الموضوع: أسماء لا تثبت
عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 18 شوال 1438هـ/12-07-2017م, 05:14 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الفعال

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الفعال
الفعال: اسم مبني لمبالغة الفعل فهو يجري في ضروب من صفاته عز وجل نحو جبار، وعلام، وخلاق، ورزاق، ووهاب، وتواب، ومنان، وما أشبه ذلك لأن وزن كل هذا «فعال»، وإنما يراد به المبالغة في الفعل فيجوز أن يوصف بالفعال من كل فعل أصله على ثلاثة أحرف على ما أطبقت عليه الأمة وجاء في التنزيل نحو {خلاق} لأنه من خلق و{علام} لأنه من علم و«{جبار} لأن أصله من الجبرية فهو ثلاثي الأصل وإن لم ينطق منه بفعل غير مزيد فيه.
ولا يجوز أن يوصف بما زاد على ثلاثة أحرف لأنه إذا بني منه «فعال» سقط منه حرف اختل، ألا ترى أنه لو قيل لك: كيف تبني من «دحرج» و«قرطس» و«سرهف» مثل «فعال» نحو «ضراب» و«قتال» وما أشبه ذلك؟ لكان الجواب في ذلك: أن هذا غير سائغ بناؤه لأنه رباعي و«فعال» ثلاثي الأصل وإنما ضوعفت عينه، فلو بني من الرباعي ثلاثي لوجب حذف حرف منه فكان يختل لأنه إنما كمل معناه بكمال حروفه ألا ترى أنه لو تكلف بناء ذلك لقيل في مثل «فعال» من «دحرج» «دحار» أو «دحاج» فكان يبطل المعنى المقصود به لاختلال بنائه فهكذا مجرى هذا في كلام العرب.
فأما في صفات الله عز وجل فإنه لا يجوز أن يبني «فعال» من شيء من صفاته إلا ما جاء منه في التنزيل وأطلقته الأمة وإن كان أصله ثلاثيًا، ألا ترى أنا لا نبني في صفاته عز وجل من قدير «فعال» فنقول «قدار» ولا من حيكم فنقول: «حكام» ولا من باسط فنقول: «بساط»، ولا من عفو فنقول: «عفاه»، ولا من مقيت فنقول: «مقات» لا أنه في العربية فاسد في التقدير بل هو صحيح في مقاييس العربية، ولكنا لا نطلق في صفاته عز وجل وأسمائه شيئًا بقياس اللغة إلا ما جاء في التنزيل وأطلقته الأمة لا نتجاوز ذلك وإ، كان صحيح القياس في العربية، وقد ذكرنا نظائر لهذا فيما مضى.
قال أبو عثمان المازني في قول الناس: «رجل لآل»: إذا كان يبيع اللؤلؤ لأن اللؤلؤ رباعي ولامه همزة، وبناء الثلاثي من الرباعي غير جائز لاختلال المعنى بسقوط حرف منه، ألا ترى أن قولهم: «لآل» باللام في آخره يدلك على أنه ليس من اللؤلؤ لأن لام الفعل من اللؤلؤ همزة ومن لآل لام.
قال: وإنما يلحق الثلاثي بالرباعي والخماسي والرباعي بالخماسي لأن بناءه يحصل فيه كله ثم يزاد فيه فلا يختل معناه لذلك.
وإذا بني ثلاثي من رباعي أو خامسي فإنما ينقص من أصل الكلمة ما لا يصح معناها إلا به، وكذلك لم يجئ في شيء من كلام العرب ثلاثي مبني من رباعي ولا مما فوقه.
قال أبو عثمان: وقال الخليل بن أحمد: قول الرعب «دلامص» في البراق إنما هو «فعامل» والميم فيه زائدة، والدليل على ذلك قولهم «دلاص» و«دليص» في معناه.
قال أبو عثمان: وهذا قول جيد بالغ ولو إن قائلاً قال: إن «الدلامص» هو بمعنى «الدلاص» و«الدليص» وليس من لفظه كما أن «لآل» منسوب إلى اللؤلؤ وليس من لفظه، وكما أن «البسطر» بمعنى «السبط» وليس من لفظه، وكما أن قولهم «رجل ثرثار» للكثير الكلام هو من معنى الثرة وليس من لفظها لقال قولاً قويًا.
ويقال للشيء البارق «دلاص» و«دليص» و«دلامص»، فدلامص على مذهب الخليل «فعامل» لا غير، وفي مذهب أبي عثمان جائز أن يكون «فعاملاً» كما قال الخليل وجائز أن يكون «فعاللاً» وتكون الميم فيه أصلية فيكون بمعنى الدلاص وليس من لفظه قال أبو دؤاد الأيادي:
ولقد ذعرت بنات عم = المرشقات لها بصايص
بمجوف بلقًا وأعـ = ـلى لونه ورد مصامص
ككنانة الزعري زيـ = ـنها من الذهب الدلامص
يمشي كمشي نعائم = يشتالهن أشق شاخص
بنات عم المرشقات: البقر، والمرشقات: الظباء فهن بنات عم المرشقات لأنه وحش مثلهن، هكذا فسره ابن قتيبة في كتاب «معاني الشعر»، وهذه الأبيات الأول شيء ذكره في كتابه ولم نلق أحدًا يروي عن ابن قتيبة كتابه في معاني الشعر ولا كتابه «في عيون الشعر». والبصابص: بصبصة الأذناب وهي حركتها كما قال رؤبة:
بصبصن بالأذناب من لوح وبق
بمجوف بلقا: يعني فرسًا بلغ بياض تحجيله إلى بطنه والورد: الأحمر، والمصامص: الخالص، والذهب الدلامص: البراق لجودته وخلاصه. يشتالهن: يطردهن، والأشق: الطويل). [اشتقاق أسماء الله: 152-155]

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376هـ): ("الفعال لما يريد" وهذا من كمال قوته ونفوذ مشيئته وقدرته، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع ولا معارض، وليس له ظهير ولا عوين، على أي أمر يكون، بل إذا أراد شيئا قال له "كن فيكون". ومع أنه الفعال لما يريد، فإرادته تابعة لحكمته وحمده، فهو موصوف بكمال القدرة، ونفوذ المشيئة، وموصوف بشمول الحكمة، لكل ما فعله ويفعله). [تيسير الكريم المنان: 948]


رد مع اقتباس