العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة طه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:22 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير سورة طه [ من الآية (111) إلى الآية (114) ]

{وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:23 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وعنت الوجوه للحى القيوم قال ذلت الوجوه). [تفسير عبد الرزاق: 2/19]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى وقد خاب من حمل ظلما قال من حمل شركا). [تفسير عبد الرزاق: 2/19]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وعنت الوجوه} قال: خشعت وذلت [الآية: 111]). [تفسير الثوري: 196]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {وقد خاب من حمل ظلما} قال: الظلم: الشرك [الآية: 111]). [تفسير الثوري: 196-197]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلمًا}.
يقول تعالى ذكره: استأسرّت وجوه الخلق، واستسلمت للحيّ القيّوم الّذي لا يموت، القيّوم على خلقه بتدبيره إيّاهم، وتصريفهم لما شاءوا.
وأصل العنوّ الذّلّ، يقال منه: عنا وجهه لربّه يعنو عنوًّا، يعني به خضع له وذلّ، ولذلك قيل للأسير: عان لذلّة الأسر. فأمّا قولهم: أخذت الشّيء عنوةً، فإنّه يكون وإن كان معناه يئول إلى هذا أن يكون أخذه غلبةً، ويكون أخذه عن تسليمٍ وطاعةٍ، كما قال الشّاعر:
هل انت مطيعي أيّها القلب عنوةً = ولم تلح نفسٌ لم تلم في اختيالها
وقال آخر:
فما أخذوها عنوةً عن مودّةٍ = ولكن بضرب المشرفيّ استقالها
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} يقول: ذلّت.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} يعني بعنت: استسلمت إلي.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {وعنت الوجوه} قال: خشعت.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} أي ذلّت الوجوه للحيّ القيّوم.
- حدّثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: ذلّت الوجوه.
- حدّثنا ابن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قال طلقٌ: إذا سجد الرّجل فقد عنا وجهه، أو قال: عنى.
- حدّثني أبو حصينٍ عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثنا عبثرٌ، قال: حدّثنا حصينٌ، عن عمرو بن مرّة عن طلق بن حبيبٍ، في هذه الآية: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: هو وضع الرّجل رأسه ويديه وأطراف قدميه.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن فضيلٍ، عن ليثٍ، عن عمرو بن مرّة، عن طلق بن حبيبٍ في قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: وهو وضعك جبهتك وكفّيك وركبتيك وأطراف قدميك في السّجود.
- حدّثنا خلاّد بن أسلم، قال حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن حصينٍ، عن عمرو بن مرّة، عن طلق بن حبيبٍ في قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: وضع الجبهة والأنف على الأرض.
- حدّثني يعقوب: قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرنا حصينٌ، عن عمرو بن مرّة، عن طلق بن حبيبٍ، في قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: هو السّجود على الجبهة والرّاحتين والرّكبتين والقدمين.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال: استأسرت الوجوه للحيّ القيّوم، صاروا أسارى كلّهم له. قال: والعاني: الأسير.
وقد بيّنّا معنى الحيّ القيّوم فيما مضى، بما أغنى عن إعادته هاهنا.
وقوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} يقول تعالى ذكره: ولم يظفر بحاجته وطلبته من حمل إلى موقف القيامة شركًا باللّه، وكفرًا به، وعملاً بمعصيته.
وبنحو الّذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} قال: من حمل شركًا.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} قال: من حمل شركًا، الظّلم هاهنا: الشّرك). [جامع البيان: 16/171-175]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وعنت الوجوه يقول خشعت الوجوه). [تفسير مجاهد: 403]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 111 - 114.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وعنت الوجوه} قال: ذلت.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه مثله). [الدر المنثور: 10/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وعنت الوجوه} قال: خشعت). [الدر المنثور: 10/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {وعنت الوجوه} قال: استأسرت صاروا أسارى كلهم). [الدر المنثور: 10/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية {وعنت الوجوه} قال: خضعت). [الدر المنثور: 10/243]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل: {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال: استسلمت وخضعت يوم القيامة، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول:
ليبك عليك كل عان بكربه * وآل قصي من مقل وذي وفر). [الدر المنثور: 10/243-244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله: {وعنت الوجوه} قال: الركوع والسجود). [الدر المنثور: 10/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب رضي الله عنه في قوله: {وعنت الوجوه للحي القيوم} قال: هو وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك وأطراف قدميك في السجود). [الدر المنثور: 10/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وقد خاب من حمل ظلما} قال: شركا). [الدر المنثور: 10/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قول: {وقد خاب من حمل ظلما} قال: شركا، وفي قوله: {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال: {ظلما} أن يزاد في سيئاته، {ولا هضما} قال: لا ينقص من حسناته). [الدر المنثور: 10/244]

تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فلا يخاف ظلما ولا هضما قال ظلما أن يزاد في سيئاته ولا يهضم من حسناته). [تفسير عبد الرزاق: 2/19]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] في قوله: {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال: الظّلم أن يظلم حقّه والهضم: أن يهضم بعض حقّه [الآية: 112]). [تفسير الثوري: 197]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ: {هضمًا} [طه: 112] : «لا يظلم فيهضم من حسناته»). [صحيح البخاري: 6/95]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله وقال ابن عبّاسٍ هضمًا لا يظلم فيهضم من حسناته وصله بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاس في قوله فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا قال لا يخاف بن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيّئاته ولا يهضم فينقص من حسناته وعن قتادة عند عبد بن حميدٍ مثله). [فتح الباري: 8/433]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس {هضما} لا يظلم فيهضم من حسناته {عوجا} واديا {أمتا} رابية {سيرتها} حالتها الأولى {النهى} التقى {ضنكا} الشّقاء {هوى} شقي {المقدّس} المبارك {طوى} اسم الوادي {بملكنا} بأمرنا وقال مجاهد {مكانا سوى} منتصف بينهم {يبسا} يابسا {على قدر} على موعد {ولا تنيا} تضعفا {يفرط} عقوبة
قال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله 112 طه {فلا يخاف ظلما} قال لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته). [تغليق التعليق: 4/255] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (وقال ابن عبّاسٍ هضماً لا يظلم فيهضم من حسناته
أي قال عبد الله بن عبّاس في معنى قوله تعالى: {فلا يخاف ظلما ولا هضماً} (طه: 112) يظلم فيهضم أي: فينقص من حسناته ورواه ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاس، وأصل الهضم النّقص والكسر، يقال: هضمت لك من حقك أي حططت، وهضم الطّعام). [عمدة القاري: 19/58]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( (وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة في قوله تعالى: {فلا يخاف ظلمًا ولا} ({هضمًا}) أي (لا يظلم فيهضم من حسناته) ولفظ ابن أبي حاتم لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزداد في سيئاته ولا يهضم فينقص من حسناته). [إرشاد الساري: 7/237]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلماً ولا هضماً} لا يخاف أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه، ولا هضمًا: أن ينتقص من حسناته شيئاً). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 54]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا}.
يعنى تعالى ذكره بقوله: ومن يعمل من صالحات الأعمال، وذلك فيما قيل أداء فرائض اللّه الّتي فرضها على عباده {وهو مؤمنٌ} يقول: وهو مصدّقٌ باللّه، وأنّه مجازٍ أهل طاعته على طاعته وأهل معاصيه على معاصيهم {فلا يخاف ظلمًا} يقول: فلا يخاف من اللّه أن يظلمه، فيحمل عليه سيّئات غيره، فيعاقبه عليها {ولا هضمًا} يقول: لا يخاف أن يهضمه حسناته، فينقصه ثوابها.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ} وإنّما يقبل اللّه من العمل ما كان في إيمانٍ.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، قوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ} قال: زعموا أنّها الفرائض.
ذكر من قال ما قلنا في معنى قوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا}.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وسليمان بن عبد الجبّار، قالا: حدّثنا ابن عطيّة، عن إسرائيل، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، {لا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} قال: هضمًا. غصبًا.
- حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية عن عليٍّ عن ابن عبّاسٍ قال: {لا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} قال: لا يخاف ابن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد عليه في سيّئاته، ولا يظلم فيهضم من حسناته.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} يقول: أنا قاهرٌ لكم اليوم، آخذكم بقوّتي وشدّتي، وأنا قادرٌ على قهركم وهضمكم، فإنّما بيني وبينكم العدل، وذلك يوم القيامة.
- حدّثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} أمّا هضمًا فهو لا يقهر الرّجل الرّجل بقوّته، يقول اللّه يوم القيامة: لا آخذكم بقوّتي وشدّتي، ولكن العدل بيني وبينكم، ولا ظلم عليكم.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {هضمًا} قال: انتقاص شيءٍ من حقّ عمله.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن مسعرٍ، قال: سمعت حبيب بن أبي ثابتٍ، يقول في قوله: {ولا هضمًا} قال: الهضم: الانتقاص.
- حدّثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} قال: ظلمًا أن يزاد في سيّئاته، ولا يهضم من حسناته.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} أى: لا يخاف أن يحمل عليه ذنب غيره، ولا يهضم من حسناته.
- حدّثني يونس: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فى قوله: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} قال: لا يخاف أن يظلم، فلا يجزى بعمله، ولا يخاف أن ينتقص من حقّه، فلا يوفّى عمله.
- حدّثنا الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا سلاّم بن مسكينٍ، عن ميمون بن سياهٍ، عن الحسن، في قول اللّه تعالى: {فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} قال: لا ينتقص اللّه من حسناته شيئًا، ولا يحمل عليه ذنب مسيءٍ.
وأصل الهضم: النّقص، يقال: هضمني فلانٌ حقّي، ومنه امرأةٌ هضيمٌ: الكشح أي ضامرة البطن، ومنه قولهم: قد هضم الطّعام: إذا ذهب، وهضمت لك من حقّك: أي حططتك). [جامع البيان: 16/175-178]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا هضما قال لا يخاف انتقاص شيء من عمله). [تفسير مجاهد: 403]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قول: {وقد خاب من حمل ظلما} قال: شركا، وفي قوله: {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال: {ظلما} أن يزاد في سيئاته، {ولا هضما} قال: لا ينقص من حسناته). [الدر المنثور: 10/244] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: {فلا يخاف ظلما ولا هضما} قال: لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم من حسناته). [الدر المنثور: 10/244]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {فلا يخاف ظلما} قال: أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه {ولا هضما} قال: أن ينتقص من حسناته شيئا). [الدر المنثور: 10/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا هضما} قال: غصبا). [الدر المنثور: 10/245]

تفسير قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى أو يحدث لهم ذكرا قال جدا وورعا). [تفسير عبد الرزاق: 2/19]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وكذلك أنزلناه قرءانًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرًا}.
يقول تعالى ذكره: كما رغّبنا أهل الإيمان في صالحات الأعمال، بوعدناهم ما وعدناهم، كذلك حذّرنا بالوعيد أهل الكفر المقام على معاصينا، وكفرهم بآياتنا، فأنزلنا هذا القرآن عربيًّا، إذ كانوا عربًا {وصرّفنا فيه من الوعيد} فبيّنّاه: يقول: وخوّفناهم فيه بضروبٍ من الوعيد. {لعلّهم يتّقون}. يقول: كي يتّقونا، بتصريفنا ما صرّفنا فيه من الوعيد. {أو يحدث لهم ذكرًا}. يقول: أو يحدث لهم هذا القرآن تذكرةً، فيعتبروا ويتّعظوا بفعلنا بالأمم الّتي كذّبت الرّسل قبلها، وينزجروا عمّا هم عليه مقيمون من الكفر باللّه.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {وكذلك أنزلناه قرآنًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون} ما حذّروا به من أمر اللّه وعذابه، ووقائعه بالأمم قبلهم {أو يحدث لهم} القرآن {ذكرًا} أي جدًّا وورعًا.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، في قوله {أو يحدث لهم ذكرًا} قال: جدًّا وورعًا.
وقد قال بعضهم في: {أو يحدث لهم ذكرًا} أنّ معناه: أو يحدث لهم شرفًا، بإيمانهم به). [جامع البيان: 16/178-179]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أو يحدث لهم ذكرا} قال: القرآن {ذكرا} قال: جدا وورعا). [الدر المنثور: 10/245]

تفسير قوله تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) )
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني جرير بن حازمٍ قال: سمعت الحسن البصريّ قال: أتت امرأةٌ إلى رسول اللّه فقالت: إنّ زوجي لطم وجهي، قال: بينكم القصاص، فأنزل اللّه: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماً}؛ قال: فأمسك رسول اللّه حتّى أنزلت الآية الّتي في سورة النّساء: {الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل اللّه بعضهم على بعضٍ}). [الجامع في علوم القرآن: 2/41-42]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن قتادة في قوله تعالى من قبل أن يقضى إليك وحيه قال تبيانه). [تفسير عبد الرزاق: 2/20]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فتعالى اللّه الملك الحقّ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علمًا}.
يقول تعالى ذكره: فارتفع الّذي له العبادة من جميع خلقه، الملك الّذي قهر سلطانه كلّ ملكٍ وجبّارٍ، الحقّ عمّا يصفه به المشركون من خلقه. {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}. يقول جلّ ثناؤه لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: ولا تعجل يا محمّد بالقرآن، فتقرئه أصحابك، أو تقرأه عليهم، من قبل أن يوحى إليك بيان معانيه، فعوتب على إكتابه وإملائه ما كان اللّه ينزله عليه من كتابه من كان يكتبه ذلك، من قبل أن يبيّن له معانيه، وقيل: لا تتله على أحدٍ، ولا تمله عليه، حتّى نبيّنه لك.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} قال: لا تتله على أحدٍ حتّى نبيّنه لك.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهد، قال: يقول: لا تمله على أحدٍ حتّى نتمّه لك هكذا قال القاسم: حتّى نتمّه.
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} يعني: لا تعجل حتّى نبيّنه لك.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} أي بيانه.
- حدّثنا الحسن قال: أخبرنا عبد الرّزّاق قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة فى قوله: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} قال: تبيانه.
- حدّثنا ابن المثنّى وابن بشّارٍ، قالا: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة {من قبل أن يقضى إليك وحيه} من قبل أن يبيّن لك بيانه.
وقوله: {وقل ربّ زدني علمًا} يقول تعالى ذكره: وقل يا محمّد: ربّ زدني علمًا إلى ما علّمتني، أمره بمسألته من فوائده العلم ما لا يعلم). [جامع البيان: 16/179-181]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه يقول لا تتله على أحد حتى نبينه لك). [تفسير مجاهد: 403]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في حفظه حتى يشق على نفسه يتخوف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فينسى ما علمه، فقال الله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} وقال: (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (القيامة آية 16) ). [الدر المنثور: 10/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} يقول: لا تعجل حتى نبينه لك). [الدر المنثور: 10/245]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن الحسن قال: لطم رجل امرأته فجاءت إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم تطلب قصاصا فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص فأنزل الله {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما} فوقف النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتى نزلت (الرجال قوامون على النساء) (النساء آية 34) الآية). [الدر المنثور: 10/245-246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ {من قبل أن يقضى إليك وحيه} ). [الدر المنثور: 10/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تعجل بالقرآن} قال: لا تمله على أحد حتى نتمه لك). [الدر المنثور: 10/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} قال: تبيانه). [الدر المنثور: 10/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الترمذي، وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علما والحمد لله على كل حال). [الدر المنثور: 10/246]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد عن ابن مسعود: أنه كان يدعو: اللهم زدني إيمانا وفقها ويقينا وعلما). [الدر المنثور: 10/247]


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:25 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} [طه: 111] سعيدٌ، عن قتادة قال: ذلّت الوجوه للحيّ القيّوم.
قال قتادة: القائم على كلّ شيءٍ.
وقال الحسن: القائم على كلّ نفسٍ بما كسبت حتّى يجزيها بعملها.
قوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} [طه: 111] من حمل شركًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/281]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم...}

يقال نصبت له عملت له وذكر أيضاً أنه وضع المسلم يديه وجبهته وركبتيه إذا سجد وركع وهو في معنى العربيّة أن يقول الرجل عنوت لك: خضعت لك وأطعتك.
ويقال الأرض لم تعن بشيء أي لم تنبت شيئاً، ويقال: لم تعن بشيء والمعنى واحد كما قيل حثوت عليه التراب وحثيت التراب.
والعنوة في قول العرب: أخذت هذا الشيء عنوة يكون غلبة ويكون عن تسليم وطاعة ممّن يؤخذ منه الشيء قال الشاعر:
فما أخذوها عن مودّةٍ =ولكن بضرب المشرفيّ استقالها
فهذا على معنى الطاعة والتسليم بلا قتال). [معاني القرآن: 2/193،192]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت: 215هـ) : ( {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلماً}
وقال: {وعنت الوجوه} يقول: "عنت" "تعنو" "عنوّاً").[معاني القرآن: 3/6]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {وعنت الوجوه}: أي خضعت يقال عنا لك وجهي يعنو عنوا أي خضع، والعاني الأسير والنساء عوان عند أزواجهن منه).
[غريب القرآن وتفسيره: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {وعنت الوجوه} أي ذلّت. وأصله من عنيته: أي حبسته.
ومنه قيل للأسير: عان). [تفسير غريب القرآن: 282]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم وقد خاب من حمل ظلما}
معنى عنت في اللغة خضعت، يقال عنا يعنو إذا خضع، ومنه قيل أخذت البلاد عنوة، إذا أخذت غلبة، وأخذت بخضوع من أهلها). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {وعنت الوجوه للحي القيوم} أي: خضعت وذلت). [ياقوتة الصراط: 352]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}: أي ذلت). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَعَنَـتْ}: خضعـت). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} [طه: 112] لا يجزى بالعمل الصّالح في الآخرة إلا المؤمن، ويجزى به الكافر في الدّنيا.
قال: {فلا يخاف ظلمًا} [طه: 112] أن يزاد عليه سيّئاته في تفسير الحسن.
وقال قتادة: لا يخاف أن يحمل عليه من ذنب غيره.
{ولا هضمًا} [طه: 112] لا ينقص من حسناته.
المعلّى، عن أبي يحيى، عن مجاهدٍ قال: لا يخاف ظلمًا ولا نقصًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/282]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {فلا يخاف ظلماً ولا هضماً...}

تقول العرب: هضمت لك من حقّي أي حططته، وجاء عن علي بن أبي طالب في يوم الجمل أنه قيل له أهضم أم قصاصٌ قال: ما عمل به فهو تحت قديّ هاتين فجعله هدراً وهو النقص). [معاني القرآن: 2/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ومن يعمل من الصّالحات} مجازه ومن يعمل الصالحات، و " من " من حروف الزوائد، وفي آية أخرى: " فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين،
وقال الشاعر:
جزيتك ضعف الحبّ لما استثبته=وما إن جزاك الضّعف من أحدٍ قبلي
زاد " من " لماكن النفي لا تزاد " من " في أمرٍ واجبٍ، يقال: ما عندي من شيء وما عندك من خيرٍ وهل عندك من طعام، فإذا كان واجباً لم يجز شيء من هذا فلا تقول: عندي من خير ولا عندي من درهم وأنت تريد: عندي درهم). [مجاز القرآن: 2/31]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولا هضماً} أي ولا نقيصة،
قال لبيد:
ومقسّمٌ يعطي العشيرة حقّها=ومغذمرٌ لحقوقها هضّامها
يقال: هضمني فلان حقي ومنه هضيم الكشح أي ضامر البطن ومنه، طلعها هضيمٌ قد لزق بعضه ببعض وضم بعضه بعضاً، ويقال: هضمني طعامي، ألا ترى أنه قد ذهب ؛
وهو في قول أحسن: أكيلٌ هضومٌ مطعمٌ قد أمكن أن يؤكل). [مجاز القرآن: 2/31]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت: 237هـ) : ( {ولا هضما}: أي نقيصة ومنه هضمني حقي ومنه هضيم الكشح أي ليس بمنتفخ البطن ومنه هضيم الكشح أي ليس بمنتفخ البطن ومنه طلعها هضيم قد لزق بعضه ببعض ومنه: هضمي الطعام). [غريب القرآن وتفسيره: 251]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا هضماً} أي نقصة. يقال: تهضّمني حقّي وهضمني.
ومنه هضيم الكشحين: أي ضامر الجنبين، كأنهما هضما. وقوله: {ونخلٍ طلعها هضيمٌ} أي منهضم).[تفسير غريب القرآن: 282،283]
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت: 311هـ) : (وقوله عزّ وجلّ: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}
الهضم: النّقص، يقال فلان يهضمني حقي أي ينقصني، كذلك هذا شيء يهضم الطعام، أي ينقص ثقلته). [معاني القرآن: 3/377]
قَالَ غُلاَمُ ثَعْلَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ (ت:345 هـ) : ( {ولا هضما} الهضم: النقص). [ياقوتة الصراط: 353]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {وَلَا هَضْمًا}: أي نقيصة. ومنه قوله: هضيم الكشحين، أي ضامر الجنبين كأنهما هضما.
وقوله تعالى: {ونخل طلعها هضيم}: أي منضم). [تفسير المشكل من غريب القرآن: 154]
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ( {هَضْمـاً}: نقصـاً). [العمدة في غريب القرآن: 204]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {وكذلك أنزلناه قرءانًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد} [طه: 113] من يعمل كذا فله كذا، فذكره في هذه السّورة ثمّ في سورةٍ أخرى.
{لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرًا} [طه: 113] تفسير السّدّيّ: لعلّهم يتّقون ويحدث لهم ذكرًا، يعني القرون الأولى.
والألف هاهنا صلةٌ.
وهي تقرأ بالياء والتّاء.
فمن قرأها بالياء يقول: أو يحدث لهم القرآن ذكرًا أي جدًّا وورعًا في تفسير قتادة.
ومن قرأها بالتّاء يقول: أو تحدث لهم يا محمّد ذكرًا). [تفسير القرآن العظيم: 1/282]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {أو يحدث لهم ذكراً...}.

شرفاً وهو مثل قول الله {وإنّه لذكرٌ لك ولقومك} أي شرف ويقال {أو يحدث لهم ذكراً} عذاباً أي يتذكرون حلول العذاب الذي وعدوه). [معاني القرآن: 2/193]
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وصرّفنا فيه من الوعيد} مجازه بيناً). [مجاز القرآن: 2/32]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ): ((أو): تأتي للشك، تقول. رأيت عبد الله أو محمدا.
وتكون للتخيير بين شيئين=وربما كانت بمعنى واو النّسق.
كقوله: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} يريد: عذرا ونذرا. وقوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} أي لعلهم يتقون ويحدث لهم القرآن ذكرا.
هذا كلّه عند المفسرين بمعنى واو النّسق). [تأويل مشكل القرآن: 544]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قال يَحيى بن سلاَّم بن أبي ثعلبة البصري (ت: 200هـ): (قوله: {فتعالى اللّه} [طه: 114] من باب العلوّ: ارتفع.
{الملك الحقّ} [طه: 114] والحقّ اسمٌ من أسماء اللّه.
{ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] سعيدٌ، عن قتادة قال: بيانه.
[تفسير القرآن العظيم: 1/282]
وقال الحسن: فرائضه، وحدوده، وأحكامه، وحلاله، وحرامه.
كان النّبيّ عليه السّلام إذا نزل عليه الوحي يقرأه ويدئب فيه نفسه مخافة أن ينسى، فأنزل اللّه: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به} [القيامة: 16] نحن نحفظه عليك فلا تنسى.
قال اللّه: {إلا ما شاء اللّه} [الأنعام: 128]، وهو قوله: {سنقرئك فلا تنسى {6} إلا ما شاء اللّه} [الأعلى: 6-7]، وهو قوله: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها} [البقرة: 106] ينسها نبيّه.
قال: {فإذا قرأناه فاتّبع قرءانه} [القيامة: 18] فرائضه، وحدوده، والعمل به.
وقال السّدّيّ: {من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114] يعني لا تعجل بالقرآن من قبل أن ينزل إليك جبريل بالوحي.
قال: {وقل ربّ زدني علمًا} [طه: 114] وقال مجاهدٌ: {ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه} [طه: 114]...
لا تتله على أحدٍ حتّى نتمّه لك). [تفسير القرآن العظيم: 1/283]
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت: 207هـ):
(وقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل إن يقضى إليك وحيه...}

كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحي عجل بقراءته قبل أن يستتمّ جبريل تلاوته، فأمر ألاّ يعجل حتى يستتمّ جبريل تلاوته،
وقوله: {فنسي} ترك ما أمر به).[معاني القرآن: 2/193]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت: 276هـ) : ( {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} أي لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ من وحيه إليك.
وكان رسول اللّه - صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم- يبادر بقراءته قبل أن يتمم جبريل، خوفا من النسيان). [تفسير غريب القرآن: 283]

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 جمادى الآخرة 1434هـ/12-04-2013م, 08:27 PM
أم سهيلة أم سهيلة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 2,672
Post

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) }
قال محمد بن المستنير البصري (قطرب) (ت:206هـ): (ومنه قول الله عز وجل: {وعنت الوجوه للحي القيوم}. وقالوا: ما عنت الأرض شيئا، أي: ما أنبتت. ولم يعن زيد بشيء، أي: لم ينطق به. والعنوة تكون ضدا في القهر والطاعة. قال الشاعر:
هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة = ولم تلح نفس لم تلم في اختيالها
وقال أبو محمد: عنت الوجوه: ذلت. هذا عن أبي عمرو الشيباني). [الأضداد: 137]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (الفراء: ..... غيره: عنوت للحق خضعت ومنه قوله: {وعنت الوجوه للحي القيوم} وهي تعنو). [الغريب المصنف: 3/809]
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: 224 هـ) : (في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان)).
قوله: عوان، واحدتها عانية، وهي الأسيرة.
يقول: إنما هن عندكم بمنزلة الأسراء.
ويقال للرجل من ذلك: هو عان، وجمعه عناة.
ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني)). يعني الأسير، ولا أظن هذا مأخوذا إلا من الذل والخضوع، لأنه يقال لكل من ذل واستكان: قد عنا يعنو. وقال الله تبارك وتعالى: {وعنت الوجوه للحي القيوم} والاسم من ذلك العنوة قال القطامي يذكر امرأة:

ونأت بحاجتنا وربت عنوة = لك من مواعدها التي لم تصدق
يقول: استكانة لك وخضوعا لمواعدها ثم لا تصدق.
ومنه قيل: أخذت البلاد عنوة أي هو بالقهر والإذلال.
وقد يقال للأسير: الهدي، قال المتلمس يذكر طرفة ومقتل عمرو بن هند إياه بعد أن كان سجنه:
كطريفة بن العبد كان هديهم = ضربوا صميم قذاله بمهند
وأظن المرأة إنما سميت هديا لهذا المعنى لأنها كالأسيرة عند زوجها قال عنترة:
ألا يا دار عبلة بالطوي = كرجع الوشم في كف الهدي
وقد يكون أن يكون سميت هديا: لأنها تهدى إلى زوجها، فهي هدى: فعيل في موضع مفعول، فقال: هدي يريد مهدية.
يقال منه: هديت المرأة إلى زوجها أهديها هداء بغير ألف قال زهير بن أبي سلمى المزني:
فإن تكن النساء مخبآت = فحق لكل محصنة هداء
بمعنى أن تهدى إلى زوجها. وليس هذا من الهدية في شيء.
لا يقال من الهدية إلا أهديت بالألف إهداء، ومن المرأة: هديت.
وقد زعم بعض الناس أن في المرأة لغة أخرى أيضا: أهديت والأولى أفشى في كلامهم وأكثر). [غريب الحديث: 1/407-409]
قالَ أبو سعيدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَينِ السُّكَّريُّ (ت: 275هـ) : (

فيا رب مكروب كررت وراءه = وعان فككت الغل عنه ففداني
العاني: الأسير. يقال: قد عنا له يعنو؛ إذا خضع له.
والعنوة: القهر، والعنوة: الطاعة بلا قهر. قال الله عز وجل: {وعنت الوجوه للحي القيوم} ). [شرح ديوان امرئ القيس: 490]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): ( وعنوة من الأضداد، يقال: أخذ الشيء عنوة، إذا أخذه وغلبة، وأخذه عنوة إذا أخذه بمحبة ورضا من المأخوذ منه؛ أخبرنا بهذا أبو العباس، وأنشدنا قول كثير:
فما أخذوها عنوة عن مودة = ولكن بحد المشرفي استقالها
وقال الآخر:

هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة = ولم تلح نفس لم تلم في اختيالها
وقال الله عز وجل: {وعنت الوجوه للحي القيوم}، فمعناه خضعت وذلت. وقال المفسرون: هو وضع المسلم يديه وركبتيه وجبهته على الأرض. ويقال: قد عنوت لفلان إذا خضعت له، ويقال: الأرض لم تعن بنبات ولم تعن بنبات، أي لم تظهر النبات، قال أمية بن أبي الصلت:

ملك على عرض السماء مهيمن = تعنو لعزته الوجوه وتسجد
وقال أمية أيضا:

الحمد لله الذي لم يتخذ = ولدا وقدر خلقه تقديرا
وعنا له وجهي وخلقي كله = في الخاشعين لوجهه مشكوا
ويقال للأسير: عان لخضوعه وذله، جاء في الحديث: ((اتقوا الله في النساء فإنهن عندكم عوان))، أي أسراء). [كتاب الأضداد: 79-80]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): ( {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}، أي ولا كسرا. يقال انهضم الطعام، إذا انكسر في بطنه؛ وهضمه: كسره). [مجالس ثعلب: 222]
قالَ محمَّدُ بنُ القاسمِ بنِ بَشَّارٍ الأَنْبَارِيُّ: (ت: 328 هـ): (
أولئك قومي إن يلذ ببيوتهم = أخو حدث يوما فلن يتهضما
قال الضبي: يتهضم يتنقص: قال الله تعالى: {فلا يخاف ظلما ولا هضما}: ومنه سمي: الهاضوم دواء يهضم به الطعام عند الثقلة). [شرح المفضليات: 628]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) }
قالَ أبو العبَّاسِ أَحمدُ بنُ يَحْيَى الشَّيبانِيُّ - ثَعْلَبُ - (ت:291هـ): (وقال أبو العباس في قوله عز وجل: {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} قال: شرفًا). [مجالس ثعلب: 325]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) }

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:01 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الرابع الهجري

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:02 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الخامس الهجري

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 18 ذو القعدة 1439هـ/30-07-2018م, 09:30 AM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {وعنت الوجوه} معناه: ذلت، والعاني: الأسير، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمر النساء: هن عوان عندكم، وهذه حالة الناس يوم القيامة. قال طلق بن حبيب: أراد تعالى سجود الناس على الوجوه والآراب السبعة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
إن كان روي هذا أن الناس يوم القيامة سجودا، وجعل هذه الآية إخبارا فقوله مستقيم، وإن كان أراد سجود الدنيا فإنه أفسد المعنى، و"القيوم" بناء مبالغة من قيامه عز وجل على كل شيء بما يجب فيه. و"خاب" معناه: لم ينجح ولا ظفر بمطلوبه، و"الظلم" يعم الشرك والمعاصي، وخيبة كل حامل بقدر ما حمل من الظلم، فخيبة المشرك على الإطلاق، وخيبة العاصي مقيدة بوقت وحد في العقوبة). [المحرر الوجيز: 6/135]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما}
قوله تعالى: {ومن يعمل} معادل لقوله: {من حمل ظلما}، وفي قوله سبحانه: {من الصالحات} تيسير في الشرع؛ لأنها "من" التي للتبعيض، و"الظلم" أعم من "الهضم"، وهما متقاربان في المعنى ويتداخلان، ولكن من حيث تناسقا في هذه الآية ذهب قوم إلى تخصيص كل واحد منهما بمعنى، فقالوا: الظلم أن تعظم عليه سيئاته وتكثر أكثر مما يجب، والهضم أن ينقض حسناته ويبخسها، وكلهم قرأ: "فلا
[المحرر الوجيز: 6/135]
يخاف" على الخبر، غير ابن كثير فإنه قرأ: "فلا يخف" على النهي). [المحرر الوجيز: 6/136]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم قال تعالى: {وكذلك أنزلناه} أي: كما قدرنا هذه الأمور وجعلناها حقيقة بالمرصاد للعباد، كذلك حذرنا هؤلاء أمرنا، وأنزلناه قرآنا عربيا، وتوعدنا فيه بأنواع من الوعيد، لعلهم - بحسب توقع البشر وترجيهم - يتقون ويخشون عقابه فيؤمنون ويتذكرون نعمه عندهم وما حذرهم من أليم عقابه، هذا تأويل فرقة في قوله: {أو يحدث لهم ذكرا}، وقالت فرقة: معناه: أو يكسبهم شرفا، ويبقي عليهم إيمانهم وذكرا صالحا في الغابرين. وقرأ الحسن البصري: "أو يحدث" ساكنة الثاء، وقرأ مجاهد: "أو نحدث" بالنون وسكون الثاء، ولا وجه للجزم إلا على أن تسكين حرف الإعراب استثقالا لحركته، وهذا نحو قول جرير:
... ... ... ... ... ولا تعرفكم العرب). [المحرر الوجيز: 6/136]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: {فتعالى الله الملك الحق} ختم للقول؛ لأنه لما قدم صفة سلطانه يوم القيامة وعظم قدرته وذلة عبيده وتلطفه بهم، ختم ذلك بهذه الكلمة، وجعل بعد ذلك الأمر بنوع آخر من القول. وقوله سبحانه: {ولا تعجل بالقرآن}، قالت فرقة: سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاف وقت تكلم جبريل عليه السلام له أن ينسى أول القرآن، فكان يقرأ قبل أن يستتم جبريل عليه السلام الوحي، فنزلت في ذلك، وهي بمعنى قوله تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به}، وقالت فرقة أخرى: سبب هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه القرآن أمر بكتبه للحين، فأمر الله تعالى في هذه الآية أن
[المحرر الوجيز: 6/136]
يتأنى حتى تفسر له المعاني وتقرر عنده، وقالت فرقة: سبب الآية أن امرأة شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زوجها لطمها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينكما القصاص"، ثم نزلت الرجال قوامون، ونزلت هذه الآية بمعنى التثبت في الحكم بالقرآن حتى يبين، والله أعلم. وقرأ الجمهور: "من قبل أن يقضي إليك وحيه"، وقرأ عبد الله بن مسعود، "من قبل أن يقضي إليك وحيه"، وباقي الآية بين، رغبة في خير). [المحرر الوجيز: 6/137]

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:30 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن السابع الهجري
...

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 9 محرم 1440هـ/19-09-2018م, 06:33 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {وعنت الوجوه للحيّ القيّوم} قال ابن عبّاسٍ، وغير واحدٍ: خضعت وذلّت واستسلمت الخلائق لجبّارها الحيّ الّذي لا يموت، القيّوم: الّذي لا ينام، وهو قيّمٌ على كلّ شيءٍ، يدبّره ويحفظه، فهو الكامل في نفسه، الّذي كلّ شيءٍ فقيرٌ إليه، لا قوام له إلّا به.
وقوله: {وقد خاب من حمل ظلمًا} أي: يوم القيامة، فإنّ اللّه سيؤدّي كلّ حقٍّ إلى صاحبه، حتّى يقتصّ للشّاة الجمّاء من الشّاة القرناء.
وفي الحديث: "يقول اللّه تعالى: وعزّتي وجلالي، لا يجاوزني اليوم ظلم ظالمٍ".
وفي الصّحيح: "إيّاكم والظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلماتٌ يوم القيامة". والخيبة كلّ الخيبة من لقي اللّه وهو مشركٌ به؛ فإنّ اللّه تعالى يقول: {إنّ الشّرك لظلمٌ عظيمٌ} [لقمان: 13]). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 318]

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومن يعمل من الصّالحات وهو مؤمنٌ فلا يخاف ظلمًا ولا هضمًا} لـمّا ذكر الظّالمين ووعيدهم، ثنّى بالمتّقين وحكمهم، وهو أنّهم لا يظلمون ولا يهضمون، أي: لا يزاد في سيّئاتهم ولا ينقص من حسناتهم. قاله ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، والضّحّاك، والحسن، وقتادة، وغير واحدٍ. فالظّلم: الزّيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره، والهضم: النّقص). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 318]

تفسير قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وكذلك أنزلناه قرآنًا عربيًّا وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون أو يحدث لهم ذكرًا (113) فتعالى اللّه الملك الحقّ ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علمًا (114)}
يقول: ولـمّا كان يوم المعاد والجزاء بالخير والشّرّ واقعًا لا محالة، أنزلنا القرآن بشيرًا ونذيرًا، بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ فصيحٍ لا لبس فيه ولا عيّ، {وصرّفنا فيه من الوعيد لعلّهم يتّقون} أي: يتركون المآثم والمحارم والفواحش، {أو يحدث لهم ذكرًا} وهو إيجاد الطّاعة وفعل القربات).[تفسير القرآن العظيم: 5/ 318-319]

تفسير قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فتعالى اللّه الملك الحقّ} أي: تنزّه وتقدّس الملك الحقّ، الّذي هو حقٌّ، ووعده حقٌّ، ووعيده حقٌّ، ورسله حقٌّ، والجنّة حقٌّ، والنّار حقٌّ، وكلّ شيءٍ منه حقٌّ. وعدله تعالى ألّا يعذّب أحدًا قبل الإنذار وبعثة الرّسل والإعذار إلى خلقه؛ لئلّا يبقى لأحدٍ حجّةٌ ولا شبهةٌ.
وقوله: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} كقوله تعالى في سورة "لا أقسم بيوم القيامة" {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه ثمّ إنّ علينا بيانه} [القيامة: 16-19]، وثبت في الصّحيح عن ابن عبّاسٍ؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يعالج من الوحي شدّةً، فكان ممّا يحرّك لسانه، فأنزل اللّه هذه الآية يعني: أنّه، عليه السّلام، كان إذا جاءه جبريل بالوحي، كلّما قال جبريل آيةً قالها معه، من شدّة حرصه على حفظ القرآن، فأرشده اللّه تعالى إلى ما هو الأسهل والأخفّ في حقّه؛ لئلّا يشقّ عليه. فقال: {لا تحرّك به لسانك لتعجل به * إنّ علينا جمعه وقرآنه} أي: أن نجمعه في صدرك، ثمّ تقرأه على النّاس من غير أن تنسى منه شيئًا، {فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه * ثمّ إنّ علينا بيانه} وقال في هذه الآية: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} أي: بل أنصت، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده، {وقل ربّ زدني علمًا} أي: زدني منك علمًا.
قال ابن عيينة، رحمه اللّه: ولم يزل صلّى اللّه عليه وسلّم في زيادةٍ [من العلم] حتّى توفّاه اللّه عزّ وجلّ.
ولهذا جاء في الحديث: "إنّ اللّه تابع الوحي على رسوله، حتّى كان الوحي أكثر ما كان يوم توفّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال ابن ماجه: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد اللّه بن نمير، عن موسى بن عبيدة، عن محمّد بن ثابتٍ، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "اللّهمّ انفعني بما علّمتني، وعلّمني ما ينفعني، وزدني علمًا، والحمد للّه على كلّ حالٍ".
وأخرجه التّرمذيّ، عن أبي كريب، عن عبد اللّه بن نمير، به. وقال: غريبٌ من هذا الوجه. ورواه البزّار عن عمرو بن عليٍّ الفلّاس، عن أبي عاصمٍ، عن موسى بن عبيدة، به. وزاد في آخره: "وأعوذ باللّه من حال أهل النار"). [تفسير القرآن العظيم: 5/ 319]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة