؟ فقلت: توفّيت المرأة، فقال عليٌّ: لها ابنةٌ قلت: نعم وهي بالطّائف. قال: كانت في حجرك؟ قلت: لا هي بالطّائف. قال: فانكحها. قلت:
فأين قول اللّه تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم } قال: إنّها لم تكن في حجرك، إنّما ذلك إذا كانت في حجرك
».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن سماك بن الفضل، عن رجلٍ، عن عبد اللّه بن الزّبير قال:
«الرّبيبة والأمّ سواءٌ لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة ».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن إسرائيل، عن جابرٍ، عن عامرٍ، عن مسروقٍ قال:
«الرّبائب حلالٌ ما لم تنكح الأمّهات».
- حدّثنا عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، حدّثني أبي، عن إبراهيم يعني: الصّائغ، عن يزيد يعني: النّحويّ قال: وسألته يعني: عكرمة: لا تحلّ له من أجل أنّه دخل بأمّها، قال اللّه تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ } فهي حرامٌ.
قوله تعالى: {اللاتي دخلتم بهنّ}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {من نسائكم اللاتي دخلتم بهنّ } قال:
«والدّخول: النّكاح ».
- وروي عن طاوسٍ قال:
«الدّخول: الجماع».
قوله تعالى: {فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم}.
- وبه عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:{فلا جناح عليكم } قال:
«فلا حرج ».
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا المحاربيّ، عن سفيان بن دينارٍ قال:
«سألت سعيد بن جبيرٍ عن رجلٍ تزوّج امرأةً فماتت قبل أن يدخل بها، ولها بنتٌ أيتزوّج بنتها؟ فتلا عليّ: {وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم } قال: لا جناح عليه أن يتزوّجها ».
قوله تعالى: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم}.
- حدّثنا جعفر بن محمّد بن هارون بن عزرة، ثنا عبد الوهّاب قال سعيدٌ:
«وكان قتادة يكره إذا تزوّج الرّجل المرأة، ثمّ طلّقها قبل أن يدخل بها أن يتزوّجها أبوه، ويتأوّل: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم} ».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا محمّد بن أبي بكر المقدسي، ثنا خالد بن الحارث، عن أشعث، عن الحسن ومحمّدٍ: أنّ هؤلاء الآيات مبهماتٌ وحلائل أبنائكم، وأمّهات نسائكم وروي عن طاوسٍ ومحمّد بن سيرين وإبراهيم والزّهريّ ومكحولٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: {الّذين من أصلابكم}.
- حدّثنا سليمان بن داود مولى جعفر بن أبي طالبٍ، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى يعني: ابن أبي زائدة، ثنا داود بن عبد الرّحمن، عن ابن جريجٍ قال: سألت عطاءً عن: وحلائل أبنائكم قال: كنّا (نتحدّث) واللّه أعلم أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا نكح امرأة زيدٍ، فقال المشركون بمكّة في ذلك، فأنزل اللّه تعالى: {وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم}.
قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين}.
- قرأت على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن قبيصة بن ذؤيبٍ أنّ رجلا سأل عثمان بن عفّان عن الأختين من ملك اليمين، هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان:
«أحلّتهما آيةٌ، وحرّمتهما آيةٌ، وما كنت لأصنع ذلك فخرج من عنده، فلقي رجلا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فسأله عن ذلك، فقال: لو كان إليّ من الأمر شيءٌ، ثمّ وجدت أحداً فعل ذلك لجعلته نكالا».قال مالكٌ: قال ابن شهابٍ: « أراه عليّ بن أبي طالبٍ. قال: وبلغني عن الزّبير بن العوّام نحو ذلك».
- حدّثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا أبو أحمد، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ مولى ابن عبّاسٍ عن ابن عبّاسٍ، قال:
«يحرم من النّسب سبعٌ، ومن الصّهر سبعٌ، ثمّ قرأ {وأمّهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين} فهذا الصّهر».
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمّاد بن سلمة، عن قتادة، عن عبد اللّه بن أبي عتبة، عن ابن مسعودٍ
«أنّه سئل عن الرّجل يجمع بين الأختين الأمتين، فكرهه فقال: يقول اللّه تعالى إلا ما ملكت أيمانكم فقال له ابن مسعودٍ: بعيرك أيضاً ممّا ملكت يمينك».
قوله تعالى: {إلا ما قد سلف}.
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا صفوان بن صالحٍ، ثنا الوليد، ثنا زهير ابن محمّدٍ، عن عطاء بن أبي رباحٍ في قول اللّه تعالى: {إلا ما قد سلف} قال:
«في جاهليّتهم».
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن قتادة في الرّجل يتزوّج المرأة، ثمّ يطلّقها قبل أن يراها، قال:
«لا تحلّ لأبيه ولا لابنه. قلت: ما قوله: إلا ما قد سلف قال: كان في الجاهليّة ينكح امرأة أبيه».
قوله تعالى: {إنّ اللّه كان غفورًا رحيمًا}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه بن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: {غفوراً رحيماً} قال:
«غفورٌ لما كان منهم من الشّرك».
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا العبّاس بن الوليد النّرسيّ، ثنا يزيد عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: {غفوراً } قال:
« للذّنوب الكثيرة أو الكبيرة».
قوله تعالى: {رحيماً}.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ قوله: رحيمًا قال: بعباده). [تفسير القرآن العظيم: 3/910-915]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ بمرو، ثنا أحمد بن سيّارٍ، ثنا محمّد بن كثيرٍ، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاءٍ، عن عميرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «حرم من النّسب سبعٌ ومن الصّهر سبعٌ» ثمّ قرأ هذه الآية {حرّمت عليكم أمّهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعمّاتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} هذا من النّسب {وأمّهاتكم اللّاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرّضاعة وأمّهات نسائكم وربائبكم اللّاتي في حجوركم من نسائكم اللّاتي دخلتم بهنّ فإن لم تكونوا دخلتم بهنّ فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الّذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلّا ما قد سلف ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء} هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه وله شاهدٌ صحيحٌ من رواية عكرمة). [المستدرك: 2/333]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمّد بن عقبة، ثنا الحسن بن عليّ بن عفّان العامريّ، ثنا الحسن بن عطيّة، ثنا عليّ بن صالحٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: «حرم سبعٌ من النّسب وسبعٌ من الصّهر»). [المستدرك: 2/333]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج عبد الرزاق والفريابي والبخاري، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال:« حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع ثم قرأ {حرمت عليكم أمهاتكم} إلى قوله {وبنات الأخت} هذا من النسب وباقي الآية من الصهر، والسابعة {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء}».
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال: سبع صهر وسبع نسب ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، أما قوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}.
أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة».
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عائشة قالت:
«كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن».
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة قالت:
«لقد كانت في كتاب الله عشر رضعات ثم رد ذلك إلى خمس ولكن من كتاب الله ما قبض مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن ماجه، وابن الضريس عن عائشة قالت:
«كان مما نزل من القرآن سقط لا يحرم إلا عشر رضعات أو خمس معلومات».
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت:
«لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرا ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها».
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يأثر عن عائشة في الرضاعة لا يحرم منها دون سبع رضعات، قال:
«الله خير من عائشة إنما قال الله تعالى {وأخواتكم من الرضاعة} ولم يقل رضعة ولا رضعتين».
وأخرج عبد الرزاق، عن طاووس أنه قيل له:
«إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك إلى خمس، قال: قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال:
«المرة الواحدة تحرم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال:
«المصة الواحدة تحرم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه سئل عن الرضاع فقال:
« إن عليا وعبد الله بن مسعود كانا يقولان: قليله وكثيره حرام».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن طاووس قال: اشترط عشر رضعات، ثم قيل:
« إن الرضعة الواحدة تحرم».
وأخرج ابن أبي شيبة، عن علي، قال:
«لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر وأبي هريرة مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إنما الرضاعة من المجاعة»، أما قوله تعالى :{وأمهات نسائكم}.
أخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي في "سننه" من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:
«إذا نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالابنة أم لم يدخل وإذا تزوج الأم فلم يدخل بها ثم طلقها فإن شاء تزوج الابنة».
وأخرج مالك عن زيد بن ثابت أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يمسها هل تحل له أمها فقال:
« لا، الأم مبهمة ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن ابن جريج قال: قلت لعطاء:
« الرجل ينكح المرأة ولم يجامعها حتى يطلقها أتحل له أمها قال: لا هي مرسلة قلت: أكان ابن عباس يقرأ وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن قال: لا».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس {وأمهات نسائكم} قال:
«هي مبهمة إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها أو ماتت لم تحل له أمها».
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي شيبة، وابن المنذر والبيهقي عن عمران بن حصين في {أمهات نسائكم} قال:
«هي مبهمة».
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي عمرو الشيباني
« أن رجلا من بني شمخ تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم رأى أمها فأعجبته فاستفتى ابن مسعود فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها ففعل وولدت له أولادا ثم أتى ابن مسعود المدينة فسأل عمر وفي لفظ فسأل أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا تصلح، فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل: إنها عليك حرام ففارقها».
وأخرج مالك عن ابن مسعود
«أنه استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد البنت إذا لم تكن البنت مست فأرخص ابن مسعود في ذلك ثم إن ابن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك فأخبر أنه ليس كما قال وأن الشرط في الربائب فرجع ابن مسعود إلى الكوفة قلم يصل إلى بيته حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك فأمره أن يفارقها».
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبيهقي عن مسروق أنه سئل عن أمهات نسائكم قال:
« هي مبهمة فأرسلوا ما أرسل الله واتبعوا ما بين ذلك».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها هل تحل له أمها قال:
«هي بمنزلة الربيبة».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والبيهقي عن زيد بن ثابت أنه كان يقول:
« إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد، أنه قال: في قوله: {وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم} أريد بهما الدخول جميعا.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن المنذر عن مسلم بن عويمر الأجدع قال:
«نكحت امرأة فلم أدخل بها حتى توفي عمي عن أمها فسألت ابن عباس فقال: انكح أمها، فسألت ابن عمر فقال: لا تنكحها، فكتب أبي إلى معاوية فلم يمنعني ولم يأذن لي».
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير فقال:
«الربيبة والأم سواء لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هانئ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها ولا ابنتها، قوله تعالى: {وربائبكم}:.
أخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن داود أنه قرأ في مصحف ابن مسعود وربائبكم اللاتي دخلتن بأمهاتهم.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال:
«قال كانت عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي فوجدت عليها فلقيني علي بن أبي طالب فقال: ما لك، فقلت توفيت المرأة فقال علي: لها ابنة قلت نعم وهي بالطائف، قال: كانت في حجرك قلت: لا، قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله {وربائبكم اللاتي في حجوركم} قال: إنها لم تكن في حجرك إنما ذلك إذا كانت في حجرك».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال:
«الدخول: الجماع».
وأخرج عبد لرزاق، وعبد بن حميد، عن طاووس قال:
«الدخول: الجماع».
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية قال:
«بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل لسبعين بطنا».
قوله تعالى :{وحلائل أبنائكم}.
أخرج عبد الرزاق في المصنف، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله: {وحلائل أبنائكم} قال:
«كنا نتحدث أن محمدا صلى الله عليه وسلم لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك» فأنزل الله {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} ونزلت{وما جعل أدعياءكم أبناءكم} ونزلت {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم}.
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج قال:
«لما نكح النّبيّ صلى الله عليه وسلم امرأة زيد قالت قريش: نكح امرأة ابنه فنزلت {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم عن الحسن ومحمد قالا: إن هؤلاء الآيات مبهمات {وحلائل أبنائكم} و{ما نكح آباؤكم}{وأمهات نسائكم}.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر عن ابن جريج قال:
« قلت لعطاء: الرجل ينكح المرأة لا يراها حتى يطلقها تحل لأبيه قال: هي مرسلة {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم}».
أمّا قوله تعالى: {وأن تجمعوا بين الأختين}.
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وابن ماجه عن فيروز الديلمي
أنه أدركه الإسلام وتحته أختان فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:« طلق أيتهما شئت».
وأخرج عن قيس قال: قلت لابن عباس:
«أيقع الرجل على المرأة وابنتها مملوكتين له فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله».
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس {وأن تجمعوا بين الأختين} قال:
«يعني في النكاح».
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس
«أنه كان لا يرى بأسا أن يجمع بين الأختين المملوكتين».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس {وأن تجمعوا بين الأختين} قال:
«ذلك في الحرائر فأما في المماليك فلا بأس».
وأخرج مالك والشافعي، وعبد بن حميد وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سال عثمان بن عفان عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال:
«أحلتهما آية وحرمتهما آية وما كنت لأصنع ذلك، فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم أراه علي بن أبي طالب فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا».
وأخرج ابن عبد البر في الاستذكار عن إياس بن عامر قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت:
«إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية وولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع قال: تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى ثم قال: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد، أو قال إلا الأربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر والبيهقي عن علي أنه سئل عن رجل له أمتان أختان وطئ إحداهما ثم أراد أن يطأ الأخرى، قال:
«
لا، حتى يخرجها من ملكه قيل فإن زوجها عبده قال: لا، حتى يخرجها من ملكه
».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين فكرهه، فقيل: يقول الله {إلا ما ملكت أيمانكم} فقال:
«وبعيرك أيضا مما ملكت يمينك».
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال
«يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة عن عمار بن ياسر قال:
«ما حرم الله من الحرائر شيئا إلا قد حرمه من الإماء إلا العدد».
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق أبي صالح عن علي بن أبي طالب قال في الأختين المملوكتين:
«أحلتهما آية وحرمتهما آية ولا آمر ولا أنهى ولا أحل ولا أحرم ولا أفعله أنا ولا أهل بيتي».
واخرج عبد الرزاق والبيهقي عن عكرمة قال: ذكر عند ابن عباس قول علي في الأختين من ملك اليمين فقالوا: إن عليا قال:
«أحلتهما آية وحرمتهما آية، قال ابن عباس عند ذلك: أحلتهما آية وحرمتهما آية إنما يحرمهن علي قرابتي منهن ولا يحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض لقول الله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عمر قال:
«إذا كان للرجل جاريتان أختان فغشي إحداهما فلا يقرب الأخرى حتى يخرج الذي غشي عن ملكه».
وأخرج ابن المنذر عن القاسم بن محمد أن حيا سألوا معاوية عن الأختين مما ملكت اليمين يكونان عند الرجل يطؤهما قال:
«ليس بذلك بأس، فسمع بذلك النعمان بن بشير فقال: أفتيت بكذا وكذا، قال: نعم، قال: أرأيت لو كان عند الرجل أخته مملوكة يجوز له أن يطأها قال: أما والله لربما وددتني أدرك فقل لهم اجتنبوا ذلك فإنه لا ينبغي لهم فقال: إنما هي الرحم من العتاقة وغيرها».
وأخرج مالك، وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها».
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة:
«لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها».
وأخرج البيهقي عن مقاتل بن سليمان قال: إنما قال الله في نساء الآباء {إلا ما قد سلف} لأن العرب كانوا ينكحون نساء الآباء ثم حرم النسب والصهر فلم يقل {إلا ما قد سلف} لأن العرب كانت لا تنكح النسب والصهر، وقال في الأختين {إلا ما قد سلف} لأنهم كانوا يجمعون بينهما فحرم جمعهما جميعا إلا ما قد سلف قبل التحريم {إن الله كان غفورا رحيما} لما كان من جماع الأختين قبل التحريم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن وهب بن منبه أنه سئل عن وطء الأختين الأمتين فقال: أشهد أنه فيما أنزل الله على موسى عليه السلام أنه ملعون من جمع بين الأختين.
وأخرج مالك وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين هل توطأ إحداهما بعد الأخرى فقال عمر:
«ما أحب أن أجيزهما جميعا ونهاه».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه سئل عن الرجل يقع على الجارية وابنتها يكونان عنده مملوكتين فقال:
«حرمتهما آية وأحلتهما آية ولم أكن لأفعله».
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي أنه سئل عن ذلك فقال:
«إذا أحلت لك آية وحرمت عليك أخرى فإن أملكهما آية الحرام ما فصل لنا حرتين ولا مملوكتين».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن الضريس عن وهب بن منبه قال:
«في التوراة ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ما فصل لنا حرة ولا مملوكة».
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال:
«من نظر إلى فرج امرأة وابنتها لم ينظر الله إليه يوم القيامة».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال:
«لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها»). [الدر المنثور: 4/302-317]

تفسير قوله تعالى: ({وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24) })
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني الحارث عن أيّوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال في هذه الآية: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}، قال: «أحل الله لكم أربعا»). [الجامع في علوم القرآن:79- 1/80]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وسمعت الليث بن سعد يحدث أن عمر بن عبد العزيز قال: في قول الله: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم}، قال عمر: «كتابٌ عليكم أحل لكم أربعا، وما ملكت أيمانكم بعد الأربع الحرائر»). [الجامع في علوم القرآن: 1/80]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (قال الليث: ويقول آخرون من أهل العلم: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم}،
«
السبايا اللاتي لهن أزواج في أرض الشرك، ولا بأس أن يوطأن في الإسلام، وإن كان لهن أزواج في الشرك لم يفارقوهن
»). [الجامع في علوم القرآن: 1/80]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب في قوله تعالى:{ والمحصنات من النساء } قال:
«
هن ذوات الأزواج حرم الله تعالى نكاحهن إلا ما ملكت يمينك فبيعها طلاقها قال معمر وقال الحسن مثل ذلك
»). [تفسير عبد الرزاق: 1/153]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة قال:«أحل الله لك أربعا في أول السورة وحرم عليك كل نكاح محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك».
قال معمر وأخبرني ابن طاوس عن أبيه قال إلا ما ملكت يمينك قال:
«فزوجك مما ملكت يمينك يقول حرم الله الزنا لا يحل لك أن تطأ امرأة إلا ما ملكت يمينك»). [تفسير عبد الرزاق: 1/153]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة عن أبي الخليل أو غيره أو عن أبي سعيد الخدري قال«أصبنا سبايا من سبي يوم أوطاس لهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي فنزلت{ والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} فاستحللناهن بملك اليمين».
معمر عن قتادة عن شريح في قوله تعالى:{ وربائبكم} قال :
«لا بأس بالربيبة ولا بالأم إذا لم يكن دخل بالمرأة»). [تفسير عبد الرزاق:153- 1/154]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (قال أنا معمر عن الحسن في قوله تعالى: {فما استمتعتم منهن} قال: «هو النكاح»). [تفسير عبد الرزاق: 1/154]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال:
«كلّ ذات زوجٍ عليك حرامٌ، إلّا أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن الصّلت بن بهرام، عن إبراهيم - في قوله عزّ وجلّ: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال:
«إلّا السّبايا من أهل الحرب ».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن يحيى بن وثّاب، أنّه كان يقرأ هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلا ما ملكت أيمانكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو عوانة، عن إسماعيل بن سالمٍ، عن الشّعبي - في قوله عزّ وجلّ: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال:
«إحصان الأمة: دخولها في الإسلام وإقرارها به، إذا دخلت في الإسلام وأقرّت به، ثمّ زنت، فعليها جلد خمسين».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا مطرّف، عن الشّعبي - في قوله عزّ وجلّ: {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم}، قال:
«إحصانها: أن تحصن فرجها من الفجور، وأن تغتسل من الجنابة».
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن أبي أميّة، وحميد، عن مجاهدٍ قال: كان يقرأ كلّ شيءٍ في القرآن: {والمحصنات}، إلّا الّتي في النّساء: {والمحصنات من النساء}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيف، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ - في قوله عز وجل: {والمحصنات}، قال:
« العفيفة العاقلة من مسلمةٍ، أو من أهل الكتاب »). [سنن سعيد بن منصور: 3/1217-1222]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: أخبرنا حبّان بن هلالٍ، قال: حدّثنا همّام بن يحيى، قال: حدّثنا قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشميّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال:
«لمّا كان يوم أوطاسٍ أصبنا نساءً لهنّ أزواجٌ في المشركين فكرههنّ رجالٌ منّا »، فأنزل اللّه {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}.
هذا حديثٌ حسنٌ). [سنن الترمذي: 5/84]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا أحمد بن منيعٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عثمان البتّيّ، عن أبي الخليل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال:
« أصبنا سبايا يوم أوطاسٍ لهنّ أزواجٌ في قومهنّ، فذكروا ذلك لرسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم »، فنزلت: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}.
هذا حديثٌ حسنٌ وهكذا روى الثّوريّ، عن عثمان البتّيّ، عن أبي الخليل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم نحوه، وليس في هذا الحديث عن أبي علقمة، ولا أعلم أنّ أحدًا ذكر أبا علقمة في هذا الحديث إلاّ ما ذكر همّامٌ عن قتادة، وأبو الخليل اسمه: صالح بن أبي مريم). [سنن الترمذي: 5/85]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (وعن سعيدٍ قال: {والمحصنات من النّساء إلا ما ملكت أيمانكم } قال الأربع: فما بعدهنّ حرامٌ).[جزء تفسير يحيى بن اليمان: 39] [سعيد: هو ابن جبير]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن} قال: « النكاح»). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 82]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج. لا تنكح المرأة زوجين قال: «كان مجاهدٌ يقرأ كلّ شيءٍ في القرآن محصناتٍ [بكسر الصّاد إلا الّتي في النساء » إلا قوله عز وجل: {محصنات من النساء} بالنصب).[جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 82]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}.
- أخبرنا إسماعيل بن مسعودٍ، حدّثنا خالدٌ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن أبي علقمة، عن أبي سعيدٍ:
« أنّه ذكر أنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصابوا سبايا من أهل الشّرك، فكان ناسٌ من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كفّوا عن غشيانهنّ من أجل أزواجهنّ »، فنزلت {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}[السنن الكبرى للنسائي: 10/61]
- أخبرنا يحيى بن حكيمٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عثمان البتّيّ، قال: سمعت أبا الخليل يحدّث عن أبي سعيدٍ، قال:
« أصابوا سبيًا لهنّ أزواجٌ، فوطئوا بعضهنّ فكأنّهم أشفقوا من ذلك »، فأنزل الله عزّ وجلّ {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}[السنن الكبرى للنسائي: 10/61]
- أخبرنا يحيى بن حكيمٍ، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، أخبرنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله). [السنن الكبرى للنسائي: 10/62]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم كتاب اللّه عليكم وأحلّ لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا}.يعني بذلك جلّ ثناؤه: حرّمت عليكم المحصنات من النّساء، إلاّ ما ملكت أيمانكم.
واختلف أهل التّأويل في المحصنات اللاتي عناهنّ اللّه في هذه الآية، فقال بعضهم:
«هنّ ذوات الأزواج غير المسبيّات منهنّ. وملك اليمين: السبايا اللّواتي فرّق بينهنّ وبين أزواجهنّ السّباء، فحللن لمن صرن له بملك اليمين من غير طلاقٍ كان من زوجها الحربيّ لها ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال:
«كلّ ذات زوجٍ إتيانها زنًا، إلاّ ما سبيت».
- حدّثنا أبو كريبٍ قال: حدّثنا ابن عليّة قال: حدّثنا إسرائيل، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} يقول:
«كلّ امرأةٍ لها زوجٌ فهي عليك حرامٌ، إلاّ أمةً ملكتها ولها زوجٌ بأرض الحرب، فهي لك حلالٌ إذا استبرأتها».
- وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عمرو بن عونٍ، قال: أخبرنا هشيمٌ، عن خالدٍ، عن أبي قلابة، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
« ما سبيتم من النّساء، إذا سبيت المرأة ولها زوجٌ في قومها، فلا بأس أن يطأها ».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«كلّ امرأةٍ محصنةٍ لها زوجٌ فهي محرّمةٌ إلاّ ما ملكت يمينك من السّبي وهي محصنةٌ لها زوجٌ، فلا تحرم عليك به. قال: كان أبي يقول ذلك ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عتبة بن سعيدٍ الحمصيّ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن مكحولٍ، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«السبايا ».
واعتلّ قائلو هذه المقالة بالأخبار الّتي رويت أنّ هذه الآية نزلت فيمن سبي من أوطاسٍ.
ذكر الرّواية بذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي علقمة الهاشميّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ:
« أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يوم حنينٍ بعث جيشًا إلى أوطاسٍ، فلقوا عدوًّا، فأصابوا سبايا لهنّ أزواجٌ من المشركين، فكان المسلمون يتأثّمون من غشيانهنّ »، فأنزل اللّه تبارك وتعالى هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} أي هنّ حلالٌ لكم إذا ما انقضت عددهنّ.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الأعلى قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن صالحٍ أبي الخليل: أنّ أبا علقمة الهاشميّ حدّث، أنّ أبا سعيدٍ الخدريّ حدّث:
« أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعث يوم حنينٍ سريّةً، فأصابوا حيًّا من أحياء العرب يوم أوطاسٍ، فهزموهم وأصابوا لهم سبايا، فكان ناسٌ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتأثّمون من غشيانهنّ من أجل أزواجهنّ »، فأنزل اللّه تبارك وتعالى {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} منهنّ فحلالٌ لكم ذلك.
- حدّثني عليّ بن سعيدٍ الكنديّ قال: حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن أشعث بن سوّارٍ عن عثمان البتّيّ، عن أبي الخليل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال:
«لمّا سبى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أهل أوطاسٍ، قلنا: يا رسول اللّه، كيف نقع على نساءٍ قد عرفنا أنسابهنّ وأزواجهنّ؟ قال: فنزلت هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}».
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن عثمان البتّيّ، عن أبي الخليل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال:
«أصبنا نساءً من سبي أوطاسٍ لهنّ أزواجٌ، فكرهنا أن نقع عليهنّ ولهنّ أزواجٌ، فسألنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} فاستحللنا فروجهن».
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا الثّوريّ، عن عثمان البتّيّ، عن أبي الخليل، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال:
« أصبنا نساءً من سبي أوطاسٍ لهنّ أزواجٌ فكرهنا أن نقع عليهنّ ولهنّ أزواجٌ، فسألنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم فاستحللنا فروجهنّ ».
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، عن أبي الخليل عن أبي سعيدٍ قال:
« نزلت في يوم أوطاسٍ، أصاب المسلمون سبايا لهنّ أزواجٌ في الشّرك، فقال: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} يقول: إلاّ ما أفاء اللّه عليكم، قال: فاستحللنا بها فروجهنّ ».
وقال آخرون ممّن قال:
«المحصنات ذوات الأزواج في هذا الموضع، بل هنّ كلّ ذات زوجٍ من النّساء حرامٌ على غير أزواجهنّ، إلاّ أن تكون مملوكةً اشتراها مشترٍ من مولاها فتحلّ لمشتريها، ويبطل بيع سيّدها إيّاها النّكاح بينها وبين زوجها ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني أبو السّائب، سلم بن جنادة قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم عن عبد اللّه، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«كلّ ذات زوجٍ عليك حرامٌ إلاّ أن تشتريها، أو ما ملكت يمينك».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن مغيرة عن إبراهيم:
«أنّه سئل عن الأمة تباع ولها زوجٌ قال: كان عبد اللّه يقول: بيعها طلاقها »، ويتلو هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}.
- حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن عبد اللّه في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«كلّ ذات زوجٍ عليك حرامٌ، إلاّ ما اشتريت بمالك. وكان يقول: بيع الأمة: طلاقها ».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن ابن المسيّب، قوله: {والمحصنات من النّساء} قال:
« هنّ ذوات الأزواج، حرّم اللّه نكاحهنّ إلاّ ما ملكت يمينك، فبيعها طلاقها ».
قال معمرٌ: وقال الحسن مثل ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«إذا كان لها زوجٌ فبيعها طلاقها».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ أبيّ بن كعبٍ، وجابر بن عبد اللّه، وأنس بن مالكٍ، قالوا:
«بيعها طلاقها».
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّ أبيّ بن كعبٍ، وجابرًا، وابن عبّاسٍ، قالوا:
«بيعها طلاقها».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عمر بن عبيدٍ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال عبد اللّه:
«بيع الأمة طلاقها».
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا عبد الرّحمن قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ ومغيرة والأعمش، عن إبراهيم، عن عبد اللّه قال:
«بيع الأمة طلاقها».
- حدّثنا ابن بشّارٍ قال: حدّثنا مؤمّلٌ قال: حدّثنا سعيدٌ، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، عن عبد اللّه، مثله.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن حمّادٍ، عن إبراهيم عن عبد اللّه، مثله.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن خالدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال:
«طلاق الأمة ستٌّ: بيعها طلاقها، وعتقها طلاقها، وهبتها طلاقها، وبراءتها طلاقها، وطلاق زوجها طلاقها».
- حدّثني أحمد بن المغيرة الحمصيّ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، عن عيسى بن أبي إسحاق، عن أشعث، عن الحسن، عن أبيّ بن كعبٍ: أنّه قال:
«بيع الأمة طلاقها».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، عن عوفٍ، عن الحسن، قال:
« بيع الأمة طلاقها، وبيعه طلاقها».
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا خالدٌ، عن أبي قلابة قال: قال عبد اللّه:
«مشتريها أحقّ ببضعها. يعني: الأمة تباع ولها زوجٌ».
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن الحسن قال:
«طلاق الأمة بيعها».
- حدّثنا حميدٌ قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ قال: حدّثنا يونس، عن الحسن أنّ أبيًّا قال:
«بيعها طلاقها».
- حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن خالدٍ، عن أبي قلابة، عن ابن مسعودٍ، قال:
«إذا بيعت الأمة ولها زوجٌ فسيّدها أحقّ ببضعها».
- حدّثنا حميدٌ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثني سعيدٌ، عن قتادة، عن أبي معشرٍ، عن إبراهيم، قال:
« بيعها طلاقها. قال: فقيل لإبراهيم: فبيعه؟ قال: ذلك ما لا نقول فيه شيئًا».
وقال آخرون:
« بل معنى المحصنات في هذا الموضع: العفائف. قالوا: وتأويل الآية: والعفائف من النّساء حرامٌ أيضًا عليكم، إلاّ ما ملكت أيمانكم منهنّ بنكاحٍ وصداقٍ وبينّةٍ وشهودٍ من واحدةٍ إلى أربعٍ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن أبي العالية، قال:
«يقول: انكحوا ما طاب لكم من النّساء: مثنى، وثلاث، ورباع، ثمّ حرّم ما حرّم من النّسب والصّهر، ثمّ قال: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال: فرجع إلى أوّل السّورة إلى أربعٍ، فقال: هنّ حرامٌ أيضًا، إلاّ بصداقٍ وبينّةٍ وشهودٍ».
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال:
«أحلّ اللّه لك أربعًا في أوّل السّورة، وحرّم نكاح كلّ محصنةٍ بعد الأربع، إلاّ ما ملكت يمينك.قال معمرٌ: وأخبرني ابن طاووسٍ عن أبيه: {إلاّ ما ملكت يمينك} قال: فزوجك ممّا ملكت يمينك، يقول: حرّم اللّه الزّنا، لا يحلّ لك أن تطأ امرأةً إلاّ ما ملكت يمينك».
- حدّثني عليّ بن سعيد بن مسروقٍ الكنديّ، قال: حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان، عن هشام بن حسّان، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة عن قول اللّه، تعالى: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
« أربعٌ».
- حدّثني عليّ بن سعيدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحيم، عن أشعث بن سوّارٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن عمر بن الخطّاب، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن أشعث، عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«الأربع، فما بعدهنّ حرامٌ».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سألت عطاءً عنها، فقال:
«حرّم اللّه ذوات القرابة، ثمّ قال: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} يقول: حرّم ما فوق الأربع منهنّ».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {والمحصنات من النّساء} قال:
«الخامسة حرامٌ كحرمة الأمّهات والأخوات».
ذكر من قال: عنى بالمحصنات في هذا الموضع العفائف من المسلمين وأهل الكتاب.
- حدّثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشّهيد، قال: حدّثنا عتّاب بن بشيرٍ، عن خصيفٍ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {والمحصنات} قال:
«العفيفة العاقلة من مسلمةٍ، أو من أهل الكتاب».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن بعض أصحابه، عن مجاهدٍ: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«العفائف».
وقال آخرون:
«المحصنات في هذا الموضع ذوات الأزواج غير أنّ الّذي حرّم اللّه منهنّ في هذه الآية الزّنا بهنّ، وأباحهنّ بقوله: {إلاّ ما ملكت أيمانكم} بالنّكاح أو الملك».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه تعالى: {والمحصنات} قال:
«نهى عن الزّنى».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {والمحصنات من النّساء} قال:
«نهى عن الزّنا أن تنكح المرأة زوجين».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«كلّ ذات زوجٍ عليكم حرامٌ، إلاّ الأربع اللاّتي ينكحن بالبيّنة والمهر».
- حدّثنا أحمد بن عثمان، قال: حدّثنا وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا أبي، قال: سمعت النّعمان بن راشدٍ، يحدّث عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب: أنّه سئل عن المحصنات، من النّساء. قال:
«هنّ ذوات الأزواج».
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن حمّادٍ، عن إبراهيم عن عبد اللّه، قال: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«ذوات الأزواج من المسلمين والمشركين. وقال عليٌّ: ذوات الأزواج من المشركين».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن سالمٍ، عن سعيدٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {والمحصنات من النّساء} قال:
«كلّ ذات زوجٍ عليكم حرامٌ».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن عبد الكريم، عن مكحولٍ نحوه.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن الصّلت بن بهرام، عن إبراهيم، نحوه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} إلى {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} يعني:
« ذوات الأزواج من النّساء لا يحلّ نكاحهنّ يقول: لا يخلب ولا يعد فتنشز على زوجها، وكلّ امرأةٍ لا تنكح إلاّ ببيّنةٍ ومهرٍ فهي من المحصنات الّتي حرّم اللّه إلاّ ما ملكت أيمانكم، يعني: الّتي أحلّ اللّه من النّساء، وهو ما أحلّ من حرائر النّساء مثنى وثلاث ورباع».
وقال آخرون:
«بل هنّ نساء أهل الكتاب».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عيسى بن عبيدٍ، عن أيّوب بن أبي العوجاء، عن أبي مجلزٍ، في قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} قال:
«نساء أهل الكتاب».
وقال آخرون:
«بل هنّ الحرائر».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثني حمّاد بن مسعدة قال: حدّثنا سليمان بن عزرة في قوله: {والمحصنات من النّساء} قال:
«الحرائر».
وقال آخرون:
«المحصنات: هنّ العفائف وذوات الأزواج، وحرامٌ كلٌّ من الصّنفين إلاّ بنكاحٍ أو ملك يمينٍ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني اللّيث قال: حدّثني عقيلٌ، عن ابن شهابٍ، وسئل عن قول اللّه: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} الآية، قال:
«نرى أنّه حرّم في هذه الآية المحصنات من النّساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهنّ، والمحصنات: العفائف، ولا يحللن إلاّ بنكاحٍ، أو ملك يمينٍ. والإحصان إحصانان: إحصان تزويجٍ، وإحصان عفافٍ في الحرائر والمملوكات، كلّ ذلك حرّم اللّه، إلاّ بنكاحٍ أو ملك يمينٍ».
وقال آخرون:
«نزلت هذه الآية في نساءٍ كنّ يهاجرن إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولهنّ أزواجٌ، فيتزوّجهنّ بعض المسلمين، ثمّ يقدم أزواجهن مهاجرين، فنهي المسلمون عن نكاحهنّ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: حدّثني حبيب بن أبي ثابتٍ عن أبي سعيدٍ الخدريّ، قال:
«كان النّساء يأتيننا ثمّ يهاجر أزواجهنّ فمنعناهنّ» ؛ يعني قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم}.
وقد ذكر ابن عبّاسٍ وجماعةٌ غيره أنّه كان ملتبسًا عليهم تأويل ذلك.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة، قال: قال رجلٌ لسعيد بن جبيرٍ: أما رأيت ابن عبّاسٍ حين سئل عن هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} فلم يقل فيها شيئًا؟ قال: فقال: كان لا يعلمها.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن يحيى، عن مجاهدٍ، قال: لو أعلم من يفسّر لي هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل، قوله: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} إلى قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} إلى آخر الآية.
قال أبو جعفرٍ: فأمّا المحصنات فإنّهنّ جمع محصنةٍ، وهي الّتي قد منع فرجها بزوجٍ، يقال منه: أحصن الرّجل امرأته فهو يحصنها إحصانًا وحصنت هي فهي تحصن حصانةً: إذا عفّت، وهي حاصنٌ من النّساء: عفيفةٌ، كما قال العجّاج:.
وحاصنٍ من حاصناتٍ ملس ........ عن الأذى ومن قراف الوقس
ويقال أيضًا إذا هي عفّت وحفظت فرجها من الفجور: قد أحصنت فرجها فهي محصنةٌ، كما قال جلّ ثناؤه: {ومريم ابنة عمران الّتي أحصنت فرجها} بمعنى: حفظته من الرّيبة ومنعته من الفجور. وإنّما قيل لحصون المدائن والقرى حصونٌ لمنعها من أرادها وأهلها، وحفظها ما وراءها ممّن بغاها من أعدائها، ولذلك قيل للدّرع: درعٌ حصينةٌ.
فإذا كان أصل الإحصان ما ذكرنا من المنع والحفظ فبيّنٌ أنّ معنى قوله: {والمحصنات من النّساء} والممنوعات من النّساء حرامٌ عليكم {إلاّ ما ملكت أيمانكم} وإذ كان ذلك معناه، وكان الإحصان قد يكون بالحرّيّة، كما قال جلّ ثناؤه: {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} ويكون بالإسلام، كما قال تعالى ذكره: {فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} ويكون بالعفّة كما قال جلّ ثناؤه: {والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء}ويكون بالزّوج؛ ولم يكن تبارك وتعالى خصّ محصنةً دون محصنةٍ في قوله: {والمحصنات من النّساء} فواجبٌ أن يكون كلّ محصنةٍ بأيّ معاني الإحصان كان إحصانها حرامًا علينا سفاحًا أو نكاحًا، إلاّ ما ملكته أيماننا منهنّ بشراءٍ، كما أباحه لنا كتاب اللّه جلّ ثناؤه، أو نكاحٌ على ما أطلقه لنا تنزيل اللّه. فالّذي أباحه تبارك وتعالى لنا نكاحًا من الحرائر الأربع سوى اللّواتي حرّمن علينا بالنّسب والصّهر، ومن الإماء ما سبينا من العدوّ سوى اللّواتي وافق معناهنّ معنى ما حرّم علينا من الحرائر بالنّسب والصّهر، فإنّهنّ والحرائر فيما يحلّ ويحرم بذلك المعنى متّفقات المعاني، وسوى اللّواتي سبيناهنّ من أهل الكتابين ولهنّ أزواجٌ، فإنّ السّباء يحلّهنّ لمن سباهنّ بعد الاستبراء، وبعد إخراج حقّ اللّه تبارك وتعالى الّذي جعله لأهل الخمس منهنّ.
فأمّا السّفّاح فإنّ اللّه تبارك وتعالى حرّمه من جميعهنّ، فلم يحلّه من حرّةٍ ولا أمةٍ ولا مسلمةٍ ولا كافرةٍ مشركةٍ.
وأمّا الأمة الّتي لها زوجٌ فإنّها لا تحلّ لمالكها إلاّ بعد طلاق زوجها إيّاها، أو وفاته وانقضاء عدّتها منه، فأمّا بيع سيّدها إيّاها فغير موجبٍ بينها وبين زوجها فراقًا ولم تحليلاً لمشتريها، لصحّة الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه خيّر بريرة إذ أعتقتها عائشة بين المقام مع زوجها الّذي كان سادتها زوّجوها منه في حال رقّها، وبين فراقه. ولم يجعل صلّى اللّه عليه وسلّم عتق عائشة إيّاها طلاقًا.
ولو كان عتقها وزوال ملك عائشة إيّاها لها طلاقًا لم يكن لتخيير النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إيّاها بين المقام مع زوجها والفراق معنًى، ولوجب بالعتق الفراق، وبزوال ملك عائشة عنها الطّلاق؛ فلمّا خيّرها النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بين الّذي ذكرنا وبين المقام مع زوجها والفراق كان معلومًا أنّه لم يخيّر بين ذلك إلاّ والنّكاح عقده ثابتٌ، كما كان قبل زوال ملك عائشة عنها، فكان نظيرًا للعتق الّذي هو زوال ملك مالك المملوكة ذات الزّوج عنها البيع الّذي هو زوال ملك مالكها عنها، إذ كان أحدهما زوالاً ببيعٍ والآخر بعتقٍ في أنّ الفرقة لا يجب بها بينها وبين زوجها بهما ولا بواحدٍ منهما طلاقٌ وإن اختلفا في معانٍ أخر، من أنّ لها في العتق الخيار في المقام مع زوجها والفراق لعلّة مفارقة معنى البيع، وليس ذلك لها في البيع.
فإن قال قائلٌ: وكيف يكون معنيًّا بالاستثناء من قوله: {والمحصنات من النّساء} ما وراء الأربع من الخمس إلى ما فوقهنّ بالنّكاح والمنكوحات به غير مملوكاتٍ؟
قيل له: إنّ اللّه تعالى لم يخصّ بقوله: {إلاّ ما ملكت أيمانكم} المملوكات الرّقاب دون المملوك عليها بعقد النّكاح أمرها، بل عمّ بقوله: {إلاّ ما ملكت أيمانكم} كلا المعنيين، أعنّي ملك الرّقبة وملك الاستمتاع بالنّكاح، لأنّ جميع ذلك ملكته أيماننا، أمّا هذه فملك استمتاعٍ، وأمّا هذه فملك استخدامٍ واستمتاعٍ وتصريفٍ فيما أبيح لمالكها منها.
ومن ادّعى أنّ اللّه تبارك وتعالى عنى بقوله: {والمحصنات من النّساء} محصنةً وغير محصنةٍ، سوى من ذكرنا أوّلاً بالاستثناء بقوله: {إلاّ ما ملكت أيمانكم} بعض أملاك أيماننا دون بعضٍ، غير الّذي دلّلنا على أنّه غير معنيٍّ به، سئل البرهان على دعواه من أصلٍ أو نظيرٍ، فلن يقول في ذلك قولاً إلاّ ألزم في الآخر مثله.
فإن اعتلّ معتلٌّ منهم بحديث أبي سعيدٍ الخدريّ أنّ هذه الآية نزلت في سبايا أوطاسٍ، قيل له: إنّ سبايا أوطاسٍ لم يوطأن بالملك والسّباء دون الإسلام، وذلك أنّهنّ كنّ مشركاتٍ من عبدة الأوثان، وقد قامت الحجّة بأنّ نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام، وإنّهنّ إذا أسلمن فرّق الإسلام بينهنّ وبين الأزواج، سبايا كنّ أو مهاجراتٍ، غير أنّه إذا كنّ سبايا حللن إذا هنّ أسلمن بالاستبراء. فلا حجّة لمحتجٍّ في أنّ المحصنات اللاّتي عناهنّ بقوله: {والمحصنات من النّساء} ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهنّ بخبر أبي سعيدٍ الخدريّ في أنّ ذلك نزل في سبايا أوطاسٍ، لأنّه وإن كان فيهنّ نزل، فلم ينزل في إباحة وطئهنّ بالسّباء خاصّةً دون غيره من المعاني الّتي ذكرنا، مع أنّ الآية تنزل في معنًى فتعمّ ما نزلت به فيه وغيره، فيلزم حكمها جميع ما عمّته لما قد بيّنّا من القول في العموم والخصوص في كتابنا: كتاب البيان عن أصول الأحكام). [جامع البيان: 6/561-578]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كتاب اللّه عليكم}يعني تعالى ذكره: كتابًا من اللّه عليكم. فأخرج الكتاب مصدرًا من غير لفظه، وإنّما جاز ذلك لأنّ قوله تعالى: {حرّمت عليكم أمّهاتكم} إلى قوله: {كتاب اللّه عليكم} بمعنى: كتب اللّه تحريم ما حرم من ذلك وتحليل ما حلّل من ذلك عليكم كتابًا.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا أبو أحمد، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم، قال: {كتاب اللّه عليكم} قال:
« ما حرّم عليكم».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سألت عطاءً عنها فقال: {كتاب اللّه عليكم} قال:
«هو الّذي كتب عليكم الأربع أن لا تزيدوا ».
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن ابن عونٍ، عن محمّد بن سيرين، قال: قلت لعبيدة: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم كتاب اللّه عليكم} وأشار ابن عونٍ بأصابعه الأربع.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم قال: حدّثنا هشيمٌ قال: أخبرنا هشامٌ، عن ابن سيرين قال: سألت عبيدة، عن قوله: {كتاب اللّه عليكم} قال:
«أربعٌ».
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {كتاب اللّه عليكم} الأربع.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {كتاب اللّه عليكم} قال:
«هذا أمر اللّه عليكم، قال: يريد ما حرّم عليهم من هؤلاء وما أحلّ لهم ». وقرأ: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم} إلى آخر الآية. قال: «كتاب اللّه عليكم الّذي كتبه، وأمره الّذي أمركم به ». {كتاب اللّه عليكم} أمر اللّه.
وقد كان بعض أهل العربيّة يزعم أنّ قوله: {كتاب اللّه عليكم} منصوبٌ على وجه الإغراء، بمعنى: عليكم كتاب اللّه، الزموا كتاب اللّه.
والّذي قال من ذلك غير مستفيضٍ في كلام العرب، وذلك أنّه لا تكاد تنصب بالحرف الّذي تغري به، إذا أخرت الإغراء وقدمت المغرى به لا تكاد تقول: أخاك عليك وأباك دونك، وإن كان جائزًا.
والّذي هو أولى بكتاب اللّه أن يكون محمولاً على المعروف من لسان من نزل بلسانه هذا مع ما ذكرنا من تأويل أهل التّأويل ذلك بمعنى ما قلنا، وخلاف ما وجّهه إليه من زعم أنّه نصب على وجه الإغراء). [جامع البيان: 6/578-580]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم}
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك:
«وأحلّ لكم ما دون الخمس أن تبتغوا بأموالكم على وجه النّكاح ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} ما دون الأربع أن تبتغوا بأموالكم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن هشامٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة السّلمانيّ: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} يعني:
« ما دون الأربع».
وقال آخرون: بل معنى ذلك:
«وأحلّ لكم ما وراء ذلكم من سمّى لكم تحريمه من أقاربكم ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: سألت عطاءً عنها، فقال: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} قال: ما وراء ذات القرابة {أن تبتغوا بأموالكم} الآية.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} عدد ما أحلّ لكم من المحصنات من النّساء الحرائر ومن الإماء.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، في قوله: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} قال:
« ما ملكت أيمانكم ».
قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب، ما نحن مبيّنوه؛ وهو أنّ اللّه جلّ ثناؤه بيّن لعباده المحرّمات بالنّسب والصّهر، ثمّ المحرّمات من المحصنات من النّساء، ثمّ أخبرهم جلّ ثناؤه أنّه قد أحلّ لهم ما عدا هؤلاء المحرّمات المبيّنات في هاتين الآيتين أن نبتغيه بأموالنا نكاحًا وملك يمينٍ لا سفاحًا.
فإن قال قائلٌ: عرفنا المحلّلات اللّواتي هنّ وراء المحرّمات بالأنساب والأصهار، فما المحلّلات من المحصنات والمحرّمات منهنّ؟
قيل: هو ما دون الخمس من واحدة إلى أربعٍ على ما ذكرنا عن عبيدة والسّدّيّ من الحرائر، فأمّا ما عدا ذوات الأزواج فغير عددٍ محصورٍ بملك اليمين.
وإنّما قلنا إنّ ذلك كذلك، لأنّ قوله: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} عامٌّ في كلّ محلّلٍ لنا من النّساء أن نبتغيها بأموالنا، فليس توجيه معنى ذلك إلى بعضٍ منهنّ بأولى من بعضٍ، إلاّ أن تقوم بأنّ ذلك كذلك. حجّةٌ يجب التّسليم لها، ولا حجّة بأنّ ذلك كذلك.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} فقرأ ذلك بعضهم: (وأحلّ لكم) بفتح الألف من أحلّ، بمعنى: كتب اللّه عليكم وأحلّ لكم ما وراء ذلكم.
وقرأه آخرون: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} اعتبارًا بقوله: {حرّمت عليكم أمّهاتكم}. {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم}.
قال أبو جعفرٍ: والّذي نقول في ذلك أنّهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قراءة الإسلام غير مختلفتي المعنى، فبأيّ ذلك قرأ القارئ فمصيبٌ الحقّ.
وأمّا معنى قوله: {ما وراء ذلكم} فإنّه يعني: ما عدا هؤلاء اللّواتي حرّمتهنّ عليكم أن تبتغوا بأموالكم، يقول: أن تطلبوا وتلتمسوا بأموالكم، إمّا شراءً بها وإمّا نكاحًا بصداقٍ معلومٍ، كما قال جلّ ثناؤه: {ويكفرون بما وراءه} يعني: بما عداه وبما سواه.
وأمّا موضع أن من قوله: {أن تبتغوا بأموالكم} فرفعٌ ترجمةً عن ما الّتي في قوله: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم} في قراءة من قرأ: وأحلّ بضمّ الألف. ونصب على ذلك في قراءة من قرأ ذلك: وأحلّ، بفتح الألف. وقد يحتمل النّصب في ذلك في القراءتين على معنى: وأحلّ لكم ما وراء ذلكم لأن تبتغوا، فلمّا حذفت اللاّم الخافضة اتّصلت بالفعل قبلها فنصبت. وقد يحتمل أن تكون في موضع خفضٍ بهذا المعنى إذ كانت اللاّم في هذا الموضع معلومًا أنّ بالكلام إليها الحاجة). [جامع البيان: 6/581-583].
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {محصنين غير مسافحين}يعني بقوله جلّ ثناؤه: {محصنين}: أعفّاء بابتغائكم ما وراء ما حرّم عليكم من النّساء بأموالكم {غير مسافحين} يقول: غير مزانين. كما:.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله {محصنين} قال:
« متناكحين». {غير مسافحين} قال: «زانين بكلّ زانيةٍ ».
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قال: {محصنين} متناكحين. {غير مسافحين} السّفاح: الزّنا.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {محصنين غير مسافحين} يقول:
«محصنين غير زناةٍ »). [جامع البيان: 6/584]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} فقال بعضهم: معناه:
« فما نكحتم منهنّ فجامعتموهنّ»، يعني من النّساء {فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً} يعني: «صدقاتهنّ فريضةً معلومةً ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله :{فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً} يقول: إذا تزوّج الرّجل منكم ثمّ نكحها مرّةً واحدةً فقد وجب صداقها كلّه. والاستمتاع هو النّكاح، وهو قوله: {وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلةً}.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن الحسن، في قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} قال:
«هو النّكاح ».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فما استمتعتم به منهنّ} النّكاح.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {فما استمتعتم به منهنّ} قال:
« النّكاح أراد».
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً} الآية، قال: هذا النّكاح، وما في القرآن الإنكاح إذا أخذتها واستمتعت بها، فأعطها أجرها الصّداق، فإن وضعت لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ فرض اللّه عليها العدّة وفرض لها الميراث. قال:
«والاستمتاع هو النّكاح ههنا إذا دخل بها».
وقال آخرون: بل معنى ذلك:
«فما تمتّعتم به منهنّ بأجرٍ تمتّع اللّذّة، لا بنكاحٍ مطلقٍ على وجه النّكاح الّذي يكون بوليٍّ وشهودٍ ومهرٍ ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، فهذه المتعة؛ الرّجل ينكح المرأة بشرطٍ إلى أجلٍ مسمًّى، ويشهد شاهدين، وينكح بإذن وليّها، وإذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيلٌ وهي منه بريّةٌ، وعليها أن تستبرئ ما في رحمها، وليس بينهما ميراثٌ، ليس يرث واحدٌ منهما صاحبه.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {فما استمتعتم به منهنّ} قال:
«يعني نكاح المتعة ».
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يحيى بن عيسى، قال: حدّثنا نصير بن أبي الأشعث، قال: حدّثني ابن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن أبيه، قال: أعطاني ابن عبّاسٍ مصحفًا، فقال: هذا على قراءة أبيٍّ. قال أبو كريبٍ: قال يحيى: فرأيت المصحف عند نصيرٍ فيه: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا داود، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عبّاسٍ عن متعة النّساء، قال:
« أما تقرأ سورة النّساء؟ قال: قلت: بلى. قال: فما تقرأ فيها: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى؟ قلت: لا، لو قرأتها هكذا ما سألتك. قال: فإنّها كذا».
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثني عبد الأعلى قال: حدّثني داود، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عبّاسٍ عن المتعة، فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ قال: حدّثنا شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة قال: قرأت هذه الآية على ابن عبّاسٍ: {فما استمتعتم به منهنّ} قال ابن عبّاسٍ: إلى أجلٍ مسمًّى. قال: قلت: ما أقرؤها كذلك. قال: واللّه لأنزلها اللّه كذلك، ثلاث مرّاتٍ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عميرٍ: أنّ ابن عبّاسٍ، قرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة وثنا خلاّد بن أسلم قال: أخبرنا النّضر قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن ابن عبّاسٍ، بنحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الأعلى، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: في قراءة أبيّ بن كعبٍ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، قال: سألته عن هذه الآية: {والمحصنات من النّساء إلاّ ما ملكت أيمانكم} إلى هذا الموضع: {فما استمتعتم به منهنّ} أمنسوخةٌ هي؟ قال: لا. قال الحكم: قال عليٌّ رضي اللّه عنه: لولا أنّ عمر رضي اللّه عنه نهى عن المتعة ما زنى إلا شقيٌّ.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا عيسى بن عمر القارئ الأسديّ، عن عمرو بن مرّة، أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ، يقرأ: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى فآتوهنّ أجورهنّ.
قال أبو جعفرٍ: وأولى التّأويلين في ذلك بالصّواب تأويل من تأوّله: فما نكحتموه منهنّ فجامعتموه فآتوهنّ أجورهنّ؛ لقيام الحجّة بتحريم اللّه متعة النّساء على غير وجه النّكاح الصّحيح أو الملك الصّحيح على لسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، قال: حدّثني الرّبيع بن سبرة الجهنيّ، عن أبيه، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال:
«استمتعوا من هذه النّساء والاستمتاع عندنا. يومئذٍ التّزويج».
وقد دلّلنا على أنّ المتعة على غير النّكاح الصّحيح حرامٌ في غير هذا الموضع من كتبنا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وأمّا ما روي عن أبيّ بن كعبٍ وابن عبّاسٍ من قراءتهما: فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى، فقراءةٌ بخلاف ما جاءت به مصاحف المسلمين، وغير جائزٍ لأحدٍ أن يلحق في كتاب اللّه تعالى شيئًا لم يأت به الخبر القاطع العذر عمّن لا يجوز خلافه). [جامع البيان: 6/584-589]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا}.
اختلف أهل التّأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: لا حرج عليكم أيّها الأزواج إن أدركتكم عسرةٌ بعد أن فرضتم لنسائكم أجورهنّ فريضةً فيما تراضيتم به، من حطٍّ وبراءةٍ، بعد الفرض الّذي سلف منكم لهنّ ما كنتم فرضتم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: زعم حضرميّ أنّ رجالاً كانوا يفرضون المهر، ثمّ عسى أن يدرك أحدهم العسرة، فقال اللّه: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}.
وقال آخرون: معنى ذلك:
«ولا جناح عليكم أيّها النّاس فيما تراضيتم أنتم والنّساء واللّواتي استمتعتم بهنّ إلى أجلٍ مسمًّى، إذا انقضى الأجل الّذي أجّلتموه بينكم وبينهم في الفراق، أن يزدنكم في الأجل وتزيدوا من الأجر والفريضة قبل أن يستبرئن أرحامهنّ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى، يعني: الأجرة الّتي أعطاها على تمتّعه بها قبل انقضاء الأجل بينهما، فقال: أتمتّع منك أيضًا بكذا وكذا، فازداد قبل أن يستبرئ رحمها، ثمّ تنقضي المدّة، وهو قوله: {فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}.
وقال آخرون: معنى ذلك:
«ولا جناح عليكم أيّها النّاس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم بعد أن تؤتوهنّ أجورهم على استمتاعكم بهنّ من مقام وفراقٍ».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا المثنّى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} والتّراضي أن يوفّيها صداقها، ثمّ يخيّرها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك:
«ولا جناح عليكم فيما وضعت عنكم نساؤكم من صدقاتهنّ من بعد الفريضة».
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} قال:
« إن وضعت لك منه شيئًا فهو لك سائغٌ».
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: ولا حرج عليكم أيّها النّاس فيما تراضيتم به أنتم ونساؤكم من بعد إعطائهنّ أجورهنّ على النّكاح الّذي جرى بينكم وبينهنّ من حطّ ما وجب لهنّ عليكم، أو إبراءٍ أو تأخيرٍ ووضعٍ. وذلك نظير قوله جلّ ثناؤه: {وآتوا النّساء صدقاتهنّ نحلةً فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مريئًا} فأمّا الّذي قاله السّدّيّ فقولٌ لا معنى له لفساد القول بإحلال جماع امرأةٍ بغير نكاحٍ ولا ملك يمينٍ.
وأمّا قوله: {إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا} فإنّه يعني: إنّ اللّه كان ذا علمٍ بما يصلحكم أيّها النّاس في مناكحكم وغيرها من أموركم وأمور سائر خلقه بما يدبّر لكم ولهم من التّدبير، وفيما يأمركم وينهاكم؛ لا يدخل حكمته خللٌ ولا زللٌ). [جامع البيان: 6/589-591]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): ({والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم كتاب اللّه عليكم وأحلّ لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا (24)}.
قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا الوليد بن عتبة، ثنا بقية، حدثني مبشر ابن عبيدٍ، حدّثني الحجّاج، عن الزّهريّ، عن ابن المسيّب، عن أبي هريرة قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم:
« الإحصان إحصانان، إحصان نكاحٍ، وإحصان عفافٍ».
- قال أبو محمّدٍ: قال أبي: هذا حديثٌ منكرٌ.
- حدّثنا الحسن بن محمّد بن الصّبّاح، ثنا أسباطٌ، ثنا مطرّفٌ، عن أبي إسحاق، عن عمير بن مريم، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {والمحصنات من النّساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال:
«هي حلٌّ للرّجل إلا ما أنكح ممّا ملكت يمينه، فإنّها لا تحلّ له».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو سلمة، ثنا حمّادٌ، عن حجّاجٍ، عن عطيّة بن سعدٍ، أنّ ابن عبّاسٍ قال: والمحصنات من النّساء قال: ذوات - وروي عن ابن مسعودٍ وأنس بن مالكٍ، وسعيد بن المسيّب والحسن، ومحمّد بن عليٍّ، ومجاهدٍ، والضّحّاك ومكحولٍ، وسعيد بن جبيرٍ والشّعبيّ، ومحمّد بن عليٍّ مثل ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا يوسف الصّغّار، ثنا أبو أسامة، أخبرني عبيد اللّه، عن نافعٍ، عن ابن عمر أنّه كان لا يرى مشركةً محصنةً، يعني: اليهوديّات والنّصرانيّات.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {والمحصنات من النّساء } يعني بذلك: الأزواج من النّساء، لا يحلّ نكاحهنّ، يقول: لا تخلب، ولا تعرّ، فتنشز على بعلها، وكلّ امرأةٍ لا تنكح إلا ببيّنةٍ ومهرٍ فهي من المحصنات الّتي حرم.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو اليمان، ثنا شعيب، عن الزهري قال: كان سعيد ابن المسيّب يقول في قول اللّه تعالى: {والمحصنات من النّساء } هنّ ذوات الأزواج، حرّم اللّه نكاحهنّ مع أزواجهنّ، فالمحصنة بالعفاف، والمحصنة بالزّوج حرّمتا كلتيهما، إلا أنّ مالك يمينك من النّساء من الإماء لك حلالٌ إذا لم يكن للأمة زوجٌ، وقد تكون الأمة محصنةٌ، وليس لها زوجٌ سمّاها اللّه محصنةً.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {والمحصنات من النّساء } قال: كلّ ذات زوجٍ يعني: عليكم حرامٌ، إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبيّنة والمهر- وروي عن عبيدة السّلمانيّ نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- قرأت على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرنا حيوة بن شريحٍ، عن أبي صخرٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ أنّه قال:
« »السّبيّة لها زوجٌ بأرضها، يسبيها المسلمون، فتباع في الغنائم فتشترى ولها زوجٌ، فهي حلالٌ»- وروي عن مكحولٍ نحو ذلك.
قوله تعالى: {إلا ما ملكت أيمانكم}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ، ثنا أبو داود، ثنا همّامٌ، عن قتادة، عن صالحٍ يعني: أبا الخليل، عن أبي علقمة الهاشميّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ قال:
« أصبنا نساءً يوم أوطاسٍ لهنّ أزواجٌ، فكرهنا أن نقع عليهنّ، فسألنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم } قال: أبو محمّدٍ: يعني: منهم فحلالٌ، وكلّ سبايا المشركات إذا استبرين بحيضةٍ، وإن كان لهنّ أزواجٌ في بلاد الحرب».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:{ إلا ما ملكت أيمانكم } يقول: إلا أمةً ملكتها، ولها زوجٌ بأرض الحرب، فهي لك حلالٌ إذا استبريتها- وروي عن عبد اللّه بن مسعودٍ ومكحولٍ نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: {إلا ما ملكت أيمانكم} يعني: الّتي أحلّ لك من النّساء، وهو ما أحلّ من حرائر النّساء مثنى وثلاث ورباع.
قوله تعالى: {كتاب الله عليكم}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن عليّ بن صالحٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ في قوله: {كتاب اللّه عليكم} قال:
«هذا النّسب».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن هشامٍ، عن ابن سيرين، عن عبيدة في قوله: {كتاب اللّه عليكم } قال: الأربع- وروي عن عطاءٍ وسعيد بن جبيرٍ والحسن- وعمر بن عبد العزيز والسّدّيّ نحو ذلك.
[الوجه الثّالث]:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ والأحمسيّ قالا: ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن إبراهيم في قوله: {كتاب اللّه عليكم } قال:
«ما حرّم عليكم».
قوله تعالى: {وأحلّ لكم}.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن نفيلٍ، ثنا محمّد يعني: ابن سلمة، عن خصيفٍ في قوله: وأحلّ لكم يقول التّزويج.
قوله تعالى: {ما وراء ذلكم}.
- حدّثنا موسى بن أبي موسى ثنا هارون بن حاتمٍ، ثنا عبد الرّحمن بن أبي حمّادٍ، عن أسباطٍ عن السّدّيّ عن أبي مالكٍ قوله عزّ وجلّ: {وأحلّ لكم ما وراء ذلكم } يعني: سواءٌ ذلك.
قوله تعالى: { ما وراء ذلكم}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا الأحمسيّ ثنا وكيعٌ، عن عليّ بن صالحٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ وأحلّ لكم ما وراء ذلكم قال: ما وراء هذا النّسب- وروي عن عطاءٍ نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا هشام بن خالدٍ، ثنا مخلد بن حسينٍ، ثنا هشام يعني: ابن حسّان، عن ابن سيرين، عن عبيدة وأحلّ لكم ما وراء ذلكم: من الإماء يعني: السّراريّ- قال عليّ بن الحسين: إنّما هو: تمّام بن نجيحٍ عن الحسن.
[الوجه الثّالث]:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ وأحلّ لكم ما وراء ذلكم قال: مادون الأربع.
قوله تعالى: {أن تبتغوا بأموالكم}.
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله:{ أن تبتغوا } قال:
«في الشّرى والبيع».
قوله تعالى: {محصنين}.
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: محصنين قال:
«متناكحين».
- قرأت على محمّد بن الفضل بن موسى، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله: محصنين قال:
«لفروجهنّ».
قوله تعالى: {غير مسافحين}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قوله: غير مسافحين قال:
« زانين بكلّ زانيةٍ ».
- قرأت على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهبٍ، أخبرني عمرو بن الحارث أنّ بكير بن عبد اللّه بن الأشجّ حدّثه، أنّ أبا السّمح مولى بني هاشمٍ حدّثه، أنّ رجلا أتى ابن عبّاسٍ فسأله عن السّفاح قال: الزّنا- وروي عن السّدّيّ ومقاتل بن حيّان نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا أبي، ثنا هدبة، ثنا سليمان بن المغيرة قال: سئل الحسن وأنا أسمع، ما المسافحة؟ قال:
« هي الّتي لا يزني إليها رجلٌ بعينه إلا تبعته ».
قوله تعالى: {فما استمتعتم به منهنّ}.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا إسحاق بن سليمان، عن موسى بن عبيدة قال: سمعت محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن ابن عبّاسٍ قال:
« كانت متعة النّساء في أوّل الإسلام، كان الرّجل يقدم البلدة، ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يصلح بحفظ متاعه، فيتزوّج المرأة إلى قدر ما يرى أنّه يفرغ من حاجته، فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته، وكان يقول: فما استمتعتم به منهنّ نسختها محصنين غير مسافحين وكان الإحصان بيد الرّجل، يمسك متى شاء ويطلّق متى شاء».
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: فما استمتعتم به منهنّ قال:
« والاستمتاع: هو النّكاح » - وروي عن الحسن ومجاهدٍ والزّهريّ نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان في قوله: {فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ} قال:
«هذا في المتعة كانوا قد أمروا بها قبل أن ينهوا عنها ».
قوله تعالى: {فآتوهن أجورهن فريضة}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: {فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً } قال:
«إذا تزوّج الرّجل منكم المرأة، ثمّ نكحها مرّةً واحدةً، فقد وجب صداقها كلّه».
- ذكره أبو زرعة، ثنا محمّد بن أبي بكرٍ المقدّميّ، ثنا عامر بن صالحٍ، عن يونس، عن الحسن فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ قال:
«التّزوّج والمهر».
[الوجه الثّاني]:
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيّب قال:
«نسخ آية الميراث المتعة».
قوله تعالى: {ولا جناح عليكم}.
قد تقدّم تفسيره.
قوله تعالى: {فيما تراضيتم به}.
[الوجه الأول]:
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ قوله: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة والتّراضي: أن يوفيها صداقها ثمّ يخيّرها.
[الوجه الثّاني]:
- قرأت على محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنبأ ابن وهبٍ، قال يونس: وقال ربيعة:
«يقول اللّه تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به إن أعطت زوجها من بعد الفريضة أو صنعت إليه»، فذلك الّذي قال.
قوله تعالى: {من بعد الفريضة}.
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكيرٍ، عن مقاتل بن حيّان قوله:
«من بعد الفريضة يعني: ما بعد تسمية الأوّل».
قوله تعالى: {إنّ اللّه كان عليماً حكيماً}.
قد تقدّم تفسيره). [تفسير القرآن العظيم: 3/915-920]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شريك عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله{والمحصنات من النساء إلا ما ملكت إيمانكم} قال «هن السبايا التي لهن الأزواج فلا بأس بمجامعتهن إذا استبرأن ».
- نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثله
- نا إبراهيم قال ثنا آدم قال ثنا ورقاء عن المغيرة عن إبراهيم مثله). [تفسير مجاهد: 151]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله محصنين يعني متناكحين غير مسافحين يعني غير زانين بكل زانية). [تفسير مجاهد: 152]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا الحسن بن يعقوب بن يوسف العدل، ثنا يحيى بن أبي طالبٍ، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، ثنا شعبة، عن أبي حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، أنّه قال: هذه الآية {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم} قال: «كلّ ذات زوجٍ إتيانها زنًا إلّا ما سبيت» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/333]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ النّضر بن شميلٍ، أنبأ شعبة، ثنا أبو مسلمة، قال: سمعت أبا نضرة، يقول: قرأت على ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، {فما استمتعتم به منهنّ فآتوهنّ أجورهنّ فريضةً} قال ابن عبّاسٍ: «فما استمتعتم به منهنّ إلى أجلٍ مسمًّى» قال أبو نضرة: فقلت: ما نقرؤها كذلك. فقال ابن عبّاسٍ: «واللّه لأنزلها اللّه كذلك» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه "). [المستدرك: 2/334]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوبيّ، نا الفضل بن عبد الجبّار نا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ نا نافع بن عمر، قال: سمعت عبد اللّه بن أبي مليكة، يقول: سئلت عائشة رضي اللّه عنها، عن متعة النّساء فقالت: بيني وبينكم كتاب اللّه قال: وقرأت هذه الآية {والّذين هم لفروجهم حافظون إلّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء} ما زوّجه اللّه أو ملّكه فقد عدا «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرجاه»). [المستدرك: 2/334]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {والمحصنات من النّساء})
- عن رزينٍ الجرجانيّ قال: سألت سعيد بن جبيرٍ عن هذه الآية {والمحصنات من النّساء}. قال: لا علم لي بها. فسألت الضّحّاك بن مزاحمٍ، وذكرت له قول سعيد بن جبيرٍ فقال: أشهد لسمعته يسأل عنها ابن عبّاسٍ، فقال ابن عبّاسٍ: «نزلت يوم خيبر، لمّا فتحها رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - أصاب المسلمون نساءً من نساء أهل الكتاب لهنّ أزواجٌ، وكان الرّجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهنّ قالت: إنّ لي زوجًا. فسئل رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - عن ذلك، فأنزل اللّه - عزّ وجلّ: {والمحصنات من النّساء} الآية». يعني: السّبيّة من المشركين تصاب لا بأس بذلك، فذكرت ذلك لسعيد بن جبيرٍ فقال: صدق.
رواه الطّبرانيّ في الكبير والأوسط، ورزينٌ الجرجانيّ لم أعرفه، وبقيّة رجاله ثقاتٌ.
- وعن عليٍّ وابن مسعودٍ في قوله: {والمحصنات من النّساء إلّا ما ملكت أيمانكم}، قال عليٌّ:
«المشركات إذا سبين حلّت له»، وقال ابن مسعودٍ: «المشركات والمسلمات».
رواه الطّبرانيّ عن شيخه عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن أبي مريم، وهو ضعيفٌ). [مجمع الزوائد: 7/3]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال مسدّدٌ: ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا عثمان البتّي، ثنا صالحٌ أبو الخليل، أنّه حدّثه رجلٌ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ- رضي اللّه عنه- أنّه قال: « فينا نزلت: {والمحصنات من النّساء إلا ماملكت أيمانكم} قال: سبينا سبيًا فيهم نساءٌ لهنّ أزواجٌ، فجعل أحدنا، يكره أن يطأ المرأة من أجل زوجها، فنزلت هذه الآية فرقاً بينهن وبين أزواجهن: {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} ».
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؟ لجهالة التّابعيّ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/193]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي، وابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطحاوي، وابن حبان والبيهقي في "سننه" عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله في ذلك {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} يقول: «إلا ما أفاء الله عليكم فاستحللنا بذلك فروجهن».
وأخرج الطبراني عن ابن عباس في الآية قال:
«نزلت يوم حنين لما فتح الله حنينا أصاب المسلمون نساء لهن أزواج وكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة قالت: إن لي زوجا فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك»، فأنزلت هذه الآية {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} يعني السبية من المشركين تصاب لا بأس في ذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن جبير في الآية قال:
«نزلت في نساء أهل حنين لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا أصاب المسلمون سبايا فكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت: إن لي زوجا، فأتوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فأنزل الله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال: السبايا من ذوات الأزواج».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال:
«كل ذات زوج إتيانها زنا إلا ما سبيت».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية يقول:
«كل امرأة لها زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب فهي لك حلال إذا استبرأتها».
وأخرج الفريابي، وابن أبي شيبة والطبراني عن علي، وابن مسعود في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال علي:
« المشركات إذا سبين حلت له » وقال ابن مسعود: «المشركات والمسلمات».
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال:
«كل ذات زوج عليك حرام إلا ما اشتريت بمالك وكان يقول بيع الأمة طلاقها».
أخرج ابن جرير عن قتادة أن أبي بن كعب وجابر بن عبدالله وأنس بن مالك قالوا:
«بيع الأمة طلاقها».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال
«طلاق الأمة ست بيعها طلاقها وعتقها طلاقها وهبتها طلاقها وبراءتها طلاقها وطلاق زوجها طلاقها»، واخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال:«إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} قال:
« ذوات الأزواج».
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر عن أنس بن مالك {والمحصنات من النساء} قال:
«ذوات الأزواج الحرائر حرام إلا ما ملكت أيمانكم».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود {والمحصنات من النساء} قال:
«ذوات الأزواج».
وأخرج مالك وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر والبيهقي عن سعيد بن المسيب {والمحصنات من النساء} قال:
«هن ذوات الأزواج ومرجع ذلك إلى أن حرم الله الزنا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد {والمحصنات من النساء} قال:
«نهين عن الزنا».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في الآية قال:
«نزلت يوم أوطاس».
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال: كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن فمنعناهن بقوله {والمحصنات من النساء}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} يعني بذلك ذوات الأزواج من النساء لا يحل نكاحهن يقول: لا تحلب ولا تعد فتنشز على بعلها وكل امرأة لا تنكح إلا ببينة ومهر فهي من المحصنات التي حرم {إلا ما ملكت أيمانكم} يعني التي أحل الله من النساء وهو ما أحل من حرائر النساء مثنى وثلاث ورباع.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن عباس {والمحصنات من النساء} قال:
«لا يحل له أن يتزوج فوق أربع فما زاد فهو عليه حرام كأمه وأخته».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن أبي العالية قال: يقول {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ثم حرم ما حرم من النسب والصهر ثم قال {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} فرجع إلى أول السورة إلى أربع فقال: هن حرام أيضا إلا لمن نكح بصداق وسنة وشهود.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن عبيدة قال: أحل الله لك أربعا في أول السورة وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك.
وأخرج ابن جرير عن عطاء أنه سئل عن قوله {والمحصنات من النساء} فقال:
«حرم ما فرق الأربع منهن».
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله {والمحصنات} قال:
« العفيفة العاقلة من مسلمة أو من أهل الكتاب».
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله {إلا ما ملكت أيمانكم} قال:
«إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبينة والمهر».
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر عن ابن عباس {إلا ما ملكت أيمانكم} قال:
« ينزع الرجل وليدته امرأة عبده».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} قال
« هي حل للرجل إلا ما أنكح مما ملكت يمينه فإنها لا تحل له».
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة قال: قال رجل لسعيد بن جبير: أما رأيت ابن عباس حين سئل عن هذه الآية {والمحصنات من النساء} فلم يقل فيها شيئا فقال: كان لا يعلمها.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت إليه أكباد الإبل قوله {والمحصنات من النساء} الآية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي السوداء قال: سالت عكرمة عن هذه الآية {والمحصنات من النساء} فقال: لا أدري،.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:
« الإحصان إحصانان إحصان نكاح وإحصان عفاف » قال ابن أبي حاتم: قال أبي: هذا حديث منكر.
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب أنه سئل عن قوله {والمحصنات من النساء} قال: نرى أنه حرم في هذه الآية {والمحصنات من النساء} ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن والمحصنات العفائف ولا يحللن إلا بنكاح أو ملك يمين والإحصان إحصانان: إحصان تزويج وإحصان عفاف في الحرائر والمملوكات كل ذلك حرم الله إلا بنكاح أوملك يمين.
واخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن مجاهد أنه كان يقرا كل شيء في القرآن {والمحصنات} بكسر الصاد إلا التي في النساء {والمحصنات} من النساء بالنصب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه قرأ {والمحصنات من النساء} بنصب الصاد وكان يحيى بن وثاب يقرأ {والمحصنات} بكسر الصاد.
وأخرج عبد بن حميد عن الأسود أنه كان ربما قرأ {والمحصنات} والمحصنات.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن هذه الآية التي في سورة النساء {والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم} نزلت في امرأة يقال لها: معاذة وكانت تحت شيخ من بني سدوس يقال له: شجاع بن الحرث، وكان معها ضرة لها قد ولدت لشجاع أولادا رجالا وإن شجاعا انطلق يميز أهله من هجر فمر بمعاذة ابن عم لها فقالت له: احملني إلى أهلي فإنه ليس عند هذا الشيخ خير، فاحتملها فانطلق بها فوافق ذلك جيئة الشيخ فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله وأفضل العرب..... إني خرجت أبغيها الطعام في رجب
فتولت والطت بالذنب ......وهي شر غالب لمن غلب
رأت غلاما واركا على........ قتب لها وله أرب

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«علي علي فإن كان الرجل كشف بها ثوبا فارجموها وإلا فردوا على الشيخ امرأته» فانطلق مالك بن شجاع، وابن ضرتها فطلبها فجاء بها ونزلت بيتها.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق عبيدة السلماني في قوله {كتاب الله عليكم} قال: الأربع.
وأخرج ابن جرير من طريق عبيدة عن عمر بن الخطاب، مثله.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {كتاب الله عليكم} قال:
«واحدة إلى أربع في النكاح».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم {كتاب الله عليكم} قال:
«ما حرم عليكم».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ {وأحل لكم} بضم الألف وكسر الحاء.
وأخرج عن عاصم، أنه قرأ {وأحل لكم} بالنصب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال {وراء} أمام في القرآن كله غير حرفين {وأحل لكم ما وراء ذلكم} يعني سوى ذلكم (فمن ابتغى وراء ذلك) يعني سوى ذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال:
«ما دون الأربع».
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال {كتاب الله عليكم} قال:
«هذا النسب» {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال:«ما وراء هذا النسب».
وأخرج ابن جرير عن عطاء {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال:
«ما وراء ذات القرابة».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال:
«ما ملكت أيمانكم».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني {وأحل لكم ما وراء ذلكم} قال:
«من الإماء يعني السراري».
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {محصنين} قال:
« متناكحين» {غير مسافحين} قال: « غير زانين بكل زانية».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن السفاح قال:
«الزنا».
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} يقول: إذا تزوج الرجل منكم المرأة ثم نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله والاستمتاع هو النكاح، وهو قوله {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة}) .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:
«كان متعة النساء في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته وكان يقرأ (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) نسختها {محصنين غير مسافحين} وكان الإحصان بيد الرجل يمسك متى شاء ويطلق متى شاء».
وأخرج الطبراني والبيهقي في "سننه" عن ابن عباس قال:
«كانت المتعة في أول الإسلام وكانوا يقرأون هذه الآية ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)) الآية، فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته لتحفظ متاعه وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى آخر الآية فنسخ الأولى فحرمت المتعة وتصديقها من القرآن (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) ».
وما سوى هذا الفرج فهو حرام.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن أبي نضرة قال: قرأت على ابن عباس {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} قال ابن عباس: {فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى}، فقلت ما نقرؤها كذلك فقال ابن عباس: والله لأنزلها الله كذلك.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة قال: في قراءة أبي بن كعب ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)).
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال: في قراءة أبي بن كعب ((فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى)).
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن وقال ابن عباس: في حرف أبي ((إلى أجل مسمى)).
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن مجاهد {فما استمتعتم به منهن} قال:
«يعني نكاح المتعة».
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال:
«هذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمى فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل وهي منه بريئة وعليها أن تستبرئ ما في رحمها وليس بينهما ميراث، ليس يرث واحد منهما صاحبه».
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال:
«كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساؤنا فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل» ثم قرأ عبد الله {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم عن سبرة الجهني قال:
«أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام فتح مكة في متعة النساء فخرجت أنا ورجل من قومي - ولي عليه فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة - مع كل واحد منا برد أما بردي فخلق وأما برد ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأعلى مكة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة فقلنا: هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت وما تبذلان فنشر كل واحد منا برده فجعلت تنظر إلى الرجلين فإذا رآها صاحبي قال: إن برد هذا خلق وبردي جديد غض، فتقول: وبرد هذا لا بأس به، ثم استمتعت منها فلم تخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سبرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما بين الركن والباب وهو يقول: يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا وإن الله حرمها إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال: رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها بعدها.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} قال: نسختها {يا أيها النّبيّ إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}، {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ، (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر).
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال: نسخت آية الميراث المتعة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال: المتعة منسوخة نسخها الطلاق والصدقة والعدة والميراث.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، عن علي، قال: نسخ رمضان كل صوم ونسخت الزكاة كل صدقة ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث ونسخت الضحية كل ذبيحة.
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه، وابن جرير عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة قال: لا، وقال علي: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا إلا شقي.
وأخرج البخاري عن أبي جمرة قال: سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص فيها، فقال له مولى له: إنما كان ذلك وفي النساء قلة والحال شديد فقال ابن عباس: نعم.
وأخرج البيهقي، عن علي، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة وإنما كانت لمن لم يجد، فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت.
وأخرج النحاس عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس: إنك رجل تائه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة.
وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال: إنما أحلت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متعة النساء ثلاثة أيام نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج البيهقي عن عمر أنه خطب فقال: ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها لا أوتي بأحد نكحها إلا رجمته.
وأخرج مالك وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن ماجه عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب يجر رداءه فزعا فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت
وأخرج عبد الرزاق عن خالد بن المهاجر قال: أرخص ابن عباس للناس في المتعة فقال له ابن عمرة الأنصاري: ما هذا يا ابن عباس، فقال ابن عباس: فعلت مع إمام المتقين فقال ابن أبي عمرة: اللهم غفرا، إنما كانت المتعة رخصة كالضرورة إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: والله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما كانت قبل ذلك ولا بعد.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال: نهى عمر عن متعتين: متعة النساء ومتعة الحج.
وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع أن عمر سئل عن المتعة فقال: حرام، فقيل له: إن ابن عباس يفتي بها قال: فهلا ترمرم بها في زمان عمر.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: لا يحل لرجل أن ينكح امرأة إلا نكاح الإسلام بمهرها ويرثها وترثه ولا يقاضيها على أجل إنها امرأته فإن مات أحدهما لم يتوارثا
وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: ماذا صنعت ذهب الركاب بفتياك وقالت فيه الشعراء قال: وما قالوا قلت: قالوا:
أقول للشيخ لما طال مجلسه = يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك رخصة الأطراف آنسة = تكون مثواك حتى مصدر الناس،
فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللتها إلا للمضطر ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال: يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي قال: وهي التي في سورة النساء {فما استمتعتم به منهن} إلى كذا وكذا من الأجل على كذا وكذا، قال: وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم، وليس بينهما نكاح، وأخبر أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا.
وأخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد قال: سألت ابن عباس عن المتعة
أسفاح هي أم نكاح فقال: لا سفاح ولا نكاح، قلت: فما هي قال: هي المتعة كما قال الله، قلت هل لها من عدة قال: نعم، عدتها حيضة، قلت: هل يتوارثان قال: لا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {فآتوهن أجورهن فريضة} قال: ما تراضوا عليه من قليل أو كثير.
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة فقال الله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في قوله {ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة} قال: التراضي أن يوفي لها صداقها ثم يخيرها.
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال: نزل ذلك في النكاح فإذا فرض الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة من إنجاز صداقها قليل أو كثير.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن أبي حاتم عن ربيعة في الآية قال: إن أعطت زوجها من بعد الفريضة أو وضعت إليه فذلك الذي قال.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال: إن وضعت لك منه شيئا فهو سائغ.
وأخرج عن السدي في الآية قال: إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى التي تمتع بها فقال: أتمتع منك أيضا بكذا وكذا، قبل أن يستبرئ رحمها والله أعلم). [الدر المنثور: 4/317-327]


رد مع اقتباس