الموضوع: أل
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 02:43 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "أل"
اعلم أن هذه اللفظة هي التي يسمونها النحويون "الألف" و"اللام" وهما اللتان للتعريف، وكلهم يذهبون إلى أنها "اللام" زيدت عليها "ألف" الوصل، إلا الخليل وحده، فإنه يزعم أنها حرف واحد بجملته بسيط، ولذلك كان يسميه "أل" "كقد".
واستدل على ذلك بقطع
"الهمزة" بعدها في قولهم: يا ألله، وبالوقف عليهما معًا من غير ما بعدها في قول الشاعر:
عجِّل لنا هذا وألحقنا بذال ..... .... .... .... ....
وقطعها في قوله في أول العجز بعده:
.... .... .... .... ..... الشحم إنا قد مللناه بجل
وبالوقف عليهما في نصف البيت، كقوله:
يا خليلي اخبرا واستخبرا الـ ..... ـمنزل الدارس عن حي حلال

مثل سحق البُرد عفى بعدك الـ ..... ـقطر مغناه وتأويب الشمال
وبأن "اللام" لا تنفصل عن "الهمزة" ولا تنفصل "الهمزة" عنها "كالقاف" من "قد" مع "الدال" منها وبقطعها في الابتداء، وسقوطها في الدرج عنده لكثرة الاستعمال.
والصحيح أنها "لام" التعريف، دخلت عليها "همزة" الوصل كما قال الجمهور بدليل أنها تسقط في الدرج كما تسقط سائر "ألفات" الوصل، فتقول: بالرجل، ومن الرجل، ولو كانت "ألفها" "ألف" قطع لثبتت في موضع من الدرج، ولم يوجد ذلك، فليست كقراءة من قرأ «لحدى الكبر»، لشذوذها، وقد تقدم لم فتحت مع
"اللام" المذكورة.
وقد تقدم ان اسم الله تعالى اختص بقطع "همزته" دون غيره لكثرة استعماله وتعظيمه، ولذلك انفرد بأشياء لا تكون في غيره كزيادة "الميم" في آخره في قولهم: «اللهم» ودخول حرف النداء عليه مع "الألف" و
"اللام" وغير ذلك مما ذكرناه من الخواص في كتاب «التحلية في البسملة والتصلية».
ولا حجة أيضًا في قول الشاعر: «بدال»، لأنه يريد «الشحم» فحذف المعرف للوقف في نصف البيت لأنه يجري مجرى ما بعد
"قد" في الاحتياج والحذف للعلم به كما قال:
أفد الترحل غير أن ركابنا ..... لما تزل برحالنا وكأن قد
أي: «قد زالت» فحذف للعلم به، كما حذف الآخر «كان» أو «ذهب» في قوله:
فإن المنية من يخشها ..... فسوف تُصادفه أينما
ثم كرر اللفظ بعده على أصله.
وأما الوقف عليها في نصف البيت فإن الأنصاف محل الوقف على
"الألف" و"اللام" تارة وعلى غيرها أخرى كما قال:
وغررتني وزعمت أنـ ..... نك لا بين بالصيف تامر
وقوله:
يا نفس صبرا واضطجا ..... عا نفس لست بخالده
وقال الآخر:
يا ابن أمي ولو شهدتك إذ تد ..... عوتميمًا وأنت غير مجاب
فقوله: «وزعمت أن» وقول الآخر: «ردا واضجا» في موضع متفاعلن؛ لأن البيتين من الكامل، وقول الآخر: «تلك إذ تد» في موضع فعلاتن وهو من الخفيف فلا فرق أن يضع آخر الجزء في نصف البيتين في بعض كلمة أو في آخرها، وإذا كان في بعض الكلمة جائزًا فهو في "الألف" و"اللام" المنفصلة في الأصل أجودُ.
وإنما ارتبطت
"اللام" "بالهمزة"، و"الهمزة" "باللام" لأن "اللام" لا يصحُ أن يبدأ بها إلا بعد دخولها عليها، وذلك في الابتداء، ولذلك جعلتها أنا "كقد"، فقلت باب "أل"، وأما في الأصل فلا حاجة إلى "الألف"؛ لأن التعريف إنما يفيد "باللام" خاصة، الثابتة في الدرج والابتداء، ولما لم يصح الابتداء بها دونها ولزمتها، لذلك صارت معها كحرفٍ واحد، فلذلك قلنا ذلك وجعلنا لها بابًا على حدة، وإن كان الكلام عليها حقه أن يكون في باب "اللام".
ولاجتماع
"الألف" و"اللام" خواص ينبغي أن تبين هنا.
فمنها اختصاص
"اللام" للتعريف دون غيرها من حروف المعجم وإنما ذلك لكونها لا يكثر في كلام العرب إدغام حرفٍ من حروف المعجم ككثرتها في غيرها، في نحو: التائب والثابت والدائر والزائل والراحم والزاجر والطاهر والظاهر واللائم والناصر والصائر والضابط والسالم والشاهد، وليس غيرها من الحروف في ذلك مثلها، فدلعلى خفتها عندهم وكثرة استعمالها ومزيتها في ذلك على غيرها من الحروف.
ومنها العلة في أن كانت ساكنة لا تتحرك، وإنما ذلك لأن الساكن أشد اتصالًا بما بعده من المتحرك، لأن المتحرك قد ينفصل في بعض المواضع "كواو" العطف وفائه، والساكن لا ينفصل أصلًا.
ومنها: العلة في وضعها أول الكلمة، ولم تكن في أثنائها ولا آخرها وإنما ذلك لشدة اغتنائهم بها لاغتنائهم بمعناها الذي هو التعريف، ولو جعلوها في آخر [الكلمة] لزال الاعتناء مع أن المراد قبل النطق بالكلمة ذلك، فجعله آخرًا ضد ما قصد له.
ولم يجعل في أثنائها؛ لأن التعريف إنما هو للكلمة بجملتها، يزول بزوالها ويثبت بثبوتها بخلاف التصغير والتكسير، فإنه لاحقٌ للكلمة بزيادةٍ فيها أو نقصان منها ولإرادة التغيير في أثنائها.
لذلك فإذا صح ذلك كله فحكمها في المعنى أنها تنقسم قسمين: قسم لابد منها في الكلمة، وقسم تكون فيها زائدة.
فالقسم الذي لابد منها فيها تنقسم قسمين: قسمٌ تكون فيه اسمًا وقسم تكون فيه حرفًا.
فالذي تكون فيه اسمًا: الأسماء المشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول نحو: الضارب والمضروب، فها هنا
"اللام" بمعنى الذي، وصلتها الاسم بعدها، وفيه ضمير مستتر يعود عليها، يبرز إذا عطف عليه كقولك: جاءني الضارب هو وزيد والمضروب وهو وعمرو، والمشتق هو المأخوذ من المصدر كالضارب من الضرب والقاتل من القتل.
وأما وصلهم لها بالجملة من المبتدأ وخبره في نحو قول الشاعر:
من القوم الرسول الله منهم ..... .... .... .... ....
وبالفعل وما يتصل به في نحو قول الشاعر:
ما أنت بالحكم الترضى حكومته ..... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
وقول الآخر:
فيستخرج اليربوع من نافقائه ..... ومن جحره ذي الشيخة اليتقصع
وقوله:
يقول الخنى وأبغض الناس كلهم ..... إلى ربه صوتُ الحمار اليُجدع
فليس من باب وصلها بالمشتق، وإنما ذلك من باب حذف بعض أجزاء «الذي» لكثرة الاستعمال، كما فُعل ذلك في «ايمن الله»، وقال: «الذي» وهو الأصل، ثم «الذي» ثم «الذ»، كما قالوا: ايم وم، فمن ما جاء على الأصل منه قول الشاعر:
فماذا المالُ فاعلمه بمالٍ ..... وإن أنفقته إلا الذي

تنالُ به العلاء وتصطفيه ..... لأقرب أقربيك وللقصي
ولا يحتاج إلى الاستشهاد على «الذي» لكثرته في النظم [و] في النثر، وقال الآخر في «الذ» بحذف "الياء" والاجتزاء بالكسر فبلها:
واللذ لو شاء لكنت صخرا ..... أو جبلا أصم مشمخرا
وقال آخر في سكون "الذال" منه تخفيفًا:
فكنت والأمر الذي قد كيدا ..... كاللذ تزبى زبيةً فاصطيدا
ثم حذفت الكلمة واجتزئ عنها "بالألف" و"اللام" للزومها فيها وكثرة الاستعمال:
ويتصور في هذا القسم أن تكونا للحضور فيه، كقولك: هذا الضارب، ويا أيها الضارب، وأنت الضارب، وأنا الضارب، وأن تكونا للعهد، نحو: رأيت الضارب الذي رأيت والمكرم الذي أكرمت، وأن تكونا للجنس كقولك: ضر الفاسق ونفع العالم وأعجب الحسن.
والذي تكونان فيه حرفًا: الأسماء غير المشتقات نحو: الرجل والغلام، ويتصور أيضًا في هذا القسم [أن تكونا] للحضور والعهد والجنس كما تصور في الذي قبله، نحو: هذا الرجل ورأيت الرجل الذي رأيت، وأهلك الناس الدينار والدرهم.
والقسم الذي تكونان فيه زائدتين لا تفيدان فيه تعريفًا قسمان: قسم تلزمان فيه، وهو: اللات والعزى والآن والتي والاسم الذي يسمى به، وهما فيه لمراعاة غلبة الصفة عليه كالكاتب والنجم والسماك والزيدان، وشبه ذلك؛ لأن هذه كانت صفات وغلبت على أهلها فسموا بذلك و
"الألف" و"اللام" فيها، والاسم العلم في الشعر كقوله:
يا ليت أم العمر كانت صاحبي ..... .... .... .... ....
وقوله:
باعد أم العمر من أسيرها ..... .... .... .... ....
وقوله:
ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلا ..... ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
والحال شاذ في قولهم: ادخلوا الأول فالأول، وجاءوا الجماء الغفير.
وقسم لا يلزمان فيه وهو الصفات والمصادر المسمى بها على معنى لمح الصفة في أصل التسمية كالحسن والفضل، وقولهم في العدد وتمييزه: الخمسة عشر الدراهم، فهذان الموضعان سمع الحذف فيها والإثبات).
[رصف المباني: 70 - 78]


رد مع اقتباس