الموضوع: الحسيب
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 03:22 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)



قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الحسيب
الحسيب في اللغة على أوجه، الحسيب: المحاسب على الشيء، الموافق عليه، فالله عز وجل حسيب عباده أي محاسبهم على أعمالهم، ومجازيهم عليها.
والحسيب في غير هذا: الرجل: الشريف الكريم الذي يعد لنفسه أباء كرامًا ومآثر حسنة كأنه من الحساب.
والحسيب: الكفي، يقال: «هذا حسيب فلان» أي كفيه، والحسيب يكون بمعنى المحاسب بتأويل مفعول، كما يكون قتيل بمعنى مقتول، ودهين بمعنى مدهون، وعديل بمعنى معادل ومعادل، وشريب بمعنى مشارب ومشارب.
ويقال: «حسبك كذا» أي يكفيك، ومنه قوله عز وجل: {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} أي يكفيك الله ومن اتبعك من المؤمنين.
قال أهل العربية: في موضع «من» قولين، قالوا: جائز أن يكون في موضع نصب على تقدير {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} أي يكفيك الله ويكفي من اتبعك من المؤمنين، فلما لم يكن عطف «من» على الكاف في «حسبك» لأنه مضمر مخفوض أضمر له فعل فنصب به، لأن المضمر المخفوض لا يعطف عليه إلا بإعادة الخافض.
وجائز أن يكون «من» في وضع رفع عطفًا على الله عز وجل، والتقدير {حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} أي يكفيك الله والمؤمنون الذين اتبعوك. وفيه وجه ثالث على مذهب من أجاز من الكوفيين «مررت به وزيد» و«دخلت إليك وعمرو» فأجاز العطف على المضمر المخفوض بغير إعادة الخافض، وعلى مذهب حمزة في قراءته {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} بالخفض أن تكون «من» في موضع خفض عطفًا على الكاف في قوله «حسبك». ومثله قول الشاعر:
نعلق في مثل السواري سيوفنا = وما بينها والأرض غول نفانف
وقول الآخر:
أكر على الكتيبة لا أبالي = أفيها كان حتفي أم سواها
والشواهد من الشعر في هذا كثيرة، وأهل الكوفة يجيزونه أعني عطف الظاهر على المضمر المخفوض ويتعلقون بهذه الشواهد من الشعر، وأهل البصرة يأبونه.
وتقول: «أحسبت الرجل» أي أعطيته ما يكفيه، ومنه قوله عز وجل: {عطاء حسابا} أي كثيرًا كافيًا. ويقال أيضًا: «أحسبت فلانًا» أي أكثرت له. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعًا = ونحسبه إن كان ليس بجائع
وقال بعض أهل اللغة: أصل هذا أن يعطيه حتى يقول: «حسبي». وقالوا في قول امرئ القيس:
كدعص النقا يمشي الوليدان فوقه = بما احتسبا من لين مس وتسهال
شبهها بالدعص من الرمل لكثافته وصلابته، وهو مع ذلك يمشي الوليدان فوقه بما احتسبا: أي باحتسابهما يعني: بما كان لهما حسبًا أي كفاية، والتسهال: السهولة وهو مثل التكرار، والتمشاء.
وتقول: «حسبت الحساب أحسبه حسبا وحسبانا»، والحساب: ألاسم ومنه قوله عز وجل: {الشمس والقمر بحسبان} وتقول: حسبت الشيء من الظن أحسبه وأحسبه محسبة، ومحسبة، وحسبانًا.
وتقول: «ما كان ذلك في حسباني» -بكسر الحاء أي في ظني. وقد أجاز بعض أهل اللغة أن يقال: «ما كان ذلك في حسابي» أي فيما أحسبه من أموري، وأعده.
والحسبان أيضًا بضم الحاء العذاب من قوله عز وجل: {يرسل عليها حسبانا من السماء}. قال الضحاك: الحسبان: العذاب، وقال أهل اللغة: الحسبان: المرامي التي يرمى بها، الواحدة حسبانة، والحسبانة أيضًا: المخدة). [اشتقاق أسماء الله: 129-132]


رد مع اقتباس