العودة   جمهرة العلوم > قسم التفسير > جمهرة التفاسير > تفسير سورة النساء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 09:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي

التفسير اللغوي

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66)}

قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {ولو أنّا كتبنا عليهم} معناه: قضينا عليهم.

{ما فعلوه إلا قليلٌ منهم}

{ما فعلوه}: استثناء قليل من كثير، فكأنه قال: ما فعلوه، فاستثنى الكلام، ثم قال: إلا أنه يفعل قليل منهم.
ومنهم من زعم: أن {ما فعلوه} في موضع: ما فعله إلاّ قليل منهم، وقال عمرو بن معدي كرب:
وكل أخٍ مفارقه أخوه... لعمر أبيك إلاّ الفرقدان
فشبّه رفع هذا برفع الأول، وقال بعضهم: لا يشبهه لأن الفعل منهما جميعاً.
{ما يوعظون به}: ما يؤمرون به.
{وأشدّ تثبيتاً}: من الإثبات، منها: اللّهم ثبّتنا على ملّة رسولك). [مجاز القرآن: 1/131]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): ({ولو أنّا كتبنا عليهم} أي: فرضنا عليهم وأوجبنا).
[تفسير غريب القرآن: 130]

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله جلّ وعزّ:
{ولو أنّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلّا قليل منهم ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشدّ تثبيتا}
" لو " يمنع بها الشيء لامتناع غيره. تقول لو جاءني زيد لجئته.

المعنى: أن مجيئي امتنع لامتناع مجيء زيد، فحقها أن يلها الأفعال.
إلا أن (أنّ) المشددة تقع بعدها، لأن - " أنّ " في اللغة تنوب عن الاسم والخبر، تقول ظننت أنك عالم.
وهذا كقولك ظننتك عالما. والمعنى ظننت علمك.
فالمعنى في " أنّ " بعد " لو " أنها نابت عن الفعل والاسم، كما نابت عن الاسم والخبر.
فالمعنى في قوله: {ولو أنّا كتبنا عليهم} كالمعنى في لو كتبنا عليهم.
وجائز أن يكون مضمرا الفعل مع (أنّ) مع وقوع قابلها.
المعنى ولو وقع وكتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم.
وإن شئت: كسرتها لالتقاء السّاكنين أعني..
{أن اقتلوا أنفسكم}
وإن شئت قلت" " أن اقتلوا " فضممتها لانضمام التاء..
وأبو عمرو بن العلاء يختار مع النونات خاصة الكسر ومع سائر ما في القرآن - إذا كان ما بعدها مضموما - الضّم، إلا قوله:
{وقالت اخرج عليهنّ}، {ولقد استهزئ برسل من قبلك}
ولست أعرف في هذين الحرفين خاصية أبي عمرو إياهما بالكسر إلا أن يكون:

روى رواية فاختار الكسر لهذه العلة.
أو يكون أراد أن الكسر جاز أيضا كما جاز الضم - وهذا أجود التأويلين.
وللكسر والضم
في هذه الحروف وجهان جيدان قد قرأت القراء بهما:
1- فأمّا رفع إلا قليل. منهم. فعلى البدل من الواو، المعنى: ما فعله إلا قليل منهم.

2- والنصب جائز في غير القرآن، على معنى: ما فعلوه استثني قليلا منهم.
وعلى ما فسّرنا في نصب الاستثناء، فإن كان في النفي نوعان مختلفان
فالاختيار النصب، والبدل جائز، تقول ما بالدار أحد إلا حمارا
قال النابغة الذبياني:
وقفت فيها أصيلا لا أسائلها... عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد
إلاّ الأواريّ لأيا ما أبيّنها... والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد
فقال ما بالربع من أحد، أي ما بالربع أحد إلّا أواري، لأن الأواري ليست من الناس.
وقد يجوز الرفع على البدل، وإن كان ليس من جنس الأول كما قال الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس... إلاّ اليعافير وإلاّ العيس
فجعل اليعافير والعيس بدلا من الأنيس.
وجائز أن يكون: أنيس ذلك البلد اليعافير والعس). [معاني القرآن: 2/71-73]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67)}

تفسير قوله تعالى: {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)}

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)}
قالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى التَّيْمِيُّ (ت:210هـ): ( {وحسن أولئك رفيقاً} أي: رفقاء، والعرب تلفظ بلفظ الواحد والمعنى يقع على الجميع، قال العباس بن مرداسٍ:

فقلنا أسلموا إنّا أخوكم... فقد برئت من الإحن الصدورٌ
وفي القرآن: {يخرجكم طفلاً} والمعنى: أطفالا).
[مجاز القرآن: 1/131]
قالَ الأَخْفَشُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَلْخِيُّ (ت:215هـ): (
{ومن يطع اللّه والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم مّن النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقاً}
قال:
{وحسن أولئك رفيقاً} فليس هذا على "نعم الرّجل" لأن "نعم" لا تقع إلا على اسم فيه الألف واللام أو نكرة، ولكن هذا على مثل قولك: "كرم زيدٌ رجلاً" تنصبه على الحال.

و"الرفيق" واحد في معنى جماعة مثل "هم لي صديقٌ"). [معاني القرآن: 1/206]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بْنِ المُبَارَكِ اليَزِيدِيُّ (ت:237هـ): ({وحسن أولئك رفيقا}: رفقاء). [غريب القرآن وتفسيره: 121]
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدِّينَوَرِيُّ (ت:276هـ): (ومنه واحد يراد به جميع:
كقوله:
{هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ}، وقوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا}
وقوله: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا.

وقوله:
{فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}
والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يريدون الدراهم والدنانير.
وقال الشاعر:
هم المولى وإن جنفوا علينا = وإنّا من لقائهم لزور
وقال الله عز وجل: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}، أي: الأعداء، {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، أي: رفقاء.

وقال الشاعر:
فقلنا: أسلموا إنّا أخوكم = وقد برئت من الإحن الصّدور). [تأويل مشكل القرآن:284-285] (م)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (
{ومن يطع اللّه والرّسول فأولئك مع الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيق}
وقوله:
{وحسن أولئك رفيقا}يعنى: النبيين، لأنه قال: {ومن يطع اللّه والرّسول فأولئك} أي: المطيعون.
{مع الّذين أنعم اللّه عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا} أي: الأنبياء ومن معهم حسنوا رفيقا.
و" رفيقا " منصوب على التمييز، ينوب عن رفقاء، وقال بعضهم لا ينوب الواحد عن الجماعة إلا أن يكون من أسماء الفاعلين، فلو كان " حسن القوم رجلا " لم يجز عنده، ولا فرق بين رفيق ورجل في هذا المعنى لأن الواحد في التمييز ينوب عن الجماعة، وكذلك في المواضع التي لا تكون إلا جماعة نحو قولك هو أحسن فتى وأجمله، المعنى هو أحسن الفتيان وأجملهم، وإذا كان الموضع الذي لا يلبس ذكر الواحد فيه، فهو ينبئ عن الجماعة كقول الشاعر:

بها جيف الحسرى فأمّا عظامها... فبيض وأمّا جلدها فصليب
وقال الآخر:
في حلقكم عظم وقد شجينا
يريد: في حلوقكم عظام، ولو قلت حسن القوم مجاهدا في سبيل اللّه.

وحسن القوم رجلا كان واحدا
وقوله: {وكفى باللّه عليما}
معناه: كفى اللّه عليما، والباء مؤكدة، المعنى: اكتفوا باللّه عليما). [معاني القرآن: 2/73-74]

قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النحَّاسُ (ت:338هـ): (وقوله جل وعز: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} يروى أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله أنت معنا في الدنيا وترفع يوم القيامة لفضلك، فأنزل الله عز وجل: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} فعرفهم أن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون ليذكروا ما أنعم الله عليهم به).
[معاني القرآن: 2/130]

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)}


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26 ربيع الثاني 1434هـ/8-03-2013م, 01:07 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي التفسير اللغوي المجموع

التفسير اللغوي المجموع
[ما استخلص من كتب علماء اللغة مما له صلة بهذا الدرس]

تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) }
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (هذا باب المستثنى من المنفي
تقول: ما جاءني أحد إلا زيد، وإلا زيداً. أما النصب فعلى ما فسرت لك، وأما الرفع فهو الوجه لما أذكره لك إن شاء الله.
تقول: ما جاءني أحد إلا زيد. فتجعل زيد بدلاً من أحد، فيصير التقدير ما جاءني إلا زيد؛ لأن البدل يحل محل البدل منه.
ألا ترى أن قولك: مررت بأخيك زيد إنما هو بمنزلة قولك: مررت بزيد؛ لأنك لما رفعت الأخ قام زيد مقامه. فعلى هذا قلت: ما جاءني أحد إلا زيد.
فإن قال قائل: فما بال زيد موجباً، وأحد كان منفياً، ألا حل محله? قيل: قد حل محله في العامل، وإلا لها معناها.
ولو قلت: جاءني إخوتك إلا زيداً لم يجز إلا النصب؛ لأنك لو حذفت الإخوة بطل الكلام، وذلك أنه كان يكون: جاءني إلا زيد. فلا يقع الاستثناء على شيء، فمن ثم بطل لفظ إلا من النصب لفساد البدل.
فمن ذلك قول الله عز وجل: {ما فعلوه إلا قليل منهم} لأنك لو قدرته على حذف الضمير، وهو الواو في فعلوه لكان: ما فعله إلا قليل منهم.
وقال في الإيجاب: {فشربوا منه إلا قليلاً منهم} وقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس}. وأما قوله عز وجل: {ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} وامرأتك فالوجهان جائزان جيدان.
فمن قال: إلا امرأتك فهو مستثنى من يلتفت، وكأنه قال: ولا يلتفت إلا امرأتك. ويجوز هذا النصب على غير هذا الوجه، وليس بالجيد، على ما أعطيتك في أول الباب. جودة النصب على قوله: {فأسر بأهلك} إلا امرأتك. فلا يجوز إلا النصب على هذا القول لفساد البدل لو قيل: أسر إلا بامرأتك لم يجز. فإنما باب الاستثناء إذا استغنى الفعل بفاعله، أو الابتداء بخبره النصب، إلا أن يصلح البدل، فيكون أجود، والنصب على حاله في الجواز. وإنما كان البدل أجود؛ لأنه في اللفظ والمعنى، والنصب بالاستثناء إنما هو للمعنى لا للفظ). [المقتضب: 4/394-396]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وحدثني أبو عثمان بكر بن محمد المازني عن أبي عبيدة قال: لما أتى زياد ابن عمرو المربد، في عقب قتل مسعود بن عمرو العتكي، جعل في الميمنة بكر بن وائل، وفي الميسرة عبد القيس وهم لكيز بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة وكان زياد بن عمرو العتكي في القلب، فبلغ ذلك الأحنف، فقال: هذا غلام حدثٌ، شأنه الشهرة، وليس يبالي أين قذف بنفسه! فندب أصحابه، فجاءه حارثة بن بدرٍ الغداني، وقد اجتمعت بنو تميم، فلما طلع قال: قوموا إلى سيدكم، ثم أجلسه فناظره، فجعلوا سعدًا والرباب في القلب، ورئيسهم عبس بن طلقٍ الطعان، المعروف بأخي كهمس، وهو أحد بني صريم بن يربوع، فجعل في القلب بحذاء الأزد، وجعل حارثة بن بدرٍ في حنظلة بحذاء بكر بن وائل، وجعلت عمرو بن تميم بحذاء عبد القيس، فذاك يقول حارثة بن بدرٍ للأحنف:

سيكفيك عبس ابن كهمس = مقارعة الأزد بالمربد
وتكفيك عمرو على رسلها = لكيز بن أفصى وما عددوا
وتكفيك بكرًا إذا أقبلت = بضرب يشيب له الأمرد
فلما تواقفوا بعث إليهم الأحنف: يا معشر الأزد وربيعة من أهل البصرة، أنتم والله أحب إلينا من تميم الكوفة، وأنتم جيراننا في الدار، ويدنا على العدو، وأنتم بدأتمونا بالأمس، ووطئتم حريمنا، وحرقتم علينا فدفعنا عن أنفسنا ولا حاجة لنا في الشر ما أصابنا في الخير مسلكًا، فتيمموا بنا طريقة قاصدة.
فوجه إليه زياد بن عمرو: تخير خلة من ثلاثٍ إن شئت فانزل أنت وقومك على حكمنا، وإن شئت فخل لنا عن البصرة وارحل أنت وقومك إلى حيث شئتم وإلا فدوا قتلانا، واهدروا دماءكم، وليود مسعودٌ دية المعشرة.
قال أبو العباس، وتأويل قوله: دية المشعرة" يريد أمر الملوك في الجاهلية، وكان الرجل إذا قتل وهو من أهل بيت المملكة ودي عشر ديات.
فبعث إليه الأحنف: سنختار، فانصرفوا في يومكم. فهز القوم راياتهم وانصرفوا، فلما كان الغد بعث إليهم: إنكم خيرتمونا خلالاً ليس فيها خيارٌ أما النزول على حكمكم فكيف يكون والكلم يقطر دمًا? وأما ترك ديارنا فهو أخو القتل، قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ}، ولكن الثالثة إنما هي حملٌ على المال، فنحن نبطل دماءنا، وندي قتلاكم، وإنما مسعودٌ رجل من المسلمين، وقد أذهب الله أمر الجاهلية). [الكامل: 1/182-184]
قالَ المبرِّدُ محمَّدُ بنُ يزيدَ الثُّمَالِيُّ (ت: 285هـ): (وقوله: ولم يك إلا غالبًا ميتٌ يقري، فإنه نصب غالبًا لأنه استثناء مقدم، وإنما انتصب الاستثناء المقدم لما أذكره لك، إن حق الاستثناء إذا كان الفعل مشغولاً به أن يكون جاريًا عليه، لا يكون فيه إلا هذا، تقول: ما جاءني إلا عبد الله، وما مررت إلا بعبد الله. فإن كان الفعل مشغولاً بغيره فكان موجباُ، لم يكن في المستثنى إلا النصب، نحو جاءني إخوتك غلا زيدًا، كما قال تعالى: " فشربوا منه إلا قليلاً منهم " [البقرة: 249]، ونصب هذا على معنى الفعل، وإلا دليلٌ على ذلك. فإذا قلت: جاءني القوم، لم يؤمن أن يقع عند السامع أن زيدًا أحدهم، فإذا قال:إلا زيدًا، فالمعنى لا أعني فيهم زيدًا، أو أستثني ممن ذكرت زيدًا.
ولسيبويه فيه تمثيل، والذي ذكرت أبين منه، وهو مترجم عما قال، غير مناقض له. وإن كان الأول منفيًا جاز البدل والنصب، والبدل أحسن، لأن الفعل الظاهر أولى بأن يعمل من المختزل الموجود بدليل، وذلك قولك: ما أتاني أحدٌ إلا زيدٌ، وما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، والفصل بين المنفي والموجب، أن المبدل من الشيء يفرّغ له الفعل، فأنت في المنفي إذا قلت: ما جاءني إلا زيدٌ، لأنه بدل من أحد، والموجب لا يكون فيه البدل، لأنك إذا قلت: جاءني إخوتك إلا زيدًا، لم يجز حذف الأول، لا نقول: جاءني إلا زيد، وإن شئت إن تقول في النفي: ما جاءني أحد إلا زيد جاز، ونصبه بالاستثناء الذي شرحت لك في الواجب. والقراءة الجيدة {ما فعلوه إلا قليلٌ منهم} [النساء: 66]، وقد قرئ {إلا قليلاً منهم}، على ما شرحت لك في الواجب، والقراءة الأولى. فإذا قدّمت المستثنى بطل البدل، لأنه ليس قبله شيء يبدل منه، فلم يكن فيه إلا وجه الاستثناء، فتقول: ما جاءني إلا أباك أحدٌ، وما مررت إلا أباك بأحدٍ. وكذلك تنشد هذه الأشعار، قال كعب بن مالك الأنصاري لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
الناس ألبٌ علينا فيك ليس لنا = إلا السّيوف وأطراف القنا وزر
وقال الكميت بن زيد:
فمالي إلا آل أحمد شيعةٌ = ومالي إلا مشعب الحق مشعب
لا يكون إلا هذا، وليونس قول مرغوب عنه، فلذلك لم نذكره). [الكامل: 2/613-614]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) }

تفسير قوله تعالى: {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) }

تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) }

تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) }

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة