عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 13 جمادى الآخرة 1435هـ/13-04-2014م, 11:59 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ (165) وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين (166) وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون (167) الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (168)}
يقول تعالى: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ} وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السّبعين منهم {قد أصبتم مثليها} يعني: يوم بدر، فإنّهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلًا وأسروا سبعين أسيرًا {قلتم أنّى هذا} أي: من أين جرى علينا هذا؟ {قل هو من عند أنفسكم}
قال ابن أبي حاتمٍ: ذكره أبي، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا قراد أبو نوحٍ، حدّثنا عكرمة بن عمّارٍ، حدّثنا سماك الحنفيّ أبو زميل، حدّثني ابن عبّاسٍ، حدّثني عمر بن الخطّاب قال: لمّا كان يوم أحدٍ من العام المقبل، عوقبوا بما صنعوا يوم بدرٍ من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفرّ أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عنه، وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدّم على وجهه، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {أولمّا أصابتكم مصيبةٌ قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} بأخذكم الفداء.
وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرّحمن بن غزوان، وهو قراد أبو نوحٍ، بإسناده ولكن بأطول منه، وكذا قال الحسن البصريّ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا القاسم، حدّثنا الحسين، حدّثنا إسماعيل بن عليّة عن ابن عون، عن محمّدٍ عن عبيدة (ح) قال سنيد -وهو حسينٌ-: وحدّثني حجّاجٌ عن جرير، عن محمّدٍ، عن عبيدة، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، قال: جاء جبريل، عليه السّلام، إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا محمّد، إنّ اللّه قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيّرهم بين أمرين، إمّا أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء، على أن يقتل منهم عدّتهم. قال: فدعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الناس فذكر ذلك لهم، فقالوا: يا رسول اللّه، عشائرنا وإخواننا، ألا نأخذ فداءهم فنتقوّى به على قتال عدوّنا، ويستشهد منّا عدّتهم، فليس في ذلك ما نكره؟ قال: فقتل منهم يوم أحدٍ سبعون رجلًا عدّة أسارى أهل بدرٍ.
وهكذا رواه التّرمذيّ والنّسائيّ من حديث أبي داود الحفري، عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، عن سفيان بن سعيدٍ، عن هشام بن حسّان، عن محمّد بن سيرين، به. ثمّ قال التّرمذيّ: حسنٌ غريبٌ لا نعرفه إلّا من حديث ابن أبي زائدة. وروى أبو أسامة عن هشام نحوه. وروى عن ابن سيرين عن عبيدة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مرسلًا.
وقال محمّد بن إسحاق، وابن جريجٍ، والرّبيع بن أنسٍ، والسديّ: {قل هو من عند أنفسكم} أي: بسبب عصيانكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم، يعني بذلك الرّماة {إنّ اللّه على كلّ شيءٍ قديرٌ} أي: ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه). [تفسير القرآن العظيم: 2/158-159]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه} أي: فراركم بين يدي عدوّكم وقتلهم لجماعةٍ منكم وجراحتهم لآخرين، كان بقضاء اللّه وقدره، وله الحكمة في ذلك. [وقوله] {وليعلم المؤمنين} أي: الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا). [تفسير القرآن العظيم: 2/159]

تفسير قوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {وليعلم الّذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} يعني [بذلك] أصحاب عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول الّذين رجعوا معه في أثناء الطّريق، فاتّبعهم من اتّبعهم من المؤمنين يحرّضونهم على الإياب والقتال والمساعدة؛ ولهذا قال: {أو ادفعوا} قال ابن عبّاسٍ، وعكرمة، وسعيد بن جبير، والضّحّاك، وأبو صالحٍ، والحسن، والسّدّي: يعني كثروا سواد المسلمين. وقال الحسن بن صالحٍ: ادفعوا بالدّعاء. وقال غيره: رابطوا. فتعلّلوا قائلين: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} قال مجاهدٌ: يعنون لو نعلم أنّكم تلقون حربًا لجئناكم، ولكن لا تلقون قتالًا.
قال محمّد بن إسحاق: حدّثني محمّد بن مسلم بن شهابٍ الزّهريّ، ومحمّد بن يحيى بن حبّان، وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرّحمن بن عمرو بن سعد بن معاذٍ، وغيرهم من علمائنا، كلهم قد حدّث قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم -يعني حين خرج إلى أحدٍ-في ألف رجلٍ من أصحابه، حتّى إذا كان بالشّوط -بين أحدٍ والمدينة-انحاز عنه عبد اللّه بن أبيٍّ ابن سلول بثلث النّاس، وقال أطاعهم فخرج وعصاني، وواللّه ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيّها النّاس، فرجع بمن اتّبعه من النّاس من قومه أهل النّفاق وأهل الرّيب، واتّبعهم عبد اللّه بن عمرو بن حرامٍ أخو بني سلمة، يقول: يا قوم، أذكّركم اللّه أن تخذلوا نبيّكم وقومكم عندما حضر من عدوّكم، قالوا: لو نعلم أنّكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكّنا لا نرى أن يكون قتالٌ. فلمّا استعصوا عليه وأبوا إلّا الانصراف عنهم، قال: أبعدكم اللّه أعداء اللّه، فسيغنى اللّه عنكم. ومضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال اللّه تعالى: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان} استدلّوا به على أنّ الشّخص قد تتقلّب به الأحوال، فيكون في حالٍ أقرب إلى الكفر، وفي حالٍ أقرب [إلى] الإيمان؛ لقوله: {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان}
ثمّ قال: {يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم} يعني: أنّهم يقولون القول ولا يعتقدون صحّته، ومنه قولهم هذا: {لو نعلم قتالا لاتّبعناكم} فإنّهم يتحقّقون أنّ جندًا من المشركين قد جاءوا من بلادٍ بعيدةٍ، يتحرّقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدرٍ، وهم أضعاف المسلمين، أنّه كائنٌ بينهم قتالٌ لا محالة؛ ولهذا قال تعالى: {واللّه أعلم بما يكتمون}). [تفسير القرآن العظيم: 2/160]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا} أي: لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل. قال اللّه تعالى: {قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} أي: إن كان القعود يسلم به الشّخص من القتل والموت، فينبغي، أنّكم لا تموتون، والموت لا بدّ آتٍ إليكم ولو كنتم في بروجٍ مشيّدة، فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهدٌ، عن جابر بن عبد اللّه: نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول). [تفسير القرآن العظيم: 2/160-161]

رد مع اقتباس