الموضوع: مسائل في السحر
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 6 جمادى الأولى 1435هـ/7-03-2014م, 10:18 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

كيف يتم السحر؟


قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّرَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (وقَلَّمَا يَتَأَتَّى السحْرُ بدُونِ نوعِ عِبادةٍ للشيطانِ وتَقَرُّبٍ إليه: إمَّا بِذَبْحٍ باسمِه، أو بِذَبْحٍ يَقْصِدُه به هو، فيكونُ ذَبْحًا لغيرِ اللهِ، وبغيرِ ذلك من أنواعِ الشرْكِ والفُسوقِ، والساحرُ وإن لم يُسَمِّ هذه عِبادةً للشيطانِ فهو عِبادةٌ له، وإن سَمَّاه بما سَمَّاهُ به، فإنَّ الشرْكَ والكُفْرَ هو شِرْكٌ وكُفْرٌ لِحَقيقتِه ومعناه لا لاسمِه ولفْظِه، فمَن سَجَدَ لمخلوقٍ وقالَ: ليس هذا بسجودٍ له، هذا خُضوعٌ، وتقبيلُ الأرضِ بالجَبْهَةِ كما أُقَبِّلُها بالنِّعَمِ، أو هذا إكرامٌ؛ لم يَخْرُجْ بهذه الألفاظِ عن كونِه سُجُودًا لغيرِ اللهِ فلْيُسَمِّه بما شاءَ.
وكذلك مَن ذَبَحَ للشيطانِ ودَعاهُ واستعاذَ به وتَقَرَّبَ إليه بما يُحِبُّ فقد عَبَدَه، وإن لم يُسَمِّ ذلك عِبادةً، بل يُسَمِّيهِ استخدامًا ما، وصَدَقَ هو استخدامٌ من الشيطانِ له فيَصيرُ من خَدَمِ الشيطانِ وعَابِدِيهِ، وبذلك يَخْدُمُه الشيطانُ، لكنَّ خِدْمَةَ الشيطانِ له ليست خِدْمَةَ عِبادةٍ، فإنَّ الشيطانَ لا يَخْضَعُ له ويَعْبُدُه كما يَفعَلُ هو به.
والمقصودُ أنَّ هذا عِبادةٌ منه للشيطانِ، وإنما سَمَّاه استخدامًا؛ قالَ تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُم يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)}[يس: 60] وقالَ تعالى:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهَؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُؤْمِنُونَ (41)}[سبأ: 40، 41] فهؤلاءِ وأَشباهُهم عُبَّادُ الجِنِّ والشياطينِ، وهم أولياؤُهم في الدنيا والآخِرَةِ، ولَبِئْسَ المَوْلَى ولَبِئْسَ العَشِيرُ، فهذا أَحَدُ النوعينِ.
والنوعُ الثاني: مَن يُعينُه الشيطانُ وإن لم يَسْتَعِنْ به، وهو الحاسِدُ لأنه نائبُه وخَليفتُه؛ لأنَّ كِلَيْهِما عَدُوُّ نِعَمِ اللهِ ومُنَغِّصُها على عِبادِه).
[بدائع الفوائد: 2/235-236]


رد مع اقتباس