عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 1 جمادى الآخرة 1434هـ/11-04-2013م, 11:12 AM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) )
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (عن سفيان [الثوري] عن منصورٍ عن إبراهيم في قوله: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال: كانوا يكرهون أن يستذلّوا [الآية: 39]). [تفسير الثوري: 268]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (39) وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه إنّه لا يحبّ الظّالمين}.
يقول تعالى ذكره: والّذين إذا بغى عليهم باغٍ، واعتدى عليهم هم ينتصرون ثمّ اختلف أهل التّأويل في الباغي الّذي حمد تعالى ذكره المنتصر منه بعد بغيه عليه، فقال بعضهم: هو المشرك إذا بغى على المسلم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرني ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ: ذكر المهاجرين صنفينٍ، صنفًا عفا، وصنفًا انتصر، وقرأ {والّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون} قال: فبدأ بهم {والّذين استجابوا لربّهم} إلى قوله: {وممّا رزقناهم ينفقون} وهم الأنصار ثمّ ذكر الصّنف الثّالث فقال: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} من المشركين.
وقال آخرون: بل هو كلّ باغٍ بغى فحمد المنتصر منه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباط، عن السّدّيّ، في قوله: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال: ينتصرون ممّن بغى عليهم من غير أن يعتدوا.
وهذا القول الثّاني أولى في ذلك بالصّواب؛ لأنّ اللّه لم يخصص من ذلك معنًى دون معنًى، بل حمد كلّ منتصرٍ بحقٍّ ممّن بغى عليه.
فإن قال قائلٌ: وما في الانتصار من المدح؟
قيل: إنّ في إقامة الظّالم على سبيل الحقّ وعقوبته بما هو له أهلٌ تقويمًا له، وفي ذلك أعظم المدح). [جامع البيان: 20/523-524]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 39.
أخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه - في قوله: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال: كانوا يكرهون للمؤمنين أن يستذلوا وكانوا إذا قدروا عفوا). [الدر المنثور: 13/168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال: سألت إبراهيم عن قوله: {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال: كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترئ الفساق عليهم). [الدر المنثور: 13/168]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج النسائي، وابن ماجة، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها - قالت: دخلت علي زينب وعندي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت علي تسبني فردعها النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلم تنته فقال لي: سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متهلل سرورا). [الدر المنثور: 13/169]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن علي بن زيد بن جدعان رضي الله عنه - قال: لم أسمع في الأنصار مثل حديث حدثتني به أم ولد أبي محمد عن عائشة رضي الله عنها - قالت: كنت في البيت وعندنا زينب بنت جحش فدخل علينا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأقبلت عليه زينب فقالت: ما كل واحدة منا عندك إلا على خلابة ثم أقبلت علي تسبني فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: قولي لها كما تقول لك فأقبلت عليها - وكنت أطول وأجود لسانا منها فقامت). [الدر المنثور: 13/169]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا). [الدر المنثور: 13/169-170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {والذين إذا أصابهم البغي} قال: هذا محمد صلى الله عليه وسلم - ظلم وبغي عليه وكذب {هم ينتصرون} قال: ينتصر محمد صلى الله عليه وسلم بالسيف). [الدر المنثور: 13/170]

تفسير قوله تعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها} وقد بيّنّا فيما مضى معنى ذلك، وأنّ معناه: وجزاء سيّئة المسيء عقوبته بما أوجبه اللّه عليه، فهي وإن كانت عقوبةً من اللّه أوجبها عليه، فهي مساءةٌ له والسّيّئة: إنّما هي الفعلة من السّوء، وذلك نظير قول اللّه عزّ وجلّ {ومن جاء بالسّيّئة فلا يجزى إلاّ مثلها}.
وقد قيل: إنّ معنى ذلك: أن يجاب القائل الكلمة القزعة بمثلها.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يعقوب قال: قال لي أبو بشرٍ: سمعت ابن أبي نجيحٍ، يقول في قوله: {وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها} قال: يقول أخزاه اللّه، فيقول: أخزاه اللّه.
- حدّثنا محمّدٌ قال: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، في قوله: {وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها} قال: إذا شتمك بشتيمةٍ فاشتمه مثلها من غير أن تعتدي.
- وكان ابن زيدٍ يقول في ذلك بما: حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ في: {والّذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} من المشركين، {وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها فمن عفا وأصلح} الآية، ليس أمركم أن تعفوا عنهم لأنّه أحبّهم {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ}، ثمّ نسخ هذا كلّه وأمره بالجهاد.
فعلى قول ابن زيدٍ هذا تأويل الكلام: وجزاء سيّئةٍ من المشركين إليكم، سيّئةٌ مثلها منكم إليهم، وإن عفوتم وأصلحتم في العفو، فأجركم في عفوكم عنهم إلى اللّه، إنّه لا يحبّ الظّالمين؛ وهذا على قوله كقول اللّه عزّ وجلّ {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتّقوا اللّه} وللّذي قال من ذلك وجهٌ غير أنّ الصّواب عندنا: أن تحمل الآية على الظّاهر ما لم ينقله إلى الباطن ما يجب التّسليم له، وأن لا يحكم بحكمٍ في آيةٍ بالنّسخ إلاّ بخبرٍ يقطع العذر أو حجّةٍ يجب التّسليم لها، ولم تثبت حجّةٌ في قوله: {وجزاء سيّئةٍ سيّئةٌ مثلها} أنّه مرادٌ به المشركون دون المسلمين، ولا بأنّ هذه الآية منسوخةٌ، فنسلّم لها بأنّ ذلك كذلك.
وقوله: {فمن عفا وأصلح فأجره على اللّه} يقول جلّ ثناؤه: فمن عفا عمّن أساء إليه إساءته إليه، فغفرها له، ولم يعاقبه بها، وهو على عقوبته عليها قادرٌ ابتغاء وجه اللّه، فأجر عفوه ذلك على اللّه، واللّه مثيبه عليه ثوابه.
{إنّه لا يحبّ الظّالمين} يقول: إنّ اللّه لا يحبّ أهل الظّلم الّذين يتعدّون على النّاس، فيسيئون إليهم بغير ما أذن اللّه لهم فيه). [جامع البيان: 20/524-526]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله فمن عفا وأصلح قال إذا جثت الأمم بين يدي الله عز وجل نادى مناد ليقم كل من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا). [تفسير مجاهد: 576-577]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 40.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال: ما يكون من الناس في الدنيا مما يصيب بعضهم بعضا والقصاص). [الدر المنثور: 13/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد، وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستبان ما قالا من شيء فعلى البادى ء حتى يعتدي المظلوم ثم قرأ {وجزاء سيئة سيئة مثلها} ). [الدر المنثور: 13/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال: إذا شتمك فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي). [الدر المنثور: 13/170]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن جرير عن ابن أبي نجيح في قوله: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال: يقول أخزاه الله فيقول أخزاه الله). [الدر المنثور: 13/171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي ألا ليقم من كان له على الله أجر فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا وذلك قوله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} ). [الدر المنثور: 13/171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم فيقوم عنق كثير فيقال لهم: ما أجركم على الله فيقولون: نحن الذين عفونا عمن ظلمنا وذلك قول الله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} فيقال لهم: ادخلوا الجنة بإذن الله). [الدر المنثور: 13/171]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وقف العباد للحساب ينادي مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله قالوا: ومن ذا الذي أجره على الله قال: العافون عن الناس فقام كذا وكذا ألفا فدخلوا الجنة بغير حساب). [الدر المنثور: 13/171-172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ينادي مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة مرتين فيقوم من عفا عن أخيه، قال الله {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} ). [الدر المنثور: 13/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول مناد من عند الله يقول: أين الذين أجرهم على الله فيقوم من عفا في الدنيا فيقول الله أنتم الذين عفوتم لي ثوابكم الجنة). [الدر المنثور: 13/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة صرخ صارخ الأرض ألا من كان له على الله حق فليقم فيقوم من عفا وأصلح). [الدر المنثور: 13/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينادي مناد يوم القيامة لا يقوم اليوم أحد إلا من له عند الله يد فتقول الخلائق: سبحانك بل لك اليد فيقول بلى من عفا في الدنيا بعد قدرة). [الدر المنثور: 13/172]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب من أعز عبادك عندك قال: من إذا قدر عفا). [الدر المنثور: 13/172-173]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رجلا شتم أبا بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال: إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال: يا أبا بكر نلت من حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة). [الدر المنثور: 13/173]

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل قال هذا فيما يكون بين الناس من القصاص فأما لو أن رجلا ظلمك لم يحلل لك أن تظلمه). [تفسير عبد الرزاق: 2/193]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه}
- أخبرنا عبدة بن عبد الله، قال: أخبرنا محمّد بن بشرٍ، قال: حدّثنا زكريّا، عن خالد بن سلمة، عن البهيّ، عن عروة بن الزّبير، قال: قالت عائشة: ما علمت حتّى دخلت عليّ زينب بغير إذنٍ وهي غضبى، ثمّ قالت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكرٍ ذريّعتيها، ثمّ أقبلت عليّ، فأعرضت عنها، حتّى قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم «دونك فانتصري»، فأقبلت عليها، حتّى رأيتها قد يبس ريقها في فيها، فلم تردّ عليّ شيئًا، فرأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتهلّل وجهه). [السنن الكبرى للنسائي: 10/249]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ (41) إنّما السّبيل على الّذين يظلمون النّاس ويبغون في الأرض بغير الحقّ أولئك لهم عذابٌ أليمٌ}.
يقول تعالى ذكره: ولمن انتصر ممّن ظلمه من بعد ظلمه إيّاه {فأولئك ما عليهم من سبيلٍ} يقول: فأولئك المنتصرون منهم لا سبيل للمنتصر منهم عليهم بعقوبةٍ ولا أذًى، لأنّهم انتصروا منهم بحقٍّ، ومن أخذ حقّه ممّن وجب ذلك له عليه، ولم يتعدّ، لم يظلم، فيكون عليه سبيلٌ.

وقد اختلف أهل التّأويل في المعنيّ بذلك، فقال بعضهم: عنى به كلّ منتصرٍ ممّن أساء إليه، مسلمًا كان المسيء أو كافرًا.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ قال: حدّثنا معاذٌ قال: حدّثنا ابن عونٍ قال: كنت أسأل عن الانتصار، {ولمن انتصر بعد ظلمه} الآية، فحدّثني عليّ بن زيد بن جدعان، عن أمّ محمّدٍ امرأة أبيه قال ابن عونٍ: زعموا أنّها كانت تدخل على أمّ المؤمنين قالت: قالت أمّ المؤمنين: دخل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وعندنا زينب بنت جحشٍ، فجعل يصنع بيده شيئًا، ولم يفطن لها، فقلت بيدي حتّى فطّنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحّم لعائشة، فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لعائشة: سبّيها فسبّتها وغلبتها وانطلقت زينب فأتت عليًّا، فقالت: إنّ عائشة تقع بكم وتفعل بكم، فجاءت فاطمة، فقال لها: إنّها حبّة أبيك وربّ الكعبة، فانصرفت وقالت لعليٍّ: إنّي قلت له كذا وكذا، فقال كذا وكذا؛ قال: وجاء عليّ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فكلّمه في ذلك.
- حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه} الآية قال: هذا في الخمش يكون بين النّاس.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادة، في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ} قال: هذا فيما يكون بين النّاس من القصاص، فأمّا لو ظلمك رجلٌ لم يحلّ لك أن تظلمه.
وقال آخرون: بل عنى به الانتصار من أهل الشّرك، وقال: هذا منسوخٌ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس قال: أخبرنا ابن وهبٍ قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ} قال: لمن انتصر بعد ظلمه من المؤمنين انتصر من المشركين وهذا قد نسخ، وليس هذا في أهل الإسلام، ولكن في أهل الإسلام الّذي قال اللّه تبارك وتعالى: {ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّه وليّ حميمٌ}.
والصّواب من القول أن يقال: إنّه معني به كلّ منتصرٍ من ظالمه، وأنّ الآية محكمةٌ غير منسوخةٍ للعلّة الّتي بيّنت في الآية قبلها). [جامع البيان: 20/526-528]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (د) ابن عون -رحمه الله -: قال: كنت أسأل عن الانتصار؟ وعن قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيلٍ} [الشورى: 41] فحدّثني علي بن زيد بن جدعان عن أمّ محمّدٍ - امرأة أبيه - قال ابن عونٍ: وزعموا أنّها كانت تدخل على أمّ المؤمنين عائشة، قالت: قالت عائشة أمّ المؤمنين: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندنا زينب بنت جحشٍ، فجعل يصنع بيده شيئاً، فقلت بيده حتى فطّنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحّم لعائشة، فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لعائشة: «سبّيها» فسبّتها، فغلبتها، فانطلقت زينب إلى عليّ، قالت: إنّ عائشة وقعت بكم، وفعلت، فجاءت فاطمة، فقال لها: إنّها حبّة أبيك - وربّ الكعبة - فانصرفت، فقالت لهم: إني قلت له كذا وكذا، فقال لي: كذا وكذا، قال: وجاء عليٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلّمه في ذلك. أخرجه أبو داود.
[شرح الغريب]
(تقحم): تعرض لشتمها، وتدخل عليها، ومنه قولهم: فلان تقحم في الأمور: إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية.
(حبة) الحبة بكسر الحاء: المحبوبة، والحب: المحبوب). [جامع الأصول: 2/346-347]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 41 - 44.
أخرج عبد بن حميد، وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} قال: هذا في الخماشة تكون بين الناس فأما إن ظلمك رجل فلا تظلمه وإن فجر بك فلا تفجر به وإن خانك فلا تخنه فإن المؤمن هو الموفي المؤدي وإن الفاجر هو الخائن الغادر، وخ ابن أبي شيبة والترمذي والبزار، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا على من ظلمه فقد انتصر). [الدر المنثور: 13/173-174]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها: أن سارقا سرق لها فدعت عليه فقال لها النّبيّ صلى الله عليه وسلم لا تسبخي عليه). [الدر المنثور: 13/174]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه} قال: لمحمد صلى الله عليه وسلم أيضا انتصاره بالسيف وفي قوله: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} الآية، قال: من أهل الشرك). [الدر المنثور: 13/174]

تفسير قوله تعالى: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) )
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا الحسن بن موسى، قال: حدّثنا سعيد بن زيدٍ أخو حمّاد بن زيدٍ، قال: حدّثنا عثمان الشّحّام، قال: حدّثنا محمّد بن واسعٍ، قال: قدمت من مكّة فإذا على الخندق قنطرةٌ، فأخذت فانطلق بي إلى مروان بن المهلّب، وهو أميرٌ على البصرة، فرحّب بي، وقال: حاجتك يا أبا عبد الله، قلت: حاجتي إن استطعت أن أكون كما قال أخو بني عديٍّ، قال: ومن أخو بني عديٍّ؟ قال: العلاء بن زيادٍ، قال: استعمل صديقٌ له مرّةً على عملٍ فكتب إليه: أمّا بعد، فإن استطعت أن لا تبيت إلاّ وظهرك خفيفٌ، وبطنك خميصٌ، وكفّك نقيّةٌ من دماء المسلمين وأموالهم، فإنّك إن فعلت ذلك لم يكن عليك سبيلٌ {إنّما السّبيل على الّذين يظلمون النّاس ويبغون في الأرض} الآية، قال مروان: صدق والله ونصح، ثمّ قال: حاجتك يا أبا عبد الله، قلت: حاجتي أن تلحقني بأهلي، قال: فقال: نعم). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 507-508]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {إنّما السّبيل على الّذين يظلمون النّاس} يقول تبارك وتعالى: إنّما الطّريق لكم أيّها النّاس على الّذين يتعدّون على النّاس ظلمًا وعدوانًا، بأن تعاقبوهم بظلمهم لا على من انتصر ممّن ظلمه، فأخذ منه حقّه.
وقوله: {ويبغون في الأرض بغير الحقّ} يقول: ويتجاوزون في أرض اللّه الحدّ الّذي أباح لهم ربّهم إلى ما لم يأذن لهم فيه، فيفسدون فيها بغير الحقّ {أولئك لهم عذابٌ أليمٌ} يقول: فهؤلاء الّذين يظلمون النّاس، ويبغون في الأرض بغير الحقّ، لهم عذابٌ من اللّه يوم القيامة في جهنّم مؤلمٌ موجعٌ). [جامع البيان: 20/528-529]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {ولمن انتصر بعد ظلمه} قال: لمحمد صلى الله عليه وسلم أيضا انتصاره بالسيف وفي قوله: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} الآية، قال: من أهل الشرك). [الدر المنثور: 13/174] (م)

تفسير قوله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولمن صبر وغفر إنّ ذلك لمن عزم الأمور (43) ومن يضلل اللّه فما له من وليٍّ من بعده وترى الظّالمين لمّا رأوا العذاب يقولون هل إلى مردٍّ من سبيلٍ}.
يقول تعالى ذكره: ولمن صبر على إساءةٍ إليه، وغفر للمسيء إليه جرمه إليه، فلم ينتصر منه، وهو على الانتصار منه قادرٌ ابتغاء وجه اللّه وجزيل ثوابه {إنّ ذلك لمن عزم الأمور} يقول: إنّ صبره ذلك وغفرانه ذنب المسيء إليه، {لمن عزم الأمور} يقول: لمن الأمور الّتي ندب إليها عباده، وعزم عليهم العمل بها). [جامع البيان: 20/529]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (واختلف أهل العربيّة في وجه دخول إنّ في قوله: {إنّ ذلك لمن عزمٍ الأمور} مع دخول اللاّم في قوله: {ولمن صبر وغفر} فكان نحويّي أهل البصرة يقول في ذلك: أمّا اللاّم الّتي في قوله: {ولمن صبر وغفر} فلام الابتداء، وأمّا إنّ ذلك فمعناه واللّه أعلم: إنّ ذلك منه من عزم الأمور، وقال: قد تقول: مررت بالدّار الذّراع بدرهمٍ: أي الذّراع منها بدرهمٍ، ومررت ببرٍّ قفيزٌ بدرهمٍ، أي قفيزٌ منه بدرهمٍ قال: وأمّا ابتداء إنّ في هذا الموضع، فمثل {قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه فإنّه ملاقيكم} يجوز ابتداء الكلام، وهذا إذا طال الكلام في هذا الموضع.
وكان بعضهم يستخطئ هذا القول ويقول: إنّ العرب إذا أدخلت اللاّم في أوائل الجزاء أجابته بجوابات الأيمان؛ بـ(ما)، و(لا)، و(إنّ)، و(اللاّم) قال: وهذا من ذاكٍ، كما قال: {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولّنّ الأدبار ثمّ لا ينصرون} فجاء بـ(لا) وبـ(اللاّم) جوابًا للاّم الأولى قال: ولو قال: لئن قمت إنّي لقائمٌ لجاز ولا حاجة به إلى العائد، لأنّ الجوّاب في اليمين قد يكون فيه العائد، وقد لا يكون؛ ألا ترى أنّك تقول: لئن قمت لأقومنّ، ولا أقوم، وإنّي لقائمٌ فلا تأتي بعائدٍ قال: وأمّا قولهم: مررت بدارٍ الذّراع بدرهمٍ وببرٍّ قفيزٌ بدرهمٍ، فلا بدّ من أن يتّصل بالأوّل بالعائد، وإنّما يحذف العائد فيه، لأنّ الثّاني تبعيضٌ للأوّل مررت ببرٍّ بعضٌ بدرهمٍ، وبعضه بدرهمٍ؛ فلمّا كان المعنى التّبعيض حذف العائد قال: وأمّا ابتداء إنّ في كلّ موضعٍ إذا طال الكلام، فلا يجوز أن تبتدئ إلاّ بمعنى: قل إنّ الموت الّذي تفرّون منه، فإنّه جوّابٌ للجزاء، كأنّه قال: ما فررتم منه من الموت، فهو ملاقيكم.
وهذا القول الثّاني عندي أولى في ذلك بالصّواب للعلل الّتي ذكرناها). [جامع البيان: 20/530-531]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو زكريّا العنبريّ، ثنا محمّد بن عبد السّلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ الفضل بن موسى، ثنا عيسى بن عبيدٍ، عن الرّبيع بن أنسٍ، عن أبي العالية، قال: حدّثني أبيّ بن كعبٍ رضي اللّه عنه، قال: " كان يوم أحدٍ أصيب من الأنصار أربعةٌ وستّون ومنهم ستّةٌ فيهم حمزة فمثّلوا بهم فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يومًا مثل هذا لنربينّ عليهم. فلمّا كان يوم فتح مكّة أنزل اللّه {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيرٌ للصّابرين} [النحل: 126] «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/484]


رد مع اقتباس