الموضوع: حتى
عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 20 ذو الحجة 1438هـ/11-09-2017م, 05:17 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

الباب الرابع: الحروف الرباعية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الرابع: الحروف الرباعية، ولما كان بعضها حرفًا محضًا وبعضها مشتركًا بين الأسماء والحروف وبعضها بين الكلم الثلاث كان هذا الباب ثلاثة أنواع أيضًا). [جواهر الأدب: 190]

النوع الأول الحروف المحضة قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول الحروف المحضة: وهي اثنا عشر حرفًا: "ألا" و"إلا" و"هلا" و"لولا" و"لما" و"أما" و"إمَّا" و"حتى" و"كان" و"كلا" و"لكن" مخففة و"لعل"، وعقدنا للبحث عنها فصولًا). [جواهر الأدب: 190]

الفصل الخامس: "حتى"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الخامس: من أنواع الحروف الرباعية المحضة "حتى": وهذيل وثقيف يقولون: "عتى"، وهي حرف بالاتفاق، وقياسها أن لا تعمل لدخولها على القبيلين، لكن حملت على إلى لإفادتها الغاية، وتقع على ثلاثة أنحاء:
ابتدائية: إذا دخلت على الجملة الاسمية، كقوله: و"حتى" الجياد ما يقدن بارسان، لمنع "الواو" عن جعلها عاطفة، ووروده مرفوعًا عن جعلها حرف جر، فتعين الاستئناف، والفعلية كقولك: كان سيرى "حتى" أدخلها، برفع أدخلها على أن "كان" تامة لا تحتاج إلى خبر، و"حتى" أدخلها كلام مستأنف لا تعلق له بما قبله.
وجارة "أما" للتعليل، ولا تجر حينئذٍ إلا مصدرًا مؤولًا به الفعل المنتصب بعدها "بأن" مضمرة، كقولك: فعلت الخير "حتى" احوز الأجر، ولهذا قال البصريون: إن انتصاب الفعل بعد "حتى" "بأن" مقدرة خلافًا للكوفيين؛ لأنها حرف جر وهو يختص بالأسماء، فإذا دخلت الفعل وجب تقدير حرف مصدري، ولا يمكن تقدير أن المشبهة لاختصاصها بالاسم أيضًا، ولا تقدير "ما"؛ لأن الفعل لا ينتصب بها ظاهرة، فكيف تنصبه مقدرة فتعين تقدير "أن"، وشرط هذه أن يكون ما بعدها مستقبلًا مترقبًا وقوعه بالنسبة إلى وقوع ما قبلها، وإن لم يكن مترقبًا وقت الإخبار، ولذلك جاز: سرت أمس "حتى" أدخل البلد، بالنصب؛ إذ الغرض هو الدخول عند ذلك السير، فلو كان الفعل الذي بعدها وسببه ماضيين، كقولك: سرت "حتى" أدخل الجنة، إذا كنت قد سرت ودخلت كأنك قلت: سرت فدخلتها، أو حالًا كقول: سرت "حتى" أدخلها وأنت في حال الدخول تعين رفع الفعل، وأن يكون سببًا لما قبلها، وكونها حرف استئناف لامتناع تقدير أن حينئذٍ، وإليه أشار بعضهم بقوله: فإن أردت الحال تحقيقًا أو حكاية كانت حرف ابتداء فترفع، وتجب السببية، ولاشتراط السببية حينئذٍ امتنع الرفع بعد الاستفهام إذا أفاد الشك في الفعل، فلا يقال: أسرت "حتى" تدخلها، لتعذر الحكم على المشكوك فيه بالسببية، فلو كان في الفاعل جاز، نحو: أي الرجال أحسن "حتى" يمدح؛ لأن تحقق السببية لا يتوقف على تحقق تعيين الفاعل، وبعد النفي، وفي معناه قلما، فلا يجوز: ما سرت "حتى" أدخلها؛ لانتفاء السبب.
وأما: للغاية والانتهاء "كإلى"، وتجر هذه ما تجره التعليلية بالشروط المذكورة نحو: سرت "حتى" تغيب الشمس، وتدخل الماضي كقوله تعالى: {حتى عفوا}، وقالوا: الاسم الصريح كقوله تعالى: {سلام هي حتى مطلع الفجر}، {ومتعناهم حتى حين}، أي: "إلى" حين، وبها قرأ عبد الله، وهذا الاسم الصريح على ضربين:
أحدهما: أن يكون آخر جزء لما قبلها ولا يكون إلا جنسًا أو جزءً منه، فيتصف بالدخول في الحكم أو القوة أو الضعف نحو: أكلت السمكة "حتى" رأسها، ودخل القوم "حتى" زيد، ومات الناس "حتى" الأنبياء، وقد الساقة "حتى" عاجزها، فيجب أن يكون لمجرور "حتى" مع ما قبلها تعلق من أحد هذه الجهات، ويجوز في مثل هذه الأمثلة مما صرح بذكر جمع ما بعدها أحد أجزائه أو جزئياته الاستئناف، وأوجبوا حذف الخبر تقديره: رأسها مأكول، ومنع بعضهم حذف الخبر هنا غير متجه لقيام القرينة والجر، أي: مع رأسها، والعطف أي: أكلت رأسها، ولم يحتج إلى تكرار الفعل اكتفاء بالأول، فلو ذكر كان تأكيدًا، فلو لم يصرح بذكره، كقوله تعالى: {ليسجننه حتى حين} فإنه يفهم منه أنه منتهي أحيان متعددة مفهومة غير مصرح بذكرها تعين الجر، ومنع الكسائي كون "حتى" عاملة بل العامل إلى مضمرة، قال: و"حتى" لا تكون حرف جر أبدًا، وإذا عملت لا تعمل إلا النصب، وقولك: ضربت القوم "حتى" زيد، تقديره: "حتى" انتهى إلى زيد، ورد بأنه لا معنى لها مع "حتى" مصرحة، فكذا مضمرة.
وثانيهما: أن يكون ما بعدها ملاقيًا آخر جزء مما قبلها، كقولك: نمت البارحة "حتى" الصباح، وفي دخول المجرور فيما بعدها خلاف، فالزمخشري حكم بالدخول مطلقًا حملًا على العاطفة، سواء كان آخر جزء أو ملاقيه، وإليه أشار في المفصل بقوله: فقد أكل الرأس، ونيم الصباح، وعليه العكبري وتبعه ابن الحاجب، وجوز ابن مالك الدخول وعده لآخر جزء كان أو ملاقيه، وعبد القاهر والرماني والأندلسي حكموا بالدخول فيما إذا كان آخر جزء كالعاطفة، وبعدمه في الملاقي بناء على أن "حتى" كالتفصيل لما قبلها، فإذا كان آخر جزء دخل في الإجمال فيدخل في التفضيل أيضًا، وإذا كان الملاقي لم يدخل في الإجمال فلم يدخل في التفصيل، وهو حسن لاشتراطهم أن ما بعد "حتى" يجب أن يكون حدًا، وطرفًا معينًا كما سيأتي، وليعلم أن "حتى" وإن شاركت إلى في إفادة الانتهاء لكن قد فارقتها في أمور:
الأول: اتحاد ما بعد "حتى" مع ما قبها في الجنسية، فيمتنع: ركب القوم خيولهم "حتى" الحمير، بخلاف "إلى" لصحة: سرت "إلى" البصرة، وهذا على مذهب الزمخشري لوجوب كون الداخل من جنس المدخول فيه، وأما عند ابن مالك فهي "كإلى"، وكذا عند عبد القاهر فيما إذا كان ما بعد "حتى" ملاقيًا آخر جز.
الثاني: أن ما بعد "حتى" يجب أن يكون إمَّا آخر جزء أو ملاقيًا آخر جزء كما سلف، فلا يقال: أكلت السمكة "حتى" نصفها.
قال الزمخشري: لأن الفعل المعدى بها الغرض منه أن ينقضي ما تعلق به شيئًا فشيئًا "حتى" يأتي عليه، فحصول الغرض موقوف على ذلك، ولهذا وجب أن يكون ما بعد "حتى" جمعًا إمَّا مصرحًا أو مقدرًا، فيصح: قام زيد "إلى" عمرو دون "حتى".
قال العكبري: وعلة ذلك أن "حتى" تدل على بلوغ الفعل غايته، ولفظ الواحد لا يتناول أكثر منه، بحيث يجوز تخصيصه ببعضه بخلاف لفظ الجمع، فإنه جاز أن يضاف الفعل إلى القوم، ولا يراد دخول زيد فيهم لعظمة أو حقارة، فإذا جئت "بحتى" أزلت هذا الجواز وتنزلت "حتى" منزلة التوكيد المانع من التخصيص.
وثالثها: أن "حتى" لا تقع مع مجرورها خبرًا عن مبتدأ لامتناع دخول الخبر في المبتدأ كونه آخر جزء أو ملاقية.
قال الفاضل الإسفرائيني: ولا تستعمل على الاستقرار إلا في نحو: كان سيري "حتى" أدخلها، بالنصب، فيجوز: سيري "إلى" بغداد، ولا يجوز: "حتى" بغداد.
قال الرضي: المراد بالمستقر ما يتعلق بمقدر.
ورابعها: أن "حتى" تختص بالمظهر، فلا يقال: "حتاه" أو "حتاك"، قالوا: لئلا تختلط الضمائر؛ لأن ما بعد "حتى" يقع مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا، وقال بعضهم: لو دخلت على الضمير لزم أحد الأمرين: إمَّا قلب "الفاء" "ياء" وهو ممتنع لتوقفه على النقل، ولم يسمع فامتنع التصرف، وإمَّا عدم القلب وهو أيضًا ممتنع للزوم مخالفة سائر الحروف عند إضافتها إلى الضمير "كإلى" و"على"، وأحسن منهما أن ما بعد "حتى" لما وجب أن يكون آخر جزءً أو ملاقيًا آخر جزءٍ والضمير كناية عن السابق، فلو دخلت على الضمير لزم أن يكون رأس السمكة كلها، والصباح كل البارحة، وهو محال، وأجازه المبرد متمسكًا بالقياس على "إلى"، وبقوله:
وأكفيه ما يخشى وأعطيه سؤله .... وألحقه بالقوم حتاه لاحق
وأجيب عن القياس بالفرق لقوة إلى وأصالتها وضعف "حتى" وفرعيتها، وعن السماع بأن الضمير مرفوع منفصل حذف "الواو" منه للضرورة، وأما في قوله:
فلا والله لا يلقى أناس .... فتى حتاك يا ابن أبي زياد
فلا اعتداد به لشذوذه وعاطفة، وهي كالجارة في دخولها على المفرد المظهر، فتسحب إليه حكم المعطوف عليه، ولابد أن يكون الحكم هنا إمَّا القوة والصعود أو الضعف والنزول، سواء أفاد مع ذلك كون المعطوف آخر أجزاء المعطوف عليه الحسية، كرأس السمكة، أو آخر جزئي نسب إليه جنسه، فعلم مما حققناه أن منع الخلو في الجارة بين أربعة أشياء، وفي العاطفة بين شيئين، وعلم أيضًا أن ما بعد العاطفة والغائية يجب أن يكون طرفًا وحدا لما قبله، ولهذا التزموا أن يكون موقتًا معينًا فيهما، فلا يقال: جاءني القوم "حتى" رجل، لا عطفًا ولا جرًا؛ لأنه حد بلا فائدة تجوز في إبهامه.

تنبيه: فلو عطفت بها على مجرور وجب رد الجار نحو: مررت بالقوم "حتى" بزيد، لئلا تلتبس بالجارة.
قال الرضي: هذا إذا عطفت بها الاسم، فلو عطفت جملة على جملة كقولهم: نظرت إليه "حتى" أبصرته، جاز الاستئناف أيضًا، قلت: كأنه أطلق الجملة هنا على المصرح بطرفيه، وإلا فهي في مثل: قدم الحاج "حتى" المشاة، داخلة على جملة أيضًا تقديرها: "حتى" قدم المشاة، وإن كان في اللفظ مفردًا، ولهذا أفادت ما أفادته "الواو" من التشريك مع زيادة، وهي الغائية، وهذا غاية ما يحقق في هذا الفصل، فتأمله مستقصيًا منصفًا). [جواهر الأدب: 198 - 202]


رد مع اقتباس