عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:11 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وقال الحسن في قول الله: {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس}، قال: كنتم خير الناس للناس). [الجامع في علوم القرآن: 2/49]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا إسرائيل عن سماك بن جرير عن سعيد بن جبير ابن عباس في قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس قال هم الذين هاجروا مع محمد إلى المدينة). [تفسير عبد الرزاق: 1/130]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه سمع النبي يقول في قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس قال أنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله تعالى.
- معمر وقال الكلبي أنتم خير الناس للناس). [تفسير عبد الرزاق: 1/130]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110]
- حدّثنا محمّد بن يوسف، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس، قال: «خير النّاس للنّاس تأتون بهم في السّلاسل في أعناقهم، حتّى يدخلوا في الإسلام»). [صحيح البخاري: 6/37-38]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس)
ذكر فيه حديث أبي هريرة في تفسيرها غير مرفوع وقد تقدم في أواخر الجهاد من وجهٍ آخر مرفوعًا وهو يردّ قول من تعقّب البخاريّ فقال هذا موقوفٌ لا معنى لإدخاله في المسند
- قوله سفيان هو الثّوريّ قوله عن ميسرة هو بن عمّارٍ الأشجعيّ كوفيٌّ ثقةٌ ما له في البخاريّ سوى هذا الحديث وآخر تقدّم في بدء الخلق ويأتي في النّكاح وشيخه أبو حازم بمهملة ثمّ زاي هو سليمان الأشجعيّ وقوله خير النّاس للنّاس أي خير بعض النّاس لبعضهم أي أنفعهم لهم وإنّما كان ذلك لكونهم كانوا سببًا في إسلامهم وبهذا التّقرير يندفع تعقب من زعم بأنّ التّفسير المذكور ليس بصحيحٍ وروى بن أبي حاتمٍ والطّبريّ من طريق السّدّيّ قال: قال عمر لو شاء اللّه لقال أنتم خير أمّةٍ فكنّا كلّنا ولكن قال كنتم فهي خاصّةٌ لأصحاب محمّدٍ ومن صنع مثل صنيعهم وهذا منقطعٌ وروى عبد الرّزّاق وأحمد والنّسائيّ والحاكم من حديث بن عبّاسٍ بإسنادٍ جيّدٍ قال هم الّذين هاجروا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهذا أخصّ من الّذي قبله وللطّبرانيّ من طريق بن جريج عن عكرمة قال نزلت في بن مسعودٍ وسالمٍ مولى أبي حذيفة وأبيّ بن كعبٍ ومعاذ بن جبلٍ وهذا موقوفٌ فيه انقطاعٌ وهو أخصّ ممّا قبله وروى الطّبريّ من طريق مجاهدٍ قال معناه على الشّرط المذكور تأمرون بالمعروف إلخ وهذا أعمّ وهو نحو الأوّل وجاء في سبب هذا الحديث ما أخرجه الطّبريّ وبن أبي حاتمٍ من طريق عكرمة قال كان من قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا ولا هذا في بلاد هذا فلمّا كنتم أنتم أمن فيكم الأحمر والأسود ومن وجهٍ آخر عنه قال لم تكن أمّةٌ دخل فيها من أصناف النّاس مثل هذه الأمّة وعن أبيّ بن كعبٍ قال لم تكن أمّةٌ أكثر استجابةٍ في الإسلام من هذه الأمّة أخرجه الطّبريّ بإسنادٍ حسنٍ عنه وهذا كلّه يقتضي حملها على عموم الأمّة وبه جزم الفرّاء واستشهد بقوله واذكروا إذ أنتم قليل وقوله واذكروا إذ كنتم قليلا قال وحذف كان في مثل هذا وإظهارها سواءٌ وقال غيره المراد بقوله كنتم في اللّوح المحفوظ أو في علم اللّه تعالى ورجّح الطّبريّ أيضًا حمل الآية على عموم الأمّة وأيّد ذلك بحديث بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جدّه سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في هذه الآية كنتم خير أمة أخرجت للنّاس قال أنتم متمّون سبعين أمّةٍ أنتم خيرها وأكرمها على اللّه وهو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ أخرجه التّرمذيّ وحسنه وبن ماجه والحاكم وصحّحه وله شاهدٌ مرسلٌ عن قتادة عند الطّبريّ رجاله ثقاتٌ وفي حديث عليٍّ عند أحمد بإسنادٍ حسنٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال وجعلت أمّتي خير الأمم). [فتح الباري: 8/224-225]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (7 - (بابٌ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} (آل عمران: 110)

أي: هذا باب في قوله تعالى: (كنتم خير أمة) أي: وجدتم خير أمة وقيل: كنتم في علم الله خير أمة. وقيل: كنتم في الأمم قبلكم مذكورين بأنكم خير أمة موصوفين به وروى عبد بن حميد عن ابن عبّاس: هم الّذين هاجروا مع النّبي صلى الله عليه وسلم. وروى الطّبريّ عن السّديّ، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو شاء الله عز وجل لقال: أنتم خير أمة، ولو قال لكنا كلنا ولكن هذا خاص بالصحابة ومن صنع مثل ما صنعوا كانوا خير أمة وقال الواحدي: إن رؤوس اليهود، وعدد منهم جماعة منهم ابن صوريا، عمدوا إلى مؤمنيهم، عبد الله بن سلام وأصحابه، فآذوهم لإسلامهم، فنزلت وقال مقاتل: نزلت في أبي ومعاذ وابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وذلك أن مالك بن الضّيف ووهب بن يهودا قالا للمسلمين ديننا خير ممّا تدعوننا إليه ونحن خير، وأوصل منكم فنزلت. ويقال: هذا الخطاب للصحابة وهو يعم سائر الأمة قوله: (أخرجت) قال الزّمخشريّ أي: أظهرت. قوله: (للنّاس) يعني: خير النّاس للنّاس، والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع النّاس للنّاس، ولهذا قال: (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وهذا هو الشّرط في هذه الخيريّة وقال الزّمخشريّ: تأمرون، كلام مستأنف بيّن به كونهم خير أمة.

- حدّثنا محمّد بن يوسف عن سفيان عن ميسرة عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال خير النّاس للنّاس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتّى يدخلوا في الإسلام.

مطابقته للتّرجمة ظاهرة. ومحمّد بن يوسف أبو أحمد البخاريّ البيكندي، وسفيان هو الثّوريّ، وميسرة ضد الميمنة ابن عمار الأشجعيّ الكوفي، وماله في البخاريّ سوى هذا الحديث وآخر تقدم في بدء الخلق، وأبو حازم بالحاء المهملة والزّاي هو سلمان الأشجعيّ. والحديث أخرجه النّسائيّ أيضا في التّفسير عن محمّد بن عبد الله المخزومي.
قوله: (خير النّاس) ، أي: خير بعض النّاس لبعضهم وأنفعهم لهم من يأتي بأسير مقيّد في السلسلة إلى دار الإسلام فيسلم، وإنّما كان خيرا لأنّه بسببه صار مسلما، وحصل أصله جميع السعادات الدنياوية والأخراوية). [عمدة القاري: 18/148]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (7 - باب {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({كنتم خير أمة أخرجت للناس}) [آل عمران: 110]. قيل كان ناقصة على بابها فتصلح للانقطاع نحو: كان زيد قائمًا، وللدوام نحو: {وكان الله غفورًا رحيمًا} فهي بمنزلة لم يزل وهذا بحسب القرائن فقوله: {كنتم خير أمة} لا يدل على أنهم لم يكونوا خيرًا فصاروا خيرًا أو انقطع ذلك عنهم، وقال في الكشاف: كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض على سبيل الإبهام وليس فيه دليل على عدم سابق ولا على انقطاع طارئ ومنه قوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيمًا} و {كنتم خير أمة} كأنه قيل وجدتم خير أمة. قال أبو حبان: قوله لم يدل على عدم سابق هذا إذا لم تكن بمعنى صار فإذا كانت بمعنى صار دلت على عدم سابق.
فإذا قلت: كان زيد عالمًا بمعنى صار زيد عالمًا دلت على أنه انتقل من حالة الجهل إلى حالة العلم؛ وقوله ولا على انقطاع طارئ قد سبق أن الصحيح أنها كسائر الأفعال يدل لفظ المضي منها على الانقطاع، ثم قد يستعمل حيث لا انقطاع، وفرق بين الدلالة والاستعمال ألا ترى أنك تقول هذا اللفظ يدل على العموم ثم قد يستعمل حيث لا يراد العموم بل يزاد الخصوص، وقوله: كأنه قيل وجدتم خير أمة بدل على أنها التامة وأن خبر أمة حال، وقوله: وكان الله غفورًا رحيمًا، لا شك أنها الناقصة فتعارضا.
وأجاب أبو العباس الحلبي: بأنه لا تعارض لأن هذا تفسير معنى لا تفسير إعراب، وقيل إن كان هنا تامة بمعنى وجدتم وحينئذ فخير أمة نصب على الحال، وقيل زائدة أي أنتم خير أمة، والخطاب للصحابة وهذا مرجوح أو غلط لأنها لا تزاد أولًا، وقد نقل ابن مالك الاتفاق عليه، وقيل الخطاب لجميع الأمة أي كنتم في علم الله، وقيل في اللوح المحفوظ.
وعن ابن عباس فيما رواه أحمد في مسنده والنسائي في سننه والحاكم في مستدركه قال: هم الذين هاجروا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، والصحيح كما قاله ابن كثير العموم في جميع الأمة كل قرن بحسبه وخير قرونهم الذين بعث فيهم صلّى اللّه عليه وسلّم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، وفي سنن ابن ماجه ومستدرك الحاكم وحسنه الترمذي عن معاوية بن حيدة مرفوعًا: أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عز وجل.
- حدّثنا محمّد بن يوسف، عن سفيان عن ميسرة عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110] قال: خير النّاس للنّاس تأتون بهم في السّلاسل، في أعناقهم حتّى يدخلوا في الإسلام.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي (عن سفيان) الثوري (عن ميسرة) ضد الميمنة ابن عمار الأشجعي (عن أبي هريرة رضي الله عنه) في قوله تعالى: ({كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: خير الناس للناس) أي خير بعض الناس لبعضهم أي أنفعهم لهم، وإنما كان كذلك لأنكم (تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام) فهم سبب في إسلامهم وقول الزركشي وغيره قيل ليس هذا التفسير بصحيح ولا معنى لإدخاله في المسند لأنه لم يرفعه ليس بصحيح بل إساءة أدب لا ينبغي ارتكاب مثلها، وقد تقدم من وجه آخر في أواخر الجهاد مرفوعًا بلفظ: عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل يعني الأسارى الذين يقدم بهم أهل الإسلام في الوثاق والأغلال والقيود ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح سرائرهم وأعمالهم فيكونون من أهل الجنة.
وهذا الحديث أخرجه النسائي في التفسير). [إرشاد الساري: 7/61-62]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا عبد بن حميدٍ، قال: حدّثنا عبد الرّزّاق، عن معمرٍ، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه، أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: أنتم تتمّون سبعين أمّةً أنتم خيرها وأكرمها على الله هذا حديثٌ حسنٌ، وقد روى غير واحدٍ هذا الحديث عن بهز بن حكيمٍ نحو هذا، ولم يذكروا فيه {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} ). [سنن الترمذي: 5/76]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}
- أخبرنا محمّد بن عبد الله بن المبارك، حدّثنا أبو داود الحفريّ، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة، قال: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110] قال: نحن خير النّاس للنّاس، نجيء بهم الأغلال في أعناقهم، فندخلهم في الإسلام "
[السنن الكبرى للنسائي: 10/48]
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، حدّثنا عمرٌو، حدّثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في قول الله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110] قال: هم الّذين هاجروا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة "). [السنن الكبرى للنسائي: 10/49]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}
اختلف أهل التّأويل في قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} فقال بعضهم: هم الّذين هاجروا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، من مكّة إلى المدينة، وخاصّةً من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عمرو بن حمّادٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال في: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: هم الّذين خرجوا معه من مكّة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن عطيّة، عن قيسٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: هم الّذين هاجروا من مكّة إلى المدينة.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} قال عمر بن الخطّاب: لو شاء اللّه لقال أنتم، فكنّا كلّنا، ولكن قال: {كنتم} في خاصّةٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن صنع مثل صنيعهم، كانوا خير أمّةٍ أخرجت للنّاس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، قال: قال ابن جريجٍ: قال عكرمة: نزلت في ابن مسعودٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، وأبيّ بن كعبٍ، ومعاذ بن جبلٍ.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه قال عمر: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: تكون لأوّلنا، ولا تكون لآخرنا.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماك بن حربٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: هم الّذين هاجروا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ عمر بن الخطّاب قال في حجّةٍ حجّها ورأى من النّاس رعةً سيّئةً، فقرأ هذه: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} الآية، ثمّ قال: يا أيّها النّاس من سرّه أن يكون من تلك الأمّة، فليؤدّ شرط اللّه منها.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، في قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: هم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خاصّةً، يعني وكانوا هم الرّواة الدّعاة الّذين أمر اللّه المسلمين بطاعتهم
وقال آخرون: معنى ذلك: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس، إذ كنتم بهذه الشّروط الّتي وصفهم جلّ ثناؤه بها، فكان تأويل ذلك عندهم: كنتم خير أمّةٍ تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتؤمنون باللّه أخرجوا للنّاس في زمانكم.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} يقول: على هذا الشّرط أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا باللّه، يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله: {ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين}.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: يقول: كنتم خير النّاس للنّاس، على هذا الشّرط أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا باللّه، يقول لمن بين ظهريه كقوله: {ولقد اخترناهم على علمٍ على العالمين}.
- وحدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن ميسرة، عن أبي حازمٍ، عن أبي هريرة: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: كنتم خير النّاس للنّاس، تجيئون بهم في السّلاسل، تدخلونهم في الإسلام.
- حدّثنا عبيد بن أسباطٍ، قال: حدّثنا أبي، عن فضيل بن مرزوقٍ، عن عطيّة، في قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: خير النّاس للنّاس.
وقال آخرون: إنّما قيل: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} لأنّهم أكثر الأمم استجابةً للإسلام.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثت عن عمّار بن الحسن، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} قال: لم تكن أمّةٌ أكثر استجابةٍ في الإسلام من هذه الأمّة فمن ثمّ قال: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس}.
وقال بعضهم: عنى بذلك أنّهم كانوا خير أمّةٍ أخرجت للنّاس.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} قال: قد كان ما تسمع من الخير في هذه الأمّة.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعدٌ، عن قتادة، قال: كان الحسن يقول: نحن آخرها وأكرمها على اللّه
قال أبو جعفرٍ: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قال الحسن.وذلك أنّ: يعقوب بن إبراهيم.
- حدّثني قال: حدّثنا ابن عليّة، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ألا إنّكم وفّيتم سبعين أمّةٍ أنتم آخرها وأكرمها على اللّه.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن بهز بن حكيمٍ، عن أبيه، عن جدّه أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} قال: أنتم تتمّون سبعين أمّةٍ أنتم خيرها وأكرمها على اللّه.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: ذكر لنا أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ذات يومٍ، وهو مسندٌ ظهره إلى الكعبة: نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمّةٍ نحن آخرها وخيرها.
وأمّا قوله: {تأمرون بالمعروف} فإنّه يعني: تأمرون بالإيمان باللّه ورسوله، والعمل بشرائعه {وتنهون عن المنكر} يعني: وتنهون عن الشّرك باللّه، وتكذيب رسوله، وعن العمل بما نهى عنه.
- كما: حدّثنا عليّ بن داود، قال: حدّثنا عبد اللّه بن صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} يقول: تأمرونهم بالمعروف أن يشهدوا أن لا إله إلاّ اللّه، والإقرار بما أنزل اللّه، وتقاتلونهم عليه، ولا إله إلاّ اللّه هو أعظم المعروف، وتنهونهم عن المنكر، والمنكر: هو التّكذيب، وهو أنكر المنكر
وأصل المعروف: كلّ ما كان معروفًا فعله جميلٌ مستحسنٌا غير مستقبلٍ في أهل الإيمان باللّه. وإنّما سمّيت طاعة اللّه معروفًا؛ لأنّه ممّا يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله، وأصل المنكر ما أنكره اللّه، ورأوه قبيحًا فعله، ولذلك سمّيت معصية اللّه منكرًا، لأنّ أهل الإيمان باللّه يستنكرون فعلها، ويستعظمون ركوبها.
وقوله: {وتؤمنون باللّه} يعني: تصدّقون باللّه، فتخلصون له التّوحيد والعبادة.
فإن سأل سائلٌ فقال: وكيف قيل: {كنتم خير أمّةٍ} وقد زعمت أنّ تأويل الآية أنّ هذه الأمّة خير الأمم الّتي مضت، وإنّما يقال: كنتم خير أمّةٍ، لقومٍ كانوا خيارًا فتغيّروا عمّا كانوا عليه؟
قيل: إنّ معنى ذلك بخلاف ما ذهبت إليه، وإنّما معناه: أنتم خير أمّةٍ، كما قيل: {واذكروا إذ أنتم قليلٌ}، وقد قال في موضعٍ آخر: {واذكروا إذ كنتم قليلاً فكثّركم} فإدخال كان في مثل هذا وإسقاطها بمعنًى واحدٍ، لأنّ الكلام معروفٌ معناه.
ولو قال أيضًا في ذلك قائلٌ: كنتم بمعنى التّمام، كان تأويله: خلقتم خير أمّةٍ، أو وجدتم خير أمّةٍ، كان معنًى صحيحًا.
وقد زعم بعض أهل العربيّة أنّ معنى ذلك: كنتم خير أمّةٍ عند اللّه في اللّوح المحفوظ أخرجت للنّاس.
والقولان الأوّلان اللّذان قلنا أشبه بمعنى الخبر الّذي رويناه قبل.
وقال آخرون معنى ذلك: كنتم خير أهل طريقةٍ، وقال: الأمّة الطّريقة). [جامع البيان: 5/671-677]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرًا لهم، منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}.
يعني بذلك تعالى ذكره: ولو صدّق أهل التّوراة والإنجيل من اليهود والنّصارى بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، وما جاءهم به من عند اللّه، لكان خيرًا لهم عند اللّه في عاجل دنياهم، وآجل آخرتهم {منهم المؤمنون} يعني من أهل الكتاب من اليهود والنّصارى، المؤمنون المصدّقون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فيما جاءهم به من عند اللّه، وهم عبد اللّه بن سلامٍ وأخوه، وثعلبة بن سعية وأخوه، وأشباههم ممّن آمنوا باللّه، وصدّقوا برسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، واتّبعوا ما جاءهم به من عند اللّه {وأكثرهم الفاسقون} يعني: الخارجون عن دينهم، وذلك أنّ من دين اليهود اتّباع وبما في التّوراة، والتّصديق بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ومن دين النّصارى اتّباع ما في الإنجيل، والتّصديق به وبما في التّوراة، وفي كلا الكتابين صفة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ونعته، ومبعثه، وأنّه نبيّ اللّه، وكلتا الفرقتين، أعني اليهود والنّصارى مكذّبةٌ، فذلك فسقهم وخروجهم عن دينهم الّذي يدّعون أنّهم يدينون به الّذي قال جلّ ثناؤه {وأكثرهم الفاسقون}.
وقال قتادة.بما:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} ذمّ اللّه أكثر النّاس). [جامع البيان: 5/677-678]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله تعالى: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للناس
[الوجه الأول]
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع، أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ معمر، عن بهز بن حكيم عن أبيه ، عن أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول في قوله: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: أنتم تتمّون سبعين أمّةً أنتم خيرها وأكرمها على اللّه.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرزاق ، أنبأ إسرائيل عن سماكٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: هم الّذين هاجروا مع محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى المدينة، وروي عن سعيد بن جبيرٍ نحو ذلك.
والوجه الثّالث:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا عبد اللّه، عن إسرائيل، عن السّدّيّ، عمّن حدّثه عن عمر: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: تكون لأوّلنا ولا تكون لآخرنا.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن المفضّل، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: قال عمر بن الخطّاب:
لو شاء اللّه تعالى لقال: أنتم فكنّا كلّنا ولكن قال: كنتم في خاصّة أصحاب محمّدٍ ومن صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمّةٍ أخرجت للنّاس.
والوجه الرّابع:
- حدّثنا أبي، ثنا قبيصة، ثنا سفيان، عن ميسرة يعني: ابن عمّارٍ وليس بابن حبيبٍ، عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال:
خير النّاس للنّاس يجاء بهم وفي أعناقهم السّلاسل حتّى يدخلهم في الإسلام.
- حدّثنا أبي، ثنا القاسم بن محمّد بن الحارث، ثنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، عن الحسين بن واقدٍ، عن يزيد النّحويّ عن عكرمة كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: خير النّاس للنّاس كان قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا، ولا هذا في بلاد هذا، فكلّما كنتم أمن فيكم الأحمر والأسود، وأنتم خير النّاس للنّاس
وروي عن ابن عبّاسٍ ومجاهدٍ والرّبيع بن أنسٍ، وعطاءٍ، وعطيّة أنّهم قالوا: خير النّاس للنّاس.
والوجه الخامس:
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه، عن الرّبيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعبٍ قوله: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: لم تكن أمّةٌ أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمّة فمن ثمّ قال:
كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس
والوجه السّادس:
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أحمد بن صبيحٍ الكوفيّ، ثنا عنبسة العابد، عن جابرٍ عن أبي جعفرٍ كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: خير أهل بيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
الوجه السّابع:
- ذكر عن عبيد اللّه بن موسى، عن عيسى بن موسى، عن عطيّة:
كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: خير النّاس للنّاس شهدتم للنّبيّين الّذين كفر بهم قومهم بالبلاغ.
والوجه الثّامن:
- حدّثنا أبي أنبأ مالك بن إسماعيل، ثنا زهيرٌ، ثنا خصيفٌ، عن عكرمة في قوله: كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس قال: لم تكن أمّةٌ دخل فيها من أصناف النّاس غير هذه الأمّة.
قوله تعالى: تأمرون بالمعروف
- حدّثنا أبي، ثنا أبو صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، يعني قوله: تأمرون بالمعروف يقول:
تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، والا قرار بما أنزل اللّه ويقاتلونهم عليه، ولا إله إلا لله أعظم المعروف.
وروي عن أبي العالية قال: التوحيد.
قوله تعالى: وتنهون عن المنكر وتؤمنون باللّه
- وبه عن ابن عبّاسٍ، يعني قوله: وتنهون عن المنكر والمنكر: هو التّكذيب وهو أنكر المنكر.
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه، حدّثني عبد اللّه، حدّثني عطاءٌ عن سعيد بن جبيرٍ قوله: وتؤمنون باللّه يعني: تصدّقون توحيد اللّه.
قوله تعالى: ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا محمّد بن العلاء، ثنا عثمان بن سعيدٍ، ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روقٍ عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ قوله: آمن قال صدّق.
قوله تعالى: منهم المؤمنون
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان، عن قتادة قوله: منهم المؤمنون قال: استثنى اللّه منهم ثلاثةً كانوا على الهدى والحقّ.
قوله تعالى: وأكثرهم الفاسقون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: وأكثرهم الفاسقون قال: ذمّ اللّه أكثر النّاس.
قوله تعالى: الفاسقون
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى، حدّثني عبد اللّه، حدّثني عطاءٌ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: الفاسقون يعني هم العاصون). [تفسير القرآن العظيم: 2/731-734]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس يقول أنتم خير الناس للناس). [تفسير مجاهد: 133]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم وتنهون عن المنكر قال عن الشرك). [تفسير مجاهد: 133]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (أخبرنا أبو عبد اللّه محمّد بن عبد اللّه الزّاهد الأصبهانيّ، ثنا أحمد بن مهران الأصبهانيّ، ثنا عبيد اللّه بن موسى، أنبأ إسرائيل، عن سماك بن حربٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، في قوله عزّ وجلّ " {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110] قال: هم الّذين هاجروا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم من مكّة إلى المدينة «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يخرجاه» ). [المستدرك: 2/323]
قال أبو السعادات المبارك بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري (ت: 606هـ) : ( (ت) بهز بن حكيم - رضي الله عنه - عن أبيه عن جده أنه سمع النبيّ - صلى الله عليه وسلم- يقول في قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للناس} [آل عمران: 110] قال: «أنتم تتمّون سبعين أمّة، أنتم خيرها، وأكرمها على الله». أخرجه الترمذي). [جامع الأصول: 2/69]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس} [آل عمران: 110].
- «عن ابن عبّاسٍ في قوله عزّ وجلّ: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [آل عمران: 110]، قال: هم الّذين هاجروا مع محمّدٍ، صلّى اللّه عليه وسلّم».
رواه أحمد والطّبرانيّ، ورجال أحمد رجال الصّحيح). [مجمع الزوائد: 6/327]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (وقال الحارث بن محمّد بن أبي أسامة: ثنا الحسن بن قتيبة، ثنا إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ- رضي اللّه عنهما- "في قوله عزّ وجلّ: (كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال: هم الّذين هاجروا من مكّة إلى المدينة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم) . هذا إسناد ضعيف؟ لضعف الحسن.
- وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا أحمد بن مفضّلٍ، عن أسباطٍ، عن السّدّيّ، عن عبد خيرٍ، عن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- قال: "ما كنت أرى أحدًا من أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يريد الدنيا حتى نزلت قوله تعالى (منكم من يريد الدّنيا ومنكم من يريد الآخرة) ). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/191]
قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (وقال الحارث: حدثنا الحسن بن قتيبة، ثنا إسرائيل عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: {كنتم خير أمّةٍ أخرجت للنّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}، هم الّذين هاجروا إلى المدينة). [المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية: 14/550]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 110 - 112
أخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد والفريابي وأحمد والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: قال عمر بن الخطاب: لو شاء الله لقال: أنتم، فكنا كلنا ولكن قال {كنتم} في خاصة أصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم كانوا {خير أمة أخرجت للناس}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي عمن حدثه عن عمر في قوله {كنتم خير أمة} قال: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن عكرمة في الآية قال: نزلت في ابن مسعود وعمار بن يسار وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية
{كنتم خير أمة أخرجت للناس} الآية، ثم قال: يا أيها الناس من سره أن يكون من تلكم الأمة فليؤد شرط الله منها.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} يقول: على هذا الشرط، أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله، يقول: لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) (الدخان الآية 32).
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد والبخاري والنسائي، وابن جرير، وابن المنذرو ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام.
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: خير الناس للناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال: لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من هذه الأمة فمن ثم قال {كنتم خير أمة أخرجت للناس}.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن معاوية بن حيدة أنه سمع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله.
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة: نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرها.
وأخرج أحمد بسند حسن، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء: نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتي خير الأمم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر {كنتم خير أمة أخرجت للناس} قال: أهل بيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن عطية في الآية قال: خير الناس للناس، شهدتم للنبيين الذين كذبهم قومهم بالبلاغ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال: لم تكن أمة دخل فيها من أصناف الناس غير هذه الأمة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف} يقول: تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله والإقرار بما أنزل الله ويقاتلونهم عليه، ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف وتنهونهم عن المنكر والمنكر هو التكذيب وهو أنكر المنكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {منهم المؤمنون} قال: استثنى الله منهم ثلاثة كانوا على الهدى والحق.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وأكثرهم الفاسقون} قال: ذم الله أكثر الناس). [الدر المنثور: 3/724-730]

تفسير قوله تعالى: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: لن يضرّكم يا أهل الإيمان باللّه ورسوله، هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب بكفرهم، وتكذيبهم نبيّكم محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم شيئًا إلاّ أذًى، يعني بذلك ولكنّهم يؤذونكم بشركهم، وإسماعكم كفرهم، وقولهم في عيسى وأمّه وعزيرٍ، ودعائهم إيّاكم إلى الضّلالة، ولا يضرّونكم بذلك.
وهذا من الاستثناء المنقطع الّذي هو مخالفٌ معنى ما قبله، كما قيل ما اشتكى شيئًا إلاّ خيرًا، وهذه كلمةٌ محكيّةٌ عن العرب سماعًا.
وبنحو ما قلنا في ذلك، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى} يقول: لن يضرّوكم إلاّ أذًى تسمعونه منهم.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى} قال: أذًى تسمعونه منهم.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى} قال: إشراكهم في عزيرٍ وعيسى والصّليب.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، عن عبّادٍ، عن الحسن، في قوله: {لن يضرّوكم إلاّ أذًى} الآية، قال: تسمعون منهم كذبًا على اللّه، يدعونكم إلى الضّلالة). [جامع البيان: 5/678-679]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن يقاتلكم أهل الكتاب من اليهود والنّصارى، يهزموا عنكم، فيولّوكم أدبارهم انهزامًا.
فقوله: {يولّوكم الأدبار} كنايةٌ عن انهزامهم؛ لأنّ المنهزم يحوّل ظهره إلى جهة الطّالب هربًا إلى ملجأٍ، وموئلٍ يئل إليه منه، خوفًا على نفسه، والطّالب في أثره، فدبر المطلوب حينئذٍ يكون محاذي وجه الطّالب الهازمة.
{ثمّ لا ينصرون} يعني: ثمّ لا ينصرهم اللّه أيّها المؤمنون عليكم لكفرهم باللّه ورسوله، وإيمانكم بما آتاكم نبيّكم محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ لأنّ اللّه عزّ وجلّ قد ألقى الرّعب في قلوبهم فايدكم أيّها المؤمنون بنصركم. وهذا وعدٌ من اللّه تعالى ذكره نبيّه محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وأهل الإيمان نصرهم على الكفرة من أهل الكتاب.
وإنّما رفع قوله: {ثمّ لا ينصرون} وقد جزم قوله: {يولّوكم الأدبار} على جواب الجزاء ائتنافًا للكلام؛ لأنّ رءوس الآيات قبلها بالنّون، فألحق هذه بها، كما قال: {ولا يؤذن لهم فيعتذرون} رفعًا، وقد قال في موضعٍ آخر: {لا يقضى عليهم فيموتوا} إذ لم يكن رأس آيةٍ). [جامع البيان: 5/680]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لن يضرّوكم إلّا أذًى وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون (111)
قوله تعالى: لن يضرّوكم إلا أذًى وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، أنبأ أبو بكرٍ الحنفيّ، ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون فقال: يسمعون كذباً على اللّه يدعوكم إلى الضّلالة. وروي عن قتادة والرّبيع نحو ذلك.
- أخبرنا عليّ بن المبارك فيما كتب إليّ، ثنا زيد بن المبارك، ثنا ابن ثورٍ عن ابن جريجٍ: لن يضرّوكم إلا أذًى قال: إشراكهم في عزيرٍ وعيسى والصّليب). [تفسير القرآن العظيم: 2/734-735]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة في قوله {لن يضروكم إلا أذى} قال: تسمعونه منهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {لن يضروكم إلا أذى} قال: اشراكهم في عزير وعيسى والصليب.
وأخرج عن الحسن {لن يضروكم إلا أذى} قال: تسمعون منهم كذبا على الله يدعونكم إلى الضلالة). [الدر المنثور: 3/724-730]

تفسير قوله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى إلا بحبل من الله وحبل من الناس قال بعهد من الله وعهد من الناس). [تفسير عبد الرزاق: 1/130]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا يوسف بن عديٍّ، قال: ثنا رشدين بن سعدٍ، عن يونس بن يزيد، عن عطاءٍ الخراساني في قول اللّه عزّ وجلّ: {بحبلٍ من الله وحبلٍ من الناس} قال: عهدٌ من اللّه وعهدٌ من النّاس). [جزء تفسير عطاء الخراساني: 102]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس وبآءوا بغضبٍ من اللّه وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}
يعني بقوله جلّ ثناؤه {ضربت عليهم الذّلّة} ألزموا الذّلّة، والذّلّة: الفعلة من الذّلّ.
وقد بيّنّا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع.
{أينما ثقفوا} [الأحزاب] يعني: حيثما لقوا، يقول جلّ ثناؤه: ألزم اليهود المكذّبون بمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الذّلّة أينما كانوا من الأرض، وبأيّ مكانٍ كانوا من بقاعها من بلاد المسلمين والمشركين، إلاّ بحبلٍ من اللّه، وحبلٍ من النّاس.
- كما: حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا هوذة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن الحسن، في قوله: {ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس وضربت عليهم المسكنة} قال: أدركتهم هذه الأمّة، وإنّ المجوس لتجبيهم الجزية.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قل: حدّثنا عبّادٌ، عن الحسن، في قوله: {ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} قال: أذلّهم اللّه فلا منعة لهم وجعلهم اللّه تحت أقدام المسلمين.
وأمّا الحبل الّذي ذكره اللّه في هذا الموضع، فإنّه السّبب الّذي يأمنون به على أنفسهم من المؤمنين، وعلى أموالهم وذراريّهم من عهدٍ وأمانٍ تقدّم لهم عقده قبل أن يثقفوا في بلاد الإسلام.
- كما: حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه} قال: بعهدٍ {وحبلٍ من النّاس} قال: بعهدهم.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} يقول: إلاّ بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة مثله.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد، عن عثمان بن غياثٍ، قال عكرمة: يقول: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} قال: بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} يقول: إلاّ بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس.
- حدّثت عن عمّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} يقول: إلاّ بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} فهو عهدٌ من اللّه، وعهدٌ من النّاس، كما يقول الرّجل: ذمّة اللّه، وذمّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم، فهو الميثاق.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال مجاهدٌ: {أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} قال: بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس لهم.قال ابن جريجٍ وقال عطاءٌ العهد: حبل اللّه.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: {أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} قال: إلاّ بعهدٍ وهم يهود، قال: والحبل: العهد قال: وذلك قول أبي الهيثم بن التّيهان لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حين أتته الأنصار في العقبة: أيّها الرّجل إنّا قاطعون فيك حبالاً بيننا وبين النّاس، يقول: عهودًا قال: واليهود لا يأمنون في أرضٍ من أرض اللّه إلاّ بهذا الحبل الّذي للّه قال عزّ وجلّ، وقرأ: {وجاعل الّذين اتّبعوك فوق الّذين كفروا إلى يوم القيامة}، قال: فليس بلدٌ فيه أحدٌ من النّصارى إلاّ وهم فوق يهود في شرقٍ ولا غربٍ هم في البلدان كلّها مستذلّون، قال اللّه: {وقطّعناهم في الأرض أممًا} يهود.
- حدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، قال: حدّثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، في قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} يقول: بعهدٍ من اللّه، وعهدٍ من النّاس.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، مثله.
واختلف أهل العربيّة في المعنى الّذي جلب الباء في قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس} فقال بعض نحويّي الكوفة: الّذي جلب الباء في قوله: {بحبلٍ} فعلٌ مضمرٌ قد ترك ذكره، قال: ومعنى الكلام: ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا إلاّ أن يعتصموا بحبلٍ من اللّه، فأضمر ذلك، واستشهد لقوله ذلك بقول الشّاعر:
رأتني بحبليها فصدّت مخافةً = وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق
وقال: أراد: أقبلت بحبليها، وبقول الآخر:
حنتني حانيات الدّهر حتّى = كأنّي خاتلٌ أحنو لصيد
قريب الخطو يحسب من رانى = ولست مفيدا انى بفيد
يريد مقيد بقيد
فأوجب إعمال فعلٍ محذوفٍ وإظهار صلته وهو متروكٌ.
وذلك في مذاهب العربيّة ضعيفٌ، ومن كلام العرب بعيدٌ، وأمّا ما استشهد به لقوله من الأبيات، فغير دالٍ على صحّة دعواه؛ لأنّ في قول الشّاعر: رأتني بحبليها دلالةٌ بيّنةٌ في أنّها رأته بالحبل ممسكًا، ففي إخباره عنها أنّها رأته بحبليها إخبارٌ منه أنّها رأته ممسكًا بالحبلين، فكان فيما ظهر من الكلام مستغنًى عن ذكر الإمساك، وكانت الباء صلةً لقوله: رأتني، كما قول القائل: أنا باللّه مكتفٍ بنفسه، ومعرفة السّامع معناه أن تكون الباء محتاجةً إلى كلامٍ يكون لها جالبًا غير الّذي ظهر، وأنّ المعنى أنا باللّه مستعينٌ.
وقال بعض نحويّي البصرة: قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه} استثناءٌ خارجٌ من أوّل الكلام، قال: وليس ذلك بأشدّ من قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا إلاّ سلامًا}.
وقال آخرون من نحويّي الكوفة: هو استثناءٌ متّصلٌ، والمعنى: ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا: أي بكلّ مكانٍ، إلاّ بموضع حبلٍ من اللّه، كما تقول: ضربت عليهم الذّلّة في الأمكنة إلاّ في هذا المكان.
وهذا أيضًا طلب الحز، فأخطأ المفصّل، وذلك أنّه زعم أنّه استثناءٌ متّصلٌ، ولو كان متّصلاً كما زعم لوجب أن يكون القوم إذا ثقفوا بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس غير مضروبةٍ عليهم الذلة، وليس ذلك صفة اليهود؛ لأنّهم أينما ثقفوا بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس، أو بغير حبلٍ من اللّه عزّ وجلّ، وغير حبلٍ من النّاس، فالذّلّة مضروبةٌ عليهم على ما ذكرنا عن أهل التّأويل قبل، فلو كان قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس}.استثناءً متّصلاً لوجب أن يكون القوم إذا ثقفوا بعهدٍ وذمّةٍ أن لا تكون الذّلّة مضروبةً عليهم. وذلك خلاف ما وصفهم اللّه به من صفتهم، وخلاف ما هم به من الصّفة، فقد تبيّن أيضًا بذلك فساد قول هذا القائل أيضًا
ولكنّ القول عندنا أنّ الباء في قوله: {إلاّ بحبلٍ من اللّه} أدخلت لأنّ الكلام الّذي قبل الاستثناء مقتضٍ في المعنى الباء، وذلك أنّ معنى قولهم: {ضربت عليهم الذّلّة أينما ثقفوا} ضربت عليهم الذّلّة بكلّ مكانٍ ثقفوا، ثمّ قال: {إلاّ بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس}.
على غير وجه الاتّصال بالأوّل، ولكنّه على الانقطاع عنه، ومعناه: ولكن قد يثقفون بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس، كما قيل: {وما كان لمؤمنٍ أن يقتل مؤمنًا إلاّ خطأً} فالخطأ وإن كان منصوبًا بما عمل فيما قبل الاستثناء، فليس قوله باستثناءٍ متّصلٍ بالأوّل بمعنى إلاّ خطأً، فإنّ له قتله كذلك، ولكن معناه: ولكن قد يقتله خطأً، فكذلك قوله: {أينما ثقفوا إلاّ بحبلٍ من اللّه} وإن كان الّذي جلب الباء الّتي بعد إلاّ الفعل الّذي يقتضيها قبل إلاّ، فليس الاستثناء بالاستثناء المتّصل بالّذي قبله بمعنى أنّ القوم إذا لقوا، فالذّلّة زائلةٌ عنهم، بل الذّلّة ثابتةٌ بكلّ حالٍ، ولكن معناه ما بيّنّا آنفًا). [جامع البيان: 5/681-687]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وباءوا بغضبٍ من اللّه وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ}.
يعني تعالى ذكره: {وباءوا بغضبٍ من اللّه} وتحمّلوا غضب اللّه، فانصرفوا به مستحقّيه وقد بيّنّا أصل ذلك بشواهده، ومعنى المسكنة، وأنّها ذلّ الفاقة والفقر وخشوعهما، ومعنى الغضب من اللّه فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
وقوله: {ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه} يعني جلّ ثناؤه بقوله ذلك: أي بوؤهم الّذي باءوا به من غضب اللّه، وضرب الذّلّة عليهم بدلاً ممّا كانوا يكفرون بآيات اللّه، يقول: ممّا كانوا يجحدون أعلام اللّه وأدلّته على صدق أنبيائه، وما فرض عليهم من فرائضه {ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ} يقول: وبما كانوا يقتلون أنبياءهم ورسل اللّه إليهم، اعتداءً على اللّه، وجراءةً عليه بالباطل، وبغير حقٍّ استحقّوا منهم القتل.
فتأويل الكلام: ألزموا الذّلّة بأيّ مكانٍ لقوا إلاّ بذمّةٍ من اللّه وذمّةٍ من النّاس، وانصرفوا بغضبٍ من اللّه متحمّليه، وألزموا ذلّ الفاقة، وخشوع الفقر، بدلاً ممّا كانوا يجحدون بآيات اللّه وأدلّته وحججه ويقتلون أنبياءه بغير حقٍّ ظلمًا واعتداءً). [جامع البيان: 5/687- 688]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}
يعنى تعالى ذكره: فعلنا بهم ذلك بكفرهم وقتلهم الأنبياء ومعصيتهم ربّهم، واعتدائهم أمر ربّهم.
وقد بيّنّا معنى الاعتداء في غير موضعٍ فيما مضى من كتابنا بما فيه الكفاية عن إعادته
فأعلم ربّنا جلّ ثناؤه عباده، ما فعل بهؤلاء القوم من أهل الكتاب، من إحلال الذّلّة والخزي بهم في عاجل الدّنيا، مع ما ادّخر لهم في الأجل من العقوبة والنّكال، وأليم العذاب، إذ تعدّوا حدود اللّه، واستحلّوا محارمه تذكيرًا منه تعالى ذكره لهم، وتنبيهًا على موضع البلاء الّذي من قبله أتوا لينيبوا ويذّكّروا وعظةً منه لأمّتنا أن لا يستنّوا بسنّتهم، ويركبوا منهجهم، فيسلك بهم مسالكهم، ويحلّ بهم من نقم اللّه ومثلاته ما أحلّ بهم.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} اجتنبوا المعصية والعدوان، فإنّ بهما أهلك من أهلك قبلكم من النّاس). [جامع البيان: 5/688-689]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا إلّا بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس وباءوا بغضبٍ من اللّه وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون (112)
قوله تعالى: ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا
- حدّثنا عليّ بن الحسين، ثنا أبو عامر بن برّادٍ، ثنا محمّد بن القاسم الأسديّ، ثنا عبيد بن طفيلٌ أبو سيدان الغطفانيّ، عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، عن ابن عبّاسٍ في قوله تعالى: ضربت عليهم الذّلّة قال: هم أصحاب القبالات كفروا باللّه العظيم.
- حدّثنا المنذر بن شاذان، ثنا يهوذه، ثنا عوفٌ عن الحسن، ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا قال: أدركتهم هذه الأمّة وإنّ المجوس لتجبيهم الجزية.
- حدّثنا الحسن بن أحمد ثنا موسى بن محكمٍ ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: ضربت عليهم الذّلّة أين ما ثقفوا قال:
أذلّهم اللّه فلا منعة لهم، وجعلهم اللّه تحت أقدام المسلمين.
- حدّثنا الحسن بن أبي الرّبيع أنبأ عبد الرّزّاق، أنبأ معمرٌ، عن الحسن وقتادة: ضربت عليهم الذّلّة قالا: يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون.
قوله تعالى: إلا بحبلٍ من اللّه
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثيرٍ البكريّ الدّورقيّ، ثنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عبّاسٍ إلا بحبلٍ من اللّه قال: عهدٌ من اللّه وروي عن مجاهدٍ ، وعكرمة، والحسن، وعطاءٍ وقتادة والرّبيع بن أنسٍ، والضحاك وو السدي نحو ذلك.
قوله تعالى: وحبلٍ من النّاس
- حدّثنا أبي، ثنا يعقوب الدّورقيّ، ثنا عبيد اللّه الأشجعيّ، عن هارون بن عنترة، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ إلا بحبلٍ من اللّه وحبلٍ من النّاس قال: عهدٌ من اللّه وعهدٌ من النّاس. وروي عن عكرمة، ومجاهدٍ، والحسن، وعطاءٍ، والسّدّيّ والضّحّاك والرّبيع بن أنسٍ، وقتادة نحو ذلك.
قوله تعالى: وباؤوا
- حدّثنا أبو زرعة ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، حدّثني عبد اللّه ابن لهيعة، حدّثني عطاء بن دينارٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قول الله: باؤ يقول استوجبوا- وروي عن الضّحّاك نحو ذلك.
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ عن أبيه عن الرّبيع بن أنسٍ وباؤ بغضبٍ من اللّه فحدث عليهم من اللّه غضبٌ.
قوله تعالى: وباؤ بغضبٍ من اللّه
- حدّثنا أبو زرعة، ثنا يحيى بن عبد اللّه بن بكيرٍ، ثنا ابن لهيعة حدّثني عطاء بن دينارٍ عن سعيد بن جبيرٍ في قول اللّه تعالى: وباؤ بغضبٍ من اللّه يقول: استوجبوا سخطه.
قوله تعالى: وضربت عليهم المسكنة
[الوجه الأوّل]
- حدّثنا عصام بن روّادٍ، ثنا آدم، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع عن أبي العالية قوله: وضربت عليهم المسكنة قال: المسكنة الفاقة. وروي عن السّدّيّ، والرّبيع بن أنسٍ نحو ذلك.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا عليّ بن الحسين ثنا بشر بن آدم، ثنا عبد اللّه بن رجاءٍ، ثنا عبيد بن الطّفيل عن عطيّة قوله: وضربت عليهم المسكنة قال: الخراج.
- حدّثنا أبي، ثنا سريج بن يونس ثنا محمّد بن ييدٍ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك، المسكنة قال: الجزية.
قوله تعالى: ذلك بأنّهم كانوا يكفرون بآيات اللّه ويقتلون الأنبياء بغير حقٍّ
- حدّثنا يونس بن حبيبٍ ثنا أبو داود، ثنا شعبة، عن سليمان الأعمش عن إبراهيم، عن أبي معمرٍ الأزديّ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ قال: كانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم ثلاثمائة نبيٍّ، ثمّ يقوم سوق بقلهم من آخر النهار.
قوله تعالى: ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون
- حدّثنا محمّد بن يحيى، أنبأ العبّاس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريعٍ، ثنا سعيدٌ عن قتادة ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون قال: اجتنبوا المعصية والعدوان، فإنّ بهما هلك من هلك من قبلكم من النّاس). [تفسير القرآن العظيم: 2/735-737]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إلا بحبل من الله وحبل من الناس بعهد الله وعهد من الناس). [تفسير مجاهد: 133]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {ضربت عليهم الذلة} قال: هم أصحاب القبالات.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن {ضربت عليهم الذلة} قال: أذلهم الله فلا منعة لهم وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال: أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجتنيهم الجزية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة {ضربت عليهم الذلة} قال: يعطون الجزية عن يد وهم ضاغرون.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك {وضربت عليهم الذلة} قال: الجزية.
وأخرج ابن المنذر، وابن جرير، وابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس {إلا بحبل من الله وحبل من الناس} قال: بعهد من الله وعهد من الناس.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} قال: اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك قبلكم من الناس). [الدر المنثور: 3/724-730]


رد مع اقتباس