العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11 ربيع الثاني 1434هـ/21-02-2013م, 11:35 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير سورة النساء [ من الآية (80) إلى الآية (82) ]

تفسير سورة النساء
[ من الآية (80) إلى الآية (82) ]


بسم الله الرحمن الرحيم
{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (81) أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 07:28 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظًا}
وهذا إعذارٌ من اللّه إلى خلقه في نبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول اللّه تعالى ذكره لهم: من يطع منكم أيّها النّاس رسولي محمّدًا إليكم، فقد أطاعني بطاعته إيّاه، فاسمعوا قوله، وأطيعوا أمره، فإنّه مهما يأمركم به من شيءٍ فمن أمري يأمركم، وما نهاكم عنه من شيءٍ فمن نهيي، فلا يقولنّ أحدكم: إنّما محمّدٌ بشرٌ مثلنا يريد أن يتفضّل علينا.
ثمّ قال جلّ ثناؤه لنبيّه: ومن تولّى عن طاعتك يا محمّد، فأعرض عنه، فإنّا لم نرسلك عليهم حفيظًا، يعني حافظًا لما يعملون محاسبًا، بل إنّما أرسلناك لتبيّن لهم ما نزّل إليهم، وكفى بنا حافظين لأعمالهم ولهم عليها محاسبين.
ونزلت هذه الآية فيما ذكر قبل أن يؤمر بالجهاد. كما:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: سألت ابن زيدٍ عن قول اللّه: {فما أرسلناك عليهم حفيظًا} قال: هذا أوّل ما بعثه قال: {إن عليك إلاّ البلاغ} قال: ثمّ جاء بعد هذا أمره بجهادهم والغلظة حتّى يسلموا). [جامع البيان: 7/245-246]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظًا (80)
قوله تعالى: من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا.
- حدّثنا أحمد بن سنانٍ، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني). [تفسير القرآن العظيم: 3/1011]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فقال: يا هؤلاء ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن الله أنزل في كتابه أنه من أطاعني فقد أطاع الله قالوا: بلى نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله وإن من طاعته طاعتك، قال: فإن من طاعة الله أن تطيعوني وإن من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم وإن صلوا قعودا فصلوا قعودا أجمعين.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن ابن المنذر عن ربيع بن خثيم قال: حرف وأيما حرف {من يطع الرسول فقد أطاع الله} فوض إليه فلا يأمر إلا بخير.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن قوله {فما أرسلناك عليهم حفيظا} قال: هذا أول ما بعثه قال: إن عليك إلا البلاغ ثم جاء بعد هذا يأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى يسلموا). [الدر المنثور: 4/544]

تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلاً}
يعني بذلك جلّ ثناؤه بقوله: {ويقولون طاعةٌ} يعني: الفريق الّذي أخبر اللّه عنهم أنّهم لمّا كتب عليهم القتال، خشوا النّاس كخشية اللّه وأشدّ خشيةً، يقولون لنبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أمرهم بأمرٍ: أمرك طاعةٌ، ولك منّا طاعةٌ.
فيما تأمرنا به وتنهانا عنه. {فإذا برزوا من عندك} يقول: فإذا خرجوا من عندك يا محمّد {بيّت طائفة منهم غير الّذي تقول} يعني بذلك جلّ ثناؤه: غيّر جماعةٌ منهم ليلاً الّذي تقول لهم.
وكلّ عملٍ عمل ليلاً فقد بيّت، ومن ذلك بيّات العدوّ وهو الوقوع بهم ليلاً، ومنه قول عبيدة بن همّامٍ:.
أتوني فلم أرض ما بيّتوا = وكانوا أتوني بشيءٍ نكر.
لأنكح أيّمهم منذرًا = وهل ينكح العبد حرٌّ لحرّ
يعني بقوله: فلم أرض ما بيّتوا ليلا: أي ما أبرموه ليلاً وعزموا عليه.
ومنه قول النّمر بن تولبٍ العكليّ:
هبّت لتعذلني بليلٍ فاسمعى = سفهًا تبيّتك الملامة فاهجعي
يقول اللّه جلّ ثناؤه: {واللّه يكتب ما يبيّتون} يعني بذلك جلّ ثناؤه: واللّه يئب ما يغيّرون من قولك ليلاً في كتب أعمالهم الّتي تكتبها حفظته.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} قال: يغيّرون ما عهد نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا يوسف بن خالدٍ، قال: حدّثنا نافع بن مالكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، في قوله: {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} قال: غيّر أولئك ما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثني أحمد بن مفضّلٍ قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} قال: غيّر أولئك ما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا محمّد بن الحسين قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون} قال: هؤلاء المنافقون الّذين يقولون إذا حضروا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأمرهم بأمرٍ قالوا: طاعةٌ، فإذا خرجوا من عنده غيّرت طائفةٌ منهم ما يقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. {واللّه يكتب ما يبيّتون} يقول: ما يقولون.
- حدّثنا القاسم قال: حدّثنا الحسين قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: قوله: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} قال: يغيّرون ما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} وهم ناسٌ كانوا يقولون عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آمنّا باللّه ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، فإذا برزوا من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خالفوا إلى غير ما قالوا عنده؛ فعابهم اللّه، فقال: {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} يقول: يغيّرون ما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} هم أهل النّفاق
وأمّا رفع طاعةٌ فإنّه بالمتروك الّذي دلّ عليه الظّاهر من القول، وهو: أمرك طاعةٌ، أو منّا طاعةٌ.
وأمّا قوله: {بيّت طائفةٌ} فإنّ التّاء من بيّت بحرّكتها بالفتح عليه عامّة قرّاء المدينة والعراق وسائر القرّاء، لأنّها لام فعّل.
وكان بعض قرّاء العراق يسكّنها ثمّ يدغمها في الطّاء لمقاربتها في المخرج. قال أبو جعفرٍ:
والصّواب من القراءة في ذلك، ترك الإدغام لأنّها، أعني التّاء والطّاء، من حرفين مختلفين؛ وإذا كان كذلك كان ترك الإدغام أفصح اللّغتين عند العرب، واللّغة الأخرى جائزةٌ، أعني الإدغام في ذلك، محكيّةٌ). [جامع البيان: 7/246-250]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلاً}
يقول جلّ ثناؤه لمحمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فأعرض يا محمّد عن هؤلاء المنافقين الّذين يقولون لك فيما تأمرهم: أمرك طاعةٌ، فإذا برزوا من عندك خالفوا ما أمرتهم به وغيّروه إلى ما نهيتهم عنه، وخلّهم وما هم عليه من الضّلالة، وارض لهم بي منتقمًا منهم، وتوكّل أنت يا محمّد على اللّه. يقول: أي وحسبك باللّه وكيلا: أي فيما بأمورك، ووليًّا لها، ودافعًا عنك وناصرًا). [جامع البيان: 7/250]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلًا (81)
قوله تعالى: ويقولون طاعةٌ.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، ثنا عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: ويقولون طاعةٌ فهم أناسٌ كانوا يقولون عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم آمنّا باللّه ورسوله، ليأمنوا على دمائهم وأموالهم.
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: ويقولون طاعةٌ قال: هؤلاء المنافقون الّذين يقولون إذا حضروا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمرهم بأمرٍ قالوا: طاعةٌ.
قوله تعالى: فإذا برزوا من عندك. [5667]
وبه عن السّدّيّ قوله: فإذا برزوا من عندك قال: فإذا خرجوا من عندك.
قوله تعالى: من عندك. [5668]
أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: فإذا برزوا من عندك يقول إذا برزوا من عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: بيّت. [5669]
حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ الأوديّ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ قوله: بيّت طائفةٌ منهم قال: غيّرت طائفةٌ منهم ما يقول:
النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. وروي عن قتادة نحو ذلك.
- أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، ثنا أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه عن ابن عبّاسٍ قوله: بيّت طائفةٌ منهم. يقول: خالفوهم إلى غير ما قالوا عنده، فعابهم اللّه عزّ وجلّ.
قوله تعالى: طائفةٌ منهم. [5671]
أخبرنا أحمد بن الأزهر فيما كتب إليّ، ثنا وهب بن جريرٍ، ثنا أبي عن عليّ بن الحكم، عن الضّحّاك قوله: بيّت طائفةٌ منهم قال: هم المنافقون.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ قال: الطّائفة: رجلٌ.
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، ثنا زيد بن حبابٍ، عن سعيدٍ، عن أبي بشرٍ، عن مجاهدٍ قال: الطّائفة: رجلٌ إلى ألف رجلٍ.
قوله تعالى: غير الّذي تقول. [5674]
أخبرنا محمّد بن سعدٍ العوفيّ فيما كتب إليّ، حدّثني أبي، حدّثني عمّي، حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ قوله: غير الّذي تقول ما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قوله تعالى: واللّه يكتب ما يبيتون. [الوجه الأول]
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ البيروتيّ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ يعني ابن شابور، أخبرني عثمان بن عطاءٍ، عن أبيه قوله: واللّه يكتب ما يبيّتون قال: يغيّرون ما يقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
والوجه الثّاني:
- حدّثنا أحمد بن عثمان بن حكيمٍ، ثنا أحمد بن مفضّلٍ، ثنا أسباطٌ عن السّدّيّ قوله: واللّه يكتب ما يبيّتون يقول: ما يقولون.
قوله تعالى: فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا. [5677]
حدّثنا محمّد بن العبّاس، ثنا زنيجٌ، ثنا سلمة، قال محمّد بن إسحاق:
قوله: وتوكّل على اللّه أي ارض به من العباد). [تفسير القرآن العظيم: 3/1012-1013]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {ويقولون طاعة} الآية، قال: هم أناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
آمنا بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم {فإذا برزوا} من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم {بيت طائفة منهم} يقول: خالفوهم إلى غير ما قالوا عنك فعابهم الله فقال {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال: يغيرون ما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله {ويقولون طاعة} قال: هؤلاء المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأمر قالوا: طاعة فإذا خرجوا غيرت طائفة منهم ما يقول النّبيّ {والله يكتب ما يبيتون} يقول: ما يقولون.
وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال: غير أولئك ما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} يغيرون ما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم {والله يكتب ما يبيتون} يغيرون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الضحاك {بيت طائفة منهم} قال: هم أهل النفاق.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة {بيت طائفة منهم غير الذي تقول} قال: يغيرون ما عهدوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه {والله يكتب ما يبيتون} قال: يغيرون ما يقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم). [الدر المنثور: 4/544-546]

تفسير قوله تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {أفلا يتدبّرون القرآن} أفلا يتدبّر المبيّتون غير الّذي تقول لهم يا محمّد كتاب اللّه، فيعلموا حجّة اللّه عليهم في طاعتك واتّباع أمرك، وأنّ الّذي أتيتهم به من التّنزيل من عند ربّهم، لاتّساق معانيه وائتلاف أحكامه وتأييد بعضه بعضًا بالتّصديق، وشهادة بعضه لبعضٍ بالتّحقيق؛ فإنّ ذلك لو كان من عند غير اللّه لاختلفت أحكامه وتناقضت معانيه وأبان بعضه عن فساد بعضٍ. كما:.
- حدّثنا بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} أي قول اللّه لا يختلف، وهو حقٌّ ليس فيه باطلٌ، وإنّ قول النّاس يختلف.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: إنّ القرآن لا يكذّب بعضه بعضًا، ولا ينقض بعضه بعضًا، ما جهل النّاس من أمره فإنّما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم. وقرأ: {ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} قال: فحقٌّ على المؤمن أن يقول: كلٌّ من عند اللّه، ويؤمن بالمتشابه، ولا يضرب بعضه ببعضٍ؛ وإذا جهل أمرًا ولم يعرف أن يقول: الّذي قال اللّه حقٌّ، ويعرف أنّ اللّه تعالى لم يقل قولاً وينقضه، ينبغي أن يؤمن بحقّيّة ما جاء من اللّه تعالى.
- حدّثني يحيى بن أبي طالبٍ، قال: حدّثنا يزيد، قال: أخبرنا جويبرٌ، عن الضّحّاك، قوله: {أفلا يتدبّرون القرآن} قال: يتدبّرون النّظر فيه). [جامع البيان: 7/251-252]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا (82)
قوله تعالى: أفلا يتدبّرون القرآن.
- حدّثنا أبي، ثنا سريح بن يونس، ثنا محمّد بن يزيد الواسطيّ، عن جويبرٍ، عن الضّحّاك أفلا يتدبّرون القرآن قال: النّظر فيه.
قوله تعالى: ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرا
- حدّثنا أبي، ثنا عبد العزيز بن المغيرة، ثنا يزيد بن زريعٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة قوله: أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً أي قول اللّه لا يختلف فيه، حقٌّ ليس فيه باطلٌ كقول النّاس يختلف.
- حدّثني أبي، عن أبي صالحٍ كاتب اللّيث، حدّثني عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم قال: سمعت ابن المنكدر يقول: وقرأ: ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. فقال: إنّما يأتي الاختلاف من قلوب العباد، فأمّا ما جاء من عند اللّه فليس فيه اختلافٌ). [تفسير القرآن العظيم: 3/1013-1014]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك {أفلا يتدبرون القرآن} قال: يتدبرون النظر فيه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} يقول: إن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وإن قول الناس يختلف.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: سمعت ابن المنكدر يقول وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} فقال: إنما يأتي الاختلاف من قلوب العباد فأما من جاء من عند الله فليس فيه اختلاف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال: إن القرآن لا يكذب بعضه بعضا ولا ينقض بعضه بعضا ما جهل الناس من أمره فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم وقرأ {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} قال: فحق على المؤمن أن يقول: كل من عند الله يؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض إذا جهل أمرا ولم يعرفه أن يقول: الذي قال الله حق ويعرف أن الله لم يقل قولا وينقص ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من عند الله). [الدر المنثور: 4/546-547]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:22 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {فما أرسلناك عليهم حفيظاً} أي: محاسبا). [مجاز القرآن: 1/132]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({فما أرسلناك عليهم حفيظاً} أي: محاسبا). [تفسير غريب القرآن: 131]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظا} أي: من قبل ما أتى به الرسول فإنما قبل ما أمر الله به.
وقوله:
{ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظا} تأويله - واللّه أعلم -: أنك لا تعلم غيبهم إنما لك ما ظهر منهم، والدليل على ذلك: ما يتلوه وهو قوله {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا}). [معاني القرآن: 2/80]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({حَفِيظًا} أي: محاسباً).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 63]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ (ت:207هـ): (وقوله:
{طاعةٌ...}
الرفع على قولك: منّا طاعة، أو أمرك طاعة، وكذلك
{قل لا تقسموا طاعةٌ مّعروفةٌ} معناه - والله أعلم -: قولوا: سمع وطاعةٌ.

وكذلك التي في سورة محمد صلى الله عليه وسلم {فأولى لهم طاعةٌ وقولٌ معروف} ليست بمرتفعة بـ (لهم). هي مرتفعة على الوجه الذي ذكرت لك، وذلك أنهم أنزل عليهم الأمر بالقتال فقالوا: سمع وطاعة، فإذا فارقوا محمدّا صلى الله عليه وسلم غيّروا قولهم، فقال الله تبارك وتعالى: {فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم} وقد يقول بعض النحويين: وذكر فيها القتال،
وذكرت
{طاعة} وليست فيها واو فيجوز هذا الوجه، ولو رددت الطاعة وجعلت كأنها تفسير للقتال جاز رفعها ونصبها؛ أمّا النصب فعلى: ذكر فيها القتال بالطاعة أو على الطاعة.

والرفع على: ذكر فيها القتال ذكر فيها طاعة.
وقوله:
{بيّت طائفةٌ} القراءة أن تنصب التاء، لأنها على جهة فعل.
وفي قراءة عبد الله: "بيّت مبيّت منهم" غير الذي تقول، معناه: غيّروا ما قالوا وخالفوا، وقد جزمها حمزة وقرأها بيّت طائفة، جزمها لكثرة الحركات، فلما سكنت التاء اندغمت في الطاء). [معاني القرآن: 1/278-279]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} أي: قدروا ذلك ليلاً، قال عبيدة بن همّام أحد بني العدوية:

أتوني فلم أرض ما بيّتوا... وكانوا أتوني بشيءٍ نكر
لأنكح أيّمهم منذراً... وهل ينكح العبد حرٌّ لحر
بيّتوا أي قدّروا بليل، وقال النّمر بن تولب:
هبّت لتعذلني من الليل أسمعي... سفهاً تبيّتك الملامة فاهجعي
كل شيء قدّر بليل فهو تبيّتٌ). [مجاز القرآن: 1/132-133]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ مّنهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلاً}
قال:
{ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ مّنهم} أي: ويقولون "أمرنا طاعةٌ".

وإن شئت: نصبت الطاعة على "نطيع طاعةً".
وقال: {بيّت} فذكّر فعل الطائفة لأنهم في المعنى رجال وقد أضافها إلى مذكرين، وقال: {وإن كان طائفةٌ مّنكم}). [معاني القرآن: 1/207]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({بيت طائفة}: قدروا). [غريب القرآن وتفسيره: 122]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ويقولون طاعةٌ} بحضرتك.

{فإذا برزوا من عندك} أي: خرجوا {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} أي: قالوا وقدّروا ليلا غير ما أعطوك نهارا. قال الشاعر:

أتوني فلم أرض ما بيّتوا وكانوا أتوني بشيء نكر
والعرب تقول: هذا أمر قدّر بليل، وفرغ منه بليل. ومنه قول الحارث ابن حلّزة:
أجمعوا أمرهم عشاء فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
وقال بعضهم: بيّت طائفة: أي بدّل، وأنشد:
وبيّت قولي عبد المليـ ـك قاتلك اللّه عبدا كفورا). [تفسير غريب القرآن:131-132]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا}
قال النحويون تقديره: أمرنا طاعة.

وقال بعضهم منّا طاعة.
والمعنى واحد، إلا أن إضمار أمرنا أجمع في القصة وأحسن.
وقوله:
{فإذا برزوا من عندك بيّت طائفة منهم غير الّذي تقول}يقال لكل أمر قد قضي بليل قد بيّت.
قال الشاعر:
أتوني فلم أدر ما بيّتوا... وكانوا أتوني لأمر نكر
أي: فلست حفيظا عليهم تعلم ما يغيب عنك من شأنهم، وهذا ونظائره في كتاب اللّه من أبين آيات النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأنهم ما كانوا يخفون عنه أمرا إلا أظهره اللّه عليه.

وقوله جلّ وعزّ:
{واللّه يكتب ما يبيّتون} فيه وجهان:
1- يجوز أن يكون - واللّه أعلم - ينزله إليك في كتابه.
2- وجائز أن يكون يكتب ما يبيتون يحفظه عليهم ليجازوا به.
وقوله:
{فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه} أي: لا تسمّ هؤلاء بأعيانهم لما أحب الله من ستر أمر المنافقين إلى أن يستقيم أمر الإسلام.
فأما قوله:
{بيّت طائفة منهم} فذكّر ولم يقل بيتت، فلأن كل تأنيث غير حقيقي فتعبيره بلفظ التذكير جائز تقول: قالت طائفة من أهل الكتاب، وقال طائفة من المسلمين لأن طائفة وفريقا في معنى واحد، فكذلك قوله عزّ وجلّ: (فمن جاءه موعظة من ربّه}
وقوله:
{يا أيها النّاس قد جاءتكم موعظة من ربّكم} يعني: الوعظ إذا قلت فمن جاءه موعظة.
وقرأ القراء
{بيت طائفة} على إسكان التاء وإدغامها في الطاء.
وروي عن الكسائي أن ذلك إذا كان في فعل فهو قبيح، ولا فرق في الإدغام ههنا في فعل كان أو في اسم لو قلت بيّت طائفة وهذا بيت طائفة - وأنت تريد بيت طائفة كان واحدا.
وإنما جاز الإدغام لأن التاء والطاء من مخرج واحد). [معاني القرآن: 2/80-82]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ويقولون طاعة} والمعنى: ويقولون أمرنا طاعة ومنا طاعة وفي الكلام حذف، والمعنى: ويقولون إذا كانوا عندك طاعة ودل على هذا قوله تعالى: {فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول} معنى {بيت} عند أهل اللغة: أحكم الأمر بليل وفكر فيه، أي: أظهر المعصية في بيته والعرب تقول أمر بيت بليل إذا أحكم وإنما خص الليل بذلك لأنه وقت يتفرغ فيه قال الشاعر:

أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
ومن هذا بيت الصيام.
وقال أبو رزين: معنى
{بيت}: ألف.
وليس هذا بخارج عن قول أهل اللغة لأنه يجوز أن يكون التأليف بالليل.
وقيل
معنى {بيت}: بدل، ولا يصح هذا). [معاني القرآن: 2/137-138]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز:
{والله يكتب ما يبيتون} يحتمل معنيين:
أحدهما: أنه ينزله في كتابه ويخبر به وفي ذلك أعظم الآيات للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يخبر بما يسرونه.

ويحتمل أن يكون المعنى: والله يعلم ويحصي ما يبيتون). [معاني القرآن: 2/138-139]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا} قال الضحاك: يعنى به المنافقون، والمعنى: لا تخبر بأسمائهم).
[معاني القرآن: 2/139]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} أي: بحضرتك، فإذا خرجوا قدروا ليلاً غير الذي يقولون نهاراً).
[تفسير المشكل من غريب القرآن: 63]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ): ({بَيَّتَ}: حدّد). [العمدة في غريب القرآن: 114]


تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله:
{أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} يعنى به: المنافقون، أي: لو كان ما يخبرون به مما بيتوا، وما يسرون ويوحي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.. لولا أنه من عند الله لما كان الإخبار به غير مختلف، لأن الغيب لا يعلمه إلا اللهن وهذا من آيات النبي - صلى الله عليه وسلم - البينة.
ومعنى تدبرت الشيء: نظرت في عاقبته، وقولهم في الخبر: لا تدابروا، أي: لا تكونوا أعداء، أي: لا يولى بعضكم دبره، يقال: قد دبر القوم يدبرون دبارا إذا هلكوا، وأدبروا إذا ولّى أمرهم، وإنما تأويله أنه تقضى أنهم إلى آخره فلم يبق منهم باقية، والدبر النحل سمّي دبرا لأنه يعقب ما ينتفع به.

والدّبر: المال الكثير، سمّي دبرا: لكثرته، ولأنه يبقى للأعقاب والأدبار). [معاني القرآن: 2/82]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {أفلا يتدبرون القرآن} معنى تدبرت الشيء: فكرت في عاقبته، ويقال أدبر القوم إذا تولى أمرهم إلى آخره، وفي الحديث: ((لا تدابروا)) أي: لا تعادوا، أي: لا يولي أحدكم صاحبه دبره من العداوة). [معاني القرآن: 2/139-140]
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (ثم قال جل وعز: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} أي: لو كان ما يخبرون به مما يسرونه من عند غير الله لاختلف. ومذهب قتادة وابن زيد: أن المعنى: لو كان القرآن من عند غير الله لوجدوا فيه تفاوتا وتناقضا لأن كلام الناس يختلف ويتناقض). [معاني القرآن: 2/140]


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27 ربيع الثاني 1434هـ/9-03-2013م, 11:31 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) }

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) }

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثالث الهجري

....

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

....

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وتولّى معناه أعرض، وأصل تولّى في المعنى أن يتعدى بحرف، فنقول تولى فلان عن الإيمان، وتولى إلى الإيمان، لأن اللفظة تتضمن إقبالا وإدبارا، لكن الاستعمال غلب عليها في كلام العرب على الإعراض والإدبار، حتى استغني فيها عن ذكر الحرف الذي يتضمنه، وحفيظاً يحتمل معنيين، أي ليحفظهم حتى لا يقعوا في الكفر والمعاصي ونحوه، أو ليحفظ مساوئهم وذنوبهم ويحسبها عليهم، وهذه الآية تقتضي الإعراض عن من تولى والترك له، وهي قبل نزول القتال وإنما كانت توطئة ورفقا من الله تعالى حتى يستحكم أمر الإسلام). [المحرر الوجيز: 2/610]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: ويقولون طاعةٌ الآية نزلت في المنافقين باتفاق من المفسرين، المعنى يقولون لك يا محمد: أمرنا طاعة، فإذا خرجوا من عندك اجتمعوا ليلا وقالوا غير ما أظهروا لك. وبيّت معناه فعل ليلا، فإما أخذ من بات، وإما من البيت لأنه ملتزم بالليل وفي الأسرار التي يخاف شياعها، ومن ذلك قول الشاعر [الأسود بن يعفر]: [المتقارب]
أتوني فلم أرض ما بيّتوا = وكانوا أتوني بأمر نكر
ومنه قول النمر بن تولب:
هبّت لتعذلني بليل اسمعي = سفها تبيتك للملامة فاهجعي
المعنى وتقول لي: اسمع، وزيدت الياء إشباعا لتصريع القافية واتباعا للياء، كقول امرئ القيس:
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي وقوله بأمثل، وقرأ جمهور القراء بيّت بتحريك التاء، وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغامها في الطاء، وقرأ ابن مسعود «بيت مبيت منهم يا محمد» وقوله: تقول يحتمل أن يكون معناه تقول أنت يا محمد، ويحتمل، تقول هي لك، ويكتب معناه على وجهين، إما يكتبه عنده حسب كتب الحفظة حتى يقع الجزاء، وإما يكتبه في كتابه إليك، أي ينزله في القرآن ويعلم بها، قال هذا القول الزجّاج، والأمر بالإعراض إنما هو عن معاقبتهم ومجازاتهم، وأما استمرار دعوتهم وعظتهم فلازم. قال الضحاك: معنى «أعرض عنهم» لا تخبر بأسمائهم، وهذا أيضا قبل نزول القتال على ما تقدم. ثم أمر الله تعالى بالتوكل عليه والتمسك بعروته الوثقى ثقة بإنجاز وعده في النصر، و «الوكيل» القائم بالأمور المصلح لما يخاف من فسادها، وليس ما غلب الاستعمال في الوكيل في عصرنا بأصل في كلام العرب، وهي لفظة رفيعة وضعها الاستعمال العامي، كالعريف والنقيب وغيره). [المحرر الوجيز: 2/610-611]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) }
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً (82) وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلاّ قليلاً (83)
المعنى: هؤلاء المنافقون الطاعنون عليك الرافعون بغير برهان في صدر نبوتك، ألا يرجعون إلى النصفة. وينظرون موضع الحجة ويتدبرون كلام الله تعالى؟ فتظهر لهم براهينه، وتلوح أدلته، «والتدبر»: النظر في أعقاب الأمور وتأويلات الأشياء، هذا كله يقتضيه قوله: أفلا يتدبّرون القرآن وهذا أمر بالنظر والاستدلال، ثم عرف تعالى بمواقع الحجة، أي لو كان من كلام البشر لدخله ما في كلام البشر من القصور، وظهر فيه التناقض والتنافي الذي لا يمكن جمعه، إذ ذلك موجود في كلام البشر، والقرآن منزه عنه، إذ هو كلام المحيط بكل شيء علما.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فإن عرضت لأحد شبهة وظن اختلافا في شيء من كتاب الله، فالواجب أن يتهم نظره ويسأل من هو أعلم منه، وذهب الزجّاج: إلى أن معنى الآية لوجدوا فيما نخبرك به
مما يبيتون اختلافا، أي: فإذ تخبرهم به على حد ما يقع، فذلك دليل أنه من عند الله غيب من الغيوب، هذا معنى قوله، وقد بينه ابن فورك والمهدوي). [المحرر الوجيز: 2/611-612]

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري

....

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 15 جمادى الآخرة 1435هـ/15-04-2014م, 05:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 25,303
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({من يطع الرّسول فقد أطاع اللّه ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظًا (80) ويقولون طاعةٌ فإذا برزوا من عندك بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول واللّه يكتب ما يبيّتون فأعرض عنهم وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا (81)}
يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّه من أطاعه فقد أطاع اللّه، ومن عصاه فقد عصى اللّه، وما ذاك إلّا لأنّه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلّا وحيٌ يوحى.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن سنان، حدّثنا أبو معاوية حدّثنا الأعمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني".
وهذا الحديث ثابتٌ في الصّحيحين، عن الأعمش به
وقوله: {ومن تولّى فما أرسلناك عليهم حفيظًا} أي: لا عليك منه، إن عليك إلّا البلاغ فمن تبعك سعد ونجا، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له، ومن تولّى عنك خاب وخسر، وليس عليك من أمره شيءٌ، كما جاء في الحديث: "من يطع اللّه ورسوله فقد رشد، ومن يعص اللّه ورسوله فإنّه لا يضرّ إلّا نفسه"). [تفسير القرآن العظيم: 2/363-364]


تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ويقولون طاعةٌ} يخبر تعالى عن المنافقين بأنّهم يظهرون الموافقة والطّاعة {فإذا برزوا من عندك} أي: خرجوا وتواروا عنك {بيّت طائفةٌ منهم غير الّذي تقول} أي: استسرّوا ليلًا فيما بينهم بغير ما أظهروه. فقال تعالى: {واللّه يكتب ما يبيّتون} أي: يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين، الّذين هم موكّلون بالعباد. يعلمون ما يفعلون. والمعنى في هذا التّهديد، أنّه تعالى أخبر بأنّه عالمٌ بما يضمرونه ويسرّونه فيما بينهم، وما يتّفقون عليه ليلًا من مخالفة الرّسول وعصيانه، وإن كانوا قد أظهروا له الطّاعة والموافقة، وسيجزيهم على ذلك. كما قال تعالى: {ويقولون آمنّا بالله وبالرّسول وأطعنا [ثمّ يتولّى فريقٌ منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين]} [النّور: 47].
وقوله: {فأعرض عنهم} أي: اصفح عنهم واحلم عليهم ولا تؤاخذهم، ولا تكشف أمورهم للنّاس، ولا تخف منهم أيضًا {وتوكّل على اللّه وكفى باللّه وكيلا} أي: كفى به وليًّا وناصرًا ومعينًا لمن توكّل عليه وأناب إليه). [تفسير القرآن العظيم: 2/364]

تفسير قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا (82) وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته لاتّبعتم الشّيطان إلا قليلا (83)}
يقول تعالى آمرًا عباده بتدبّر القرآن، وناهيًا لهم عن الإعراض عنه، وعن تفهّم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة، ومخبرًا لهم أنّه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تضادّ ولا تعارض؛ لأنّه تنزيلٌ من حكيمٍ حميدٍ، فهو حقٌّ من حقٍّ؛ ولهذا قال تعالى: {أفلا يتدبّرون القرآن [أم على قلوبٍ أقفالها]} [محمّدٍ: 24] ثمّ قال: {ولو كان من عند غير اللّه} أي: لو كان مفتعلًا مختلقًا، كما يقوله من يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم {لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} أي: اضطرابًا وتضادًّا كثيرًا. أي: وهذا سالمٌ من الاختلاف، فهو من عند اللّه. كما قال تعالى مخبرا عن الراسخين في العلم حيث قالوا: {آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا} [آل عمران:7] أي: محكمه ومتشابهه حقٌّ؛ فلهذا ردّوا المتشابه إلى المحكم فاهتدوا، والّذين في قلوبهم زيغٌ ردّوا المحكم إلى المتشابه فغووا؛ ولهذا مدح تعالى الرّاسخين وذمّ الزّائغين.
قال الإمام أحمد: حدّثنا أنس بن عياضٍ، حدّثنا أبو حازمٍ عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه قال: لقد جلست أنا وأخي مجلسًا ما أحبّ أنّ لي به حمر النّعم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخةٌ من صحابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على بابٍ من أبوابه، فكرهنا أن نفرّق بينهم، فجلسنا حجرة، إذ ذكروا آيةً من القرآن، فتماروا فيها حتّى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مغضبًا حتّى احمرّ وجهه، يرميهم بالتّراب، ويقول: "مهلًا يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدّق بعضه بعضًا، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه".
وهكذا رواه أيضًا عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هندٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جده قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ذات يومٍ، والنّاس يتكلّمون في القدر، فكأنّما يفقأ في وجهه حبّ الرّمان من الغضب، فقال لهم: "ما لكم تضربون كتاب اللّه بعضه ببعضٍ؟ بهذا هلك من كان قبلكم". قال: فما غبطت نفسي بمجلسٍ فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولم أشهده ما غبطت نفسي بذلك المجلس، أنّي لم أشهده.
ورواه ابن ماجه من حديث داود بن أبي هندٍ، به نحوه.
وقال أحمد: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أبي عمران الجوني قال: كتب إليّ عبد اللّه بن رباح، يحدّث عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: هجّرت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يومًا، فإنّا لجلوسٌ إذ اختلف اثنان في آيةٍ، فارتفعت أصواتهما فقال: "إنّما هلكت الأمم قبلكم باختلافهم في الكتاب" ورواه مسلمٌ والنّسائيّ، من حديث حمّاد بن زيدٍ، به). [تفسير القرآن العظيم: 2/364-365]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة