عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 11 جمادى الأولى 1435هـ/12-03-2014م, 01:21 AM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

هل نُسخ الاستغسال للعين بنزول المعوّذتين؟

قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (نسخ الاغتسال للعين ذكره الطحاوي في شرح مشكل الآثار احتمالاً في أول الأمر؛ ثم كأنه جزم به بعد ذلك لما ساق بعض الأدلة التي فيها الإرشاد إلى الرقية ومنها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت عليه المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما.

ففهم منه الطحاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الأمر بالاغتسال لذلك، وهذا القول غير صحيح لأمرين:
الأمر الأول: أن قوله وترك ما سواهما ظاهر من سياق الحديث أنه أراد التعويذات، ثم هو ليس بالترك التام؛ بدليل ما صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من تعويذات أخرى غير المعوذتين؛ كالتعويذة التي كان يعوذ بها الحسن والحسين، وتعويذة جبريل عليه السلام التي أولها: (أعوذ بكلمات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر...) ، وغيرها من التعويذات التي صحّت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يزل المسلمون يأخذون بها.
والأمر الثاني: أن جماهير العلماء على عدم النسخ، بل نصّ جماعة منهم على أن العائن إذا استغسل فيجب عليه أن يغسل ولو أن يُجبر على ذلك؛ كما ذكره المازري والنووي وابن عبد البر وابن حجر وغيرهم.
وأثر الزهري المشهور في صفة الاغتسال للعين وتداول العلماء له في كتبهم ونص الفقهاء في المذاهب الأربعة على وجوب غسل العائن كل ذلك دليل يقيني على عدم النسخ، وأن ما فهمه الطحاوي رحمه الله غير ظاهر من دلالة الحديث، ولذلك لم يذهب إليه أحد من الأئمة المعروفين فيما أعلم.
ثم إنّ الاغتسال علاج قد جعل الله له أثراً معلوما، وهو مما يدرك أثره بالتجربة ، ولم يزل الناس يعرفون أثر الاغتسال في أحوال كثيرة ويحفظ الناس من قصص الشفاء بسبب الاغتسال ما لا يكاد يُحصى كثرة، وهو في الأصل يكفي فيه الإذن مع ثبوت نفعه بالتجربة حتى لو لم يرد في السنة الأمر به؛ فكيف وقد صحّ فيه سنة نبوية مشهورة، وصحّ إلزام من استغسل بأن يغسل كما في صحيح مسلم وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا).
ولو كان الاغتسال غير نافع لنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما نهى عن كثير من الأمور التي لا تنفع مما كانت العرب تفعله في الجاهلية).


رد مع اقتباس